ففي كل لفظ منه روض من المنى في كل سطر منه عقد الدرر فشرحت أثناء اشتغالي بمحاور الطلاب ، وحل كتاب آخر ، غير هذا الكتاب ، شرحا يحتوي على تقرير قواعده ، وتحرير معاقده ويفصل أبواب كنوزه ، وتزيل صعاب رموزه ، ويحل ألفاظه ومعانيه ، ويلخص مقاصده ومبانيه فصدعت بصريح الحق حيث مجمع فيه الشارح ، فأصلحت مواقع طعن جرح في الجارح، وأشرت إلى ما وقع فيه للمص من السهو والتساهل ، وما عرض له في شرحه من الخطأ للغفلة أو التغافل ، وأودعته فرايد ملتقطة من كتب العلماء الأقدمين ، وفوائد مقتبسة من تصانيف الفضلاء المتأخرين ، ولطائف أبحاث سمح بها جواد نظري ،وغرائب أسرار أبدعتها قوة فكري ، من مخدرات حقايق من بدائع الزمان ، وأبكار أفكار لم يمسها قبلي إنس ولا جان ، مجتنبا ، عن التطويل الممل ، والإيجاز المخل ، مراعيا لشرائط الاقتصار متجافيا عن التعسف والعناد سائلا من الله الوهاب إلهام الحق والصواب ، ثم جعلته تحفة لحضرة سلطان الأعظم ، وخدمة لسدة الخاقان الأفخم ، مالك رقاب الأمم ، خليفة الرحمن ، صاحب الزمان ، مظهرا أسرار { إن الله يأمر بالعدل والإحسان } ، مظهرا أنوار السلطان ظل الله في الأرض المجاهد في سبيل الله بإقامة السنة والفرض ، حامي بلاد أهل الإيمان ما حي آثار الكفر والطغيان ، الذي سقى روض الجهاد . من حوض حسامه ، فأخصر بنان الغزو بعدما أصفر ، فرأى جيل بني أصفر في مرأت سيفه الصقيل وجه الموت الأحمر وهو السلطان الغازي ، أبو الفتوح والمغازي ، سلطان سليمان شاه بن سلطان سليم خان بن سلطان بايزيد خان بن سلطان محمد خان بن سلطان مرادخان بن سلطان محمد خان ، بن سلطان بايزيد خان بن سلطان مراد خان بن سلطان أورخان بن سلطان عثمان أيد الله تعالى لواء خلافته معقودا بالسعود ، وربط أطناب خيام دولته بأوتاد الخلود ، وهذا دعاء أهل الإسلام قاطبةفي القيام والقعود والركوع والسجود ، والآن أوان الشروع في المقصود والاستمداد من مفيد الخير والجود فنقول ومن الله التوفيق ، وبيده أزمةالتحقيق { أصول الفقه } أي هذا أصول الفقه لما أراد تعريفها باعتبار المعنى الإضافي احتاج إلى تعريف المضاف والمضاف إليه فقال { الأصل } يعني في اللغة { ما يبتنى عليه غيره } حسيا كان كابتناء السقف على الجدار أو عقليا كابتناء(1) الحكم على الدليل { وتعريفه } كما وقع في المحصول { بالمحتاج إليه لا يطرد } والتعريف بالعام(2) إذا كان لفظيا صحيح إلا أنه قبيح وكفى ذلك(3) وجها للعدول والترجيح { لصدقه على الفاعل والصورة الغائية } (4) لم يقل والغاية لأن الحاجة إلى تورها لا إلى نفسها(5) بخلاف الفاعل والصورة { والشرط } وجوديا كان أو عدميا { دون المحدود } لأن واحدا منها لا يسمى أصلا { والفقه } يعني في الاصطلاح { معرفة النفس } أراد بالمعرفة إدراك الجزئيات، والاكتساب عن دليل غير معتبر في مفهومها، ولا يفهم عند اطلاقها، واعتباره لا يناسب المقام لما سقف عليه(6) بإذن العلام { ما لها وما عليها } أراد بالأول ما لا كلفة فيه فيشمل المباح والمندوب والمكروه كراهة تنزيه وبالثاني ما فيه كلفة فيشمل الواجب والحرام والمكروه كراهة تحريم فينتظم التعريف جميع الأقسام ولا يحتاج إلى اعتبار قيد زائد فيه بخلاف ما إذا فسر أيما ينتفع به النفس ويتضرر به فإنه رحمه الله لا بد من تقدير قوله في الآخر ومع ذلك لا ينتظم المباح إذ ا المفهوم من النفع والضرر الآخر وبين الجزاء بالخير والجزاء بالشر وتأويل الضرر بعد الثواب إدراجا للمباح في الثاني لا يخلو عن تعسف وكذا تأويل النفع بعدم العقاب إدراجا له في الأول لا يخلو عنه وكذا إذا فسرا بما يجوز لها وما يجب عليها يبقى بعض الأقسام كالحرام والمكروه كراهة تحريم خارجا عن التعريف وتأويل الجواز بالإمكان العام الشامل للواجب تعسف ظاهر { ويزاد عملا } لإخراج الكلام الباحث عن الاعتقاديات والتصوف الباحث عن الوجدانيات { وعن دليل } لإخراج معرفة المقلد ومعرفة الضروريات في الدين لينطبق التعريف على الفقه المصطلح وأبو حنيفة رحمه الله لم يزهما لأنه أراد بالفقه ما يشمل الاعتقاديات(1) والوجدانيات وقسمي المعاملات(2) { وقيل العلم بالأحكام الشرعية } سيأتي تعريف الحكم والشرعي وبالأول خرج التصورات إلا تصور الحكم فإن خروجه بقوله من أدلتها وبالثاني خرج العلم بالأحكام العقلية والحسية والوضعية كالعلم بأن العالم حادث والنار محرقة والفاعل مرفوع { العملية } خرج به العلم بالأحكام الشرعية النظرية كالعلم بأن الإجماع حجة { من أدلتها } خرج به علم الشارع وعلم المقلد لأنه من قول المفتي لا من أدلة الأحكام والعلم بضروريات الدين فإنه ليس من الفقه ولذلك(3) زاد الإمام في المحصول التي لا يعلم كونها من الدين ضرورة { التفصيلية } خرج به العلم بالوجوب وعدمه للمقتضى والنافي وزاد ابن الحاجب قوله بالاستدلال ولا حاجة إليه لأنه المتبادر من حصول العلم من الأدلة حصوله منها بطريق الاستدلال والحمل على المتبادر واجب في التعريفات { الحكم إسناد أمر إلى آخر } وأما الحكم المصطلح الآتي تفسيره فلا يناسب المقام { والشرعي مالا يدرك لولا خطاب الشارع } والأحكام القياسية ما لا يدرك لولا الخطاب في المقيس عليه { فيدخل في حده } أي في حد الحكم الشرعي { حسن كل عمل وقبحه عند نفاة كونهما عقليين لا في حد الفقه } لعدم صدق العملية عليهما { والحكم الشرعي } هذا القيد على وفق المتاعرف بين الأصوليين ومن وهم أن المعرف الحكم المذكور في تعريف الفقه فقد وهم { خطاب الله تعالى } خرج بالإضافة إليه تعالى خطاب غيره { المتعلق بأفعال المكلفين } بطل معنى الجمع في الموضعين بنوعي التعريف فدخل في الحد الخواص(1) وخرج ما لا تعلق له بذلك الجنس من الخطاب { بالاقتضاء } أي الطلب جازما كان أو غير جازم فعلا كان المطلوب أو تركا فيشمل ما عدا الإباحة(2) ، وزيد لإ دخالها { والتخيير } واعلم أن الخطاب المتعلق بأفعال