وأمّا إذا قدر على الوصول إلى الرّسول ﷺ، وعرف أن غير من اتَّبعه أولى به مطلقا، أو في بعض الأمور، كمسألةٍ معيّنةٍ، ولم يلتفت إلى قول الرّسول ﷺ، ولا إلى من هو أولى به؛ فهذا يخاف عليه. وكلّ ما يتعلل به من عدم العلم، أو عدم الفهم، أو عدم إعطاء آلة الفقه في الدّين، أو الاحتجاج بالأشباه والنظائر، أو بأن ذلك المتقدّم كان أعلم منّي بمراده ﷺ، فهذه كلها تعلّلات لا تفيد.
هذا مع الإقرار بجواز الخطأ على غير المعصوم، إلاّ أن ينازع في هذه القاعدة فتسقط مكالمته، وهذا هو داخل تحت الوعيد، فإن استحلّ مع ذلك ثلب من خالفه، وقرض عرضه ودينه بلسانه، وانتقل من هذا إلى عقوبته، أو السعي في أذاه، فهو من الظلمة المعتدين، ونوّاب المفسدين.
واعلم أن العبادة أربع قواعد: وهي التحقيق بما يحبّ الله ورسوله ﷺ ويرضاه، وقيام ذلك بالقلب واللسان والجوارح.
فالعبوديّة: اسم جامع لهذه المراتب الأربع.
فأصحاب العبادة حقا هم أصحابها.
فقول القلب: هو اعتقاد ما أخبر الله - تعالى - عن نفسه، وأخبر رسوله ﷺ عن ربّه من أسمائه وصفاته وأفعاله، وملائكته ولقائه، وما أشبه ذلك.
وقول اللسان: الإخبار عنه بذلك، والدّعاء إليه، والذبُّ عنه، وتبيين بطلان البدع
1 / 63