الباب الرابع
في العقل ولوازمه
فأفضل ما أنعم به على العبد العقل، إذ روي: «لكل شيء دعامة وآلة، ودعامة المؤمن وآلته العقل»؛ وهو حجة على العبد، ونور في القلب، به يميز. وما اكتسب مثل عقل يهديه إلى هدى ويصرفه عن ردى. وبقدره عبادته.
وآفته الهوى؛ وأشجع الناس، وأولاهم بالظفر من جاهده طاعة لربه، واحترز من ورود خواطره على قلبه.
ويقال: خلق الله الخلق أربعة: ملائكة بعقول بلا شهوة تقارنها، وبهائم بعكسها، والجن والإنس بهما؛ فالشياطين منهما غلبت شهواتهم عقولهم، فقطعوا الأوقات في الأخلاق الذميمة، والأفعال المهلكة؛ والصالحون منهما في ضد ذلك فالتحقوا بالملائكة والأنبياء(17). ومن غلبت شهوته عقله من الإنس، ولم تخرجه من حلال ومباح إلى محرم فهو من عالم البهائم، وقد كلف ولم تكلف.
فصل
روي: أن عقل الدنيوي عقيم، وعقل الأخروي مثمر، وأن من أعطي ثلاثا: المعرفة، وحسن الطاعة، والصبر فقد كمل عقله. وأنه: لا فقر أشد من الجهل، ولا مال أعوز من العقل، ولا عبادة كالتفكر.
وأيضا: «إزدد عقلا تزدد من الناس حبا، ومن ربك قربا، فإن اجتنبت المحارم، وأديت الفرائض كنت عاقلا».
وقيل: إن العقل والهوى يصطرعان في القلب، فأيهما غلب مال بصاحبه؛ وإن الإيمان والحلم يقارنان العقل؛ وإن محمدا صلى الله عليه وسلم أرجح عقلا وأفضل رأيا، ويقول: «أمرت أن أكلم الناس على قدر عقولهم».
ورأس العقل بعد الإيمان التودد.
بعض العجم: أفضل ما يؤتى العبد عقل يولد معه، فإن عدم فأدب يعيش به، وإن حرم فمال يستر عورته، فإن(18) لم يكن فجائحة [11] لا تبقي له نسلا.
أنوشروان لبزرجمهر: خير للمرء عقل يعيش به، وإلا فإخوان يسترون عورته، وإلا فمال يتحبب به إلى الناس، وإلا فعي صامت، وإلا فموت جارف.
وروي: أفضل الناس أعقلهم، و: معادن التقوى قلوب العاقلين.
পৃষ্ঠা ২২