[تغيير التنقيح لابن كمال باشا]
تغيير التنقيح
لشيخ الإسلام ابن كمال باشا (ت941ه)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي هدانا بإفاضة أنوار التوفيق ، إلى تحقيق حقائق الكتاب ودقايق الخبر ، وأرشدنا بإنارة الطريق إلى كشف أسرار القياس ، ووجه الاقتباس ، من مشكاة الأثر فاجتمع آرائنا على تنقيح مناط الإباحة والكراهة والحرام وإحكام الأحكام ، والتلويح بمأخذ الوجوب والندم للأنام ، لتوضيح مناهج قواعد الإسلام ، والصلاة على رسوله المصطفى ، وصفيه المصفى المستصفى ، محمد الذي قوله تعديل ميزان الحجة والبرهان ، وفعله تقويم تحصيل العدل والإحسان وعلى آله الأبرار وصحبه الأخيار الناقلين للآثار والأخبار { وبعد } فلا يخفى على ذوي البصائر السلمية ، والأذهان المستقيمة ،إن كتاب التنقيح لبدر سماء العرفان صدر الشريعة ، وهو للوصول إلى الأصول أقوى الذريعة ، مع صغر حجمه كتاب جليل الشأن جلي البرهان ، بحر محيط بغرر درر الحقايق ، كنز مغن أودع فيه نقود الدقايق ، ألفاظه معادن جواهر المطالب الشريفة ، وحروفه أكمام أزاهير النكات اللطيفة :
পৃষ্ঠা ১
ففي كل لفظ منه روض من المنى في كل سطر منه عقد الدرر فشرحت أثناء اشتغالي بمحاور الطلاب ، وحل كتاب آخر ، غير هذا الكتاب ، شرحا يحتوي على تقرير قواعده ، وتحرير معاقده ويفصل أبواب كنوزه ، وتزيل صعاب رموزه ، ويحل ألفاظه ومعانيه ، ويلخص مقاصده ومبانيه فصدعت بصريح الحق حيث مجمع فيه الشارح ، فأصلحت مواقع طعن جرح في الجارح، وأشرت إلى ما وقع فيه للمص من السهو والتساهل ، وما عرض له في شرحه من الخطأ للغفلة أو التغافل ، وأودعته فرايد ملتقطة من كتب العلماء الأقدمين ، وفوائد مقتبسة من تصانيف الفضلاء المتأخرين ، ولطائف أبحاث سمح بها جواد نظري ،وغرائب أسرار أبدعتها قوة فكري ، من مخدرات حقايق من بدائع الزمان ، وأبكار أفكار لم يمسها قبلي إنس ولا جان ، مجتنبا ، عن التطويل الممل ، والإيجاز المخل ، مراعيا لشرائط الاقتصار متجافيا عن التعسف والعناد سائلا من الله الوهاب إلهام الحق والصواب ، ثم جعلته تحفة لحضرة سلطان الأعظم ، وخدمة لسدة الخاقان الأفخم ، مالك رقاب الأمم ، خليفة الرحمن ، صاحب الزمان ، مظهرا أسرار { إن الله يأمر بالعدل والإحسان } ، مظهرا أنوار السلطان ظل الله في الأرض المجاهد في سبيل الله بإقامة السنة والفرض ، حامي بلاد أهل الإيمان ما حي آثار الكفر والطغيان ، الذي سقى روض الجهاد . من حوض حسامه ، فأخصر بنان الغزو بعدما أصفر ، فرأى جيل بني أصفر في مرأت سيفه الصقيل وجه الموت الأحمر وهو السلطان الغازي ، أبو الفتوح والمغازي ، سلطان سليمان شاه بن سلطان سليم خان بن سلطان بايزيد خان بن سلطان محمد خان بن سلطان مرادخان بن سلطان محمد خان ، بن سلطان بايزيد خان بن سلطان مراد خان بن سلطان أورخان بن سلطان عثمان أيد الله تعالى لواء خلافته معقودا بالسعود ، وربط أطناب خيام دولته بأوتاد الخلود ، وهذا دعاء أهل الإسلام قاطبةفي القيام والقعود والركوع والسجود ، والآن أوان الشروع في المقصود والاستمداد من مفيد الخير والجود فنقول ومن الله التوفيق ، وبيده أزمةالتحقيق { أصول الفقه } أي هذا أصول الفقه لما أراد تعريفها باعتبار المعنى الإضافي احتاج إلى تعريف المضاف والمضاف إليه فقال { الأصل } يعني في اللغة { ما يبتنى عليه غيره } حسيا كان كابتناء السقف على الجدار أو عقليا كابتناء(1) الحكم على الدليل { وتعريفه } كما وقع في المحصول { بالمحتاج إليه لا يطرد } والتعريف بالعام(2) إذا كان لفظيا صحيح إلا أنه قبيح وكفى ذلك(3) وجها للعدول والترجيح { لصدقه على الفاعل والصورة الغائية } (4) لم يقل والغاية لأن الحاجة إلى تورها لا إلى نفسها(5) بخلاف الفاعل والصورة { والشرط } وجوديا كان أو عدميا { دون المحدود } لأن واحدا منها لا يسمى أصلا { والفقه } يعني في الاصطلاح { معرفة النفس } أراد بالمعرفة إدراك الجزئيات، والاكتساب عن دليل غير معتبر في مفهومها، ولا يفهم عند اطلاقها، واعتباره لا يناسب المقام لما سقف عليه(6) بإذن العلام { ما لها وما عليها } أراد بالأول ما لا كلفة فيه فيشمل المباح والمندوب والمكروه كراهة تنزيه وبالثاني ما فيه كلفة فيشمل الواجب والحرام والمكروه كراهة تحريم فينتظم التعريف جميع الأقسام ولا يحتاج إلى اعتبار قيد زائد فيه بخلاف ما إذا فسر أيما ينتفع به النفس ويتضرر به فإنه رحمه الله لا بد من تقدير قوله في الآخر ومع ذلك لا ينتظم المباح إذ ا المفهوم من النفع والضرر الآخر وبين الجزاء بالخير والجزاء بالشر وتأويل الضرر بعد الثواب إدراجا للمباح في الثاني لا يخلو عن تعسف وكذا تأويل النفع بعدم العقاب إدراجا له في الأول لا يخلو عنه وكذا إذا فسرا بما يجوز لها وما يجب عليها يبقى بعض الأقسام كالحرام والمكروه كراهة تحريم خارجا عن التعريف وتأويل الجواز بالإمكان العام الشامل للواجب تعسف ظاهر { ويزاد عملا } لإخراج الكلام الباحث عن الاعتقاديات والتصوف الباحث عن الوجدانيات { وعن دليل } لإخراج معرفة المقلد ومعرفة الضروريات في الدين لينطبق التعريف على الفقه المصطلح وأبو حنيفة رحمه الله لم يزهما لأنه أراد بالفقه ما يشمل الاعتقاديات(1) والوجدانيات وقسمي المعاملات(2) { وقيل العلم بالأحكام الشرعية } سيأتي تعريف الحكم والشرعي وبالأول خرج التصورات إلا تصور الحكم فإن خروجه بقوله من أدلتها وبالثاني خرج العلم بالأحكام العقلية والحسية والوضعية كالعلم بأن العالم حادث والنار محرقة والفاعل مرفوع { العملية } خرج به العلم بالأحكام الشرعية النظرية كالعلم بأن الإجماع حجة { من أدلتها } خرج به علم الشارع وعلم المقلد لأنه من قول المفتي لا من أدلة الأحكام والعلم بضروريات الدين فإنه ليس من الفقه ولذلك(3) زاد الإمام في المحصول التي لا يعلم كونها من الدين ضرورة { التفصيلية } خرج به العلم بالوجوب وعدمه للمقتضى والنافي وزاد ابن الحاجب قوله بالاستدلال ولا حاجة إليه لأنه المتبادر من حصول العلم من الأدلة حصوله منها بطريق الاستدلال والحمل على المتبادر واجب في التعريفات { الحكم إسناد أمر إلى آخر } وأما الحكم المصطلح الآتي تفسيره فلا يناسب المقام { والشرعي مالا يدرك لولا خطاب الشارع } والأحكام القياسية ما لا يدرك لولا الخطاب في المقيس عليه { فيدخل في حده } أي في حد الحكم الشرعي { حسن كل عمل وقبحه عند نفاة كونهما عقليين لا في حد الفقه } لعدم صدق العملية عليهما { والحكم الشرعي } هذا القيد على وفق المتاعرف بين الأصوليين ومن وهم أن المعرف الحكم المذكور في تعريف الفقه فقد وهم { خطاب الله تعالى } خرج بالإضافة إليه تعالى خطاب غيره { المتعلق بأفعال المكلفين } بطل معنى الجمع في الموضعين بنوعي التعريف فدخل في الحد الخواص(1) وخرج ما لا تعلق له بذلك الجنس من الخطاب { بالاقتضاء } أي الطلب جازما كان أو غير جازم فعلا كان المطلوب أو تركا فيشمل ما عدا الإباحة(2) ، وزيد لإ دخالها { والتخيير } واعلم أن الخطاب المتعلق بأفعال العباد على نحوين خطاب من جهة التكليف إثباتا أو رفعا وخطاب لا من جهته كالخطاب إرشادا أو تعجيزا ونحوهما والثاني ليس من جنس الحكم الشرعي وللاحتراز عنه قالوا المتعلق بأفعال المكلفين ولم يقولوا بأفعال العباد ، ثم أن الأول على نوعين إنشائي وإخباري كالتكاليف الماضية التي أخبر عنها في القرآن لا على وجه التقرير ، وهذا الثاني أيضا ليس بحكم شرعي لانتساخه وللاحتراز عنه زيد اقتضاء وتخييرا { وزاد البعض أو الوضع إدخالا للحكم بالسببية والشرطية والمانعية } ومن لم يزهد أنكر كون الخطاب الوضعي حكما وأراد بالاقتضاء والتخيير ما يعم الضمني وما من خطاب وضعي إلا وفيه نوع من الاقتضاء أو التخيير وتغايرهما مفهوما لا بد منه في تحقق معنى التضمن { والصبي مكلف في الجملة } جواب عن النقض للحد المذكور بعدم صدقه على ما يتعلق بأفعال الصبي من الأحكام الشرعية جواز بيعه وصحة أمانه وندب صلواته وما حاصل الجواب منع عدم صدق الحد عليه فإن الخطاب التكليفي على ما أشير إليه فما تقدم على قسمين إيجابي وغير إيجابي والمرفوع من الصبي إنما هو القسم الأول فأفعاله من جملة المكلفين { والمراد من الفعل ما يعم فعل القلب } فلا يخرج به الحم المتعلق بالتصديق عن الحد { ومن العملية } أي المراد من العلمية المذكورة { في حد الفقه المختص بالجوارح } فلا يغني عنها اعتبار التعلق بالفعل العام في مفهوم الحكم الشرعي { ومن الأحكام } المذكورة فيه { ما يشمل الاجتهادية ، قياسية كانت أو غيرها والفقيه المجتهد } قيده احترازا عن الفقيه بمعنى العالم بالفقه فإن ملكة الاستنباط ليس بشرط فيه { من له معرفة الأحكام التي ظهرت بنزول الوحي بها } لم يقل ظهر نزول الوحي بها لأنه شامل للأحكام القياسية ولا وجه له على ما ستقف عليه { ولم ينتسخ } لا بد منه لأن معرفة الأحكام المنسوخة ليس بلازمة للفقيه { أو انعقاد الإجماع عليها } عطف على نزول الوحي بها مظهرا لها دون انعقاد الإجماع عليها ولا وجه لهذا الفرق { من أدلتها مع ملكة الاستنباط الصحيح منها } وبهذا التفصيل اندفع ما قيل المراد من الأحكام المذكورة في تعريف الفقه أما الكل وأما كل واحد أما بعض مطلق وإما بعض معين بنفسه وإما بعض معين بالنسبة إلى الكل كالنصف والأكثر والكل باطل أما الأول فلأن الحوادث لا تكاد تتناهى في وقت من أوقات الحاجة إلى الفقه ولا ضابط يجمع أحكامها فيلزم أن لا يوجد فقيه وأما الثاني فلأن بعض من لا خلاف في فقاهته قال لا أدري في بعض المسائل وأما الثالث فلأنه يلزم ح أن يكون العالم بمسئلةأو مسئلتين فقيها وليس كذلك اصطلاحا وأما الرابع فلعدم الدلالة عليه وأما الخامس فلأن الكل مجهول الكمية تحقيقا وتخمينا ، وجهالتها تستلزم جهالة الكمية الكسور المضافة إليه لأن مشاؤه عدم الفرق بين الفقيه بمعنى العالم بالفقه والفقيه بمعنى المجتهد واعلم أن الفقه المعتبر في المجتهد يختلف باختلاف الأوقات فالمعتبر في كل وقت معرفة جميع ما قد ظهر من الأحكام في ذلك الوقت بنزول الوحي به أو انعقاد الإجماع عليه بشرط كونها مقرونة بملكة استنباط الأحكام الفرقية المحتاجة إلى الاجتهاد من أدلتها فلا بد فيه من علم المسائل الإجماعية إلا في زمن الرسول عليه اسلام لعدم الإجماع ح لا المسائل الاجتهادية قياسية كانت أو غير قياسية وإنما شرط ملكة استنباطها دون علمها لأنه ثمرة القاهة والمراد من صحة الاستنباط هو أن يكون مقرونا بشرائطه وأما جواب ابن الحاجب عن السؤال المذكور بأن المارد الأول ولكن معنى العلم بالأحكام التهيؤ لذلك فمردود بأن البعيد منه حاصل لغير الفقيه والقريب محدود لا يقال بل محدود وحده أن يكون بحيث يعلم بالاجتهاد كل حكم يحتاج إليه وإرادته من لفظ العلم غير بعيد لا لأن الخطأ يقع في الاجتهاد لأنه لا ينافي العلم المعتبر في الفقه ولا لأن في الأحكام ما لا مساغ للاجتهاد فيه لأنالحكم إذا لم يكن ثباتا بالمفسر ، أو بالإجماع القطعي يكون فيه مساغ للاجتهاد دل على ذلك حديث معاذ رضي الله عنه بل لأن أبا حنيفة مع كونه عالم بالفقه وعالم الاجتهاد ولم يبلغ ذلك الحد دل عليه قوله لا أدري ما الدهر بقي ههنا شيء وهو أن موجب التعريف المذكور أن لا يكون الغافل عن بعض ما ظهر بنزول الوحي من الأحكام فقيها ولا وجه له لما فيه من القدح ، في فقاهة كثير من الصحابة رضي الله عنهم والتابعين { والعلم يطلق على الظن } جواب دخل تقريره أن الفقه ظني فلما أطلق لفظة العلم عليه وأما الجواب عنه بأن الفقه مقطوع به فليس بصواب لا لأن معظمه يحصل بالقياس لأن مختار المعرف أنه ليس من الفقه بل ثمرته بل لأن ما يعرف بالنص والإجماع أيضا قد يكون ظنيا وقد يجاب بأن ثبوت الحكم قطعي والظن في طريقه لا يقال هذا إنما يتمشى على أصل المصوبة لأن ذلك على تقدير أن يراد بالحكم ما عند الله وأما إذا أريد به الحكم الشرعي المفسر بما لا يدرك إلا بالشرع لا المفسر بخطاب الله تعالى فلا مانع عن عن تمشية الجواب المذكور على أصل المخطئة أيضا { والفقهاء أطلقوه } أي أطلقوا الحكم { على ما ثبت بالخطاب مجازا } بطريق إطلاق اسم الشيء على الأثر الثابت به { ثم انقل حقيقة } بغاية الاستعمال { والقياس مظهر للخطاب } يعني أن ما ستند إلى القياس من الأحكام ثبوته بخطاب الله تعالىوالقياس مظهر لذلك الخطاب فلا ينتقض به تعريف الفقهاء للحكم وإنما قال مظهر للخطاب دون الحكم إذ لا يندفع به وهم الانقاض { وأصول الفقه الكتاب والسنة والإجماع } هذه الثلاثة أصول مطلقة لأن كل واحد منها مثبت للحكم بنفسه وتوقف الأخير على السند لا ينافي ذلك { والقياس المتفرع عليها } نبه بهذا التوصيف على أن تفرعة على واحد من الأصول السابقة لا ينافي أصالته بالنسبه إلى الفقه { إذ العلة فيه مستنبطة من مواردها } فالحكم الثابت به ثابت في الحقيقة بواحد منها فهو مظهر له لا مثبت إماالمستنبط من الكتاب فكقياس انتقاض الوضوء بالخارمن غير السبيلين على انتقاضه بالخارج منهما الثبت بقوله تعالى { أو جاء أحد منكم من الغائط } وأما حرمة اللواطة فثابتة بالكتاب لأنها من شراءع من قبلنا وقد قصت من غير نكير وأما المستنبط من السنة فكقياس حرمة الربا في الجص على حرمة الربا في الحنطة الثابتة بقوله عم الحنطة بالحنطة الحديث وأما المستنبط من الإجماع فكقياس حرمة وطء أم المزنية على حرمة وطئ أم أم أمة التي وطئها الثابتة بالإجماع لا بالنص لأنه ورد في أمهات النساء بلا شرط الوطئ ولما فرغ عن تعريف أصول الفقه باعتبار معناه التركيبي شرع في تعريفه باعتبار معنها اللقلي فقال { وعلم أصول الفقه } إنما زاد لفظ العلم إذ لم يعلم أن الملقب به علم بمعنى الإدراك { العلم بالقاواعد } أي القضايا الكلية الإجمالية { التي يتوصل بها إليه } خرج بهذا القيد علم الخلاف لأن التوصل القريب بقواعده التي محافظة الحكم المستنبط أو مدافعته لا إلى استنباطه وأيضا سببيتها بالذات إنما هي بالقياس إلى واحد منها فلا حاجة للاحتراز عنه إلى قوله على وجه التحقيق كما لا حاجة للاحتراز عن المتبادر للغوية والكلامية بقوله توصلا قريبا لأن المتبادر من التوصل عند الإطلاق ما هو القريب ومن حرف الباء السببية بالذات والمارد من القضايا المذكورة ما يكو كبرى الدليل الاقتراني الذي يستدل به على مسائل الفقه كقولنا في إثبات حكم لأنه حكم دل على ثبوته القياس الصحيح وكل حكم دل على ثبوته القياس الصحيح فهو ثابت والملازمات الكلية في الديل الاستشكال كقولنا لأنه كلما دل القياس الصحيح على ثبوت هذا الحكم يكون هذا الحكم ثابتا لكن القياس الصحيح دل على ثبوت هذا الحكم وقد لا يكون هذه الكلية بعينها مذكورة في أصول الفقه بل تكون مدرجة في كلية هي مذكورة فيها كقولنا كما دل القياس على الوجوب في صورة يثبت الوجوب فيها فإن هذه الكلية مندرجة تحت الكلية القائلة كل ما دل القياس على ثبوت حكم هذا شأنه يثبت ذلك الحكم والوجوب من جزئيات ذلك فكأنه فيل كلما دلال القياس على الوجوب ثبت الوجوب وكلما دل القياس على الجواز ثبت الجواز فالكلية التي هي معظم مقدمتي الدليل يكون من مسائل أصول الفقه بطريق التضمن بقي ههنا شيء وهو ان للفقآء قضايا كلية يستدلون بها على مسائل افقه وليست معدودة من أصول الفقه كالتي ذكرها صاحبالهداية في باب السلم بقوله الأصل ان من خلاج كلامه تعنتا فالقول قول صاحبه بالانفاق وان خرج خصومة ووقع الانفقاق على عقد واحد فالقول لمدعي الصحة عنده وعندهما للمنكر وان انكر الصحبة وليس في البيان السابق ما يخرج به مثل هذه الكلية واعلم ان الحكم 1 انما يثبت بدليل شرعي إذا كان مشتملا على شرائط يذكر في موضعها باذن الله تعالى ولا يكون منسوخا ولا معارضا براحج أو مساو ولا مخالفا للاجماع فالقضية التي تجعل كبرى أو ملازمة إنما تصدق كلية إذا اشتملت على هذه القيود فالعلم بالمباحث المتعلقة بهذه القيود يتضمنه العلم بالقضية الكلية التي هي معظم مقدمتي الدليل على مسائل الفقه فالمباحث المذكورة أيضا من مسائل أصول الفقه ثم اعلم أن التوصل المذكور يختص بالمجتهد لان المقلد لا يتوصل إلى الفقه بقواعد