العباد على نحوين خطاب من جهة التكليف إثباتا أو رفعا وخطاب لا من جهته كالخطاب إرشادا أو تعجيزا ونحوهما والثاني ليس من جنس الحكم الشرعي وللاحتراز عنه قالوا المتعلق بأفعال المكلفين ولم يقولوا بأفعال العباد ، ثم أن الأول على نوعين إنشائي وإخباري كالتكاليف الماضية التي أخبر عنها في القرآن لا على وجه التقرير ، وهذا الثاني أيضا ليس بحكم شرعي لانتساخه وللاحتراز عنه زيد اقتضاء وتخييرا { وزاد البعض أو الوضع إدخالا للحكم بالسببية والشرطية والمانعية } ومن لم يزهد أنكر كون الخطاب الوضعي حكما وأراد بالاقتضاء والتخيير ما يعم الضمني وما من خطاب وضعي إلا وفيه نوع من الاقتضاء أو التخيير وتغايرهما مفهوما لا بد منه في تحقق معنى التضمن { والصبي مكلف في الجملة } جواب عن النقض للحد المذكور بعدم صدقه على ما يتعلق بأفعال الصبي من الأحكام الشرعية جواز بيعه وصحة أمانه وندب صلواته وما حاصل الجواب منع عدم صدق الحد عليه فإن الخطاب التكليفي على ما أشير إليه فما تقدم على قسمين إيجابي وغير إيجابي والمرفوع من الصبي إنما هو القسم الأول فأفعاله من جملة المكلفين { والمراد من الفعل ما يعم فعل القلب } فلا يخرج به الحم المتعلق بالتصديق عن الحد { ومن العملية } أي المراد من العلمية المذكورة { في حد الفقه المختص بالجوارح } فلا يغني عنها اعتبار التعلق بالفعل العام في مفهوم الحكم الشرعي { ومن الأحكام } المذكورة فيه { ما يشمل الاجتهادية ، قياسية كانت أو غيرها والفقيه المجتهد } قيده احترازا عن الفقيه بمعنى العالم بالفقه فإن ملكة الاستنباط ليس بشرط فيه { من له معرفة الأحكام التي ظهرت بنزول الوحي بها } لم يقل ظهر نزول الوحي بها لأنه شامل للأحكام القياسية ولا وجه له على ما ستقف عليه { ولم ينتسخ } لا بد منه لأن معرفة الأحكام المنسوخة ليس بلازمة للفقيه { أو انعقاد الإجماع عليها } عطف على نزول الوحي بها مظهرا لها دون انعقاد الإجماع عليها ولا وجه لهذا الفرق { من أدلتها مع ملكة الاستنباط الصحيح منها } وبهذا التفصيل اندفع ما قيل المراد من الأحكام المذكورة في تعريف الفقه أما الكل وأما كل واحد أما بعض مطلق وإما بعض معين بنفسه وإما بعض معين بالنسبة إلى الكل كالنصف والأكثر والكل باطل أما الأول فلأن الحوادث لا تكاد تتناهى في وقت من أوقات الحاجة إلى الفقه ولا ضابط يجمع أحكامها فيلزم أن لا يوجد فقيه وأما الثاني فلأن بعض من لا خلاف في فقاهته قال لا أدري في بعض المسائل وأما الثالث فلأنه يلزم ح أن يكون العالم بمسئلةأو مسئلتين فقيها وليس كذلك اصطلاحا وأما الرابع فلعدم الدلالة عليه وأما الخامس فلأن الكل مجهول الكمية تحقيقا وتخمينا ، وجهالتها تستلزم جهالة الكمية الكسور المضافة إليه لأن مشاؤه عدم الفرق بين الفقيه بمعنى العالم بالفقه والفقيه بمعنى المجتهد واعلم أن الفقه المعتبر في المجتهد يختلف باختلاف الأوقات فالمعتبر في كل وقت معرفة جميع ما قد ظهر من الأحكام في ذلك الوقت بنزول الوحي به أو انعقاد الإجماع عليه بشرط كونها مقرونة بملكة استنباط الأحكام الفرقية المحتاجة إلى الاجتهاد من أدلتها فلا بد فيه من علم المسائل الإجماعية إلا في زمن الرسول عليه اسلام لعدم الإجماع ح لا المسائل الاجتهادية قياسية كانت أو غير قياسية وإنما شرط ملكة استنباطها دون علمها لأنه ثمرة القاهة والمراد من صحة الاستنباط هو أن يكون مقرونا بشرائطه وأما جواب ابن الحاجب عن السؤال المذكور بأن المارد الأول ولكن معنى العلم بالأحكام التهيؤ لذلك فمردود بأن البعيد منه حاصل لغير الفقيه والقريب محدود لا يقال بل محدود وحده أن يكون بحيث يعلم بالاجتهاد كل حكم يحتاج إليه وإرادته من لفظ العلم غير بعيد لا لأن الخطأ يقع في الاجتهاد لأنه لا ينافي العلم المعتبر في الفقه ولا لأن في الأحكام ما لا مساغ للاجتهاد فيه لأنالحكم إذا لم يكن ثباتا بالمفسر ، أو بالإجماع القطعي يكون فيه مساغ للاجتهاد دل على ذلك حديث معاذ رضي الله عنه بل لأن أبا حنيفة مع كونه عالم بالفقه وعالم الاجتهاد ولم يبلغ ذلك الحد دل عليه قوله لا أدري ما الدهر بقي ههنا شيء وهو أن موجب التعريف المذكور أن لا يكون الغافل عن بعض ما ظهر بنزول الوحي من الأحكام فقيها ولا وجه له لما فيه من القدح ، في فقاهة كثير من الصحابة رضي الله عنهم والتابعين { والعلم يطلق على الظن } جواب دخل تقريره أن الفقه ظني فلما أطلق لفظة العلم عليه وأما الجواب عنه بأن الفقه مقطوع به فليس بصواب لا لأن معظمه يحصل بالقياس لأن مختار المعرف أنه ليس من الفقه بل ثمرته بل لأن ما يعرف بالنص والإجماع أيضا قد يكون ظنيا وقد يجاب بأن ثبوت الحكم قطعي والظن في طريقه لا يقال هذا إنما يتمشى على أصل المصوبة لأن ذلك على تقدير أن يراد بالحكم ما عند الله وأما إذا أريد به الحكم الشرعي المفسر بما لا يدرك إلا بالشرع لا المفسر بخطاب الله تعالى فلا مانع عن عن تمشية الجواب المذكور على أصل المخطئة أيضا { والفقهاء أطلقوه } أي أطلقوا الحكم { على ما ثبت بالخطاب مجازا } بطريق إطلاق اسم الشيء على الأثر الثابت به { ثم انقل حقيقة } بغاية الاستعمال { والقياس مظهر للخطاب } يعني أن ما ستند إلى القياس من الأحكام ثبوته بخطاب الله تعالىوالقياس مظهر لذلك الخطاب فلا ينتقض به تعريف الفقهاء للحكم وإنما قال مظهر للخطاب دون الحكم إذ لا يندفع به وهم الانقاض { وأصول الفقه الكتاب والسنة والإجماع } هذه الثلاثة أصول مطلقة لأن كل واحد منها مثبت للحكم بنفسه وتوقف الأخير على السند لا ينافي ذلك { والقياس المتفرع عليها } نبه بهذا التوصيف على أن تفرعة على واحد من الأصول السابقة لا ينافي أصالته بالنسبه إلى الفقه { إذ العلة فيه مستنبطة من مواردها } فالحكم الثابت به ثابت في الحقيقة بواحد منها فهو مظهر له لا مثبت إماالمستنبط من الكتاب فكقياس انتقاض الوضوء بالخارمن