بالإحسان إلى الخلق، وهدايتهم، ونفعهم في معاشهم ومعادهم، لم يبعثوا بالخلوات والانقطاع، ولهذا أنكر النّبي ﷺ على أولئك النّفر الذين همّوا بالانقطاع والتّعبّد، وترك مخالطة النّاس. ورأى هؤلاء أن التّفرغ لنفع الخلق أفضل من الجمعيّة على الله بدون ذلك، قالوا: ومن ذلك العلم والتّعليم، ونحو هذه الأمور الفاضلة.
الصنف الرّابع: قالوا أفضل العبادة: العمل على مرضاة الرّب ﷾، وشغل كل وقت بما هو مقتضى ذلك الوقت ووظيفته.
فأفضل العبادات في وقت الجهاد: الجهاد، وإن آل إلى ترك الأوراد من صلاة الليل وصيام النّهار، بل من ترك إتمام صلاة الفرض كما في حالة الأمن. والأفضل في وقت حضور الضّيف: القيام بحقّه والاشتغال به. والأفضل في وقت السّحر: الاشتغال بالصلاة والقرآن والذّكر والدّعاء. والأفضل في وقت الأذان: ترك ما هو فيه من الأوراد والاشتغال بإجابة المؤذن. والأفضل في أوقات الصلوات الخمس: الجدّ والاجتهاد في إيقاعها على أكمل الوجوه، والمبادرة إليها في أوّل الوقت، والخروج إلى المسجد وإن بعد. والأفضل في أوقات ضرورة المحتاج: المبادرة إلى مساعدته بالجاه والمال والبدن. والأفضل في السّفر: مساعدة المحتاج، وإعانة الرّفقة، وإيثار ذلك على الأوراد والخلوة. والأفضل في وقت قراءة القرآن: جمعيّة القلب، والهمّة على تدبّره، والعزم على تنفيذ أوامره، أعظم من جمعيّة قلب من جاءه كتابٌ من السّلطان على ذلك. والأفضل في وقت الوقوف بعرفة: الاجتهاد في التّضرّع والدّعاء والذّكر. والأفضل في أيام عشر ذي الحجّة: الإكثار من التّعبّد، لا سيما التّكبير والتّهليل
1 / 50