الأصول إنما توصله إليه بالاستفتاء والتقليد وهما ليسا من أدلة الأحكام الفقهية ولهذا لم يذكر مباحثهما في كتبنا ومن أوردهما ما في كتب الأصول فقد صرح بأنه من جهة كونه في مقابلة الاجتهاد لا من جهة تعميم. التوصل للمقلد بصرفه عن الفقه إلى مسائلة وتوسيع دائرة الأصول حتى تشمل كبرى دليل المقلد أيضا هذا الذي ذكرنا إنما هو بالنظر إلى الدليل أما بالنظر إلى المدلول فالقضية المذكورة إنما يمكن إثباتها كلية إذا عرق أنواع الحكم وأن أي نوع من الأحكام يثبت بأي نوع من الأدلة لخصوصية في الحكم ككون هذا الشيء علة لذلك وأن هذا الحكم لا يمكن إثباته بالقياس وأما المباحث المتعلقة بالمحكوم به وهو فعل المكلف ككونه عبادة أو عقوبة أو نحو ذلك فمما يندرج في كلية تلك القضية لأن الأحكام تختلف باختلاف أفعال المكلفين فإن العقوبات لا يمكن إثباتها بالقياس وكذا المباحث المتعلقة بالمحكوم عليه وهو المكلف ومعرفة الأهلية والعوارض التي تعرض على الأهلية ككونها سماوية ومكتسبة مندرجة تحت تلك القضية الكلية أيضا لاختلاف الأحكام باختلاف المحكوم عليه وبوجود العوارض وعدمها فتركيب الدليل على إثبات مسائل الفقه بطريق الاقتراني هكذا هذا الحكم ثابت لأنه حكم هذا شأنه متعلق بفعل هذا شانه وهذا الفعل صادر عن مكلف هذا شأنه وليس فيه من العوارض ما يمنع ثبوت هذا الحكم وقد دل على ثبوت هذا الحكم قياس هذا شأنه هذا هو الصغرى وأما الكبرى فقولنا وكل حكم موصوف بالصفات المذكورة يدل على ثبوت القياس الموصوف بالصفات المذكورة فهو ثابت وهذه القضية الكلية من مسائل أصول الفقه وبطريق الاستثنائي هكذا كلما وجد قياس موصوف بهذه الصفات دال على حكم موصوف بهذه الصفات يثبت ذلك الحكم لكنه وجد لقياس الموصوف آه فعلم أن جميع المباحث المتقدمة مندرجة تحت تلك القضية الكلية المذكورة التي هي معظم مقدمتي الدليل على مسائل الفقه وهذا معنى التوصل القريب المذكور وإذا علم أن جميع مسائل الأصول راجعة إلى قولنا كل حكم كذا يدل على ثبوته دليل كذا فهو ثابت أو كلما وجد دليل كذا دال على حكم كذا يثبت ذلك الحكم على أنه يبحث في هذا العلم عن أحوال الأدلة الشرعية والأحكام الكليتين من حيث ان الأولى مثبتة للثانية والثانية ثابتة بالأولى والمباحث التي ترجع إلى ذلك بعضها متعلقة بالأدلة وبعضها بالأحكام فموضوع هذا العلم الأدلة من حيث إثباتها للأحكام والأحكام من حيث ثبوتها بها وجميع محمولات مسائله هو الإثبات والثبوت وما له نفع ودخل في ذلك { فيبحث فيه عن أحوال الأدلة المذكورة وما يتعلق بها } تفريع على ما تقدم أي إذا كان علم الفقه معرفة الأحكام عن الأدلة وعلم الأصول عن أحوال تلك الأدلة والأحكام إلى تلك المعرفة يجب أن يبحث في علم الأصول عن أحوال تلك الأدلة والأحكام ومتعلقاتهما والمراد بالأحوال العوارض الذاتية وما يتعلق بها عطف على الأدلة والمراد منه الأدلة المختلفة فيها كالاستحسان وأدلة المقلد والمستفتى وما له مدخل في كون الأدلة الأربعة مثبتة للحكم كالبحث عن الاجتهاد ونحوه واعلم أن الأعراض الذاتية للأدلة ثلثة أقسام الأول ما يكون مبحوثا عنه وهو كونا مثبتة للأحكام وهذا القسم يقع محمولات في القضايا التي هي مسائل هذا العلم والثاني ما ليس مبحوثا عنه لكن له مدخل في عروض ما يبحث عنه ككونها عامة أو مشتركة أو خبر واحد وأمثال ذلك وهذا القسم يقع أوصافا وقيودا لموضوع تلك القضايا كقولنا الخبر الواحد يوجب غلبة الظن بالحكم وقد يقع موضوعا لتلك القضايا كقولنا العام يوجب الحكم قطعا وقد يقع محمولا فيها نحو النكرة في موضع النفي عامة والثالث ما ليس كذلك ولا يبحث عنه شفي هذا العلم { ويلحق به } أي بالبحث المذكور { البحث عن أحوال الأحكام } التعريف للعهد { وما يتعلق بها } وهو الحاكم والمحكوم به والمحكوم عليه وإنما قال ويلحق به مع أن الأحكام أيضا داخل في موضوع هذا العلم في المختار على ما نبهت عليه فيما تقدم تنبيها على أن حق مباحثها لقلتها وأصالة الأدلة أن يذكر بعد مباحث الأدلة التي هي معظم مسائل هذا العلم والأعراض الذاتية للحكم أيضا ثلثة اقسام الأول ما يكون مبحوثا عنه وهو كون الحكم ثابتا بالأدلة المذكورة وهذا القسم يقع محمولا في القضايا التي هي مسائل هذا العلم والثاني ما ليس مبحوثا عنه ولكن له مدخل في عروض ما يبحث عنه ككونه متعلقا بفعل البالغ أو بفعل الصبي ونحوه وهذا القسم يقع أوصافا وقيودا لموضوع القضايا وقد يقع موضوعا وقد يقع محمولا كقولنا الحكم المتعلق بالعبادة يثبت بخبر الواحد ونحو العقوبة لا يثبت بالقياس ونحو زكوة الصبي عبادة والثالث ما لا يكون كذلك فلا يبحث عنه في هذا العلم واعلم أن معنى ثبوت الحكم بالدليل قطعيا كان أو ظنيا ثبوت العلم بالأول بالعلم بالثاني شلا ثبوت نفس الأول بالثاني وذلك المعنى لا يتفاوت بقدم الحكم وحدوثه وهذا ظاهر عند من له أدنى تمييز { فنضع } تفريع على قوله فيبحث عن كذا وكذا { الكتاب } أي مقاصده { على قسمين } وما تقدم من المباحث خارج عنهما مع دخوله في الكتاب لعدم كونه من المقاصد { القسم الأول في الأدلة الشرعة وهو على أربعة أركان الركن الأول في الكتاب وهو المقرو } لم يقل وهو القرآن لأن المتبادر منه هو مجموع المنقول والمعرف إنما هو الكتاب الذي هو أحد الأدلةوهو اسم للمشترك بين الكل وكل بعض هو دليل حكم { المنقول إلينا } احترز به عن منسوخ التلاوة سواء نسخ حكمه أيضا أولا { بين دفتي المصاحف } أراد بالمصحف ما هو المعهود واحترز به عن سائر الكتب والأحاديث الهية كانت أو نبوية { تواترا } احترز به عن القراآت الشاذة والمشهورة وقد رد ابن الحاجب تعريف القرآن بما ذكر بلزوم الدور غافلا عن أن التعريف في المصاحف للعهد دون الجنس وعرفه بالكلام المنزل للإعجاز بسورة منه واعترض عليه بأن المحذور المذكور مشترك اللزوم لتوقف معرفة السورة على معرفة القرآن وأجيب بمنع التوقف لأن السورة عبارة عن البعض المترجم أوله وآخره توقيفا من الكلام المنزل ولا اختصاص لها بالقرآن { ونورد أبحاثه } أي أبحاث الكتاب ويشاركه فيها السنة فالإضافة إليه ليست للتخصيص بل للتشريف { في بابين الأول في إفادة المعنى } وهذا لأن إفادته الحكم الشرعي موقوفة عليها { والثاني في إفادته الحكم الشرعي } كالوجوب والحرمة المفادين بالأمر والنهي { الباب الأول لما كان دليل الحكم من القرآن والحديث نظما دالا على المعنى قسم الدال بالنسبة إلى المدلول أربع تقسيمات } إنما قال نظما دالا دون لفظا دالا لأن دائرة دلالة الأول أوسع لاشتمالها على الدلالة بخصوصية في الكلام لا به ولا بأجزائه دون دائرة دلالة الثاني والحكم الشرعي قد ينوط بها ككون الأب عصبة مع الأم المستفاد من قوله تعالى وورثة أبواه فلامه الثلث فإن قصر بيان الفرض على الأم قد دل على أن فرينها عصبة وذلك هيئة الكلام وسنفرغ لتحقيق هذا بإذن الملك العلام ومشايخنا انما قالوا أن القرآن هو النظم والمعنى دون اللفظ والمعنى لان في النظم خصوصية زائدة على اللفظ معتبرة في القرآنية وقد فصح عن هذا الامام الراغب حيث قال في أول تفسيره بالنظم المخصوص صار القرآن قرآنا كما أن بالنظم المخصوص صار الشعراء والخطبة خطبة فانظم صورة اللفظ والمعنى عنصره وباختلاف الصور يختلف حكم الشيء واسمه لا بعنصره كالخاتم والقرط والخلخال اختلف احكامها واسمائها باختلاف صورها لا بعنصرها الذي هو الذهب أو الفضة ما روي عن أبي حنيفة رح 1 أنه رخص في ترك النظم رخصة ترفيه في حق جواز الصلاة فليس مبناه على عدم اعتبار النظم في القرآن وإلا لما خص الرخصة المذكورة بجواز الصلاة على أنه قد صح رجوعه عن القول المذكور { باعتبار الوضع للمعنى } سواء كان شخصيا كوضع جوهر اللفظ أو نوعيا كوضع صيغته وهذا هو التقسيم الأول { ثم باعتبار الاستعمال } في الموضوع له وغيره سواء كان المستعمل نفس اللفظ وصيغته وهذا هو التقسيم الثاني { ثم باعتبار ظهور المعنى } حقيقيا أو مجازيا { وخفائه ومراتبهما } وإنما جعله ثالثا لأن منشأ الظهور والخفاء قد يكون كثرة الاستعمال وقلته { ثم باعتبار الدلالة } سواء كان الدال نفس الكلمة أو صيغتها أو هيئة الكلام وإنما آخر هذا التقسيم لأن علمنا بذلك الاعتبار بعد ظهور المعنى وخفائه عندنا { التقسيم الأول الوضع } سواء كان لنفس اللفظ أو صيغته { أن تعدد فمشترك } كالعين 2 وضع للباصرة وللشمس 3 وللذهب { وإلا فمختص } غلا أنه لم يجعل مبحثا لعدم تعلق الغرض2 به { وأياما كان 4 عن وضع للواحد } سواء كان باعتبار الشخص كزيد أو باعتبار النوع كرجل وفرس { أو للمحصور كالعدد والتثنية فمخاص وان وضع لغير المحصور فعام ان استغرق جميع ما يصلح له } هذا على وفق اختيار المحققين فالعام لفظ وضع لكثير غير محصور مستغرق بجميع ما يصلح له بوضع واحد فالمعتبر في حده أن يكون موضوعا للكثير المذكور بوضع واحد لا أن يكون وضعه واحدا وإلا لما اجتمع العموم مع الاشتراك فالمشترك من حيث 5 أنه مشترك خروجه من الحد بقوله لكثير غير محصور لا بقوله بوضع واحد كما توهم وبه يخرج أيضا مثل زيدو رجل وبقيد عدم الحصر اسماء العدد وبقيد الاستغراق الجمع المنكر ونحوه { وإلا فجمع منكر ونحوه } كالجماعة في قولنا رأيت جماعة من الرجال وهذا على رأي من ينكر الاستغراق في المنكر ونحوه وإنما لم يذكر المأول لأنه في اصطلاحهم ينتظم أحد قسمي الخفي والمشكل والمشترك والمجمل على ما أفصح عنه صاحب الميزان فلا يصلح قسيما للمشترك وايضا لاوجه لان يذكر بعضه ههنا ويجعل قسما على حدة ويترك الباقي بالكلية بل حقه أن يجعل بتمامه قسما مستقلا ويذكر مع قسيمة وهو المفسر في التقسيم الثالث { وأيضا } ههنا تقسيم آخر أراد أن يذكره إذ لا بد من معرفة أقسامه أيضا { الاسم الظاهر } أراد به ما يقابل المبهم المنتظم للمضمر واسم الاشارة { ان كان معناه عين ما وضع لها لمشتق منه } يعني مادته { مع وزن المشتق } اليه بتقديم الأول وجعل الثاني ضميمة على الأصالة في مدلول الأول وبذلك يفارق الصفة اسم الآلة ونحوه { فصفة والا أشير إلى تعينه } أي تعين معناه { بجوهر اللفظ } لم يقل أن تشخص معناه لأن ذلك لا يكفي في العلمية بل لا بدمعه من الإشارة إليه ومن كونها بجوهر اللفظ { فعلم } شخصي ان كان المشار إليه شخصا كزيد وجنسي إن كان جنسا كأسامة { وغلا فاسم جنس وهما } أي العلم واسم الجنس { اما مشتقان } كختم ومقبل { أولا } كزيد ورجل { ثم كل من الصفة واسم الجنس ان أريد به المسمى } وهو الماهية المقيدة بالوحدة الشايعة { بلا قيد زائد على المسمى فمطلق } فهو من اقسام الخواص لان وضعه للواحد النوعي { أو معه فمقيد أو أشخاصه كلها فعام أو بعضها معينا فمعهود أو منكرا فنكرة } لما كان لخارج من التقسيم أحد نوعي النكرة وهو ما استعمل في الفرد دون نفس المسمى وكذا الحال في المعرفة أورد تعريفهما الشامل للنوعين { وهي ما وضع ليستعمل في شي إلا بعينه والمعرفة ما وضع ليستعمل في شيء بعينه } فالمعتبر في التعيين وعدمه أن يكون ذلك بحسب دلالة اللفظ ولا عبرة بحالة الاطلاق دون الوضع ولا بما عن السامع دون المتكلم لأنه إذا قال جاءني رجل يمكن أن يكون الرجل معينا عند السامع ايضا إلا أنه ليس بحسب دلالة اللفظ { الخاص من حيث هو خاص } أي مع قطع النظر عن العوارض المانعة إياه أو المعينة له كالقرينة الصارفة عن إرادة الحقيقة والقرينة المانعة عن إرادة المجاز { يوجب العلم بمدلوله } لم يقل يوجب الحكم لأن الموجب له هو نفس الكلام لا جزؤه قطعا أراد القطع بالمعنى العام المعتبر فيه انقطاع احتمال الناشى عن الدليل لا القطع بالمعنى الخاص المعتبر فيه انقطاع لاحتمال مطلقا { ففي قوله تعالى ثلثة قروء لا يحتمل القروء } المشترك بين الطهر والحيض { على الطهر } كما قاله الشافعي بل يحمل على الحيض كما قال أبو حنيفة رح { والا يكون الواجب } يعنى في العدة { طهرين وبعضا ان احتسب لطهر الذي طلق فيه } فيبطل موجب الخاص وهو أي الثلثة ينقصان مدلوله ولما استشعر أن يمنع الملازمة المذكورة بناء على الطهر اسم يطلق على القليل والكثير تدارك بيانها بقوله { وبعض الطهر ليس بطهر وإلا كان الثالث كذلك } يعني أن المراد من الطهر ههنا مجموع ما بين الدمين لا ما ذكر والا يلزم تمام العدة بانقضاء جزء ساعة من الثالث واللازم باطل بالاجماع { أو ثلثة وبعضا إن لم يحتسب } فيبطل موجب الخاص بالزيادة على مدلوله { وتلك الزيادة عند الحمل على الحيض تثبت ضرورة } جواب عن المعارضة في طرف المخالف تقرير ها انه لو حمل القرء على الحيض يلزم احد ا لأمرين المذكورين ايضا لما ذكر بيعنه وحاصل الجواب أن اللازم الثاني ليس بمحذور ح لان لزوم الزيادة ثمة بطريق الضرورة لا بطريق الارادة من اللفظ تحتى يلزم بطلان موجبه بخلاف ما إذا كان اللازم ثلثة اطهار البعض اذ لا ضرورة لان الطهر يقبل التجزية بخلاف الحيض فيتعين فيه الارادة من اللفظ { وقوله تعالى فان طلقها } أي بعد المرتين سواء كانتا على مال أو بدونه فدل على مشروعية الطلاق بعد الخلع عملا بموجب الفاء على ما بينه المص بقوله { الفاء لفظ خاص للتعقيب فموجبه } ههنا { تعقيب الطلاق لاقتداء فيقع الطلاق بعد الخلع } كما هو مذهبنا { وإلا } أي وان لم يقع الطلاق بعد الخلع كما هو مذهب الشافعي حيث لم يجعل الخلع طلاقا بل فسخا { يبطل موجب الخاص } واما ان الخلع طلاق فليس من فروع العمل بالخاص بل من فروع أن الزيادة على النص نسخ فامص أصاب في عدم التعرض له ههنا { وقوله أن تبتغوا بأموالكم الباء لفظ خاص يوجب الإلصاق } يعني أنه حقيقة فيه مجاز في غيره ترجيحا للمجاز على الاشتراك { فلا ينفك الابتغاء وهو الطلب بالعقد } أي بالنكاح أو بالبيع لا بالاجارة والمتعة لقوله تعالى غير مسافحين { الصحيح } لا بد من هذا القيد إذ لا يجب المهر ولا الثمن بنفس العقد الفاسد بالاجماع { عن المال اصلا فيجب المهر بنفس العقد خلافا للشافعي } خلافه في المفوضة التي نكحت بلا مهر أو على أن لا مهر لها فإنه لا يجب المهر لها عنده إذا مات أحدهما وعندنا يجب مهر المثل إذا دخل بها أو مات أحد هما { وقوله أمالي قد علمنا ما فرضنا عليهم خص فرض المهر أي تقديره بالشرع } والتقدير لمنع الزيادة أو لمنع النقصان والأول منتف لأن الأعلى غير مقدر في المهر بالإجماع { فيكون أدناه مقدرا } وقد بينه النبي عليه السلام بقوله لا مهر أقل من عشرة دراهم { خلافاله } قال الشافعي كل ما يصلح ثمنا يصلح مهر أو فيه ان مبنى الاحتجاج على أن الفرض بمعنى التقدير المخالف فيه وراء المنع ويساعده تصريح الأئمة بأنه حقيقة في القطع لغة وفي الإيجاب شرعا وقد أورد فخرج الإسلام ههنا مسائل من باب الزيادة على النص والمص رد بعضها إلى موضعه وترك المسئلتين مخافة التطويل { فصل } { حكم العام التوقف عند البعض } وهم عامة الأشاعرة { حتى يقوم الدليل للعموم أو الخصوص لأنه مجمل لاختلاف أعداد الجمع من غير أولوية للبعض } فإن جمع القلة يصح أن يراد به كل عدد من الثلثة إلى العشرة وجمع الكثرة يصح أن يراد به كل عدد فوق التسعة ولما استشعر أن يقال أنه للاستغراق فللكل أولوية تدارك دفعة بقوله { وإنه يؤكد } أي يحتاد إلى التأكيد واراديه تقرير المعنى المراد لا ما يقابل التأسيس لأنه لا يناسب المقام كيف وفيه دلالة على خلاف المرام { بكل واجمع ولو كان مستغرقا لما احتاج إلى ذلك } ولقائل أن يقل فح يترجح القدر المشترك وهو البعض لا بعينه لتعينه على التقادير كلها وأيضا الثابت صحة التأكيد بما ذكر وأما الحاجة إليه فغير مسلمة { ولانه يذكر الجمع } أراد به ما يعم اسم الجمع { ويراد به الواحد } لم يتعرض لتعيين انه بطريق الاشتراك لعدم الحادة إليه في تمام التقريب ولأنه ح يكون بين وجهي الاحتجاج تدافع ظاهر { كما في قوله تعالى الذين قال لهم الناس أن الناس قد جمعوا لكم } المراد من الناس الأول نعيم بن مسعود رضيه أو إعرابي آخر وللمخالف أن يقول أنه من قبيل نسبة ما صدر عن البعض إلى الكل كما في فعقروا الناقة { وعند والبعض ثبوت الأدنى وهو الواحد في الاسم الجنس } لم يقل في غير الجمع لشموله التثنية { والثلثة في الجمع } لأنه المتيقن فيتوقف فيما