غير السبيلين على انتقاضه بالخارج منهما الثبت بقوله تعالى { أو جاء أحد منكم من الغائط } وأما حرمة اللواطة فثابتة بالكتاب لأنها من شراءع من قبلنا وقد قصت من غير نكير وأما المستنبط من السنة فكقياس حرمة الربا في الجص على حرمة الربا في الحنطة الثابتة بقوله عم الحنطة بالحنطة الحديث وأما المستنبط من الإجماع فكقياس حرمة وطء أم المزنية على حرمة وطئ أم أم أمة التي وطئها الثابتة بالإجماع لا بالنص لأنه ورد في أمهات النساء بلا شرط الوطئ ولما فرغ عن تعريف أصول الفقه باعتبار معناه التركيبي شرع في تعريفه باعتبار معنها اللقلي فقال { وعلم أصول الفقه } إنما زاد لفظ العلم إذ لم يعلم أن الملقب به علم بمعنى الإدراك { العلم بالقاواعد } أي القضايا الكلية الإجمالية { التي يتوصل بها إليه } خرج بهذا القيد علم الخلاف لأن التوصل القريب بقواعده التي محافظة الحكم المستنبط أو مدافعته لا إلى استنباطه وأيضا سببيتها بالذات إنما هي بالقياس إلى واحد منها فلا حاجة للاحتراز عنه إلى قوله على وجه التحقيق كما لا حاجة للاحتراز عن المتبادر للغوية والكلامية بقوله توصلا قريبا لأن المتبادر من التوصل عند الإطلاق ما هو القريب ومن حرف الباء السببية بالذات والمارد من القضايا المذكورة ما يكو كبرى الدليل الاقتراني الذي يستدل به على مسائل الفقه كقولنا في إثبات حكم لأنه حكم دل على ثبوته القياس الصحيح وكل حكم دل على ثبوته القياس الصحيح فهو ثابت والملازمات الكلية في الديل الاستشكال كقولنا لأنه كلما دل القياس الصحيح على ثبوت هذا الحكم يكون هذا الحكم ثابتا لكن القياس الصحيح دل على ثبوت هذا الحكم وقد لا يكون هذه الكلية بعينها مذكورة في أصول الفقه بل تكون مدرجة في كلية هي مذكورة فيها كقولنا كما دل القياس على الوجوب في صورة يثبت الوجوب فيها فإن هذه الكلية مندرجة تحت الكلية القائلة كل ما دل القياس على ثبوت حكم هذا شأنه يثبت ذلك الحكم والوجوب من جزئيات ذلك فكأنه فيل كلما دلال القياس على الوجوب ثبت الوجوب وكلما دل القياس على الجواز ثبت الجواز فالكلية التي هي معظم مقدمتي الدليل يكون من مسائل أصول الفقه بطريق التضمن بقي ههنا شيء وهو ان للفقآء قضايا كلية يستدلون بها على مسائل افقه وليست معدودة من أصول الفقه كالتي ذكرها صاحبالهداية في باب السلم بقوله الأصل ان من خلاج كلامه تعنتا فالقول قول صاحبه بالانفاق وان خرج خصومة ووقع الانفقاق على عقد واحد فالقول لمدعي الصحة عنده وعندهما للمنكر وان انكر الصحبة وليس في البيان السابق ما يخرج به مثل هذه الكلية واعلم ان الحكم 1 انما يثبت بدليل شرعي إذا كان مشتملا على شرائط يذكر في موضعها باذن الله تعالى ولا يكون منسوخا ولا معارضا براحج أو مساو ولا مخالفا للاجماع فالقضية التي تجعل كبرى أو ملازمة إنما تصدق كلية إذا اشتملت على هذه القيود فالعلم بالمباحث المتعلقة بهذه القيود يتضمنه العلم بالقضية الكلية التي هي معظم مقدمتي الدليل على مسائل الفقه فالمباحث المذكورة أيضا من مسائل أصول الفقه ثم اعلم أن التوصل المذكور يختص بالمجتهد لان المقلد لا يتوصل إلى الفقه بقواعد الأصول إنما توصله إليه بالاستفتاء والتقليد وهما ليسا من أدلة الأحكام الفقهية ولهذا لم يذكر مباحثهما في كتبنا ومن أوردهما ما في كتب الأصول فقد صرح بأنه من جهة كونه في مقابلة الاجتهاد لا من جهة تعميم. التوصل للمقلد بصرفه عن الفقه إلى مسائلة وتوسيع دائرة الأصول حتى تشمل كبرى دليل المقلد أيضا هذا الذي ذكرنا إنما هو بالنظر إلى الدليل أما بالنظر إلى المدلول فالقضية المذكورة إنما يمكن إثباتها كلية إذا عرق أنواع الحكم وأن أي نوع من الأحكام يثبت بأي نوع من الأدلة لخصوصية في الحكم ككون هذا الشيء علة لذلك وأن هذا الحكم لا يمكن إثباته بالقياس وأما المباحث المتعلقة بالمحكوم به وهو فعل المكلف ككونه عبادة أو عقوبة أو نحو ذلك فمما يندرج في كلية تلك القضية لأن الأحكام تختلف باختلاف أفعال المكلفين فإن العقوبات لا يمكن إثباتها بالقياس وكذا المباحث المتعلقة بالمحكوم عليه وهو المكلف ومعرفة الأهلية والعوارض التي تعرض على الأهلية ككونها سماوية ومكتسبة مندرجة تحت تلك القضية الكلية أيضا لاختلاف الأحكام باختلاف المحكوم عليه وبوجود العوارض وعدمها فتركيب الدليل على إثبات مسائل الفقه بطريق الاقتراني هكذا هذا الحكم ثابت لأنه حكم هذا شأنه متعلق بفعل هذا شانه وهذا الفعل صادر عن مكلف هذا شأنه وليس فيه من العوارض ما يمنع ثبوت هذا الحكم وقد دل على ثبوت هذا الحكم قياس هذا شأنه هذا هو الصغرى وأما الكبرى فقولنا وكل حكم موصوف بالصفات المذكورة يدل على ثبوت القياس الموصوف بالصفات المذكورة فهو ثابت وهذه القضية الكلية من مسائل أصول الفقه وبطريق الاستثنائي هكذا كلما وجد قياس موصوف بهذه الصفات دال على حكم موصوف بهذه الصفات يثبت ذلك الحكم لكنه وجد لقياس الموصوف آه فعلم أن جميع المباحث المتقدمة مندرجة تحت تلك القضية الكلية المذكورة التي هي معظم مقدمتي الدليل على مسائل الفقه وهذا معنى التوصل القريب المذكور وإذا علم أن جميع مسائل الأصول راجعة إلى قولنا كل حكم كذا يدل على ثبوته دليل كذا فهو ثابت أو كلما وجد دليل كذا دال على حكم كذا يثبت ذلك الحكم على أنه يبحث في هذا العلم عن أحوال الأدلة الشرعية والأحكام الكليتين من حيث ان الأولى مثبتة للثانية والثانية ثابتة بالأولى والمباحث التي ترجع إلى ذلك بعضها متعلقة بالأدلة وبعضها بالأحكام فموضوع هذا العلم الأدلة من حيث إثباتها للأحكام والأحكام من حيث ثبوتها بها وجميع محمولات مسائله هو الإثبات والثبوت وما له نفع ودخل في ذلك { فيبحث فيه عن أحوال الأدلة المذكورة وما يتعلق بها } تفريع على ما تقدم أي إذا كان علم الفقه معرفة الأحكام عن الأدلة وعلم الأصول عن أحوال تلك الأدلة والأحكام إلى تلك المعرفة