أنطونيو :
غراتيانو، إنما أنظر إلي الدنيا كما يجب أن ينظر إليها باعتبار أنها ملعب لكل فيه دور، أما دوري فكتبت عليه الكآبة.
غراتيانو :
وأما الذي أوثره لنفسي فدور الضحكة. لئن علتني غضون الشيخوخة فلا علتني إلا بين السرور واللهو. وخير لي أن ترمض الخمرة كبدي من أن تبدد الأشجان أنفاسي تصويبا وتصعيدا. علام يرضى الإنسان - إذ الدم ما يزال حارا في عروقه - أن يتشبه بالمرمر المصنوع منه تمثال جده، فلا ينام إلا مستيقظا، ولا يستفيد من تدفق الكآبة الصفراء علي قلبه سوى داء اليرقان. أصغ إلي أنطونيو. أنا أحبك، وعن حبي مصدر الكلام الذي أسوقه إليك: من الناس من وجهه كوجه الماء الراكد به انتفاخ ويغشاه ما يغشى المستنقعات من مر المراءات، يصمت عن تدبير ليذيع عنه أنه لبيب متبصر متبحر في الأمور، فإذا فتح فاه فكأنه قائل: «أنا صوت الوحي، حذار أن تنبح الكلاب» ... أي صفيي أنطونيو، أعرف غير واحد لم يشتهروا بالعقل إلا لعدم نطقهم بشيء، مع أنهم لو نبسوا لآذوا أسماع مجالسيهم ولعوملوا معاملة المجانين. سنعود إلي هذا البحث فيما بعد. انتصح بنصحي، ولا تحاول أن تتصيد الشهوة بحبالة حزنك فهي صيد الحمقى - تعال أيها العزيز لورنزو - «لأنطونيو»
وداعا إلي هنيهة، سأتم عظتي بعد العشاء.
لورنزو :
أجل سندعكم إلى ميقات العشاء، ولما كان غراتيانو لا يفسح لي في الكلام ألبتة فقد رضيت أن أكون واحدا من أولئك الحكماء الصامتين.
غراتيانو :
لا جرم أنك لو استمررت علي معاشرتي سنتين آتيتين لتعذر عليك بعدهما أن تعرف صوتك.
أنطونيو :
অজানা পৃষ্ঠা