وراء ذلك فإنه إذا قال لفلان على دراهم يجب ثلثة باتفاق بيننا وبينهم لكنا نقول ذلك لأن العموم غير ممكن فيثبت اخص الخصوص وللمخالف أن يمنع التيقن لما مر من صحة إطلاق الجمع على الواحد { وعند مشايخ سمرقند } من أصحابنا { والشافعي ثبوت الحكم في الكل ظنا } لم يقل يوجب الحكم في الكل لأنه يحتمل الثبوت قطعا وهو مذهب مشايخ العراق وعامة المتأخرين { إلا إذا استحال عادة فيتوقف عندهم خلافا له } ففي جاءني القوم حكمه التوقف عند مشايخ سمرقند إلى أن يتبين المراد ببيان ظاهر بمنزلة المجمل وعند الشافعي العمل بقدر الإمكان { لأن العموم معنى مقصود فلا بد من وضع لفظ له } لأن المعاني المقصودة في التخاطب قد وضع الألفاظ لها وللمخالف أن يمنع الأطراد فإن كثيرا من المعاني اكتفى فيها بالمجاز والاشتراك المعنوي على أن اللغة إنما يثبت توقيفا ونقلا لا عقلا { وقد شاع الاحتجاج بالعمومات } من غير نكيرفكان اجماعا سكوتيا { منها أن عليا رضيه قال في الجمع بين الأختين وظئا بملك يمين احلتهما } أي الأختين المجموعتين في الوطىء { آية وهي قوله تعالىما ملكت أيمانكم } فإنه يدل على حل وطىء كل أمة مملوكة مجتمعة كانت مع أختها في الوطىء أولا { وحرمتهما آية وهي قوله تعالى وأن تجمعوا بين الأختين } فإنه عطف على المحرمات نكاحا فثبت به نحرمة ا لجمع بينهما وطئا بملك اليمين بطريق الدلالة وأما بيان قيام التعارض بين النصين ورجحان المحرم فخارج عن مبحثنا هذا { ومنها أن إبن مسعود رضيه جعل قوله تعالى وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن قاصرا } لم يقل ناسخا لاحتمال التخصيص { لقوله تعالى والذين يتوفون منكم حتى جعل عدة حاملتوفي عنها زوجها بوضع الحمل } وذلك أن قوله يتربصن يدل على أن عدة المتوفى عنها زوجها بالأشهر سواء حاملا أو لا وقوله تعالى وأولات الأحمال يدل على أن عدة الحامل بوضع الحمل سواء توفي عنها زوجها وهي حامل { وذلك } أي النصوص الأربعة المذكورة في الاحتجاجين المذبورين { عام كله لكن عند الشافعي هو } أي جنسالعام { دليل فيه شبهة فيجوز تخصيصه مطلقا } يعني سواء أكان من الكتاب أو من الحديث المشهور { بخبر الوحد والقياس لشيوع احتمال التخصيص في كل عام وعندنا هو قطعي مساو للخاص } أراد القطع بالمعنى العام وقد مر بيانه { فلا يجوز تخصيصه بواحد منهما ما لم يخض مرة بقطعي لأن اللفظ إذا وضع لمعنى كان ذلك المعنى لازما ثابتا بذلك اللفظ عند إطلاقه إلا أن يوجد الدليل على خلافه عقليا كان أو نقليا والعموم مما وضع له اللفظ فكان لازما قطعيا ما لم يوجد دليل الخصوص { إذ لو جاز إرادة البعض بلا دليل لارتفع الأمان عن اللغة } أي لغة كانت { والشرع } لم يقل بالكلية لعدم المساعدة له في التعليل { لأن أكثر خطاباته عامة والاحتمال الغير الناشى عن دليل } وإن كان غالبا { لا يعتبر } يعني في صرف العام عن مدلوله جواب عن تمسك المخالف القائل بأن العام ظني في مدلوله لشيوع احتمال التخصيص فيه وتقريره أن احتمال التخصيص مطلقا شيوعه لا ينافى كون العام قطعيا بالمعنى المراد ههنا واحتمال التخصيص المورث للشبهة شيوعه في العام بلا قرينة مم فان المخصص إذا كان هو العقل فهو لا يورث الشبهة لأنه في حكم الاستثناء على ما يأتي وأن كان الكلام فإن كان متراخيا فهو ناسخ لا مخصص مورث للشبهة فبقي الكلام الموصول وقليل ما هو { فاحتمال الخصوص ههنا كاحتمال المجاز في الخاص } فكما أن احتمال المجاز لا ينافي كون الخاص قطعيا في مدلوله كذلك احتمال الخصوص لاينافي كون العام قطعيا في مدلوله فثبت المساواة بينهما في الحكم المذكور { ولا عبرة للتعدد في احتمال المجاز } جواب دخل مقدر تقريره احتمال المجاز مشترك وفي العام احتمال آخر وهو احتمال التخصيص فالخاص راجع وتقرير الجواب لما كان العام موضوعا للكل كان إرادة البعض خاصة مجازا وكثرة احتمالات المجاز لا اعتبار لها فإن الخاص الذي له معنى مجازي واحد يساويه الخاص الذي له معنيان مجازيان أو أكثر في الدلالة على المعنى الحقيقي عند عدم قرينة المجاز { والتأكيد يسد باب الاحتمال } أي لا يبقى بعده احتمال الخصوص أصلا لا ناش عن دليل ولا غيره جواب عن تمسك مخالف آخر وهو القائل بالتوقف ولذلك لم يصدره بإداة التفريع وتقريره ظاهر ولا وجه لجعله جوابا عن تمسك المخالف الأول كما لا يخفى { وإذا ثبت هذا } أي كون العام قطعيا كالخاص { فإذا تعارض الخاص والعام } سواء كانا من الكتاب أو من السنة أو كان أحدهما من الكتاب والآخر من السنة بشرة أن لا يكون من أخبار الآحاد لأنها بمعزل عن معارضة الكتاب { فإن لم يعلم التاريخ حمل على المقارنة } مع أنه في الواقع أحدهما منسوخ أو مخصص بالأخر لكن اشتباه الحال اقتضى ذلك كيلا يلزم الترجيح بلا مرجح { فيثبت حكم التعارض في قدر ما تناولاه } وأما القدر الذي تفرد العام بتناوله فحكمه ثابت بلا معارض { وأن علم فإن كان العام متأخرا ينسخ الخاص وإن كان الخاص متأخرا فإن كان موصولا يخصه وإن كان مفصولا } المراد من الوصل والفصل ما بحسب الزمان { ينسخه في ذلك القدر } أي في القدر الذي تناولاه { حتى لا يكون العام مما خص منه البعض } فيبقى قطعيا في الباقي هذا كله عندنا وأما الشافعي فلما لم يقل بالمساواة بين العام والخاص في القطعية لم يتيسر فرض التعارض بينهما على أصله فكان قوله بمعزل عن هذا المقام { فصل } { قصر العام على بعض ما تناوله لا يخلو من أن يكون بغير مستقل } أي بكلام غير تام { وهو الاستثناء } المتصل نحو أكرم القوم إلا الجهال { والشرط والصفة والغاية } بأن يقال بدل الاستثناء إن كانوا علماء أو العلماء أو إلى أن يجهلوا ولولا الشرط لأفاد الكلام الحكم على جميع التقادير فحين علق بيه لم يفد ذلك فكأنه قصره على البعض وكذا في الباقي وزاد بعضهم خامسا وهو بدل البعض نحو أكرم الناس العرب دنهم وليس في قصر للناس بل إبدال له بأخص منه ولذلك لم يلتفت إليه المص { أو بمستقل } أراد غير المتر آخى ولم يذكر القيد اعتمادا على ما تقدم ولذلك قال { وهو التخصيص } فإن النسخ عندنا مقابل للتخصيص المصطلح والقصر بالمتراخي نسخ { وهو إما الكلام أوغيره وهو إما العقل نحو فوق كل ذي علم عليم } ضرورة أن الله تعالى مخصوص منه وأما خالق كل شيء فهو على عمومه لأن الشيء بمعنى المشيء وتخصيص الصبي والمجنون ليس من هذا القبيل لأن تعيين مناط التكليف بالشرع على ما يأتي في باب المحكوم عليه { وأما الحس { راد بنسبة التخصيص إليه توقفه عليه بقرينة ذكره في مقابلة العقل فلا مسامحة { نحو وأوتيت من كل شيء وأما العرف نحو من بشرني فله كذا يقع على المتعارف } وهو بالخبر السار { وأما العادة { نحو لا يأكل رأسا يقع على المعتاد فلا يحنث بأكل رأس العصفور والجراد وأما كون بعض الأفراد ناقصا فيكون اللفظ أولى بالبعض الآخر نحو كل مملوك لي حر لا يقع على المكاتب } لنقصان الملك فيه حيث لا يملك بدا { ويسمى مشككا } وعدم وقوع الفاكهة على العنب عندابي حنيفة رح لعلة النقصان أيضا لا للزيادة كما توهم وقد أفصح عنه تعليله بأنه مما يتغدى به ويتداوى فأوجب قصورا في معنى التفكه للاستعمال في حاجة البقاء { وفي غيرالمستقل } أي من القاصر { هو } أي لفظ العام { حقيقة } { في الباقي إن كان المخرج معلوما } لا لأن الواضع وضعه للباقي إنما هو من حيث أنه كل لا بعض وإنما قيد بالمعلوم لأنه إذا كان مجهولا لا يكون في الباقي حقيقة { فهو } أي العام المقصور { حجةبلا شبهة فيه } أي في الباقي { وفي المستقل أي من القاصر { كلاما أو غيره مجاز } أي اللفظ العام مجاز في الباقي { بطريق إطلاق اسم الكل على البعض من حيث القصر } أي من حيث أنه مقصور على الباقي { حقيقة من حيث التناول } أي من حيث أنه يتناول الباقي { على ما يأتي في فصل المجاز إن شاء الله تعالى وهو حجة فيه شبهة ولم يفرقوا } أي عامة العلماء { بين كونه } أي كون التخصيص { بالكلام وغيره لكن يجب الفرق بأن يقال الخصوص بالعقل قطعي لأنه في حكم الاستثناء } نبه بهذا علىا\أنالمراد المخصوص المعلوم { لكنه حذف } اعتمادا على العقل { حتى لا يتوهم أن خطابات الشرع التي خص منها البعض بالعقل دليل فيه شبهة } كالخطاب الوارد بوجوب غسل الرجل في الوضوء المخصوص منه مقطوع الرجل بالعقل وأما تخصيص الصبي والمجنون فقد عرفت أنه بالشرع لا بالعقل وأماالاستدلال بإكفار جاحد الفرائض الواردة فيها الخطابات المخصصة بالعقل على أن التخصيص بالعقل لا يورث شبهة ففيه أ، مبناه على أن ذلك الإكفار ليس لانعقاد الإجماع القطع على فرضية تلك الفرائض وذلك غير مسلم { وأما المخصوص بالكلام فعند الكرخي لا يبقى حجة } لم يقل أصلا لأن الكرخي يقول يجب أخص الخصوص أذا كان المخصوص معلوما صرح بذلك الإمام السرخسي في أصوله فيمكن الاحتجاج به في الجملة { مجهولا كان المخصوص كالربا } فإنه خص من قوله تعالى { وأحد الله البيع } بقوله { وحرم الربا } { أوملعوما كالمستأمن } فإنه خص من قوله تعالى { اقتلوا المشركن } بقوله تعالى { وإن أحد من المشركين استجارك } { لجهالة الباقي أما في الأول فظاهر كما في الاستثناء } فإن استثناء المجهول يورث الجهالة في الباقي فلا يبقى صدر الكلام حجة والعام المذكور كذلك { وأما في الثاني فلظهور التعليل لأنه كلام مستقل } والأصل في النصوص التعليل { ولا يدري كم يخرج بالتعليل فيبقى الباقي مجهولا } وما تقدم من وجوب أخص الخصوص ح لا يجدي لأنه بعض غير معين { وعند البعض بقي } أي العام { فيما وراء المخصوص كما كان إن كام معلوما لأنه كالاستثناء } في بيان أ،ه لم يدخل { فلا يقبل التعليل } كما أن الاستثناء لا يقبله لعدم استقلاله بنفسه والعام فيه حجة في الباقي فكذا هنا { ولا يبقى حجة إن كان مجهولا لما مر } من أنه ح بكون الباقي مجهولا { وعند البعض } الآخر { كما ذكر آنفا إن كان معلوما ويسقط المخصص إن كان مجهولا } لأن المجهول لا يصلح دليلا فلا يعارض الدليل فيبقى حكم العام على ما كان ولا يتعدى جهالة المخصص إليه { لأنه } أي الكلام المخصص { كلام مستقل بخلاف الاستثناء } فإنه بمنزلة وصف قائم بصدر الكلام لا يفيد بدونه شيئا فجهالته توجب جهالة المستثنى منه { وعندنا حجة } لاحتجاج السلف به من غير نكير { إلا أنه تمكن فيه شبهة لما علم أن الكل غير مراد } وما دونه أفراد متعددة متساوية في كون اللفظ العام مجازا فيها من غير رجحان فلا يثبت بعض منها لاستحالة ترجيح من غير مرجح { فيصير } تفريع على ما تقدم { كالعام الذي لم يخص عند الشافعي حتى يخصصه مطلقا } أي سواء كان من الكتاب أومن الحديث { خير الواحد والقياس والفقه فيما ذكر } من أن العام بعد التخصيص يبقى حجة فيه شبهة { هو أن المخصص يشبه الناسخ بصيغته والاستثناء بحكمه لما قلنا فإن كان مجهولا يتردد بين سقوطه فينفسه للشبه الأول وإيجابه الجهالة في العام للشبه الثاني فيدخل الشك في سقوط العام } المعمول به قبل التخصيص بيقين { فلا يسقط به } لأن الثابت بيقين لا يزول بالشك بل يتمكن فيه شبهة تورث زوال اليقين { وإن كان معلوما يتردد بين صحة لتعليل كما هو مذهبنا { لجهة استقلاله } فإن الأصل في النصوص المستقلة التعليل وإنما لم يقل للشبه الأول لأن تمامه بأن يقال والأصل فيما يتردد بين الشبهين أن يوفى خطأ من كل منهما ولا نمشية له ههنا لأن خط شبهه بالناسخ عدم التعليل لا وجوده { وموجبه الجهالة فيما بقي تحت العام وعدمها } كما هو مذهب الجبائي { لجهة عدم استقلاله } كالاستثناء { فيدخل الشك في سقوط العام فلا يسقط به } بل يتمكن فيه ضرب شبهة فالحاصل أن المخصص المجهول باعتبار الصيغة لا يبطل العام وباعتبار الحكم يبطله والمعلوم بالعكس فيقع الشك في الصورتين في بطلانه والشك لا يرفع أصل اليقين بل وصفه ولما استشعران يقال صحة التعليل إذا كان المخصوص معلوما ثابتة عندكم وموجبا الجهالة فيما يبقى تحت العام على ما اعترفتم به فكيف يكون العام المذكور حجة عندكم تداركه بقوله { واحتمال التعليل } وما يورثه من الجهالة قبل التعليل { لا يخرجه من أن يكون حجة لأن ما اقتضى القياس تخصيصه } أن يكون المخصص مما يدرك علته { يخص } فيزول الجهالة ويبقى العام في الباقي حجة { ومالا } أي ألا يقتضي القياس تخصيصه وهذا ينتظم لا ما يدرك علته { فلا } يبطل العام باحتمال التعليل { وبه } أي بما ذكر أن تعليل المخصص صحيح { ظهر الفرق بين التخصيص والنسخ فإن الناسخ لا يصح تعليله } فالعام الذي نسخ الحكم في بعض أفراده لا يثبت النسخ في بعض اخر منها قياسا { لأن القياس لا يسخ النص لأنه دونه فلا يعارضه لكن يخصه لأنه يبين أنه لم يدخل فلا يلزم المعارضة } بقي ههنا قسم آخر لم يتعرض له المص وهو العام الذي خص منه البعض بغير العقل والكلام والظاهر أنه لا يبقى قطعيا لاختلاف العادات وتبدلها بتبدل الأوقات وخفاء الزيادة والنقصان وقصور الحس عن إحاطة تفاصيل الأشياء اللهم إلا أن يعلم القدر المخصوص قطعا { وهنا مسائل من الفروع تناسب ما ذكرنا } من الاستثناء والنسخ والتخصيص { فما يناسب الاستثناء ما إذا باع عبدين إلا هذا بحصة من الألف } هذا مثال للاستثناء { أو باع العبد بثمن واحد } قيد الوحدة للاحتراز عن الخلافية المعروفة وهذا نظير الاستثناء في منع دخول الحر تحت الإيجاب مع أن صدر الكلام تناوله { لا يصح البيع } لم يقبل يبطل البيع لأن في الصورة الأولى فاسد لا باطل { لأن أحدهما لم يدخل في الإيجاب فصار البيع في الآخر بالحصة } أي بتحصته من الثمن المقابل بهما { ابتداء } والبيع بالحصة ابتداء ليس بصحيح للجهالة وإنما قال ابتداء لأن البيع بالحصة بقاء صحيح كما في المسألة التي هي نظير النسخ لأن الجهالة الطارية لا تفسد { ولأن ما ليس بمبيع } وهو العبد المستثنى أو الحر { صار شرط القبول المبيع } والشرط فاسد لأنه مخالف لمقتضى العقد { فيفسد } بيعه { بالشرط الفاسد وما يناسب النسخ ما إذا باع عبدين بألف فمات أحدهما قبل التسليم يبقى العقد في الآخر بحصته من الثمن } وهذا إنما ناسب النسخ من حيث أن البيع انفسخ في الذي مات بعدما انعقد فيه لدخوله تحت الإيجاب وقد مر وجه عدم فساد البيع في العبد الآخر { وما يناسب التخصيص ما إذا باع عبدين بألف على أنه بالخيار في أحدهما سح أن علم محل الخيار وثمنه لأن المبيع بالخيار يدخل في الإيجاب لا الحكم } لأن شرط الخيار يمنع الملك عن الثبوت لا السبب عن الانعقاد { وفصار في السبب كالنسخ وفي الحكم كالاستثناء فإذا جهل أحدهما لا يصح لشبه الاستثناء وإذا علم كلاهما يصح لشبه النسخ ولم يعتبر مناسبة الاستثناء حتى يفسد بالشرط الفاسد بخلاف الحر والعبد إذا بين حصة كل واحد منهما عند أبي حنيفة رح } وهذا إنما ناسب التخصيص الذي يشابه النسخ بصيغته والاستثناء بحكمه من حيث أن العبد الذي فيه الخيار لما كان داخلا في الإيجاب دون الحكم كان رده بشرط الخيار باعتبار الأول تبديلا فشابه النسخ وباعتبار الثاني بيان أنه لم يدخل فشابه الاستثناء ولرعاية الشبهين قلنا أن علم محل الخيار وثمنه يصح البيع وإلا فلا وهذه المسألة على أربعة أوجه لأنه إما أن يكون محل الخيار والثمن كلاهما معلومين كما إذا باع هذا وذلك بألفين كلا منهما بألف صفقة واحدة على أنه بالخيار في ذلك أو كلاهما مجهولين أو محل الخيار معلوما والثمن مجهولا أو بالعكس فرعاية شبه النسخ أعنى كون محل الخيار داخلا في الايجاب يقتضي صحة البيع في الصور كلها لأن غاية ما لزم فيه البيع بالحصة لكنه في البقاء لا في الابتداء فلا بضرور غاية شبه الاستثناء أعني كون محل الخيار غير داخل في الحكم يقتضي فساد البيع في الصور كلها لوجود الشرط الفاسد وهو قبول غير المبيع في الأولى وله مع جهالة الثمن والمبيع في الثانية وله مع جهالة الأولى في الثالثة وله مع جهالة الثاني في الرابعة فلرعاية الشبهين صح البيع في أحديها دون البواقي أعني صح في الأولى رعاية لشبه النسخ ولم يصح في البواقي رعاية لشبه الاستثناء ووجه الاختصاص أن معلومية محل الخيار والثمن رجح جانب الصحبة فيلا يم شبه النسخ المقتضى للصحة وجهالة محل الخيار والثمن يرجح جانب الفساد فيلايم شبه الاستثناء .