يجب أن يبحث في علم الأصول عن أحوال تلك الأدلة والأحكام ومتعلقاتهما والمراد بالأحوال العوارض الذاتية وما يتعلق بها عطف على الأدلة والمراد منه الأدلة المختلفة فيها كالاستحسان وأدلة المقلد والمستفتى وما له مدخل في كون الأدلة الأربعة مثبتة للحكم كالبحث عن الاجتهاد ونحوه واعلم أن الأعراض الذاتية للأدلة ثلثة أقسام الأول ما يكون مبحوثا عنه وهو كونا مثبتة للأحكام وهذا القسم يقع محمولات في القضايا التي هي مسائل هذا العلم والثاني ما ليس مبحوثا عنه لكن له مدخل في عروض ما يبحث عنه ككونها عامة أو مشتركة أو خبر واحد وأمثال ذلك وهذا القسم يقع أوصافا وقيودا لموضوع تلك القضايا كقولنا الخبر الواحد يوجب غلبة الظن بالحكم وقد يقع موضوعا لتلك القضايا كقولنا العام يوجب الحكم قطعا وقد يقع محمولا فيها نحو النكرة في موضع النفي عامة والثالث ما ليس كذلك ولا يبحث عنه شفي هذا العلم { ويلحق به } أي بالبحث المذكور { البحث عن أحوال الأحكام } التعريف للعهد { وما يتعلق بها } وهو الحاكم والمحكوم به والمحكوم عليه وإنما قال ويلحق به مع أن الأحكام أيضا داخل في موضوع هذا العلم في المختار على ما نبهت عليه فيما تقدم تنبيها على أن حق مباحثها لقلتها وأصالة الأدلة أن يذكر بعد مباحث الأدلة التي هي معظم مسائل هذا العلم والأعراض الذاتية للحكم أيضا ثلثة اقسام الأول ما يكون مبحوثا عنه وهو كون الحكم ثابتا بالأدلة المذكورة وهذا القسم يقع محمولا في القضايا التي هي مسائل هذا العلم والثاني ما ليس مبحوثا عنه ولكن له مدخل في عروض ما يبحث عنه ككونه متعلقا بفعل البالغ أو بفعل الصبي ونحوه وهذا القسم يقع أوصافا وقيودا لموضوع القضايا وقد يقع موضوعا وقد يقع محمولا كقولنا الحكم المتعلق بالعبادة يثبت بخبر الواحد ونحو العقوبة لا يثبت بالقياس ونحو زكوة الصبي عبادة والثالث ما لا يكون كذلك فلا يبحث عنه في هذا العلم واعلم أن معنى ثبوت الحكم بالدليل قطعيا كان أو ظنيا ثبوت العلم بالأول بالعلم بالثاني شلا ثبوت نفس الأول بالثاني وذلك المعنى لا يتفاوت بقدم الحكم وحدوثه وهذا ظاهر عند من له أدنى تمييز { فنضع } تفريع على قوله فيبحث عن كذا وكذا { الكتاب } أي مقاصده { على قسمين } وما تقدم من المباحث خارج عنهما مع دخوله في الكتاب لعدم كونه من المقاصد { القسم الأول في الأدلة الشرعة وهو على أربعة أركان الركن الأول في الكتاب وهو المقرو } لم يقل وهو القرآن لأن المتبادر منه هو مجموع المنقول والمعرف إنما هو الكتاب الذي هو أحد الأدلةوهو اسم للمشترك بين الكل وكل بعض هو دليل حكم { المنقول إلينا } احترز به عن منسوخ التلاوة سواء نسخ حكمه أيضا أولا { بين دفتي المصاحف } أراد بالمصحف ما هو المعهود واحترز به عن سائر الكتب والأحاديث الهية كانت أو نبوية { تواترا } احترز به عن القراآت الشاذة والمشهورة وقد رد ابن الحاجب تعريف القرآن بما ذكر بلزوم الدور غافلا عن أن التعريف في المصاحف للعهد دون الجنس وعرفه بالكلام المنزل للإعجاز بسورة منه واعترض عليه بأن المحذور المذكور مشترك اللزوم لتوقف معرفة السورة على معرفة القرآن وأجيب بمنع التوقف لأن السورة عبارة عن البعض المترجم أوله وآخره توقيفا من الكلام المنزل ولا اختصاص لها بالقرآن { ونورد أبحاثه } أي أبحاث الكتاب ويشاركه فيها السنة فالإضافة إليه ليست للتخصيص بل للتشريف { في بابين الأول في إفادة المعنى } وهذا لأن إفادته الحكم الشرعي موقوفة عليها { والثاني في إفادته الحكم الشرعي } كالوجوب والحرمة المفادين بالأمر والنهي { الباب الأول لما كان دليل الحكم من القرآن والحديث نظما دالا على المعنى قسم الدال بالنسبة إلى المدلول أربع تقسيمات } إنما قال نظما دالا دون لفظا دالا لأن دائرة دلالة الأول أوسع لاشتمالها على الدلالة بخصوصية في الكلام لا به ولا بأجزائه دون دائرة دلالة الثاني والحكم الشرعي قد ينوط بها ككون الأب عصبة مع الأم المستفاد من قوله تعالى وورثة أبواه فلامه الثلث فإن قصر بيان الفرض على الأم قد دل على أن فرينها عصبة وذلك هيئة الكلام وسنفرغ لتحقيق هذا بإذن الملك العلام ومشايخنا انما قالوا أن القرآن هو النظم والمعنى دون اللفظ والمعنى لان في النظم خصوصية زائدة على اللفظ معتبرة في القرآنية وقد فصح عن هذا الامام الراغب حيث قال في أول تفسيره بالنظم المخصوص صار القرآن قرآنا كما أن بالنظم المخصوص صار الشعراء والخطبة خطبة فانظم صورة اللفظ والمعنى عنصره وباختلاف الصور يختلف حكم الشيء واسمه لا بعنصره كالخاتم والقرط والخلخال اختلف احكامها واسمائها باختلاف صورها لا بعنصرها الذي هو الذهب أو الفضة ما روي عن أبي حنيفة رح 1 أنه رخص في ترك النظم رخصة ترفيه في حق جواز الصلاة فليس مبناه على عدم اعتبار النظم في القرآن وإلا لما خص الرخصة المذكورة بجواز الصلاة على أنه قد صح رجوعه عن القول المذكور { باعتبار الوضع للمعنى } سواء كان شخصيا كوضع جوهر اللفظ أو نوعيا كوضع صيغته وهذا هو التقسيم الأول { ثم باعتبار الاستعمال } في الموضوع له وغيره سواء كان المستعمل نفس اللفظ وصيغته وهذا هو التقسيم الثاني { ثم باعتبار ظهور المعنى } حقيقيا أو مجازيا { وخفائه ومراتبهما } وإنما جعله ثالثا لأن منشأ الظهور والخفاء قد يكون كثرة الاستعمال وقلته { ثم باعتبار الدلالة } سواء كان الدال نفس الكلمة أو صيغتها أو هيئة الكلام وإنما آخر هذا التقسيم لأن علمنا بذلك الاعتبار بعد ظهور المعنى وخفائه عندنا { التقسيم الأول الوضع } سواء كان لنفس اللفظ أو صيغته { أن تعدد فمشترك } كالعين 2 وضع للباصرة وللشمس 3 وللذهب { وإلا فمختص } غلا أنه لم يجعل مبحثا لعدم تعلق الغرض2 به { وأياما كان 4 عن وضع للواحد } سواء كان باعتبار الشخص كزيد أو باعتبار النوع كرجل وفرس { أو للمحصور كالعدد والتثنية فمخاص وان وضع لغير المحصور فعام ان استغرق