পৃষ্ঠা ২৬
فصل { وفي أفاظه وهي أ/ا عام بصيغته ومعناه كالرجال والنساء وأما عام بمعناه } فقط ولا احتمال للعكس { وهذا } أي الثاني { إما أن يتناول المجموع كالرهط والقوم وهو في معنى الجمع أو كل واحد على سبيل الشمول نحو مامن يأتيني فله درهم أو على سبيل البدل نحو من يأتيني أولا فله درهم } فالحكم في الأول مشروط بالاجتماع وفي الثالث بالانفراد وفي الثاني غير مشروط بواحد منها { فالجمع وما في مضاه يطلق على الثلثة } أي يصح إطلاق الجمع المعرف وأسماء الجموع على كل عدد معين من الثلثة { فصاعدا } إلى ما لا نهاية له على معنى أن مفهومه جميع آحاد ما أطلق عليه ثلثة كانت أو أربعة أو ما فوق ذلك لماعرفت أن الدلالة على الاستغراق شرط فيه فإذا كان له ثلثة عبيدا أو عشرة عبيد فقال عبيدي أحرار يعتق الجميع { لأن أقل الجمع ثلاثة } تعليل لتحديد جانب القلة { وعند بعض اثنتان } ولا خلاف في أن مثل الرهط لا يطلق على ما دون الثلاث وذلك معلوم من اللغة { بقوله تعالى { فماكان له أخوة } والمراد مايعم الاثنين وقوله تعالى { فقد صغت قلوبكما } والمراد قلبان إذ ما جعل الله تعالىلرجل من قلبين { ولنا إجماع أهل اللغة على اختلاف صيغ الواحد والتثنية والجمع } أراد الاختلاف في الاسم الظاهر ولذلك لم يقل في غير ضمير المتكلم { وتشريك الاثنين للثلاثة في الإرث } وكذا في الوصية { بدلالةنص أو إشارة } لا بعبارة النص المذكور جواب عن تمسك المخالف أولا وأما الجواب عنه بأنه لا نزاع في الإرث والوصية فليس بصواب لمافيه من تسليم إطلاق صيغة الجمع على الاثنين فيهما { وإطلاق القلوب على الاثنين مجاز } على طريق إطلاق اسم الكل على البعض جواب عن تمسكه ثانيا { ولا متمسك لهم بقوله عليه السلام (( الإثنان فما فوقها جماعة )) إذ ليس النزاع في ج م ع } وما يشتق من ذلك لأنه في اللغة ضم الشيء إلى شيء وهو حاصل في الاثنين بلا خلاف { ولا بنحو فعلنا لأنه صيغة مشتركة بين التثنية والجمع } حيث وضع للمتكلم مع الغير واحدا كان الغير أو أكثر والكلام في الصيغة المخصوصة بالجمع فلا مجال للاحتجاج بأن يقال فعلنا صيغة مخصوصة بالجمع ويقع على الاثنين فعلم أن أقل الجمع اثنان { فيصح تخصيص الجمع } يعنى بالمستقبل تفريع على قوله أن أقل الجمع ثلاثة { وما في معناه } كالرهط والقوم { إلى الثلاثة والمفرد } أي الحقيقي عطف على الجمع { كالرجل وما في معناه } وهو الجمع الذي يراد به الواحد { كالنساء في لا أتزوج النساء إلى الواحد } أي يصح تخصيص المفرد ووما في معناه إلىالواحد { والطائفة كالمفرد } أي بمنزلته فيصح تخصيصها إلى الواحد دل على ذلك حملها ابن عباس رضي الله عنه على الواحد في قوله تعالى { ولولا نفر من كل فرقة منهم طائفة } { ومنها } أي من ألفاظ العموم عطف على ما تقدم من جهة المعنى { الجمع المعرف باللام عند عدم العهد في الخارج وقرينة البعض } عطف على العهد ولا بد من انتقائها أيضا في تمشية الاستدلال على ماستقف عليه ، اعلم أن اللام بالإجماع للتعريف ومعناه الإشارة والتعيين وهي إما إلى نفس المسمى وهي لام الجنس أو إلى حصة منه وهي لام العهد ومثله علم الشخص والأول إما أن يقصد به الماهية من حيث هي هي فيسمى لام الحقيقة ومثله علم الجنس وإماأن يقصد به الماهية من حيث الوجود في ضمن الأفراد وح أما أن توجد قرينة البعضية فيسمى لام العهد الذهني ومثله النكرة في الإثبات أو لا توجد ففي المقام الخطابي يحمل على العموم والاستغراق احتراز عن الترجيح بلا مرجح ومثله لفظ كل مضافا إلى النكرة وفي المقام الاستدلالي يحمل على الأقل لأنه المتيقن فالعهد الذهني والاستغراق والحقيقة من فروع تعريف الجنس فاللام عند التحقيق لتعريف العهد والجنس لا غير إلا أن القوم أخذوا بالحاصل وجعلوا أربعة أقسام توضيحا وتسهيلا ومن ثلث الأقسام ضاما أحد العهدين إلى الآخر لم يكن على بصيرة { لأن المعرف في الجمع ليس هو الماهية } لأن وضع الجمع للأفراد لاللماهية من حيث هي لكن يحمل عليها بطريق المجاز على ما سيأتي { ولا بعض الأفراد لعدم الأولوية فتعين الكل ولتمسكهم بقوله عم الأئمة من قريش } تمسك به أبو بكر رضي الله عنه حين وقع الاختلاف بعد الرسول عليه اسلام وقال الأنصار منا أمير ومنكم أمير ولم ينكره أحد { ولصحة الاستثناء } يعني من أفراد مدلوله { قال مشايخنا هذا الجمع } أي الجمع المعرف باللام { مجاز عن الجنس ويبطل الجمعية فلو حلف } أي قال { والله لا أتزوج النساء يحنث بالواحدة } إلا إذا نوى العموم فيحينئذ لا يحنث أبدا { ويعم الواحد قوله تعالى { إنما الصدقات للفقراء } } لأن معناه جنس الزكاة لجنس الفقير فيجوز الصرف إلى الواحد { ولو أوصى بشيء لزيد وللفقراء نصف بينه وبينهم لقوله تعالى لا يحل لك النساء من بعد } استدلال على أن الجمع المعرف مجاز عن الجنس { ولأنه لما لم يكن هناك معهود وليس للاستغراق لعدم الإمكان } كما في قوله تعالى إنما الصدقات للفقراء إذ لا يمكن صرفها إلى جميع فقراء الدنيا { أو لعدم الفائدة } كما في قوله لا أتزوج النساء لأن اليمين ههنا للمنع وهو إنما يكون عن الممكن وتزوج جميع النساء غير ممكن { يجب حمله على تعريف الجنس فيبقى الجمعية فيه من وجه } أي إذا كان المعرف باللام مجازا عن الجنس لا يبطل معنى الجمعية بالكلية لأن الجنس من حيث أ،ه كلى يدل على الكثرة تضمنا { ولو لم يحمل } أي لو لم يحمل المعرف باللام على ما ذكر { يبطل اللام أصلا } فحمله عليه أولى وهذا معنى قول فخر الإسلام (( لأنا إذا بقيناه جمعا لغا حرف العهد أصلا .. إلخ )) وقد عرفت مما تقدم أن ذلك عند عدم العهد وتعذر الاستغراق حتى لو أمكن يحمل عليه كما في قوله تعالى { لا تدركه الأبصار } فإن علائنا قالوا أنه لسلب العموم لا لعموم السلب فجعلوا اللام للاستغراق { والجمع المعرف بالإضافة نحو عبيدي أحرار عام أيضا لصحة الاستثناء والجمع المكر غير عام عند الأكثر خلافا للبعض لما ذكر كقوله تعالى { لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا } وأجيب بأنه صفة لا استثناء وإلا لنصب } ولذلك حمله النحويون على غير { ومنها للفرد المعرف بالام إذا لم يكن عهد كقوله تعالى { إن الإنسان لفي خسر } إلا الله ، الذين آمنوا ، والسارق والسارقة إلا أن يدل القرينة على أنه لتعريف الماهية نحو الإنسان حيوان ناطق أو للعهد الذهني نحو أكل الخبز وشربت الماء } كذا ذكره المحققون ومبناه على أن الأصل في اللام العهد الخارجي ثم الاستغراق ثم الأخيران { ومنها النكرة في سياق النفي لقوله تعالى { قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى } في رد ما أنزل الله على بشر من شيء } فلو لم يكن مثل هذا الكلام للسلب الكلي لما استقام رده بالإيجاب الجزئي إذا لا يجاب الجزئي لا ينافي السلب الجزئي { ولكلمة التوحيد } اكتفى بما في عبارة التوحيد من الإشارة إلى وجه الاستدلال بها وهو أنه لو لم يكن صدر الكلام نفيا لكل معبود بحق لما كان إثبات الواحد الحق تعالى وتقدس توحيدا وهذا الاستدلال بالإجماع { والنكرة في سياق الشرط الاختياري } لا بد من هذا القيد في تمام التعليل الآتي ذكره { المثبت عام في طرف المقابل } أي النفي { فإن قال إن ضربت رجلا فكذا معناه لا أضرب رجلا لأن اليمين هنا للمنع } بمنزلة قوله والله لا أضرب رجلا وإنما قيد الشرط بالمثبت لأنه إذا كان منفيا كما في قوله { إن لم أضرب رجلا فكذا إلا يكون عاما في طرف المقابل لأنه يمين للحمل فإنه بمنزلة قوله والله لأضربن رجلا فشرط البر ضرب واحد من الرجال فيكون للإيجاب الجزئي فظهر أن عموم النكرة في سياق الشرط ليس إلا عمومها في سياق النفي { وكذا النكرة الموصوفة بصفة عامة } أراد عمومها لأفراد النكرة لا عمومها لها ولغيرها { عندنا نحو لا أجالس إلا رجلا عالما فله أن يجالس كل رجل عالم لقوله تعالى { ولعبد مؤمن خير من مشرك } و{ قول معروف خير من صدقة يتبعها أذى } } فإنا نعلم قطعا بأن الحكم عام لكل عبد مؤمن وكل قول معروف من أن الأول وقع في معرض التعليل للنهي عن نكاح المشركين وهو عام فالمناسب اعتبار العموم في جانب العلة ليلائم عموم الحكم { ولا النسبة إلى المشتق وما في معناه أو إلى الموصوف به تدل على علية المأخذ فيعم الحكم لعموم علته } فإن قولنا لا أجالس إلا عالما أو إلا رجلا عالما عام لعموم العلة والخصوص اللغوي الحاصل بتقييد النكرة لا ينافي عمومها الاصطلاحي والحق أن النكرة في غير سياق النفي قد تعم بحسب اقتضاء المقام إلا أنه يكثر في النكرة الموصوفة بالوصف العام { والنكرة في غير هذه المواضع خاص } لأنها موضوعة للفرد فلا تعم إلا بما يوجب العموم { إلا إذا اقتضى المقام العموم كما في قوله تعالى { علمت نفس } } وقولهم تمرة خير من جرادة وأما النكرة المصدرة بكل فالعموم في صدرها لا في نفسها كالمصدرة بأي { وخاصها مطلق في الإنشاء } تدل على نفس الحقيقة من غير تعرض لأمر زائد { نحو أن تذبحوا بقرة } فإن قلت : أليس الأمر بذبح الواحد من جنس البقر ؟ قلت : نعم ، إلا أن التعرض للوحدة من التاء ، لا من لفظ البقر فلا ينافي إطلاقه { وواحد مبهم عند السامع في الأخبار نحو رأيت رجلا } فتعرضه لقيد الواحدة يفارق قرينة { وإذا أعيدت نكرة كانت غير الأولى وإذا أعيدت معرفة أو باللام أو بالإضافة كانت عينها لأن الأصل في التعريف } سواء كان بالام أو بالإضافة { العهد وكذلك المعرفة } أي إذا أعيدت المعرفة معرفة تكون الثانية عين الأولى وإن أعيدت نكرة كانت غيرها فالمعتبر في جميع الصور رجال المعاد { قال ابن عباس رضي الله عنه } وابن مسعود رضي الله عنه { في قوله تعالى { فإن مع العسر يسرا } لن يغلب عسر يسرين } وهو مرفوع إلى النبي عليه السلام فلا وجه لما قيل والأصح أنه تأكيد { فإن أقر بألف مقيد بصك مرتين يجب ألف وأن أقربه منكر عند شاهدين } لا بد من هذا القيد لأنه لو أقر بألف عند شاهد وألف عند آخر أو بألف عندهما وألف عند القاضي فاللازم واحد اتفاقا ذكره في المحيط { يجب ألفان عند أبي حنيفة رحمه الله } خلافا لهما وإنما لم يعتبر قيد اتحاد المجلس لأن مبناه على التخريج وليس المقام مقام تفصيل ما في المسئلة من القيل والقال ثم إن الأقسام المحتملة أربعة وقد بقي منها صورتان أحديهما أن يقر عند شاهدين بألف منكر ثم بألف مقيد بالصك والأخرى عكس ما ذكر وموجب القاعدة المار ذكرها أن يكون الواجب في الأولى الفا وفي الثانية ألفين ولا رواية في واحدة منهما { ومنها أي وهي نكرة تعم بالصفة } أراد الوصف المعنوي لا النعت النحوي { فإن قال أي عبيدي ضربك فهو حر فضربوه معا } أو على الترتيب { عتقوا } جميعا { وإن قال أي عبيدي ضربته لا يعتق إلا واحد } منهم وهو الأول إن ضربهم على الترتيب وإلا فالخيار إلى المولى ووجه الفرق أن الفعل في الأولىعام لأنه مسند إلى عام وهو ضمير أي وفي الثانية خاص لأنه مسند إلى خاص وهو ضمير المخاطب والراجع فيه إلى أي ضمير المفعول ولا عبرة لأنه فضلة في جنس الفعل وإن كان لا بد منه في نوع منه بخلاف الفاعل فإنه لا بد منه في كل فعل فلا إشكال فيه من جهة النحو ولك أن تقول لا حاجة إلى الفرق من جهة النحو لأن مدار الإيمان على العرف والفرق من جهته واضح لأن الوصف في العرف هو الضرب لا الضاربية والمضروبية وقيل في الفرق أن أي الواحد منكر ففي الأولى إن لم يعتق واحد فيلزم بطلان الكلام وإن عتق واحد دون آخر يلزم الترجيح بلا مرجح فتعين عتق الكل ومعنى الوحدة باق من جهة أن عتق كل معلق يضر به مع قطع النظر عن الغير وفي الثانية بتعيين الواحد باعتبار المخاطب ضربه لأن الكلام لتخيير المخاطب في تعيينه فيحصل الرجحان وثبت الواحد من غير عموم ولا معنى لتخيير الفاعل في الأولى لعدم التعدد في المفعول وفيه نظر { ومنها من في العقلاء } وقد يستعار لغيرهم كما في قوله تعالى { ومنهم من يمشي على بطنه } { استفهامية كانت نحو من في الدار ؟ أو شرطية نحو : من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ، وإن قال من شاء من عبيدي عتقه فهو حر فشاؤا عتقوا وفي من شئت من عبيدي عتقه فأعتقه عدم العموم عند أبي حنيفة رحمه الله } حيث قال له أن يعتقهم إلا واحد أو قال له أن يعتق الكل عملا بكلمة العموم وحملا لمن على البيان { لشيوع استعمال من الداخلة على ذي أبعاض في التبعيض } كما في كل من هذا الخبر ولما اتجه النقض بالمسئلة السابقة تدارك جوابه بالإشارة إلى الفرق بينهما بقوله { فيحمل عليه ما لم يوجد قرينة تؤكد العموم وترجح البيان كما في المسئلة السابقة فإن إضافة المشيئة إلى ما هو من ألفاظ العموم قرينة لإرادته } وأ/ا الفرق بأن التبعيض راجح لتيقنه فيحمل عليه إذا وجد أخذا بالمتيقن وقد وجد في الأول لأن عتق كل واحد معلق بمشيئة من قطع النظر عن الآخر فكل واحد بهذا الاعتبار بعض دون الثاني لأن المخاطب إذا شاء الكل فمشية الكل مجتمعة فيه فليس بشيء إما أولا فلأن المتيقن هو البعضية الشاملة الما في ضمن الكلية وماهو مدلول من البعضية المجردة المنافية للكلية على ما حققناه في بعض تعليقاتنا وأما ثانيا فلأن المراد قد يكون الكل المجموعي فلا يحتمل التبعيض فأين التيقن وأما ثالثا : فلعدم تمشية التعليل الذي ذكره بقوله لأن المخاطب فيما إذا شاء الكل على التفريق والترتيب ، وأما رابعا فلأنه تمسك بالانفراد في التعليق الأول وبالاجتماع في الوقوع في الثاني فاتجه المطالبة بالوجه الفارق وهو غير ظاهر { وإذا كانت موصولة أو موصوفة قد يخص كما في قوله تعالى { ومنهم من يستمعون إليك ومنهم من ينظر إليك } } فإن المراد بعض مخصوص من المنافقين { ومنها ما } ولا اختصاص له للعقلاء عند الجمهور وله اختصاص لغير العقلاء عند البعض إلا أنه قد يستعار لمن { فإن قال إن كان ما في بطنك غلاما فأنت حرة فولدت غلاما وجارية لم تعتق } هذا إذا أنكر التعليق على وجود الغلام في بطنها وأما إذا اعترف به فتعتق وإذا تعذر البيان من جهته كما إذا مات قبل الولادة لا تعتق { عملا بالعموم وإن قال طلقي نفسك من ثلاث ما شئت تطلق ما دونا عنده } وعنهما ثلاثا وقد مر وجههما { ومنها كل وجميع وهما محكمان في عموم ما دخلا عليه } أي لا يحتملان أن يقعا خاصين { بخلاف سائر أدوات العموم } على منا سبق عبارة ودلالة { فإن أضيف كل النكرة فلعموم أرادها وإن أضيف إلى المعرفة فلعموم أجزائها إلا إذا وجد قرينة صارفة عنه } كما في الحديث ذي اليدين وقول الشاعر كله لم أصنع فإن كلمة فيها لعموم الأفراد { قالوا عمومه } يعني إذا أضيف إلى النكرة { على سبيل الانفراد فإن قال كل من دخل هذا الحصن أولا فله كذا فدخل عشرة معا يستحق النفل كل واحد } إذ في كل فرد قطع النظر عن غيره { فكل منها } أي من العشرة { أول بالنسبة إلى المتخلف } المقدر دخوله بعد الفتح { بخلاف من دخل } فإنه ح لا استحقاق لا في الكل ولا في كل واحد منهم وأما الفرق بأن من دخل أولا عام على سبيل البدل فإذا أضيف إليه الكل اقتضى عموما آخر لئلا يلغوا فيقتضى العموم في الأول فيتعد الأول فيتجه عليه منع لزوم اللغو ح لأن فيالكل فائدة سد باب التخصيص لما مر أنه محكم في العموم دون من { وجميع عمومه على سبيل الاجتماع فإن قال جميع من دخل هذا الحصن أولا فله كذا فدخل عشرة فلهم نفل واحد وإن دخلوا فرادى يستحق الأول بدلالة النص } لأن هذا أولى بالاستحقاق ، لأن الجلادة في ذلك أقوى ونما لم يقل فيصير مستعار لكل إذ ح يلزم الجمع بين الحقيقة والمجاز لأن في حال التكلم لا بد من إرادتهما .
পৃষ্ঠা ৩৪
{ مسألة حكاية الفعل لا تعم لأن الفعل المحكي واقع على صفة معينية نحو صلىالنبي عم في الكعبة فيكون } أي الفعل المحكي { في معنى المشترك فيتأمل فإن ترجح بعض المعاني فذاك وإلا فالحكم في البعض يثبت بفعله } عليه السلام { وفي الباقي بالدلالة أو بالقياس } قال في شرح الوجيز في فقه الشافعي الصلاة في جوف الكعبة صحيحة فريضة كانت أو نافلة خلا لمالك وأحمد في الفريضة { ونحو قضى بالشفعة للجار ليس من هذا القبيل لأنه نقل الحديث بالمعنى } جواب سؤال تقريره إا لم تعم حكاية الفعل لا يصح الاستدلال بما روى أنه عليها السلام قضى بالشفعة للجار على ثبوت الشفعة للجار الذي ليس بشريك وتقرير الجواب ظاهر إلا أنه لا يخ عن تعسف لأن عبارة قضى صريحة في الحكاية { والجار عام } يعني أنه واه على العموم والظاهر من حال الصحابي العدل العارف باللغة أنه لا يروي بعموم إلا بعد علمه بتحققه فهو من تتمة الجواب المذكور ولا يصح أن يكون جوابا بفعل المحكي .
পৃষ্ঠা ৩৫
{ مسألة اللفظ الوارد بعد سؤال أو حادثة المتعلق به أو بها أما أن لا يكون مستقلا } أي لا يكون مفيدابدون اعتبار السؤال أو الحادثة { نحو ليس لي عليك كذا فيقول بلى أو كان لي عليك كذا فيقول نعم أو يكون مستقلا يخرج مخرج الجواب قطعا نحو سهى فسجد وزنى ماعز فرجم أو ظاهرا مع احتمال الابتداء نحو تعال تغد معي فقال إن تغديت فكذا من غير زيادة وبالعكس أي يكون ظاهر الابتداء مع احتمال الجواب } اتفاقا { وفي الرابع يحمل على الابتداء عندنا حملا للزيادة فلى الإفادة ولو قال عنيت الجواب صدق ديانة } لا قضاء لما فيه من التخفيف { وعند بعض الشافعية } قال في الوجيز خصوص السبب لا يخصص العام وفي شرحه خلافا للمزني وأبي ثور { يحمل على الجواب وهذا ما قيل أن العبرة لعموم الفظ لا لخصوص السبب عندنا لأن التمسك باللفظ } وهو عام وخصوص السبب لا ينافيه ولا يقتضي الاقتصار عليه { ولأن الصحابة رضوان الله عليهم ومن بعدهم تمسكوا بالعمومات الواردة في سؤال مخصوص وحوادث خاصة } قوله عليه السلام (( خلق الماء طهورا )) الحديث ورد جوابا للسؤال عن بئر ، بضاعة وإيتاء الظهار واللعان نزلتا في امرأتين .
فصل :
পৃষ্ঠা ৩৬
{ حكم المطلق أن يجري على إطلاق كما أن المقيد يجري على تقييده فإذا وردا } لبيان الحكم { فإن اختلف الحكم لا يحمل المطلق على المقيد إلا إذا كان } أي المقيد موجبا { لتقييده } أي تقييد المطلق بإيجاب ذلك القيد إن كان موجبا وبنفيه إن كان منفيا بالذات { كما في أعتق رقبة ولا تعتق رقبة كافرة أو بالواسطة كما في أعتق عنى رقبة ولا تملكني رقبة كافرة } فإن نفى تمليك الكافرة يستلزم نفي إعتاقها عنه وهذا يوجب تقييد إيجاب الاعتاق عنه بالمؤمنة { وإن اتحد مثبتا فإن اختلف الحادثة ككفارة اليمين وكفارة القتل لا يحمل عندنا خلافا للشافعي } وإنما قال مثبتا لأنه إذا كان منفيا ينقلب المطلق عاما فيخرج عن المبحث { وبعضهم } أي الشافعية { شرطوا اقتضاء القياس إياه } أي قالوا إن اقتضى القياس الحمل يحمل وإلا فلا لهم { إن القيد زيادة وصف يجري مجرى الشرط فيوجب النفي في المنصوص وفي نظيره كالكفارات فإنها جنس واحد } وتفصيله أن التقييد بالوصف كالتخصيص بالشرط وهو يوجب نفي الحكم عما عداه عند الشافعية وذلك الحكم لما كان مدلول النص المقيد كان حكما شرعيا فيثبت الحم في المنصوص وفي نظيره بطريق القياس { وإن اتحدت } أي الحادثة كصدقة الفطر مثلا فإن كان الإطلاق والتقييد في السبب ونحوه كما في ادوا عن كل حر وعبد وأدوا عن كل حر وعبد من المسلمين } فإن الرأس سبب لوجوب صدقة الفطر وقد ذكرت في أحد النصين مطلقة وفي الآخر مقيدة { لا يحمل عندنا بل يجب العمل بكل منهما إذ لا تنافي فيالأسباب } فيجوز أن يكون كل منهما سببا ويحمل عند له { أم المطلق ساكت عن ذكر قيده } لأنه غير متعرض للصفات { والمقيد ناطق به فكان أولى لأن السكوت عدم { قلنا لا يصار إلى الترجيح إلا عند التعارض ولا تعارض إلا في اتحاد السبب والحكم } وليس في هذا الجواب قول بالموجب كما توهم { وإن كانا } أي الإطلاق والتقييد { في الحكم كما نفى حديث الأعرابي صم شهرين وفي رواية أخرى صم شهرين متتابعين يحمل بالاتفاق لامتناع الجمع بينهما } وما قراءة العامة فصيام ثلاثة أيام وقراءة ابن مسعود ثلاثة أيام متتابعات فلا يصلح مثالا للحمل بالاتفاق لأن الشافعي لا يقول بالعمل بالقراءة الغير المتواترة ولو كانت مشهورة { ولنا قوله تعالى { لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم } } فإن فيه دلالة على أن المطلق يجري على إطلاقه ولا يحمل على المقيد ما دام عنه مندوحة لأن فيه تغليظا ومسادة وقد نهى بالنص المذكور عما يوجبه { وقال ابن عباس رضي الله عنه أبهموا ما أبهم الله } أي اتركوه على إبهامه والمطلق مبهم بالنسبةإلى المقيد فلا يحمل عليه { وعامة الصحابة رضي الله عنهم لم يعتبروا قيد الدخول الوارد في الربائب في أمهات النساء } قال عمر رضي الله عنه أم المرأة مبهمة في كتاب الله تعالى أي حال تحريمها عن قيد الدخول الثابت في الربائب فأبهموها أي اتركوها على حالها وعليه انعقد الإجماع وفي التفريع المذكور في قوله فأبهموها دلالة على أن العلة لما ذكر إطلاق المطلق فالحكم عام وإن كان السبب خاصا { ولإن إعمال الدليلين } واجب ما أمكن فيعمل بكل واحد فيه لما فرغ عن نفي مذهب من قال بالحمل مطلقا شرع في نفي مذهب من قال به قوله تعالى في كفارة القتل { فتحرير رقبة مؤمنة } مثلا يدل على إجزاء المؤمنة ولا دلالة فيه على الكافرة أصلا والأصل عدم إجزاء التحرير عن الكفارة وقد ثبت إجزاء المؤمنة بالنص فبقي إجزاء الكافرة على العدم الأصلي فلا يكون حكما شرعيا ولما استشعر أن يقول الخصم نحن نعدي القيد وهو حكم العدم قصد أو مثل هذا يجوز في القياس تداركه بقوله { والقيد } كقيد الإيمان في المثال المذكور { إنما يدل على الإثبات } أي إثبات الحكم وهو الاجزاء في مثالنا { في المقيد } وهو تحرير رقة مقيدة بالإيمان فيه { ولا دلالة فيه على النفي } أي على نفي الحكم { في غيره فتعديته عين تعدية العدم وإن كانت غيرها } أي إن سلم أن تعديته تغاير تعدية العدم مفهوما { فهي قصدا } أي تعديةالعدم مقصودة فيما ذكر { فيه إبطال لحكم شرعي } وهو إجزاء غير المقيد كالرقبة الكافرة المطلق حكمه أن يجري على إطلاقه فيدل على وجوبه سواء كان في ضمن المقيد فيه جنسه } لكونه فايتا جنسا من المنفعة { فليس في تقييد المطلق } جواب عما ذكر في المحصول وهو أنكم قيدتم المطلق في هذه المسئلة وتقرير الجواب أن المطلق ينصرف إلى الكامل فيما يطلق عليه كالماء فإنه ينصرف عن ماء الورد إلى المعهود { وقيد الأسامة زيادة على قوله عليه السلام في خمس من الإبل زكاة إنما يثبت بقوله عليه السلام ليس في العوامل والحوامل والعلوفة صدقة لا بقوله عليه السلام في خمس من الإبل السايمة زكاة } حتى يلزمحمل المطلق على المقيد مع كون الإطلاق والتقييد في السبب فيكونمخالفا لما تقدم { وقيد العدالة زيادة على قوله تعالى واشهدوا إذا تبايعتم إنما يثبت بقوله تعالى { إن جاءكم فاسق بنبأ } الآية لا بقوله تعلى { وأشهدوا ذوي عدل منكم } } حتى يلزم حمل المطلق على المقيد مع الاختلاف في الحادثة فيكون مخالفا لما تقدم { وأيضالا يقاس مع وجود النص } فإن شرط القياس أن لا يكون في المقيس نص دال على الحكم المعدى لا ثبوتا ولا نفيا { والعام لا يخص بالقياس ابتداء حتى يقاس عليه } أي على تخصيصه بالقياس { تقييد المطلق بالقياس ابتداء على أن التقييد } أي تقييد المطلق { نسخ } بحكم الإطلاق { والتخصيص } أي تخصيص العام { بيان لعدم دخول المخصوص تحت حكم العام فأين هذا من ذلك } جواب عما ذكر في المحصو وهو أن العام يخص بالقياس باتفاق بيننا وبينكم فيجب أن يقيد المطلق بالمقيد بالقياس عندكم أيضا لأن دلالة العام على الأفراد لكونها قصدية فوق دلالة المطلق عليها لكونها ضمنية وتقرير الجواب أنالعام لا يخص عندنا بالقياس مطلقا بل إنما يخص إذا خض أولا بدليل قطعي والخلاف في مسئلتنا هذه في تقييد المطلق ابتداء بالقياس { وقد قال الفرق بين الكفارتين } يعني فيما نحن فيه من تقييد كفارة اليمين بالقياس على كفارة القتل مانع آخر { فإن القتل من أعظم الكبائر } فيجوز أن يشترط فيه الإيمان ولا يشترط فيهما دونه بناء على أن تغلي الكفارة يكون بقدر غلظ الجناية .
فصل :
পৃষ্ঠা ৪০
{ حكم المشترك التأمل } أطلق التأمل ليشمل التأمين في الخارج من الأدلة والإمارة { حتى يترجح أحد معنييه أو معانيه } ولما استشعر أن يقال لم لا يجوز أن يحمل على كل واحد من المعنيين من غير تأمل فيما يحصل به ترجح أحدهما على الآخر تداركه بإيراد مسئلة امتناع استعمال المشترك في معننيه فقال { ولا يحمل في استعمال واحد على أكثر من معنى واحد لا حقيقة لأنه لم يوضع للمجموع } لا لأنه يلزم ح أن يكون حقيقة في أحدهما منفردا عن الآخر لأنه يجوز أن يكون موضوعالكل واحد منهما منفردا عن الآخر أيضا بل لأنه ح يكون استعماله فيه على أنه معنى واحد من معاينه فلا يوجد الحمل على معنى واحد هو أن يحمل على كل واحد من المعنيين على أنه المقصود أصالة لا على أنه المقصود أصالة لا على أنه جزؤه فلا تأثير للوضع للمجموع وعدمه فيما ذكر { ولا مجاز الاستلزامه الجمع بين الحقيقة والمجاز } لا لأنه لو أرد به المجموع مجازا وكل واحد من المعنيينمراد حقيقة فيلزم المحذور المذكور لأن المقدمة الثانية في معرض المنع بل لأن استعماله في المعنيين مجاز وكل منهما مراد باللفظ ومناط للحكم لا يتصور الإبان يكون بينهما علاقة ويراد أحدهما على أنه نفس الموضوع له والآخر على أنه يناسب الموضوع له بعلاقة وهل هذا إلا جمع بين الحقيقة والمجاز { ولا متمسك للمخالف في قوله تعالى { إن الله وملائكته يصلون } الآية } بناء على أن الصلاة من الله تعالى الرحمة ومن الملائكة الاستغفار لا لأن الفعل متعدد الضمائر لا لأنه أيضا غير جائز عندنا لأن الكلام في رد الاحتجاج بما ذكر على محل الخلاف المعهود بل لأن ذلك التعدد بحسب المعنى لا بحسب اللفظ فلا يخرج عن المبحث { بل لجواز أن يكون المعنى واحدا حقيقيا كالدعاء } أنه تعالى يدعو ذاته والملائكة بإيصلا الخير وذلك في حقه تعالى بالمغفرة وفي حق الملائكة بالاستغفار { أو مجازيا كإرادة الخير } ولا بأس في اختلاف هذا المعنى باختلاف الموصوف إذ لا يلزم به أن يكون من باب الاشتراك { وضعا } وهذا القد يكفي في الجواب ومن تعدى عنه وتصدى للاستدلال على عدم الاشتراك قائلا لأن سياق الآية لا يجاب اقتداء المسلمين بالله تعالى وملائكته في الصلاة على النبي عليه السلام ولا بد من اتحاد معنى الصلاة فيالجميع لأنه لو قيل إذ الله تعالى يرحم النبي عليه السلام والملائكة يستغفرون له يا أيها الذين أمنوا ادعوا له لكان هذا الكلام في غاية الركاكة فلا بد من اتحاد معنى الصلاة حقيقيا كان أو مجازيا فقد ارتكب شططا بل ركب غلطا لأن ما توهمه من الركاكة إنما يلزم إذا لم يكن هناك أمر مشترك هو المقصود بالإيجاب للقطع بعدم الركاكة في مثل قولنا أن السلطان قد التفت إلى زيد والأمير قد خلق عليه فعظموه أيها الرعايا ولا متمسك لهم أيضا في قوله تعالى { ألم تر أن الله يسجد له من في السموات والأرض } الآية بناء على أن المراد من السجود المنسوب إلى غير العقلاء الانقياد لتعذر السجود المعهود في حقه ومن المنسوب إليهم ما هو المعهود دون الانقياد لأنه شامل للكل غير مخصوص بالأكثر لأن كل من التعليلين في معرض المنع أما الأول فلأن حقيقة السجود على ما نص عليه في المجمل وضع الرأس فلا تعذر في نسبته إلى غير العقلاء ولا حاجة إلى إثبات حقيقة الرأس في الكل لأن التغليب شائع سائغ وأما الثاني فلأن الكفار لا سيما المتكبرين منهم لاحظ لهم من الانقياد لأن المراد منه الإطاعة بما ورد في حقه من الأمر تكليفا كان أو تكوينيا على وجه ورديه الأمر، وتقدير فعل آخر في مثل هذا المقام من ضيق الطعن كما لا يخفى على أرباب الفظن .
পৃষ্ঠা ৪২
{ التقسيم الثاني باعتبار استعمال اللفظ } مفردا كان أو مركبا { في المعنى فإن استعمل } استعمالا صحيحا { فيما وضع له } أراد بالوضع أي نوع من الحقيقة منسوبة إلى ذلك الوضع فإن كان لغويا فلغوية وإن كان شرعيا فشرعية وكذا الحال في المجاز وقد يجتمعان ويكون الامتياز بالحيثية { وإن استعمل فيما لم يوضع له } لم يقل في غيره لأن المشترك أيضا مستعمل في غير ما وضع له { فمجاز } وشرط صحة الاستعمال في التقسيم احترازا عن الغلط اقتضى في المجاز وجود العلاقة بين معناه ومعنى الحقيقي وفي المرتجل الوضع قبل الاستعمال { والمنقول وهو ما هجر فيه المعنى الحقيقي لغلبته في المعنى المجازي حيث يفهم بلا قرينة مع وجود العلاقة بينه وبين الحقيق وينسب إلى الناقل } فيقال منقول شرعي عرفي واصطلاحي { حقيقة في المعنى ومجاز في الأول من جهة الوضع الثاني } من هنا ظهر أن المجاز ينقلب حقيقة بغلبة الاستعمال والحقيقة تنزل منزلة المجاز حتى لا يثبت معناها إلا بالنية أو دلالة القرينة بغلبته وإن لم يكن مجازا { وبالعكس من جهة الوضع الأول } كالصلاة حقيقة في الدعاء ومجاز في الأركان المخصوصة لغتا وبالعكس شرعا { هذا إذا لم يكن الثاني من أفراد الأول وإن كان منها كالدابة } المنقولة { لذي الأربع خاصة } فإنها في الأصل لما يدب على الأرض { فحقيقة من جهة الوضع الأول مجاز من جهة الثاني إن كان أطلاقه عليه } أي على ما هو من أفراد الأول { باعتبار أنه منها } أي من أفارده { وبالعكس إن كان باعتبار أنه من أفراد الثاني فإطلاق لفظ الدابة في الفرس مثلا بحسب اللغة حقيقة باعتبار ومجازيا باعتبار وكذا بحسب العرف } لأنه إن كان من حيث أنه من أفراد ما يدب على الأرض فحقيقة لغة ومجاز عرفا وإن كان من حيث أنه من أفراد ذوات الأربع وبالعكس لأنه لم يوضع في اللغة للمقيد بخصوصه ولا في العرف للمطلق بإطلاقه { فليس اعتبار الأول فيه لصحة الإطلاق } تفريع على ما تقدم يعني لما كان المنقول ما هجر فيه المعنى الحقيقي لم يكن اعتبار المعنى الأول فيه لصحة إطلاقه على المعنى الثاني { كما في المجاز } فإن اعتبار الأول أي المعنى الحقيقي فيه لصحة إطلاقه على الثاني أي المعنى المجازي { بل الترجيح اللفظ } المنقول { والمعنى } المنقول إليه { على سائر الألفاظ والمعاني ولهذا } أي لعدم كون اعتبار المعنى الأول لصحة الإطلاق لا يطلق المنقول على كل ما يوجد فيه المعنى الأول وهذا معنى قوله { فلا يطلق الدابة } في العرف { على كل ما يوجد فيه الدبيب والصلاة } في الشرع { على كل دعاء كما يطلق الأسد على كل من يوجد فيه الشجاعة } ثم أنه ظهر من البيان السابق أن الوضع قد لا يعتبر فيه المناسبة بين اللفظ والمعنى كالجدار والحجر وقد يعتبر إطلاقه حقيقة على كل ما يوجد في تلك المناسبة ولهذا لا يجري القياس في المعناي اللغوية { والمرتجل وهو ما وضعه واضع آخر لمعنى غير } المعنى { الأول } إنما قال واضع آخر ليخرج المشترك فإن الوضعين فيه لواضع واحد { ولا مناسبة بينهما } فخرج المنقول { يكون حقيقة بد الاستعمال } إنما قيد به لأنه شرط في الحقيقة دون المرتجل فمن جعله مقابلا لها اعتبارا للوضع الأول في التقسيم لم يصب إذ ح لزم خروج المشترك عن حد الحقيقة إذ لم يثبت إن وضعه معا { ثم إن اللفظ المستعمل } قيد به إخراجا لمرتجل لم يستعمل بعد { حقيقة كان أو مجازا إن كان في نفسه بحيث لا يستتر منه المراد فصريح وإلا فكناية فالحقيقة التي لم تغلب صريح والتي غلبت } سواء كانت مهجورة بالكلية أو لا { كناية والمجاز إن غلب فصريح وإلا فكناية } هذا عند علماء الأصول { وعند علماء البيان الكناية لفظ استعمل فيما وضع له لا لأنه مقصود بل للانتقال منه إلى ملزومه } فهو مناط الحكم ومرجع الصدق والكذب { كطويل النجاد } فإن القصد به إلى طول القامة لا إلى طول النجاد إلا أنه لا يصح كناية إلا إذا كان له نجاد وطويل لأن شرط الكناية وهو الاستعمال في الموضوع له لا يتحقق بدونه { فهي لا ينافي إرادة الموضوع له } ضرورة أنها مستعملة فيه وهو مقصود منها في الجملة { بخلاف المجاز } لأن المقصود منه أولا وبالذات غير ما وضع له فينافي إرادة الموضوع له { ثم كل من الحقيقة والمجاز إما مفرد وقد مر مثالهما } لم يقل تعريفهما لأن ما مر من التعريفين مشترك بين المفر والجملة { أو جملة والأول من هذا القسم ظاهر وأما الثاني فكقوله أراك تقدم رجل وتؤخر أخرى ولا اختصاص له } بالاستعارة التمثيلية فإن المجاز المتفرع على الكناية كقوله تعالى { بل يداه مبسوطتان } وعامة الإخبارات المستعملة في الإنشاء وكل ما استعمل من أقسام الطلب في الآخر من هذا القسم { ثم إن الجملة حقيقة كانت أو مجازا بحسب الوضع ينقسم إلى مجاز عقلي وهي ما ناسب فيه الفعل إلى غير فاعله لملابسة بينه وبين الفعل كقول الموحد أنبت الربيع البقل وحقيقة عقلية إن لم يكن كذلك فيدخل فيها قول الكاذب معتقدا كان به كقول الدهري أنبت الربيع البقل أو غير معتقد كقول من قال جاء زيد وهو عالم بأنه لم يجئ } بخلاف ما إذا قيل في الحقيقة العقلية ما نسب فيه الفعل إلى فاعله عند المتكلم فإنه ح لا يدخل فيها ثاني قسمي قول الكاذب لأن المتبادر من عبارة عند فلان هو أن يكون معتقدا به بل نقول إنها كالعلم فيه وزيادة بسط في الكلام لتحقيق هذا المقام موضعه فن آخر وقد استوفينا حقه في بعض تعليقاتنا .
فصل :
পৃষ্ঠা ৪৪
لما كان مبنى المجاز على العلاقة أورد هذا الفصل لبيانها { وإذا أردت بلفظ غير ما وضع له فالمعنى الحقيقي إن حصل له بالفعل قبل زمان اعتبار الحكم } وهو زمان وقوع النسبة في الخبر وقس عليه حال الإنشاء { فمجاز باعتبار ما كان أو بعده فمجاز باعتبار ما يؤل } لا بد من اعتبار الحصول بالفعل فيه أيضا فرقا بينه وبين المجاز بالقوة والاكتفاء فيه بتوهم الحصول بناء على عدم اعتبار المجاز بالقوة فسما آخر { أو بالقوة فمجاز بالقوة كالمكر لخمرار يقت } وكالخمر العصير أريق { وإن لم يحصل له أصلا } أي لا بالفعل ولا بالقوة { فلا بد من علاقة } بين المعنى الحقيقي والمجازي لم يقل من ملازمة لأنها غير لازمة بل المناسبة أيضا غير لازمة لذلك يطلق أحد الضدين على الآخر مجازا { بل ينتقل الذهن في الجملة من الوضعي إليه وهي } أي تلك العلاقة { إما ذهنية محضة } بأن لا يكون بنهما تعلق ومناسبة إلا في اعتبار الذهن { كما في إطلاق البصير على الأعمى } هذا إذا لم يقصد به الاستعارة التمليحية أو التهكمية وأما قصد المشاكلة فلا ينافيه لأنها من قسم المجاز المرسل وكذا التفائل وهذا ظاهر { أو خارجية وح أما أن يكون أحدهما جزء الآخر كما في إطلاق اسم الكل على الجزء كالجمع للواحد أو بالعكس كالرقة للعبد أولا } أي لا يكون واحد منهما جزء الآخر وح { أما أن لا يكون المجازي صفة للحقيقي فالعلاقة إما المحلية كما في إطلاق اسم المحل على الحال أو بالعكس وإطلاق الغائط على قضاء الحاجة من القسم الأول } غايته أن المحلية باعتبار العادة فإنه لما كان المعهود المتعارف قضاء الحاجة في المكان المطمئن حصل بينهما علاقة عرفية فينا ، وعلى هذا ينتقل الذهن من الغائط إلى قضاء الحاجة { وأما السببية كما في إطلاق اسم البب على المسبب نحو رعينا الغيث أي النبت والعكس كقوله تعالى { وينزل لكم من السماء رزقا لكم } أي مطرا وأما الشرطية كما في إطلاق اسم الشرط على المشروط كقوله تعالى وما كان الله ليضيع إيمانكم أي صلواتكم وبالعكس كإطلاق العلم على المعلوم أو يكون صفته وهو الاستعارة وشرطها أن يكون الوصف بينا كأسد يراد به لازمه وهو الشجاع فيطلق على زيد باعتبار أنه شجاع } ولما كان مبنى هذا الإطلاق على علاقة المشابهة بين زيد والأسد امتاز الاستعارة عن المجاز المرسل فتأمل { وإذا عرفت هذا أن مبنى المجاز على إطلاق اسم المزوم على الازم والملزوم أصل والازم فرع فإذا تحقق جهة الأصالة في الطرفين بالاعتبارين يجري المجاز من الطرفين كالعلة مع المعلول الذي هو علة غائية لها } لم يقل هنا كالسبب مع المسبب لأن منه ما هو سبب محض ليس في معنى العلة فلا يطلق المسبب عليه مجازا كما سيجيء { وكالجزء مع الكل فإن الجزء تبع للكل } في الحصول من اللفظ بمعنى أنه إنما يفهم من اسم الكل بواسطة إن فهم الكل موقوف على فهمه { والكل محتاج إليه } فتحقق جهة الأصالة في الجملة في كل منهما بالنسبة إلى الآخر إلا أن اطلاق اسم النكل على الجزء مطرد وعكسه غير مطرد حيث لا تطلق الرجل والقدم على الإنسان وأما بيان الضابط بأنه يجز في صورة يستتبع الجزء الكل كالرقة والرأس مثلا فإن الإنسان لا يوجد بدود واحد منهما ولا يجوز في صورة لا يستتبع الجزء الكل فمنقوض باليد فإنها من قبيل الثاني مع أنه يجوز إطلاقها على الكل كيف وقد وقع في قوله تعالى تبت يدا أبي لهم { وكالمحل } فإن فيه جهة أصالة لحاجة العكس موقوف عليه { كالماء والكوز } والمراد من الحلول ما يعم أنواع الحصول فيه { والاختصاص لاعتبار العلاقات المجازية المذكورة باللغة بل يوجد في الأسماء الشرعية أيضا كالاتصال في معنى المشروع كيف شرع } عبريه عن علاقة المشابهة لأنها اتفاق في الكيفية والصورة { يصلح علاقة للاستعارة } أي ينظر في التصرفات المشروعة كالبيع والإجارة وغيرهما أن هذه التصرفات على أي وجه شرع فالبيع عقد شرع لتمليك المال بالمال والإجارة لتمليك المنفعة بالمال فإذا حصل اشتراك التصرفين في هذا المعنى يصح استعارة أحدهما للآخر وكما يشترط الاستعارة في غير الشرعية اللزوم البين للتصرفات الشرعيةهو المعنى الخارج عن مفهومها الصادق عليها الذي يلزم في الجملة من تصورها تصوره { كالوصية والإرث } فإن كلا منهما استخلاف بعد الموت إذا حصل الفراغ من جوائج الميت كالتجهيز والدين { وكالسببية } عطف على قوله كالاتصال { كالنكاح ينعقد باللفظ الهبة لمالك الرقبة } أي لعقد وضعه لأجل ملك الرقبة { والنكاح لملك المتعة } أي لعقد وضعه لملك المتعة { ولذلك } أي ملك المتعة { سبب لهذا } أي لملك المتعة لأطلق ما وضع لا يتربت عليه السبب وهو عقد الهبة على ما يترتب عليه المسبب وهو عقد النكاح وهذا هو المراد من علاقة السببية ههنا { وهذا } أي انعقاد النكاح يلفظ الهبة { عند الشافعي من خواص النبي عليه السلام لقوله تعالى { خالصة لك } } وجه الاحتجاج أن اللفظ تابع للمعنى وقد خص النبي عليه السلام بالمعنى فيخص باللففظ فالجواب بأن الخلوص ليس في اللفظ بل في الحكم وهو عدم وجوب المهر أو عدم حل نكاحها للغير خارج عن سنن الصواب { قلنا دلالته على الانعقاد } أي انعقاد النكاح { بلا عوض بلفظ الهبة مخصوص به عم ولا نزاع فيه } إنما الكلام في انعقاد النكاح بعوض باللفظ المذكور في حق الأمة والنص ساكت عنه فبقي دليلنا سالما عن المعارض { ثم إنه قال لا ينعقد } أي النكاح { إلا بلفظ النكاح والتزويج لأنه عقد شرع لمصالح لا تحصى } كالنسب وعدم انقطاع النسل والاجتناب عن السفاح وتحصيل إلا حصان والائتلاف بينهما واستمداد كل منهما في المعيشة بالآخر إلى غير ذلك مما يطول تعداده { وغير هذين اللفظين قاصر عن الدلالة عليها } أي على المصالح المذكورة { وغير هذين اللفظين قاصر عن الدلالة عليها } أي على المصالح المذكورة { قلنا هي } أي تلك المصالح { ثمرات وفروع وإنما بني النكاح للملك له عليها } أي للزوج على الزوجة { ولذلك } أي ولكون وضع النكاح لملكه عليها لا للمصالح المشتركة { بينهما لزم المهر عليها عوضا عن ملك النكاح وكان الطلاق بيده خاصة } فإنه لو كان وضعه لأمر مشترك بينهما لما وجب المهر عليه ولما اختص الطلاق بجانبه { إذا صح بلفظ لا يدل على الملك لغتا } يعني لفظ النكاح والتزويج { فأولى أن يصح بلفظ يدل عليه } ولما استشعر أن يقال إذا لم يكن في لفظ النكاح والتزويج دلالة على الملك لغة ينبغي أن لا يصح النكاح بهما تداركه بقوله { وإنما يصح بهما لأن الشرع نقلهما إلى هذا العقد } فصارا بمنزلة العلمين له { والواجب في المنقول الشرعي رعاية المعنى اللغوي لا الاقتصار عليه } حتى لا يصح اعتبار الدلالة على الملك في معناه الشرعي { وكذا } أي كانعقاده بلفظ الهبة ينعقد بلفظ البيع لما ذكر } من علاقة السببية على الوجه المشروح فيما تقدم { وإنما لم يصح العكس } أي لم يثبت الهبة ولا البيع بلفظ النكاح { بطريق إطلاق اسم المسبب على السبب لأن ذلك } أي صحة إطلاق اسم المسبب على السبب { عندما شرع السبب للمسبب } أي يكون الغاية لشرعية السبب ذلك المسبب { كالبيع للملك } فإن غاية شرعية البيع الملك { فإن قال } تفريع وتمثيل لما ذكر { إن ملكت عبدا فهو حر أو قال إن اشتريت فشراه متفرقا بحيث لم يجتمع الكل في ملكه بأن اشترى نصفه ثم باعه ثم اشترى النصف الآخر يعتق في الثاني } لأنه يقال عرفا أنه مشتري العبد { دون الأول } لأنه لا يوصف بملك العبد لغة ولا عرف ههنا { إلا إذا عنى بأحدهما الآخر فيقبل ديانة فيهما فينعكس الحكم } أي يعتق في الأول دون الثاني { وقضاء اسم المسبب على السبب الذي شرع له صدق ديانة وقضاء لأنه عنى ما فيه غلظه وإن عنى في الصورة الثانية بالشراء الملك بطريق إطلاق اسم السبب على المسبب صدق ديانة لا قضاء لأنه أراد تخفيفا { أما إذا كان سببا محضيا } أي لا يكون مشروعا لمسببه كملك الرقبة فإن شرعيته ليست لملك المتعة وذلك يتحقق الأول بدون الثاني في العبد والأخت من الرضاع { فلا ينعكس } أي لا يصح اطلاق اسم المسبب { على ما قلنا } أي على موجب ما قدمنا من أنه إذا حقق جهة الأصالة من الطرفين بالاعتبارين يجري المجاز منهما إلى آخره فإنه قد ظهر منه أنه إذا لم يتحقق جهة الأصالة من الطريفين بالاعتبارين لا يجري المجا منهما { فيقع التلاق بلفظ العتق } أي بناء على الأصل المذكور { فإن العتق } فمعنى الإعتاق { وضع لإزالة الملك ملك المتعة وتلك سبب لهذه } أي إزالة ملك الرقبة سبب لإزالة ملك المتعة { إذ تقضى إليها وليست هذه } أي إزالة ملك المتعة { مقصودةمنها } أي من إزالة ملك الرقبة { فلا يثبت العتق بلفظ الطلاق } بذلك الطريق { خلافا