جميع ما يصلح له } هذا على وفق اختيار المحققين فالعام لفظ وضع لكثير غير محصور مستغرق بجميع ما يصلح له بوضع واحد فالمعتبر في حده أن يكون موضوعا للكثير المذكور بوضع واحد لا أن يكون وضعه واحدا وإلا لما اجتمع العموم مع الاشتراك فالمشترك من حيث 5 أنه مشترك خروجه من الحد بقوله لكثير غير محصور لا بقوله بوضع واحد كما توهم وبه يخرج أيضا مثل زيدو رجل وبقيد عدم الحصر اسماء العدد وبقيد الاستغراق الجمع المنكر ونحوه { وإلا فجمع منكر ونحوه } كالجماعة في قولنا رأيت جماعة من الرجال وهذا على رأي من ينكر الاستغراق في المنكر ونحوه وإنما لم يذكر المأول لأنه في اصطلاحهم ينتظم أحد قسمي الخفي والمشكل والمشترك والمجمل على ما أفصح عنه صاحب الميزان فلا يصلح قسيما للمشترك وايضا لاوجه لان يذكر بعضه ههنا ويجعل قسما على حدة ويترك الباقي بالكلية بل حقه أن يجعل بتمامه قسما مستقلا ويذكر مع قسيمة وهو المفسر في التقسيم الثالث { وأيضا } ههنا تقسيم آخر أراد أن يذكره إذ لا بد من معرفة أقسامه أيضا { الاسم الظاهر } أراد به ما يقابل المبهم المنتظم للمضمر واسم الاشارة { ان كان معناه عين ما وضع لها لمشتق منه } يعني مادته { مع وزن المشتق } اليه بتقديم الأول وجعل الثاني ضميمة على الأصالة في مدلول الأول وبذلك يفارق الصفة اسم الآلة ونحوه { فصفة والا أشير إلى تعينه } أي تعين معناه { بجوهر اللفظ } لم يقل أن تشخص معناه لأن ذلك لا يكفي في العلمية بل لا بدمعه من الإشارة إليه ومن كونها بجوهر اللفظ { فعلم } شخصي ان كان المشار إليه شخصا كزيد وجنسي إن كان جنسا كأسامة { وغلا فاسم جنس وهما } أي العلم واسم الجنس { اما مشتقان } كختم ومقبل { أولا } كزيد ورجل { ثم كل من الصفة واسم الجنس ان أريد به المسمى } وهو الماهية المقيدة بالوحدة الشايعة { بلا قيد زائد على المسمى فمطلق } فهو من اقسام الخواص لان وضعه للواحد النوعي { أو معه فمقيد أو أشخاصه كلها فعام أو بعضها معينا فمعهود أو منكرا فنكرة } لما كان لخارج من التقسيم أحد نوعي النكرة وهو ما استعمل في الفرد دون نفس المسمى وكذا الحال في المعرفة أورد تعريفهما الشامل للنوعين { وهي ما وضع ليستعمل في شي إلا بعينه والمعرفة ما وضع ليستعمل في شيء بعينه } فالمعتبر في التعيين وعدمه أن يكون ذلك بحسب دلالة اللفظ ولا عبرة بحالة الاطلاق دون الوضع ولا بما عن السامع دون المتكلم لأنه إذا قال جاءني رجل يمكن أن يكون الرجل معينا عند السامع ايضا إلا أنه ليس بحسب دلالة اللفظ { الخاص من حيث هو خاص } أي مع قطع النظر عن العوارض المانعة إياه أو المعينة له كالقرينة الصارفة عن إرادة الحقيقة والقرينة المانعة عن إرادة المجاز { يوجب العلم بمدلوله } لم يقل يوجب الحكم لأن الموجب له هو نفس الكلام لا جزؤه قطعا أراد القطع بالمعنى العام المعتبر فيه انقطاع احتمال الناشى عن الدليل لا القطع بالمعنى الخاص المعتبر فيه انقطاع لاحتمال مطلقا { ففي قوله تعالى ثلثة قروء لا يحتمل القروء } المشترك بين الطهر والحيض { على الطهر } كما قاله الشافعي بل يحمل على الحيض كما قال أبو حنيفة رح { والا يكون الواجب } يعنى في العدة { طهرين وبعضا ان احتسب لطهر الذي طلق فيه } فيبطل موجب الخاص وهو أي الثلثة ينقصان مدلوله ولما استشعر أن يمنع الملازمة المذكورة بناء على الطهر اسم يطلق على القليل والكثير تدارك بيانها بقوله { وبعض الطهر ليس بطهر وإلا كان الثالث كذلك } يعني أن المراد من الطهر ههنا مجموع ما بين الدمين لا ما ذكر والا يلزم تمام العدة بانقضاء جزء ساعة من الثالث واللازم باطل بالاجماع { أو ثلثة وبعضا إن لم يحتسب } فيبطل موجب الخاص بالزيادة على مدلوله { وتلك الزيادة عند الحمل على الحيض تثبت ضرورة } جواب عن المعارضة في طرف المخالف تقرير ها انه لو حمل القرء على الحيض يلزم احد ا لأمرين المذكورين ايضا لما ذكر بيعنه وحاصل الجواب أن اللازم الثاني ليس بمحذور ح لان لزوم الزيادة ثمة بطريق الضرورة لا بطريق الارادة من اللفظ تحتى يلزم بطلان موجبه بخلاف ما إذا كان اللازم ثلثة اطهار البعض اذ لا ضرورة لان الطهر يقبل التجزية بخلاف الحيض فيتعين فيه الارادة من اللفظ { وقوله تعالى فان طلقها } أي بعد المرتين سواء كانتا على مال أو بدونه فدل على مشروعية الطلاق بعد الخلع عملا بموجب الفاء على ما بينه المص بقوله { الفاء لفظ خاص للتعقيب فموجبه } ههنا { تعقيب الطلاق لاقتداء فيقع الطلاق بعد الخلع } كما هو مذهبنا { وإلا } أي وان لم يقع الطلاق بعد الخلع كما هو مذهب الشافعي حيث لم يجعل الخلع طلاقا بل فسخا { يبطل موجب الخاص } واما ان الخلع طلاق فليس من فروع العمل بالخاص بل من فروع أن الزيادة على النص نسخ فامص أصاب في عدم التعرض له ههنا { وقوله أن تبتغوا بأموالكم الباء لفظ خاص يوجب الإلصاق } يعني أنه حقيقة فيه مجاز في غيره ترجيحا للمجاز على الاشتراك { فلا ينفك الابتغاء وهو الطلب بالعقد } أي بالنكاح أو بالبيع لا بالاجارة والمتعة لقوله تعالى غير مسافحين { الصحيح } لا بد من هذا القيد إذ لا يجب المهر ولا الثمن بنفس العقد الفاسد بالاجماع { عن المال اصلا فيجب المهر بنفس العقد خلافا للشافعي } خلافه في المفوضة التي نكحت بلا مهر أو على أن لا مهر لها فإنه لا يجب المهر لها عنده إذا مات أحدهما وعندنا يجب مهر المثل إذا دخل بها أو مات أحد هما { وقوله أمالي قد علمنا ما فرضنا عليهم خص فرض المهر أي تقديره بالشرع } والتقدير لمنع الزيادة أو لمنع النقصان والأول منتف لأن الأعلى غير مقدر في المهر بالإجماع { فيكون أدناه مقدرا } وقد بينه النبي عليه السلام بقوله لا مهر أقل من عشرة دراهم { خلافاله } قال الشافعي كل ما يصلح ثمنا يصلح مهر أو فيه ان مبنى الاحتجاج على أن الفرض بمعنى التقدير المخالف فيه وراء المنع ويساعده تصريح الأئمة بأنه حقيقة في