للشافعي لما مر } من الأصل الخلافي { ولا يثبت بطريق الاستعارة } أيضا { إذ كل منهما إسقاط } أي إسقاط الحق التصرف أما إثبات كالبيع والإجارة والهبة ونحوها أو أما إسقاط كالطلاق والعتاق والعفو عن القصاص ونحوها { بني على السراية واللزوم } أراد بالأول ثبوت الحكم في الكل بسبب ثبوته في البعض والثاني عدم قبول الفسخ { لعدم الإتصال بينهما في المعنى المشروع كيف شرع لأن الطلاق وقع قيد النكاح والعتق } بمعنى الإعتاق { إثبات القوة الشرعية } بناء على أنهما من المنقولات الشرعية فلا بد من اعتبار المعنى اللغوي فيهما والطلاق في اللغة رفع القيد يقال أطلقت الأسير أي خليته وأطلقت الناقة من عقالها ، والعتق بمعنى القوة يقال عتق الطائر إذا قوى وطار عن وكره ومنه عتاق الطير ويقال عتقت البكر إذا أدركت وقويت فالشرع نقله إلى القوة المخصوصة { وهذا لا ينافي قول أبي حنيفة رحمه الله } في مسئلة تجزي الإعتاق { أنه إزالة الملك لأن مراده أن التصرف الصادر عن المالك عند الإعتاق هي } أي إزالة الملك { لا أنها معناه الشرعي وإسناده } أي إسناد العتق { على معناه الشرعي إلى المالك مجازي لصدور سببية } وهو إزالة الملك { عنه } فيكون المجاز في الإسناد حيث أسند الفعل إلى السبب البعيد كما في قوله تعالى { ينزع عنهما لباسهما } { بقي ههنا إشكال وهو أن الاستعارة إنما تكون للمعنى } إذ لما معنى لاستعارة اللفظ للفظ ولا مانع عن استعارة لفظ الطلاق لمعنى إزالة ملك الرقبة لمناسبة بينهما وبين معنى الطلاق وهو إزالة { التقييد وهذا كاف في ثبوت المطلوب } أي مطلوب الخصم والتعرض للفظ الاعتاق وبيان معناه خارج عن البحث { فالوجه } في بيان عدم صحة استعارة الطلاق للعتق { أن يقال أن إزالة املك أقوى من إزالة القيد } ضرورة أن الملك أقوى منه ومزيل القوى أقوى من مزيل الضعيف { فلا يصح استعارة هذه } أي إزالة القيد { لتلك } أي لئزالة الملك { بل على العكس } إذ لا بد في الاستعارة من القوة في جانب المشبه به وفيه نظر { وكذا الإجارة } عطف على قوله فيقع الطلاق { تنعقد بلفظ البيع } هذا إذا بين المدة وعين جنس العمل وح لا فرق بين إضافتها إلى الحر وإضافتها إلى العبد على ما ذكر في الأسرار { دون العكس } لأن ملك الرقبة سبب محض لملك المنفعة { وعدم انعقادها به } أي عدم انعقاد الإجارة بلفظ البيع { إذا أضيف إلى المنفعة ليس لعدم صحة المجاز بل لعدم الصلاحية في المنفعة المعدومة الإضافة } جواب سؤال تقديره أنه إذا صح انعقاد الإجارة بلفظ البيع مجاز أن ينبغي أن يصح بقوله بعت منافع هذه الدار في هذا الشهر بكذا لكنه لا يصح وتقرير الجواب ظاهر { ولذلك } أي ولكون العلة ما ذكر { لا تنعقد لو كان المذكور لفظها } أي لفظ لإجارة فإنها إنما تصح إذا أضيفت إلى العين إقامة للعين الموجودة مقام المنفعة المعدومة { واعلم أنه يكفي في المجاز باعتبار السببية أن يكون } المعنى { الحقيقي سببا لجنس } المعنى { المجازي } ولا يجب أن يكون سببا للمعنى المجازي بعينه حتى يراد بالغيث جنس النبات سواء نبت بالمطر أو بغيره واعلم أن ملك المتعة عبارة عن ملك الانتفاع والوطئ وهو لا يختلف في ملك النكاح واليمين وإنما يتغاير الأحكام لتغايرهما صفة لا ذاتا فإنه يثبت في باب النكاح مقصودا وفي ملك اليمين تبعا وإنما يعتبر اللفظ لإثبات ملك المتعة في المحل فيثبت على حسب ما يحتمله اللفظ فإذا جعل لفظ الهبة مجازا عن النكاح يثبت به ملك النكاح قصدا لا تبعا فيثبت فيه أحكام ملك النكاح لا أحكام ملك اليمين { ثم اعلم أن المعتبر في العلاقة المجازية سماع نوعها لا سماع عينها كيف واختراع المجازات البديعية والاستعارات الغريبة من فنون البلاغة إجماعا } ولهذا لم يدونوا المجازات تدوينهم الحقائق { والعلاقة مقتضية للصحة فالتخلف } أي تخلف الصحة عن المقتضى { لمانع } مخصوص { ليس بقادح } لأن عدم المانع ليس جزء من المقتضى جواب عن تمسك المخالف القائل باشتراط سماع عينها تقريره أنه لو جاز لمجرد وجود العلاقة لجاز إطلاق نخلة لطويل غير إنسان للمشابهة وشبكة للصيد للمجاورة وأب للابن وبالعكس للسببية واللازم باطل اتفاقا .
পৃষ্ঠা ৫২
{ مسألة المجاز خلف عن الحقيقة } أي فرع لها { في حق المتكلم عند أبي حنيفة وعندهما في حق الحكم } لا خلاف في أن المجاز خلف عن الحقيقة بمعنى أنها هي الأصل الراجح المقدم في الاعتبار وأيضا لا خلاف في أن من شرط صحة الخلف مكان الأصل ولذلك يجب الكفارة في مسئلة مس السماء وذلك أنه إذا حلف قائلا والله لا مس السماء يجب الكفارة لأن الأصل وهو البر ممكن فإن مس السماء ممكن للبشر كيف وقد وقع في حق النبي عليه السلام فينعقد اليمين ويجب الكفارة ولا يجب في مسئلة الكوز فإنه لو حلف قائلا والله لأشربن الماء الذي في هذا الكوز ولا ماء فيه لا يجب الكفارة لأن الأصل وهو البر غير ممكن وإنماالخلاف في جهة الخلفية والفرعية فعندهما هي الحكم حتى يشترط في المجاز إمكانالمعنى الحقيقي بهذا الكلام وعنده التكلم حتى يكفي صحة الكلام من حيث الإفادة سواء صح معناه الحقيقي أولا { فقوله هذا النبي لعبده الأكبر منه سنا } أراد به المقدم ولادة { يثبت العتق عنده } لصحة اللفظ { ويلغوا عندهما } لاستحالة المعنى الحقيقي وهو ثبوت النبوة لأن الأكبر سنا بالمعنى المذكور لا يتصور أن يكون مخلوقا من نطفة الأصغر { لهما أن مبنى المجاز على الانتقال من المعنى الحقيقي إلى المجازي فلا بد من إمكان الأول } ليتحقق الانتقال منه { قلنا يكفي صحة فهمه ن اللفظ } ومداره على صحة اللفظ من حيث الإفادة { ولا يلزم صحة إرادته منه } كيف والمجاز الذي لا إمكان لمعناه الحقيقي واقع في كلام الله تعالى وهو في كلام البلغاء أكثر من أن يحصى ومن قال لا على إرادته إذ لا جمع بينهما لم يصب لأن مراد الخصم يتم بلزوم صحة الإرادة ولا حاجة له إلى إرادته بالفعل فإبطاله لا يجدي نفعا في دفع ما ذكره { فإذا فهم الأول وامتنع أرادته علم أن المراد لازمه وهو عتقه من حين ملكه وصار أهلا للاعتاق } لأن هذا المعنى لازم للبنوة وإنما زاد قوله وصار أهلا لأنه يجوز أن يكون صبيا حين ملكه فلا يكون أهلا للاعتاق { فيجعل إقرارا فيعتق قضاء من غير نية لأنه متعين ولا يعتق بقوله يا ابني لأن وضع النداء لاستحضار المنادي } وطلب إقباله { بصورة الاسم من غير قصد إلى معناه } فلا يفتقر إلى تصحيح الكلام بإثبات موجبه الحقيقي أو المجازي بخلاف الخبر فإنه لتحقيق المخبر به فلا بد من تصحيحه بما أمكن { ويعتق بياحر لأنه } أي لأن لفظ الحر { موضوع للعتق } وعلم لإسقاط الرق { فيقوم عينه مقام معناه } حتى لو قصد التسبيح فجرى على لسانه عبدي حر يعتق { فإن قيل أن هذا ابني من قبيل زيد أسد وهو ليس باستعارة } عند المحققين لا لأنه دعوى أمر مستحيل قصدا لأنه منقوض بمحل الوفاق الآتي ذكره بل لأن ذكر المشبه يفصح عن التشبيه وحق الاستعارة أن لا يكون التشبيه ظاهرا { بل تشبيه بحذف الأداة } أي زيد مثلا الأسد وهذا مثل ابني { وهو لا يوجب العتق بالاتفاق قلنا أنه ليس من قبيل زيد أسد بل من قبيل الحال ناطقة لأن ابني معناه مولودي } ومخلوق من مائي فيكون مشتقا مثل ناطقة { وهو استعارة بالاتفاق مسئلة قال بعض الشافعية لا عموم للمجاز كالصاع في قوله عليه اسلام ولا الصاع بالصاعين } قد أريد به الطعام إجماعا فلا يشمل غيره لأنه ضروري أراد ضرورة لامتكلم لقصور في اللغة حيث لم ووجد فيها حقيقة تفي المرام أو تناسب المقام فليس فيه مظنة عجزه وقصوره كما سبق إلى بعض الأوهام { فيتقدر بقدر الضرورة قلنا لا ثم أنه ضروري بل يصار إليه توسعة للطريق } أي طريق أداء المعاني { عند المتكل وإيفاء لحق المقام من جهة البلاغة } فإنه أحد نوعي الكلام وفيه من لطائف البلاغة ما لا يتحمله الحقيقة { ولو سلم أنه ضروري لكن يجوز أن يكون الضرورة في أداء المعنى العام } فإنه كما يتصور الاضطرار إلى المجاز لأجل المعنى الخاص فكذا يتصور لأجل المعنى العام بأن لا يجد المتكلم لفظا يدل على جميع أفراد مراده بالحقيقة { فتقدره } أي تقدر المصير إلى المجاز { بقدر الضرورة لنا لا علينا } وهذا جواب بطريق القول بالموجب .
পৃষ্ঠা ৫৪
{ مسئلة لا يراد من اللفظ الواحد } في إطلاق واحد { معناه الحقيقي والمجازي معا } بأن يكون كل منهما متعلق الحكم فلا يرد النقض بالكناية لأن مناط الحكم فيها المعنى الثاني فقط { لرجحان المتبوع على التابع } وفيه نظر والحق أنه من جهة اللغة إذ لم يثبت ذلك { فلا يستحق معتق المعتق مع وجود المعتق إذا أوصى لمواليه } لأن مولى فلان حقيقة في الأسفل ومجاز في الأعلى وكذا إذا أوصى لأولاد فلان أو لأبنائه وله بنون وبنو بنين فالوصية لبنيه دون بني بنيه ، أما دخول بني البنين في قوله امنونا على أولادنا على رواية الاستحسان فليس من جهة تناول اللفظ بل من جهة أن الأمان لحقن الدم فيبنى على الشبهات { ولا يراد غير الخمر بقوله عليه السلام من شرب الخمر فاجلدوه } لأنه أريد بها ما وضعت له { وغير الوطئ بقوله تعالى أو لا مستم النساء } لأن الوطئ وهو المعنى المجازي أريد به { عندنا وغير المس باليد } لأن المس باليد وهو المعنى الحقيقي { عند الشافعي } وهو قول ابن مسعود رضي الله عنه جواز التيمم للجنب ح بدليل آخر { والحنث بالدخول حافيا ومنتعلا } أو راكبا { في لا يضع قدمه في دار فلان لا للجمع بين } المعنى { الحقيق } وهو الدخول خافيا { والمجازي } وهو الدخول منتعلا أو راكبا { بل لأن في العرف صار عبارة عن أنه لا يدخل } ومدار الإيمان على العرف ومن غفل عن هذا زعم أن مبنى الجواب ههنا على المصير إلى عموم المجاز { ويراد بالإضافة في لا يدخل دار فلان نسبة السكنى مجازا } بدلالة العادة حقيقة كانت أو دلالة بأن يكون الدار ملكا له فيتمكن من السكنى فيها حتى يحنث بالدخول في دار بكونه ملكا لفلان ولا يكون هو ساكنا فيها { وهي تعمم الملك والإجارة والعارية } فيحنث بعموم المجاز { لا نسبة الملك حقيقة وغيرها مجازا } حتى يلزم الجمع بين الحقيقة والمجاز { وكذا يحنث إذا قدم نهارا أو ليلا في امرأته كذا يقدم زيد ليس للجمع } بين المعنى الحقيقي لليوم وهو النهار والمجازي وهو الليل بل بعموم المجاز لأن الضمير لليوم { يذكر للنهار وللوقت كقوله تعالى ومن يولهم يومئذ دبره } ولما احتيج إلى ضابط يعرف به أن المراد باليوم النهار أو مطلق الوقت بينه بقوله { فإذا تعلق بفعل ممتد } هو ما لا يصح تقديره بمدة كالقدوم والدخول فإنه لا يصح أن يقال قدمت أو دخلت يوما { فللوقت } المطلق { لأن الفعل إذا نسب إلى ظرف الزمان بغير في يقتضي كونه } أي كون ظرف الزمان معيارا له أي للفعل والمعيار ظرف لا يفضل عن المظروف كاليوم للصوم { فإن امتد الفعل امتد المعيار فيراد باليوم النهار } لأن الحقيقة لا يعد عنهما إلا عند التعذر وذلك عند عدم امتداد الفعل { وإن لم يمتد كوقوع الطلاق لا يمتد المعيار فيراد به الآن } سواء كان من النهار أو من الليل بدليل النص المذكور ولعدم اختصاص العلاقة بالأول { وكذا الحنث بأكل الحنطة وما يتخذ منها عندهما } أي عند أبي يوسف ومحمد { في لا يأكل من هذه الحنطة ليس له } أي للجمع بين الحقيقة والمجاز { بل لأنه يراد بأكلها أكل باطنها عادة فيحنث بعموم المجاز وكذا قول أبي حنيفة ومحمد فيمن قال لله على صوم رجب ونوي اليمين أنه نذر ويمين حتى لو لم يصم يجب القضاء } لكونه نذرا { والكفارة } لكونه يمينا { ليس له } أي للجمع المذكور { بل لأنه نذر بصيغته } لكونها موضوعة لها { يمين بموجبه } لأن النذر إيجاب للمباح وإيجاب المباح يوجب تحريم ضده وتحريم المباح يمين لقوله تعالى قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم أي شرع لكم تحليلها بالكفارة سمى تحري النبي عليه السلام الحلال وهو مأربة أو العسل على نفسه يمينا والمباح أخص من الحلال فتحريمه يتضمن بتحريم الحلال { كما أن شراء القريب شراء بصغته تحرير بموجبه } المراد بالموجب اللازم المتأخر ودلالة اللفظ على لازم معناه لا يكون بريق المجاز ما لم يكن مستعملا فيه كالأسد إذا أريد معناه الحقيقي يدل على الشجاعة التي هي لازمة بطريق الالتزام ولا يكون مجازا لعدم استعماله فيه { وثبوت الموجب لا يتوقف نعلى الإرادة فلا جمع بين المعنى الحقيقي والمجازي } في الإرادة كما توهم { والتوقف على نية اليمين لكونه بمنزلة الحقيقة المهجورة بغلبة استعماله في النذر } جواب سؤال تقريره أن كان هذا موجبه يكون يمينا وإن لم ينو اليمين كما إذا اشترى القريب يعتق عليه وإن لم ينو وأما الجواب بأن اليمين نثبت بالإرادة والنذر بالصيغة من غير تأثير للإرادة فيه فلا جمع بين المعنى الحقيقي والمجازي في الإرادة فلا يتمشى فيما أذانوا هما جميعا لا يقال في هذه الصورة أيضا ثبوت النذر بالصيغة من غير تأثيرللإرادة فكأنه لم يرد إلا المعنى المجازي لانا نقول فلا يمتنع الجمع في شيء من الصور لأن المعنى الحقيقي يثبت باللفظ أخبارا كان أو انشاء فلا عبرة بإرادته ولا تأثير له { مسألة لا بد للمجاز من قرينة مانعة عن إرادة الحقيقة عقلا أو حسا أو عادة أو عرفا } عاما كان أو خاصا والفرق بين العادة والعرف أن العادة في الأفعال والعرف في الأقوال { أو شرعا وهي أما خارجة عن المتكلم والكلام } أي لا يكون معنى في المتكلم أي له ولا يكون من جنس الكلام { كدلالة الحال نحو يمين الفور } إذا أرادت المرأة الخروج فقال إن خرجت فأنت طالق يحمل على الفور فالقرينة الحالية مانعة عرفا عن الحمل كعلى الحقيقة وهي الخروج مطلقا { أو معنى من المتكلم كقوله تعالى واستفزز من استطعت فإنه تعالى لا يأمر بالمعصية } فالمنع فيه عقلا { أو لفظا } أريد بكون القرينة لفظا أن يفهم منه بأي طريق كان أن الحقيقة غير مرادة فلذلك عد القرينة في كل مملوك لي حر لفظية وهذا لما مر من جعله من قسم المخصص غير الكلامي لأن المراد منه أن يكون المخصص صريح الكلام { خارج عن هذا الكلام } الذي يكون المجاز فيه { كقوله تعالى فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر فإن ما في سياقه من قوله إنا اعتدنا للظالمين نارا } يمنع عقلا { كونه للتخيير ونحو طلق أمرأتي إن كنت رجلا لا يكون توكيلا } والمنع فيه عرفا { أو غير خارج } بل عين هذا الكلام أو شيء منه يكون دالا على عدم إرادة الحقيقة { فإما أن يكون بعض الأفراد أولى كما ذكرنا في التخصيص } أن المخصص قد يكون نقصان بعض الأفراد أو زيادته فيكون اللفظ أولى بالبعض الآخر فإذا قال كل مملوك لي حر لا يقع على المكاتب مع أنه مملوك حقيقة لنقصان في ملكه فكان قرينة المجاز أولوية البعض الآخر والمنع هنا شرعا { أولم يكن نحو الأعمال بالنيات ورفع عن أمتي الخطأ والنسيان لأن عين الفعل لا يكون بالنية وعين الخطأ والنسيان ليسا بمرفوعين بل المراد الحكم } والمنع فيهما عقلا { ونحو لا يأكل من هذه النخلة أو من هذا الدقيق ولا يشرب من هذا البئر } المنع في هذه الثلثة حسا وعرفا فأن المعنى الحقيقي لما امتنع نحسا أو عرفا علم أنه ليس بمراد وإلا لكان اليمين خالية عن الفائدة لأنها في مثله تكون للمنع والمنع إنما يكون عن التمكن ولا يضع قدمه فيها ولم يدخل لا يحنث } هذا كله إذا لم يبق ما يحتمله الكلام وإلا فعلى ما نواه { وكلأسماء المنقولة } القرينة المانعة هنا كونه منقولا عرقا أو شرعا ومنعها عقلا { ونحو التوكيل بالخصومة يصرف عن حقيقته لكونها مهجورة شرعا } وهو كالمهجورة عادة { إلى مطلق الجواب إقرارا كان إو إنكارا } بطريق استعمال المقيد في المطلق أو الكل في الجزء بناء على عموم الجواب { فإما إذا كانت الحقيقة مستعملة والمجاز متعارفا } أي غالبا في التقابل إذ التفاهم على الاختلاف بين المشايخ عطف على أول المسألة وهو أنه لا بد للمجاز من من قرينة { فعند ابي حنيقة المعنى الحقيقي أولى لأن الأصل لا يترك إلا ضرورة وعندهما المجاز أولى } إنما اعتبر قيد الاستعمال في الحقيقة وقيد التعارف في المجاز للإنفاق على أن العمل بالمجاز عند عدم القيد الأول وبالحقيقة عند عدم القيد الثاني { ففي لا يأكل هذه الحنطة يصرف على أكل عينها عنده } قال في المبسوط لأن عينها مأكول عادة فإنها تغلى وتؤكل ويتخذ منها الكشك والهريسة وقد تؤكل نيا أيضا حبا حبا { وعلى أكل المتخذ منها عندهما } هذا على رواية الأصل { مسألة قد يتعذر المعنى الحقيقي والمجازي معا كقوله لامرأته وهي ممن لا يولد مثلها لمثله } سواء كانت أكبر سنا منه أولا { أو معروفة النسب } هذا لأن التي يولد مثلها لمثله إذا كانت مجهولة النسب ينتفي ملكه عنها فتحرم عليه إذا ثبت على إقراره وإن لم يثبت نسبها منه صرح بذلك في المبسوط { هذه بنتي تعذر الحقيقي في الأول من اشتهر نسبها منه } بأن يكون دعوته معتبرة في حقهما فيثبت نسبها منه وينتفي ممن اشتهر منه { ولا يمكن هذا لأنه ثابت ممن اشتهر منه } فلا يبطل بإقرار الغير { أو في حق نفسه فقط } بأن يثبت منه ولا ينتفي ممن اشتهر منه { وذا متعذر لأن الشرع يكذبه } لاشتهاره من الغير { فلا يكون } أي تكذيب الشرع { أقل من تكذيبه نفسه والنسب ما يحتمل التكذيب والرجوع بخلاف العتق } فإنه لا يحتمل ذلك { وأ/ا تعذر المجزي فلان التحريم اللازم له } أي لقوله هذه بنتي الثابت به { مناف لملك النكاح فلا يكون من حقوقه فلا يملك الزوج إثباته } إذ ليس له تبديل محل الحل { والذي يملكه } وهو التحريم القاطع للحل بالنكاح { ليس من لوازمه } أي من لوازم القول المذكور بل منافياته { فلا يصح استعارته له } والحاصل أن التحريم الذي في وسعه لا يصلح اللفظ له والذي يصلح اللفظ له ليس في وسعه فلا يصح منه إثبات التحريم بهذا اللفظ .