القطع لغة وفي الإيجاب شرعا وقد أورد فخرج الإسلام ههنا مسائل من باب الزيادة على النص والمص رد بعضها إلى موضعه وترك المسئلتين مخافة التطويل { فصل } { حكم العام التوقف عند البعض } وهم عامة الأشاعرة { حتى يقوم الدليل للعموم أو الخصوص لأنه مجمل لاختلاف أعداد الجمع من غير أولوية للبعض } فإن جمع القلة يصح أن يراد به كل عدد من الثلثة إلى العشرة وجمع الكثرة يصح أن يراد به كل عدد فوق التسعة ولما استشعر أن يقال أنه للاستغراق فللكل أولوية تدارك دفعة بقوله { وإنه يؤكد } أي يحتاد إلى التأكيد واراديه تقرير المعنى المراد لا ما يقابل التأسيس لأنه لا يناسب المقام كيف وفيه دلالة على خلاف المرام { بكل واجمع ولو كان مستغرقا لما احتاج إلى ذلك } ولقائل أن يقل فح يترجح القدر المشترك وهو البعض لا بعينه لتعينه على التقادير كلها وأيضا الثابت صحة التأكيد بما ذكر وأما الحاجة إليه فغير مسلمة { ولانه يذكر الجمع } أراد به ما يعم اسم الجمع { ويراد به الواحد } لم يتعرض لتعيين انه بطريق الاشتراك لعدم الحادة إليه في تمام التقريب ولأنه ح يكون بين وجهي الاحتجاج تدافع ظاهر { كما في قوله تعالى الذين قال لهم الناس أن الناس قد جمعوا لكم } المراد من الناس الأول نعيم بن مسعود رضيه أو إعرابي آخر وللمخالف أن يقول أنه من قبيل نسبة ما صدر عن البعض إلى الكل كما في فعقروا الناقة { وعند والبعض ثبوت الأدنى وهو الواحد في الاسم الجنس } لم يقل في غير الجمع لشموله التثنية { والثلثة في الجمع } لأنه المتيقن فيتوقف فيما وراء ذلك فإنه إذا قال لفلان على دراهم يجب ثلثة باتفاق بيننا وبينهم لكنا نقول ذلك لأن العموم غير ممكن فيثبت اخص الخصوص وللمخالف أن يمنع التيقن لما مر من صحة إطلاق الجمع على الواحد { وعند مشايخ سمرقند } من أصحابنا { والشافعي ثبوت الحكم في الكل ظنا } لم يقل يوجب الحكم في الكل لأنه يحتمل الثبوت قطعا وهو مذهب مشايخ العراق وعامة المتأخرين { إلا إذا استحال عادة فيتوقف عندهم خلافا له } ففي جاءني القوم حكمه التوقف عند مشايخ سمرقند إلى أن يتبين المراد ببيان ظاهر بمنزلة المجمل وعند الشافعي العمل بقدر الإمكان { لأن العموم معنى مقصود فلا بد من وضع لفظ له } لأن المعاني المقصودة في التخاطب قد وضع الألفاظ لها وللمخالف أن يمنع الأطراد فإن كثيرا من المعاني اكتفى فيها بالمجاز والاشتراك المعنوي على أن اللغة إنما يثبت توقيفا ونقلا لا عقلا { وقد شاع الاحتجاج بالعمومات } من غير نكيرفكان اجماعا سكوتيا { منها أن عليا رضيه قال في الجمع بين الأختين وظئا بملك يمين احلتهما } أي الأختين المجموعتين في الوطىء { آية وهي قوله تعالىما ملكت أيمانكم } فإنه يدل على حل وطىء كل أمة مملوكة مجتمعة كانت مع أختها في الوطىء أولا { وحرمتهما آية وهي قوله تعالى وأن تجمعوا بين الأختين } فإنه عطف على المحرمات نكاحا فثبت به نحرمة ا لجمع بينهما وطئا بملك اليمين بطريق الدلالة وأما بيان قيام التعارض بين النصين ورجحان المحرم فخارج عن مبحثنا هذا { ومنها أن إبن مسعود رضيه جعل قوله تعالى وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن قاصرا } لم يقل ناسخا لاحتمال التخصيص { لقوله تعالى والذين يتوفون منكم حتى جعل عدة حاملتوفي عنها زوجها بوضع الحمل } وذلك أن قوله يتربصن يدل على أن عدة المتوفى عنها زوجها بالأشهر سواء حاملا أو لا وقوله تعالى وأولات الأحمال يدل على أن عدة الحامل بوضع الحمل سواء توفي عنها زوجها وهي حامل { وذلك } أي النصوص الأربعة المذكورة في الاحتجاجين المذبورين { عام كله لكن عند الشافعي هو } أي جنسالعام { دليل فيه شبهة فيجوز تخصيصه مطلقا } يعني سواء أكان من الكتاب أو من الحديث المشهور { بخبر الوحد والقياس لشيوع احتمال التخصيص في كل عام وعندنا هو قطعي مساو للخاص } أراد القطع بالمعنى العام وقد مر بيانه { فلا يجوز تخصيصه بواحد منهما ما لم يخض مرة بقطعي لأن اللفظ إذا وضع لمعنى كان ذلك المعنى لازما ثابتا بذلك اللفظ عند إطلاقه إلا أن يوجد الدليل على خلافه عقليا كان أو نقليا والعموم مما وضع له اللفظ فكان لازما قطعيا ما لم يوجد دليل الخصوص { إذ لو جاز إرادة البعض بلا دليل لارتفع الأمان عن اللغة } أي لغة كانت { والشرع } لم يقل بالكلية لعدم المساعدة له في التعليل { لأن أكثر خطاباته عامة والاحتمال الغير الناشى عن دليل } وإن كان غالبا { لا يعتبر } يعني في صرف العام عن مدلوله جواب عن تمسك المخالف القائل بأن العام ظني في مدلوله لشيوع احتمال التخصيص فيه وتقريره أن احتمال التخصيص مطلقا شيوعه لا ينافى كون العام قطعيا بالمعنى المراد ههنا واحتمال التخصيص المورث للشبهة شيوعه في العام بلا قرينة مم فان المخصص إذا كان هو العقل فهو لا يورث الشبهة لأنه في حكم الاستثناء على ما يأتي وأن كان الكلام فإن كان متراخيا فهو ناسخ لا مخصص مورث للشبهة فبقي الكلام الموصول وقليل ما هو { فاحتمال الخصوص ههنا كاحتمال المجاز في الخاص } فكما أن احتمال المجاز لا ينافي كون الخاص قطعيا في مدلوله كذلك احتمال الخصوص لاينافي كون العام قطعيا في مدلوله فثبت المساواة بينهما في الحكم المذكور { ولا عبرة للتعدد في احتمال المجاز } جواب دخل مقدر تقريره احتمال المجاز مشترك وفي العام احتمال آخر وهو احتمال التخصيص فالخاص راجع وتقرير الجواب لما كان العام موضوعا للكل كان إرادة البعض خاصة مجازا وكثرة احتمالات المجاز لا اعتبار لها فإن الخاص الذي له معنى مجازي واحد يساويه الخاص الذي له معنيان مجازيان أو أكثر في الدلالة على المعنى الحقيقي عند عدم قرينة المجاز { والتأكيد يسد باب الاحتمال } أي لا يبقى بعده احتمال الخصوص أصلا لا ناش عن دليل ولا غيره جواب عن تمسك مخالف آخر وهو القائل بالتوقف ولذلك لم يصدره بإداة التفريع وتقريره ظاهر ولا وجه لجعله جوابا عن