পৃষ্ঠা ৫৮
{ مسألة الداعي إلى المجاز } اعلم أن المجاز لا بد في صحته من علاقة بين المعنى الحقيقي والمجازي وقرينة صارفة عن الحقيقي إلى المجازي وأما الداعي إلى العدول عن الحقيقة إليه فليس مما لا بد منه في صحته إنما الحاجة إليه في رجحانه على الحقيقة وفصاحته وذلك الداعي إما لفظي وإما معنوي فاللفظي { اختصاص لفظه } أي لفظ المجاز { بالعذوبة } فربما يكون في اللفظ الحقيقة بشاعة كالخنفتيق فيعدل إلى لفظ المجاز كالداهية لكونه عذبا { أو صلاحيته للشعر وزنا أو قافية } أي يكون لفظ الحقيقة بحيث لا يكون الكلام معه موزونا أو مقفى بخلاف المجاز { أو السجع } كالأسد فإنه يصلح سجعا مع الأحد والعدد دون الشجاع { أو سائر المحسنات البديعية } من المطابقة والمقابلة والتجنيس والترصيع وغير ذلك فإنه ربما يأتي بالمجاز ويفوت بالحقيقة نحو البدعة شرك الشرك فإن الشرك هنا مجاز استعمل بتجانس الشرك { أو معناه } أي اختصاص معناه من هنا شرع في الداعي المعنوي { بالتعظيم } كاستعارة أبي حنيفة لرجل عالم { أو التحقير } كاستعارة الهمج وهو الذباب الصغير للجاهل { أو الترغيب } كاستعارة ماء الحياة لبعض المشروب { أو الترهيب } كاستعارة الموت للسيف { أو التنفير } كاستعارة السم لبعض المطعوم { أو المبالغة } كإطلاق الأصابع على الأنامل في قوله تعالى يجعلون أصابعهم في آذانهم { أو زيادة البيان } كاستعارة الأسد للرجل الشجاع فإنها أقوى في الدلالة على الشجاعة من الحقيقة لأنه دعوى بالبينة فإن الأسد يلزمه الشجاعة وهذا دعوى بلا بينة { والاستطراف } كاستعارة بحر من المسك موجه الذهب لفحم فيه جمر موقد فإن فيه إخراج ما يستحيل وقوعه مخرج الواقع ليستطرف { أو تلطف الكلام } أي اختصاص معناه بنوع لطف في الكلام كاستعارة واحدا الضدين للآخر تمليحا أو تهكما أو تفاؤلا { أو مطابقة تمام المراد } بيان ذلك أن المراد وهو أداء المعنى بكلام مطابق لمقتضى الحال وتمام المراد إيراده بتراكيب مختلفة الدلالة عليه في مراتب الوضوح ولا خفاء في أنه لا يمكن بالدلالة الوضعية والألفاظ الحقيقية لتساويها في الدلالات عند العلم بوضعها وعدمها عند عدمه وإنما يمكن بالدلالات العقلية الألفاظ المجازية لاختلاف مراتب اللزوم في الوضوح فإذا قصد مطابقة تمام المراد وتأدية المعنى بالعبارات المختلفة في مراتب الوضوح لا بد من العدول عن الحقيقة إلى المجاز ليتيسر ذلك ووهم الإخلال بالفهم في المجاز من إخلال الوهم لأن قيام القرينة شرط المجاز وعند ذلك يندفع احتمال الإخلال { أو غير ذلك } من الفوائد التي يختص بمعنى المجاز أو لفظه .
فصل :
পৃষ্ঠা ৬০
إن الاستعارة في الأفعال والصفات المشتقة تسمى تبعية لأنها تجري أولا في المصدر ثم بتبعيته تجري في الفعل وما يشتق منه مثلا يقدر في نطقت الحال أو الحال ناطقة بكذا تشبيه دلالة الحال بنطق الناطق فيستعار النطق للدلالة ثم يؤخذ منه نطقت بمعنى دلت وناطقة بمعنى دالة وغير ذلك فعقد هذا الفصل لبيان أن الاستعارة التبعية لا تختص بالأفعال والصفات بل تجري في الحروف أيضا فقال { قد تجري الاستعارة التبعية في الحروف فإنها } أي الاستعارة { تقع أولا في متعلق معنى الحروف ثم فيه } أي يعتبر التشبيه الذي عليه مدار الاستعارة أولا في متعلق معنى الحروف ويجري فيه الاستعارة ثم بتبعة ذلك تجري في الحروف نفسه ، والمراد بمتعلق معنى الحرف ما يعبر به عنه عند تفسير معناه { كالام يستعار أولا التعليل للترتيب } سواء وجد التعقيب كما في أتيته للزيادة أو لم يوجد كما في أسلم ليدخل الجنة { ثم بواسطتها تستعار اللام نحو لد واللموت } فإنه شبه ترتب الموت على الولادة بتعليل الفعل بالعلة الغائية ثم استعمل في المشبه اللام الموضوعة للمشبه به فجرت الاستعارة في التعليل وبتبعيته في اللام وهذا ظاهر ومعنى التعليل هو بيان العلية لا بيان المعلولية واللام إنما تدل على أن مجرورها علة سواء كان معلولا باعتبار آخر كما في ضربته للتأديب أولا كما في قعد عن الحرب للجبن فكونه علة غائية كاف في اعتبار الترتيب على الفعل من غير حاجة إلى اعتبار كونه معلولا وهذا أيضا واضح { وهنا نذكر حروفا يشتد الحاجة إليها وتسمى حروف المعاني } أراد بالحروف حقيقتها ولذا سماها حروف المعاني وهذا لا ينافي انتظامها الظروف تغليبا أو تشبيها لها بالحروف إذا للازم التجوز في صيغة الجمع لا في معنى الحروف { منها حروف العطف الواو لمطلق العطف } أي جمع الأمرين وتشريكهما في الثبوت { بالنقل عن أئمة اللغة } لم يقل بإجماع النحاة لأنها للمعية عند الفرآء وللترتيب عند جماعة منهم ثعلب وقطرب وهشام وأبو جعفر الدينوري وأبو عمر والذا هدى { واستقراء موارد استعمالها } فإنا نجدها مستعملة فيما لا يصح في الترتيب أو المقارنة والأصل في الإطلاق الحقيقة { وهي لجمع الاسمين المختلفين كالألف لجمع المتحدين } يعني أنها بدل عن ألف التثنية يقوم مقامها عند تعذرها فلا يخالفها في المدلول ولا دلالة في الأصل على الترتيب ولا على المعية فكذا في البدل { وقولهم لا تأكل السمك وتشرب اللبن } أي لا تجمع بينهما دليل رابع وفيه نظر { ولهذا } أي لما تقرر أن الواو لمطلق الجمع من غير ترتيب لا يجب الترتيب في الوضوء كيلا يلزم الزيادة على الكتاب من غير دليل صالح لذلك { ووجوبه } أي وجوب الترتيب بالنسبة إلينا { بين الصفا والمروة بقوله عليه السلام أبد وإيما بدأ الله به لا بالقرآن } لأن قولهم وهم من أهل اللسان بإيهما نبدأ دل على أن الآية خلو عن الدلالة على الترتيب وإنما قلنا بالنسبة إلينا لأنه بالنسبة غليه عليه الصلاة والسلام بما لاح له من وحي غير متلو كسائر الواجبات بالسنة { وزعم البعض أنها للترتيب عنده } أي عند أبي حنيفة رحمه الله { وللقارنة عندهما استدلالا بوقوع الواحدة عنده والثلث عندهما في أن دخلت الدار فأنت طالق وطالق وطالق لغير المدخول بها وهذا } أي الزعم المذكور { باطل إذ لا يلزم من ثبوت المقارنة أو الترتيب } في مورد استعمال الواو { كونه مستفاد منها } أبطله ولا بطريق المنع ثم أبطله بطريق النقض بقوله { ويقع الثلث اتفاقا إن أخر الشرط } أي إن قال لغير المدخول بها أنت طالق وطالق وطالق إن دخلت الدار لتعلق الأجزية المتوفقة دفعة ثم أبطله بطريق الحل بقوله { ومبنى الخلاف على أن تعليق الأجزية بالشرط عنده على التعاقب فوقوعها كذلك لأن المعلق كالمنجز عند الشرط فلا يصادف الثانية والثالثة المحل } بخلاف ما إذا قدم الأجزية إذ ح يتعلق الكل بالشرط دفعة لوجود المغير في آخر الكلام { وعندها الترتيب في التكلم لا في صيرورة اللفظ تطليقا لأن ذلك عند وجود الشرط ولا تفريق فيه كما إذا قال ثلاث مرات لغير المدخول بها إن دخلت الدار يقع الثلاث هكذا هنا } لأن المقدور كالملفوظ { فإن قيل إذا تزوج أمتين بغير إذن مولاهما } إنما قيده إذ لو كان بإذنه نفذ نكاحهما ولا يبطل بالاعتاق ولم يقل وبغير إذن الزوج كما قال فخر الإسلام لأنه مستردك ههنا بل مخل { ثم أعتقها المولى معا صح نكاحهما وبحر العطف } أي قال أعتقت هذه وهذه { بطل نكاح الثانية فجعلتموه للترتيب وإن زوج الفضولي أختين بعقدين فأجازهما متفرقا بطل نكاح الثانية وإن جاز هما معا } أي قال أجزت نكاحهما { أو بحرف العطف } أي قال أجزت نكاح هذه وهذه { بطلا } أي بكل نكاحهما { فجعلتموه للقرآن وإن قال أعتق أبي في مرض موته هذا وهذا وهذا ولا وارث له غيره ولا مال له سواهم وقيمتهم ئواء فإن أقر متصلا عتق من كل ثلاثة وإن سكت فيما بين كل عتقين عتق كل الأول ونص الثاني وثلث الثالث } لأنه لما أقره بعتق الأول وسكت عتق كله لخروجه من الثلث لأن المفروض أن قيمتهم سواء ولما قال بعد زمان وهذا وسكت فقد عطفه على الأول وموجبه أن يعتق النصف من كل منهما لكن لا يمكن الرجوع عن الأول ولما قال بعد زمان وهذا فموجبه أن يعتق الثلث من كل منهم فيعتق ثلث الثالث ولا رجوع عنالثاني أيضا { فجعلتموه للقرآن } أي جعلتم حرف يثبت الترتيب كان كمثله السكوت { قلنا أما الأول فلأنه كما عتقت الأولى لم يبق الثانية محلا لتوقف النكاح } بل بطل لأن نكاح الأمةعلى الحرة لا يجوز { وأما الثاني والثالث فلأن اكلام يتوقف على آخره إذا كان آخره مغير بمنزلة الشرط والاستثناء وفيهما كذلك } أما في الثاني فلأن إجازة نكاح الثانية يوجب بطلان نكاح الأولى وأما في الثالث فأن الأول قبل إعتاق الأخيرين عتق مجانا وبعد إعتاقهما يلزم السعاية في ثلثي قيمة إلا أن التغيير إنما يؤثر إذا كان متصلا { بخلاف الأول } فإن إعتاق الثانيةمن الأمتين لا يغير إعتاق الأولى فلا يتوقف فيه أول الكلام وإجازة الثانية من الأختين فيتوقف فيه أول الكلام قبل مرجع الكلام قيل مرجع الخلاف إلى الاختلاف في الوضع فإن وضع مسئلة الامتين أفرد لكل واحد منهما تحريزا فلم يتوقف صدر الكلام على الآخر وفي مسئلة الأختين لم يفرد لكل واحد منهما إجازة فتوقف حتى لو عكس الوضع لا نعكس الحكم { وقد تدخل بين الجملتين فلا يوجب المشاركة إن لم تقعا في موضع خبر لمبتدأ أو جزاء لشرط ونحو ذلك } إنما قيد به إذ ح توجب المشركة في ذلك التعلق { ففي قوله هذه طالق ثلثا وهذه طالق تطلق الثانية واحدة وإنما تجب هي } أي المشاركة { إذا اقتصر الآخر إلى الأول فيشاركه } أي يشارك آخر الكلام أوله { فيما تم به الأول بعينه } أي بعين ما تم { لا بتقدير مثله } لأنه خلاف الأصل فلايصار إليه إلا عند الضرورة إن لم يمتنع الاتحاد أي إن لم يمتنع أن يكون ما تم به الأول متحدا في المعطوفين { نحو أن دخلت الدار فأنت طالق وطالق وطالق ليس كتكرار قوله إن دخلت الدار فأنت طالق فلا يقع الثلث عند أبي حنيفة رحمه الله هنا بخلاف التكرار } فإنه يمكن أن يتعلق الأجزية المتكثرة بشرط واحد فيتعلق طالق وطالق وطالق بعين الشرط المذكور وهو أن دخلت لا بتقدير مثله أي لا يقدر شرط آخر حتى يصير كقوله إن دخلت الدار فأنت طالق كما زعمه أبو يوسف ومحمد { أو بتقدير مثله } عطف الجمل أيضا حتى قالوا أن القرآن في النظم يوجب القرآن في الحكم فقالوا في أقيموا الصلاة وأتوا الزكاة لا يجب الزكاة على الصبي كما لا تجب الصلاة عليه } لا يقال هذا بناء على أنه يجب أن يكون المخاطب بأحدهما عين المخاطب بالآخر لأنه غير لازم على ما أفصح عنه صاحب الكشاف حيث قال في تفسير قوله { وإن خفتم ألا يقيما } إلا أنه يجوز أن يكون أول الخطاب للأزواج وآخره للأئمة وعدم وجوب الزكاة على الصبي عندنا لأنه عبادة يتضمن الضرر المالي والصبي ليس بأهل لها { وهو فاسد عندنا لأن الشركة إنما يثبت إذا افتقرت الثانية وفي أن دخلت الدار فأنت طالق وعبدي حر إنما تعلق العتق بالشرط لأن هذه الجملة في قوة المفرد في حكم الافتقار فعطفت على الجزاء ليكون الواو على أصلها وعطف الأسمية على مثلها } جواب سؤال مقدر تقريره إن موجب ما ذكر من أن الشركة إنما ثبت إذا افتقرت الثانية أن لا يتعلق وعبدي حر في قوله إن دخلت الدار فأنت طالق وعبدي حر بالشرط بل يكون كلاما مستأنفا عطفا على المجموع لأنها جملة تامة غير مفتقر إلى ما قبلها وتقرير الجواب أنها في قوة المفرد وحكم الافتقار لأن مناسبتا الجزاء في كونها اسمتين وكون الأصل في العطف بالواو والتشريك ترجح عطفها على الجزاء وحده يجعلها في قوة المفرد وحكم الافتقار قوله ليكون الواو على أصلها يعني أن الأصل في العطف بالواو التشريك فيحمل عليه ما أمكن رعاية للأصل وهذا إذا كانالمعطوف مفتقر إلى ما قبله حقيقة كما في المفرد أو حكما كما في الجملة التي لا صارف عن اعتبارها في قوة المفرد وأما إذا لم يمكن الحمل على التشريك فلا يحمل وهذا إذا كان المعطوف جملة لا يكون في قوة المفرد وحكم المفتقر إلى ما قبلها كما في قوله تعالى { أقيمة الصلاة وأتوا الزكاة } قالوا ويكون لمجرد النسق والترتيب { بخلاف وضرتك طالق } يرجع إلى قوله يتعلق العتق بالشرط يعني إن قوله وضرتك طالق وإن أمكن حمله على الوجهين لكن فيه صارفا عن اعتبارها في قوة المفرد { فإن إظهار الخبر } وهو قوله طالق { دليل على عدم مشاركته في الجزاء } وصارف عن العطف عليه إذ ح يكفي أن يقال وضرتك { ولهذا } ولأجل ما ذكر نافى قوله وعبدي حر فما يوجب كونه معطوفا على الجزاء وما ذكرنا في وضرتك طالق من قيام الدليل على عدم المشاركة في الجزاء { جعلنا قوله تعالى ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا معطوفا على الجزاء } لأنه جملة إنشائية مثل قوله فاجلدوا والمخاطب بها الأئمة فدليل المشاركة في الجزاء قائم هنا فعطفنا عليه { لا قوله وأولئك هم الفاسقون } لأنه جملة خبرية وليس الأئمة مخاطبين بها فدليل عدم المشاركة في الجزاء قائم هنا فلم تعطف عليه وثمرة هذا تأتي بيانها في آخر فصل الاستثناء { الفاء } عاطفة كانت أولا { للترتيب وهي إذا كانت عاطفة تفيد التعقيب بلا تراخ } إنما قال إذا كانت عاطفة لأنها إذا لم تكن عاطفة وهي التي تسمى فاء السببية ويختص بالجمل وتدخل على ما هو جزاء لا تفيد التعقيب بلا تراخ للقطع بأنه لا دلالة في قوله تعالى إذا نودي للصلاة الآية على أنه تجب السعي عقيب النداء بلا تراخ { وإن قال إن دخلت هذه الدار فهذه وأنت طالق فالشرط أن تدخل على الترتيب من غير تراخ } أي من غير أن يشتغل بينها بعمل آخر { وقد تدخل على المعلول عاطفة كانت نحو سقاه فأرواه } السقي إشراب الماء ولا يلزمه إلا رواء { أولا نحو جاء الشتاء فتأهب الفاء هنا جز آئية وتعرفها بأن يصلح تقدير إذ الشرطية قبلها وجعل مضمون الكلام السابق شرطها { والمعلول لا بد أن يغاير علته في الوجود } إذا كانت العلية بحسب الوجود في الخارج ضرورة أنها متقدمة عليه بحسبه الوجود في الخارج ضرورة أنها متقدمة عليه بحسبه { والشراء في قوله عليه السلام لن يجزي ولا والده إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه سبب للملك وهو } أي الملك { شرط الإعتاق } فلا احتمال للاتحاد بين الشراء والإعتاق فإن قلت فمعنى قوله فيعتقه وليس هنا فعل آخر سوى الشراء قلت : لما كان الملك في الصورة المذكورة حاصلا للولد سبب اختياري الشرعي إعتاقا حكيما من جهته { فقوله } تفريع على ماتقدم من كون الفاء للترتيب { فحر جواب من شقال بعت هذا العبد منك بكذا يكون قبولا } إذا لا عتاق ولا يترتب على الإيجاب إلا بعد ثبوت القبول فكأنه قال قبلت فهو حر { بخلاف هو حر } لأنه يحتمل رد الإيجاب ببيان حريته قبله { ولو قال لخياط أيكفي هذا الثوب قميصا فقال نعم فأقطعه فقطعه فإذا هو لا يكفيه يضمن } الخياط قيمة الثوب { كما لو قال إن كفاني فاقطعه بخلاف قوله اقطعه } وذلك لأن الإذن بالفاء مقيد بالشرط وبدونها مطلق { وقد تدخل علىالعلل } أي قد يجيء فاء السببية للتعليل وبذلك إذا كان ما بعدها سببا لما قبلها { نحو اخرج فإنه رجيم } وأبشر فقد أتاك الغوث وتزودوا فإن خير الزاد التقوى وذلك لأن ذكر المسبب يقتضي ذكر السبب لا لأن المعلول يكون علة غائية للعلة إذا كان مقصودا منها لأن أفعاله تعالى غير معللة بالأغراض والأبشار ليس علة غائية لإتيان الفوت ولا الأمر بالتزود لكون خير زاد التقوى على أن المقصود من العلة إنما يكون علة لعلية العلة لا لعلة نفسها { فإن قال أدالى إلفا فأنت حر أو انزل فأنت آمن بعتق ويأمن في الحال } لأن معنى الأول لأنك حر ومعنى الثاني لأنك آمن ولا يمكن أن يكون جوابا للأمر لأن جوابه لا يكون إلا الفعل المضارع