تمسك المخالف الأول كما لا يخفى { وإذا ثبت هذا } أي كون العام قطعيا كالخاص { فإذا تعارض الخاص والعام } سواء كانا من الكتاب أو من السنة أو كان أحدهما من الكتاب والآخر من السنة بشرة أن لا يكون من أخبار الآحاد لأنها بمعزل عن معارضة الكتاب { فإن لم يعلم التاريخ حمل على المقارنة } مع أنه في الواقع أحدهما منسوخ أو مخصص بالأخر لكن اشتباه الحال اقتضى ذلك كيلا يلزم الترجيح بلا مرجح { فيثبت حكم التعارض في قدر ما تناولاه } وأما القدر الذي تفرد العام بتناوله فحكمه ثابت بلا معارض { وأن علم فإن كان العام متأخرا ينسخ الخاص وإن كان الخاص متأخرا فإن كان موصولا يخصه وإن كان مفصولا } المراد من الوصل والفصل ما بحسب الزمان { ينسخه في ذلك القدر } أي في القدر الذي تناولاه { حتى لا يكون العام مما خص منه البعض } فيبقى قطعيا في الباقي هذا كله عندنا وأما الشافعي فلما لم يقل بالمساواة بين العام والخاص في القطعية لم يتيسر فرض التعارض بينهما على أصله فكان قوله بمعزل عن هذا المقام { فصل } { قصر العام على بعض ما تناوله لا يخلو من أن يكون بغير مستقل } أي بكلام غير تام { وهو الاستثناء } المتصل نحو أكرم القوم إلا الجهال { والشرط والصفة والغاية } بأن يقال بدل الاستثناء إن كانوا علماء أو العلماء أو إلى أن يجهلوا ولولا الشرط لأفاد الكلام الحكم على جميع التقادير فحين علق بيه لم يفد ذلك فكأنه قصره على البعض وكذا في الباقي وزاد بعضهم خامسا وهو بدل البعض نحو أكرم الناس العرب دنهم وليس في قصر للناس بل إبدال له بأخص منه ولذلك لم يلتفت إليه المص { أو بمستقل } أراد غير المتر آخى ولم يذكر القيد اعتمادا على ما تقدم ولذلك قال { وهو التخصيص } فإن النسخ عندنا مقابل للتخصيص المصطلح والقصر بالمتراخي نسخ { وهو إما الكلام أوغيره وهو إما العقل نحو فوق كل ذي علم عليم } ضرورة أن الله تعالى مخصوص منه وأما خالق كل شيء فهو على عمومه لأن الشيء بمعنى المشيء وتخصيص الصبي والمجنون ليس من هذا القبيل لأن تعيين مناط التكليف بالشرع على ما يأتي في باب المحكوم عليه { وأما الحس { راد بنسبة التخصيص إليه توقفه عليه بقرينة ذكره في مقابلة العقل فلا مسامحة { نحو وأوتيت من كل شيء وأما العرف نحو من بشرني فله كذا يقع على المتعارف } وهو بالخبر السار { وأما العادة { نحو لا يأكل رأسا يقع على المعتاد فلا يحنث بأكل رأس العصفور والجراد وأما كون بعض الأفراد ناقصا فيكون اللفظ أولى بالبعض الآخر نحو كل مملوك لي حر لا يقع على المكاتب } لنقصان الملك فيه حيث لا يملك بدا { ويسمى مشككا } وعدم وقوع الفاكهة على العنب عندابي حنيفة رح لعلة النقصان أيضا لا للزيادة كما توهم وقد أفصح عنه تعليله بأنه مما يتغدى به ويتداوى فأوجب قصورا في معنى التفكه للاستعمال في حاجة البقاء { وفي غيرالمستقل } أي من القاصر { هو } أي لفظ العام { حقيقة } { في الباقي إن كان المخرج معلوما } لا لأن الواضع وضعه للباقي إنما هو من حيث أنه كل لا بعض وإنما قيد بالمعلوم لأنه إذا كان مجهولا لا يكون في الباقي حقيقة { فهو } أي العام المقصور { حجةبلا شبهة فيه } أي في الباقي { وفي المستقل أي من القاصر { كلاما أو غيره مجاز } أي اللفظ العام مجاز في الباقي { بطريق إطلاق اسم الكل على البعض من حيث القصر } أي من حيث أنه مقصور على الباقي { حقيقة من حيث التناول } أي من حيث أنه يتناول الباقي { على ما يأتي في فصل المجاز إن شاء الله تعالى وهو حجة فيه شبهة ولم يفرقوا } أي عامة العلماء { بين كونه } أي كون التخصيص { بالكلام وغيره لكن يجب الفرق بأن يقال الخصوص بالعقل قطعي لأنه في حكم الاستثناء } نبه بهذا علىا\أنالمراد المخصوص المعلوم { لكنه حذف } اعتمادا على العقل { حتى لا يتوهم أن خطابات الشرع التي خص منها البعض بالعقل دليل فيه شبهة } كالخطاب الوارد بوجوب غسل الرجل في الوضوء المخصوص منه مقطوع الرجل بالعقل وأما تخصيص الصبي والمجنون فقد عرفت أنه بالشرع لا بالعقل وأماالاستدلال بإكفار جاحد الفرائض الواردة فيها الخطابات المخصصة بالعقل على أن التخصيص بالعقل لا يورث شبهة ففيه أ، مبناه على أن ذلك الإكفار ليس لانعقاد الإجماع القطع على فرضية تلك الفرائض وذلك غير مسلم { وأما المخصوص بالكلام فعند الكرخي لا يبقى حجة } لم يقل أصلا لأن الكرخي يقول يجب أخص الخصوص أذا كان المخصوص معلوما صرح بذلك الإمام السرخسي في أصوله فيمكن الاحتجاج به في الجملة { مجهولا كان المخصوص كالربا } فإنه خص من قوله تعالى { وأحد الله البيع } بقوله { وحرم الربا } { أوملعوما كالمستأمن } فإنه خص من قوله تعالى { اقتلوا المشركن } بقوله تعالى { وإن أحد من المشركين استجارك } { لجهالة الباقي أما في الأول فظاهر كما في الاستثناء } فإن استثناء المجهول يورث الجهالة في الباقي فلا يبقى صدر الكلام حجة والعام المذكور كذلك { وأما في الثاني فلظهور التعليل لأنه كلام مستقل } والأصل في النصوص التعليل { ولا يدري كم يخرج بالتعليل فيبقى الباقي مجهولا } وما تقدم من وجوب أخص الخصوص ح لا يجدي لأنه بعض غير معين { وعند البعض بقي } أي العام { فيما وراء المخصوص كما كان إن كام معلوما لأنه كالاستثناء } في بيان أ،ه لم يدخل { فلا يقبل التعليل } كما أن الاستثناء لا يقبله لعدم استقلاله بنفسه والعام فيه حجة في الباقي فكذا هنا { ولا يبقى حجة إن كان مجهولا لما مر } من أنه ح بكون الباقي مجهولا { وعند البعض } الآخر { كما ذكر آنفا إن كان معلوما ويسقط المخصص إن كان مجهولا } لأن المجهول لا يصلح دليلا فلا يعارض الدليل فيبقى حكم العام على ما كان ولا يتعدى جهالة المخصص إليه { لأنه } أي الكلام المخصص { كلام مستقل بخلاف الاستثناء } فإنه بمنزلة وصف قائم بصدر الكلام لا يفيد بدونه شيئا فجهالته توجب جهالة المستثنى منه { وعندنا حجة } لاحتجاج السلف به من غير نكير { إلا أنه تمكن فيه شبهة لما علم أن الكل غير مراد } وما دونه أفراد متعددة متساوية في كون اللفظ العام مجازا فيها من غير رجحان فلا يثبت بعض منها لاستحالة ترجيح من غير مرجح { فيصير } تفريع على ما تقدم { كالعام الذي لم يخص عند الشافعي حتى يخصصه مطلقا } أي سواء كان من الكتاب أومن الحديث { خير الواحد والقياس والفقه فيما ذكر } من أن العام بعد التخصيص يبقى حجة فيه شبهة { هو أن المخصص يشبه الناسخ بصيغته والاستثناء بحكمه لما قلنا فإن كان مجهولا يتردد بين سقوطه فينفسه للشبه الأول وإيجابه الجهالة في العام للشبه الثاني فيدخل الشك في سقوط العام } المعمول به قبل التخصيص بيقين { فلا يسقط به } لأن الثابت بيقين لا يزول بالشك بل يتمكن فيه شبهة تورث زوال اليقين { وإن كان معلوما يتردد بين صحة لتعليل كما هو مذهبنا { لجهة استقلاله } فإن الأصل في النصوص المستقلة التعليل وإنما لم يقل للشبه الأول لأن تمامه بأن يقال والأصل فيما يتردد بين الشبهين أن يوفى خطأ من كل منهما ولا نمشية له ههنا لأن خط شبهه بالناسخ عدم التعليل لا وجوده { وموجبه الجهالة فيما بقي تحت العام وعدمها } كما هو مذهب الجبائي { لجهة عدم استقلاله } كالاستثناء { فيدخل الشك في سقوط العام فلا يسقط به } بل يتمكن فيه ضرب شبهة فالحاصل أن المخصص المجهول باعتبار الصيغة لا يبطل العام وباعتبار الحكم يبطله والمعلوم بالعكس فيقع الشك في الصورتين في بطلانه والشك لا يرفع أصل اليقين بل وصفه ولما استشعران يقال صحة التعليل إذا كان المخصوص معلوما ثابتة عندكم وموجبا الجهالة فيما يبقى تحت العام على ما اعترفتم به فكيف يكون العام المذكور حجة عندكم تداركه بقوله { واحتمال التعليل } وما يورثه من الجهالة قبل التعليل { لا يخرجه من أن يكون حجة لأن ما اقتضى القياس تخصيصه } أن يكون المخصص مما يدرك علته { يخص } فيزول الجهالة ويبقى العام في الباقي حجة { ومالا } أي ألا يقتضي القياس تخصيصه وهذا ينتظم لا ما يدرك علته { فلا } يبطل العام باحتمال التعليل { وبه } أي بما ذكر أن تعليل المخصص صحيح { ظهر الفرق بين التخصيص والنسخ فإن الناسخ لا يصح تعليله } فالعام الذي نسخ الحكم في بعض أفراده لا يثبت النسخ في بعض اخر منها قياسا { لأن القياس لا يسخ النص لأنه دونه فلا يعارضه لكن يخصه لأنه يبين أنه لم يدخل فلا يلزم المعارضة } بقي ههنا قسم آخر لم يتعرض له المص وهو العام الذي خص منه البعض بغير العقل والكلام والظاهر أنه لا يبقى قطعيا لاختلاف العادات وتبدلها بتبدل الأوقات وخفاء الزيادة والنقصان وقصور الحس عن إحاطة تفاصيل الأشياء اللهم إلا أن يعلم القدر المخصوص قطعا { وهنا مسائل من الفروع تناسب ما ذكرنا } من الاستثناء والنسخ والتخصيص { فما يناسب الاستثناء ما إذا باع عبدين إلا هذا بحصة من الألف } هذا مثال للاستثناء { أو باع العبد بثمن واحد } قيد الوحدة للاحتراز عن الخلافية المعروفة وهذا نظير الاستثناء في منع دخول الحر تحت الإيجاب مع أن صدر الكلام تناوله { لا يصح البيع } لم يقبل يبطل البيع لأن في الصورة الأولى فاسد لا باطل { لأن أحدهما لم يدخل في الإيجاب فصار البيع في الآخر بالحصة } أي بتحصته من الثمن المقابل بهما { ابتداء } والبيع بالحصة ابتداء ليس بصحيح للجهالة وإنما قال ابتداء لأن البيع بالحصة بقاء صحيح كما في المسألة التي هي نظير النسخ لأن الجهالة الطارية لا تفسد { ولأن ما ليس بمبيع } وهو العبد المستثنى أو الحر { صار شرط القبول المبيع } والشرط فاسد لأنه مخالف لمقتضى العقد { فيفسد } بيعه { بالشرط الفاسد وما يناسب النسخ ما إذا باع عبدين بألف فمات أحدهما قبل التسليم يبقى العقد في الآخر بحصته من الثمن } وهذا إنما ناسب النسخ من حيث أن البيع انفسخ في الذي مات بعدما انعقد فيه لدخوله تحت الإيجاب وقد مر وجه عدم فساد البيع في العبد الآخر { وما يناسب التخصيص ما إذا باع عبدين بألف على أنه بالخيار في أحدهما سح أن علم محل الخيار وثمنه لأن المبيع بالخيار يدخل في الإيجاب لا الحكم } لأن شرط الخيار يمنع الملك عن الثبوت لا السبب عن الانعقاد { وفصار في السبب كالنسخ وفي الحكم كالاستثناء فإذا جهل أحدهما لا يصح لشبه الاستثناء وإذا علم كلاهما يصح لشبه النسخ ولم يعتبر مناسبة الاستثناء حتى يفسد بالشرط الفاسد بخلاف الحر والعبد إذا بين حصة كل واحد منهما عند أبي حنيفة رح } وهذا إنما ناسب التخصيص الذي يشابه النسخ بصيغته والاستثناء بحكمه من حيث أن العبد الذي فيه الخيار لما كان داخلا في الإيجاب دون الحكم كان رده بشرط الخيار باعتبار الأول تبديلا فشابه النسخ وباعتبار الثاني بيان أنه لم يدخل فشابه الاستثناء ولرعاية الشبهين قلنا أن علم محل الخيار وثمنه يصح البيع وإلا فلا وهذه المسألة على أربعة أوجه لأنه إما أن يكون محل الخيار والثمن كلاهما معلومين كما إذا باع هذا وذلك بألفين كلا منهما بألف صفقة واحدة على أنه بالخيار في ذلك أو كلاهما مجهولين أو محل الخيار معلوما والثمن مجهولا أو بالعكس فرعاية شبه النسخ أعنى كون محل الخيار داخلا في الايجاب يقتضي صحة البيع في الصور كلها لأن غاية ما لزم فيه البيع بالحصة لكنه في البقاء لا في الابتداء فلا بضرور غاية شبه الاستثناء أعني كون محل الخيار غير داخل في الحكم يقتضي فساد البيع في الصور كلها لوجود الشرط الفاسد وهو قبول غير المبيع في الأولى وله مع جهالة الثمن والمبيع في الثانية وله مع جهالة الأولى في الثالثة وله مع جهالة الثاني في الرابعة فلرعاية الشبهين صح البيع في أحديها دون البواقي أعني صح في الأولى رعاية لشبه النسخ ولم يصح في البواقي رعاية لشبه الاستثناء ووجه الاختصاص أن معلومية محل الخيار والثمن رجح جانب الصحبة فيلا يم شبه النسخ المقتضى للصحة وجهالة محل الخيار والثمن يرجح جانب الفساد فيلايم شبه الاستثناء .
পৃষ্ঠা ২৬