على ما بين في موضعه { ثم للترتيب مع التراخي وهو } أي التراخي عنده أي عند أبي حنيفة رحمه الله { في التكلم والحكم } لأنها المطلق التراخي فينصرف إلى الكامل وما فيهما جميعا ولأنها دخلت على اللفظ فيظهر أثرها فيه أيضا { وعندهما في الحكم فقط فإن قال أنت طالق ثم طالق ثم طالق إن دخلت الدار فعندهما يتعلقن جميعا وينزلن مرتبا فإن كانت مدخولا بها تقع الثلاث وإلا يقع واحدة وكذا إن قدم الشرط وعنده في غير المدخول بها إن قدم الجزاء يقع الأول في الحال } لعدم تعلقه بالشرط فكأنه قال أنت طالق وسكت لما مر أن التراخي عند التكلم أيضا { ويلغوا الباقي } لعدم المحل لأن المرأة غير مدخول بها { وإن أخر تعلق الأول ونزل الثاني } أي وقع في الحال لعدم تعلقه بالشرط كأنه قال إن دخلت الدار فأنت طالق وسكت ثم قال وأنت طالق وذلك لأنه يتضمن معنى الجمع والتراخي وإذا قام السكوت مقام التراخي بقي الجمع وهو معنى الواو والاتصال صورة كاف في صحة العطف وإثبات المشاركة في المبتدأ خلاف التعلق بالشرط فإنه يتوقف على الاتصال صورة ومعنى { ولغي الثالث } لعدم المحل وفائدة تعلق الأول أنه إن ملكها ثانيا ووجد الشرائط يقع الطلاق { وفي المدخول بها إن قدم الجزاء نزل الأول والثاني } أي يقعان في الحال لعدم تعلقهما بالشرط كأنه سكت ثم قال أنت طالق أدخلت الدار ولما كانت مدخولا بها يكون محلا فيقع تطليقتان { وتعلق الثالث } لقربه بالشرط { وإن أخر تعلق الأول ونزل الباقي } وهذا ظاهر { بل للإعراض عما قبله } أي جعله في حكم المسكوت عنه من غير تعرض لإثباته أو نفيه كما إذا انضم إليه لا فإنه ح يصير نصا في نفي الأول { وإثبات ما بعده على سبيل التدارك نحو جائني زيد بل عمر ولهذا } أي لكونه للأعراض عما قبله { قال فر في قوله على ألف بل الفا يجب ثلاثة آلاف لأنه لا يملك الأعراض عن الأول } وإبطال موجبه يجعله في حكم المسكون عنه { كقوله أنت طالق واحدة بل ثنتين تطلق ثلاثا قلنا الأخبار يحتمل التدارك ويراد به } أي بالتدارك بكلمة بل { نفي الأفراد } عما ذكر قبله عددا كان أو معدودا { عرفا نحو سني ستون بل سبعون } وعند رجل بل رجلان { بخلاف الإنشاء فإنه لا يحتمل التدارك } لأن مدلوله لا يختلف عنه { فيقع واحدة إذا قال ذلك } أي قوله أنت طالق واحدة بل ثنتين { لغير المدخول بها } فإنه كما قال أنت طالق واحدة وقعت الواحدة لكونه إنشاء فلم يبق المحل بقوله حتى يقع بل ثنتين { بخلاف التعليق } بأن يقال لغير المدخول بها أن دخلت الدار فأنت طالق واحدة { فإنه ح يقع الثلاث } عند الشرط { لأنه قصد الاعراض } عن الكلام { والأول } وإبطال موجبه وهو تعليق الواحدة بالشرط { وإيقاع } الكلام أي ليس في وسعه { إبطال موجب الكلام الأول بالإعراض عنه فقدر شرط آخر } في الكلام الثاني عملا { بموجب قصده } فإنه لو لم يقدر لاتصل بواسطة وهو خلاف المقصود فاجتمع تعليقان أحدهما أن دخلت الدار فأنت طالق واحدة والآخران دخلت الدار فأنت طالق ثنتين فإذا وجد الشرط وقع الثلاث { فصار كما قال لا بل أنت طالق ثنتين إن دخلت الدار } أي صار نظيرا لهذه المسئلة في وقوع الثلاث عند وجود الشرط { بخلاف الواو } أي بخلاف ما إذا أتى بالواو يدل بل { فإنه للعطف على تقدير الأوال } لا مع الأعراض عنه وإبطال موجبه { فيتعلق الثاني } بعين ما تعلق به الأول { بواسطة الأول } أي يقتضى الاتصار بالشرط المذكور بواسطته فعند وجود الشرط يكون الوقوع بها لا يقع المذكور ثانيا { كما قلنا في حرف الواو لكن للاستدارك } اعلم أن لكن أن وليها كلام فهي حرف ابتداء لمجرد إفادة الاستدراك وليست بعاطفة وإن وليها مفرد فهي عافة إن تقدمها نفي أو نهي نحو لا يقم زيد لكن عمرو { إن دخل في المفرد يجب سبق نفي } نحو ما رأيت زيدا لكن عموا { إن دخل في المفرد يجب سبق نفي } نحو ما رأيت زيدا لكن عموا فإنه يتدارك دفع وهم عدم رؤية عمرو أيضا بناء على مخالفة بينهما ونهي { وإن دخل في الجملة يجب اختلاف طرفيها } بالنفي والإثبات من جهة لتعني سواءكانا مختلفين لفظا أيضا نحو جاءني زيد لكن عمرو لم يجئ أو لا نحو سافر زيد لكن عمرو حاضر { وهي بخلاف بل } حيث لا تدل على الإعراض عن الأول { فإن أقر لزيد بعيد فقال زيد ما كان لي قط لكن عمرو فإن وصل فلعمرو وإن فصل فللمقر لأن النفي يحتمل أن يكون تكذيبا له في إفراده فيكون رد إلى المقر ويحتمل أن لا يكون تكذيبا له بل يكون معناه العبد وإن كان معروفا بأنه لي لكنه كان في الحقيقة لعمرو والأول هو الظاهر فعلى الثاني يصير بيان تعيين فلا يصح إلا موصولا } حتى يثبت الإثبات لعمرو مع النفي عن زيد لا متراخيا عنه لأن النفي ح يصير ردا للاقرار ولا يثبت مالكية عمرو لمجرد الإخبار { وعلى هذا قالوا إن قال المقضي له بدار بالبينة ما كانت لي قط لكنها لزيد بكلام متصل وقال زيد باع المقضى له مني أو وهبها لي بعد القضاء } أي صدقة في الإقرار وكذبه في أنها لم يكن له قط { أن الدار لزيد لأنه لما وصل الاستدراك بالنفي فكأنه تكلم بها معا فيثبت موجبها } وهو نفي الملك عن نفسه وثبوته لزيد معا { وعلى المقضى له القيمة } أي قيمة الدار { للمقضى عليه لأن تكذيب الشهود وإثبات ملك المقضى عليه لازم لذلك النفي فيثبت بعد ثبوت موجبي الكلامين } وهما نفي الملك عن نفسه وثبوته لزيد { لأن لازم الشيء الثابت به متأخر عنه وعما معه فيكون أي النفي المذكور حجة عليه } أي على النافي حيث يبطل به شهادة الشهود لكونه إقرارا على نفسه { لا على زيد } لأنه الإقرار على الغير فلا يبطل به الملك الثابت له { فيضمن القيمة } أي يضمن المقضي له قيمة للدار للمقي عليه لأنه أتلفها بالإثبات لزيد { ثم إن اتسق الكلام } عطف على الأول البحث أي ينظر أن الكلام مرتبط أم لا أي يصلح أن يكون ما بعد لكن تداركا لما قبله أو لا فإن صلح له { تعلق ما بعده لما قبله وإلا } أي وإن لم يصلح لذلك { فهو كلام مستأنف نحو لك علي ألف قرض فقال المقر له لا لكن غصب الكلامين متسق فصح الوصل على أنه نفي السبب لا الواجب } إذ ح لا يستقيم لكن غصب ولا يكون الكلام مرتبطا وبالحمل على نفي السبب ترتبط فاخترناه فقلنا أنه نفي للسبب لا رد للإقرار { بخلاف ما إذا تزوجت الأمة بغير إذن مولاها بمأة فقال لا أجيز النكاح لكن أجيز بمأتين ينفسخ لكلام ويجعل لكن مبتدا لأنه نفي إجازة النكاح عن أصله فلا يمكن إثباته بمأتين } فعلم أنه غير متسق فحملناه قوله لكن أجيزه بمأتين على أنه كلام مستأنف فيكون إجازة نكاح مهره مئتان { أو لا حد الشيئين } فإن كانا مفردين يفيد ثبوت الحكم لأحدهما أو بأحدهما وإن كانا جملتين يفيد حصول مضمون أحديهما { أو الأشياء قيل للشك في الأخبار ولا ينافيه كون الكلام للإفهام } كما سبق إلى بعض الأفهام { لأنه } أي لأن الشك { أيضا معنى يقصد إفهامه وللتخيير في الإنشاء } كآية الكفارة والتحقيق على ما نبهت عليه آنفا على أنها لأحد الأمرين أو الأمور والشك والتخيير والإباحة إنما هو بحسب محل الكلام ودلالة الحال { فقوله هذا حر أو هذا إنشاء شرعا فأوجب التخيير بأن يوقع العتق في أيتهما شاء أو يبين } على اختلاف الأصلين { ويكون هذا } أي الإيقاع أو البيان المذكوران { إنشاء حتى يشترط صلاحية المحل ح } أي حين ألإيقاع أو البيان { وأخبار لغة } عطف على قوله إنشاء شرعا { فيكون بيانه إظهار الواقع فيجير عليه } أي على البيان اعلم أن هذا الكلام إنشاء شرعا يحتمل الإخبار لغة حتى لو قال لحر وعبد هذا حر وهذا أو أحدكما حر لا يعتق العبد لصحة الإخبار فمن حيث أنه إنشاء شرعا يوجب التخيير أي يكون له ولاية إيقاع هذا العتق أو بيانه في أيتهما شاء شرعا وقد يكون هذا الإيقاع أو البيان إنشاء حكما ومن حيث أنه إخبار لغة يوجب الشك ويكون إخبار بالمجهول فعليه أن يظهر ما في الواقع وهذا الإظهار لا يكون إنشاء لا حقيقة ولا حكما بل يكون على حقيقة الخبري ولما كان للبيان الذي هو تعيين أحدهما شبهان شبهة الإنشاء وشبهة الإخبار عملتا بهما فباعتبار الشبه الأول شرطنا صلاحية المحل عند البيان حتى إذا مات أحدهما فقال أردت الميت لا يصدق وباعتبار الشبه الثاني قلنا يجبر على البيان كما إذا أقر بالمجهول وإنما قلنا باعتبار الشبه الثاني لأن الجبر إنما يكون في الإخبارات دون الإنشاءات { وهذا ما قيل أن البيان إنشاء من وجه وإخبار من وجه وفي قوله وكلت هذا أو هذا أيتهما تصرف فصح فلهذا } أي فلما مر أن أو في الإنشاء للتخيير { أوجب البعض التخيير في كل أنواع قطع الطريق بقوله تعالى { يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا } قلنا ذكر الأجزية مقابلة لأنواع الجناية } على حسب المناسبة { وهي معلومة عادة من قتل وقتل مع أخذ مال وأخذ مال } فقط { وتخويف } فقط فجزاء الأول القتل وجزاء الثاني الصلب وجزاء الثالث القطع وجزاء الرابع النفي والمراد به الحبس حتى يحدث توبة صرح به في الهداية { على أنه ورد البيان من الشارع على هذا الوجه وأبو حنيفة رحمه الله خير في الثاني بين القتل ثم القطع والقطع ثم الصلب والقتل فقط والصلب فقط } وحمله على اختصاص الصلب بهذه الحالة بحيث لا يجوز في غيرها لا اختصاصها به بحيث لا يجوز فيها غيره { لأن هذه الجناية يحتمل الاتحاد } من حيث أنها قطع المادة فيقتل أو يصلب { والتعدد } من حيث أنه وجد سبب القتل وسبب القطع فيلزمه حكم السببين { ولهذا } أي ولأجل أن أو لأحد الشيئين { قالا في هذا حر أو هذا لعبده ودابته لا تعتق الأبنية لأنه لما ضم إليه مالا يصلح العتق كأنه قال له أن حر أو لا } ولو قال ذلك لم يعتق إلا بنية فكذا هذا كذا في المبسوط { وقال أبو حنيفة لما تعذر الحقيقة يحمل على الواحد المعين مجازا لأنه أولى من الإلغاء ولو قال هذا حرا وهذا وهذا يعتق الثالث } في الحال { ويخير في الأولين كأنه قال أحدهما حر وهذا } وقيل معناه هذا حر أو هذان فيخير بين الأول والأخير فلا يعتق واحد منهم في الحال والأول أولى لما ذكره شمس الأئمة في أصوله أن الخبر المذكور أي حر لا يصلح خبر للاثنين ولا وجه لإثبات خبر يخالفه لفظا لأن العطف للتشريك في الخبر المذكور أو لإثبات خبر آخر مثله لفظا ومعنى وأما ما قيل أن أو هبذا مغير لما قبله بخلاف وهذا لأن الواو للتشريك فيقتضى وجود الأول ويتوقف أولك الكلام على المغير لا على ما ليس بمغير فيثبت التخيير بين الأولين بلا توقف على الثالث فصار المعنى أحدهما حر ثم قوله وهذا يكون عطفا على أحدهما فوهم منشؤه عدم الفهم لمعنى المغير فإن قوله وهذا مغير لما قبله وكون الواو للتشريك لا ينافيه بل يحققه لأنه ولم يكن هذا التشريك كان له أن يختار الثاني وحده وبعدما كان لم يبق ذلك الاختيار بل تعين اختيار الأول وحده أو الآخرين جميعا وهذا القدر كاف في تغيير المراد { وإذا استعمل في النفي خبرا كان أو أنشاء يعم نحو ولا تطع منهم إثما أو كفورا أي لا هذا ولا ذاك لأن أو لأحد الأمرين من غير تعيين { وانتفاء } الواحد المبهم إنما يكون انتفاء المجموع وإن قال لما أفعل هذا أو هذا يحنث بفعل أحدهما إلا أن يدل الدليل على إرادة أحد النفيين فح يفيد عدم الشمول لا شمول العدم { وإذا قال هذا وهذا يحنث بفعلهما لا بفعل أحدهما } لأن الواو للجمع ونفي المجموع يجوزان يكون بنفي البعض إلا أن يدل الدليل على إرادة أحدهما كما إذا حلف لا يرتكب الزنا أو أكل مال اليتيم فإن الدليل وهو كون كل منهما محرما في الشرع دال على أن المراد الحلف على أن لا يفعل واحد منهما لا هذا ولا ذاك { فالضابط أ،ه إن قامت القرينة في الواو على الشمول العدم فذلك وإلا فهو لعدم الشمول واو بالعكس } وأ/ا قيل إن كان للاجتماع تأثير في المنع كما إذا حلف لا يتناول السمك واللبن فلعدم الشمول فلا يحنث بتناول أحدهما لأن هذا اليمين للمنع وإلا فلشمول العدم فلا يصلح ضابطا لأنه ليس بمطرد فإنه إذا حلف لا يكلم هذا وهذا فهو لنفي المجموع مع أنه لا تأثير للاجتماع في المنع ومثله كثير { وقد يكون للإباحة } قد مر ما يتعلق بهذا { نحو جالس الحسن أو ابن سيرين ويلزمها جواز الجمع وبه يفارق التخيير فإنه يلزمه امتناع الجمع } وهذا أعم من منع الخلو { ويعرف أن المراد إيهما بدلالة الحال ولهذا } أي لما في الإباحة من جواز الجمع { قالوا في لا أكلم أحدا إلا فلانا أو فلانا له أن يكلمها لأن الاستثناء من الحظر إباحة وقد تستعار بمعنى إلا } فينصب المضارع بعدها بإضماران { نحو لأقتلنه أو يسلم } ومنه قوله وكنت إذا غمرت قناؤ قوم كسرت كعوبها أو تستقيما وقد تستعار { لمعنى إلى } فينصب أيضا المضارع بعدا بأن مضمرة { كقوله تعالى { ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم } ووجه الاستعارة } في الموضعين { أن تعيين أحدهما قاطع لاحتمال الآخر كالاستثناء والغاية فإن حلف لا أدخل هذه الدار أو أدخل تلك فإن دخل الأولى أو لا حنث وإن دخل الثانية أو لا بر حتى للغاية جارة كانت نحو حتى مطلع الفجر وحتى } رأسها { أو عاطفة فيكون المعطوف أما أفضل أو أخس } إلا أنها إذا كانت جارة لها معنيان إلى وكي وإذا كانت عاطفة لا يكون لها معنى كي { أو ابتدائية فإن ذكر الخبر نحو ضربت حتى زيد غضبان } جواب الشرط محذوف أي فيها ونعمت { وإلا فيقدر من جنس ما تقدم نحو أكلت السمكة حتى رأسها بالرفع } أي بمأكول { هذا إذا دخلت الأسماء وإن دخلت الأفعال فإن احتمل الصدر الامتداد والآخر الانتهاء فللغاية نحو حتى يعطوا الجزية ، وحتى تستأنسوا وإلا فإن صلح أن يكون سببا للثاني يكون بمعنى كي نحو أسلمت حتى أدخل الجنة وإلا فللتعقيب من غير تراخ } استعارة لها بمعنى الفاء { وهذا فما أورده الفقهاء } لم يقل مما اخترعه الفقهاء لأن الصادر منهم بناء الجواب عليه لا بناء الكلام عليه { فإن قال عبدي حران لم أضربك حتى تصبح حنث وإن أقلع قبل الصباح } لأن حتى في مثل هذه الصورة للغاية { وإن قال عبدي حر إن لم آتك حتى تغديني فأتاه فلم يغده لم يحنث لأن قوله حتى تغديني لا يصلح للانتهآء بل هو أدعى إلى الإتيان ويصلح سببا والغداء جزاء فمحمل عليه ولو قال تغد عندك فللتعقيب من غير تراخ لأن فعله لا يصلح جزاء لفعله فصار كقوله إن لم أتك فأتغد عندك حتى إذا تغدى من غير تراخ بر } وفيه نظر إذ لا يلزم من عدم اصلاحية للجزائية عدم الصلاحية للسببية وشرط كونها بمعنى إنما هو السببية وفعل شخص قد يكون سببا لعل الآخر { حروف الجر البال للإلصاق } نحو مسكت بزيد وأما مرت بزيد فالباء فيه صلة فيكون لتكميل متعلقة { فإن قال لا تخرج إلا بإذني يجب لكل } خروج إذن لأن معناه الآخر خروجا ملصقا بإذني وإن قال إلا إن أذن لا أي لا يجب لكل خروج إذن بل يكفي إذن واحد للخروج أو لا وهذا قال لأن حقيقة الاستثناء متعذرة ضرورة أن الإذن ليس من جنس الخروج ومعنى أن أذن الإذن لأن أن أذن فيكون الخروج ممنوعا إلى وقت وجود الإذن وينتهي عنده وقد عارض هذا بوجه آخر وهو أن المصدر قد يقع حينا لسعة الكلام نقول آتيك حقوق النجم أي وقت حقوقه فيكون التقدير لا تخرج وقتا إلا وقت إذني فيجب لكل خروج إذن فأوجب الوجهان الشك فلا يحنث لأن الثابت يقينا لا يزول بالشك { والاستعانة وهي الدلالة على آلة الفعل } نحو كتبت بالقلم { فإن قال بعت هذا العبد بكر من البر يكون بيعا } والكر ثمنا ثبت في الذمة حالا { وإن قال بعت كرا من البر بالعبد يكون سلما } ويصير العبد رأس المار والكر مسلما فيه { فيراعى شرائطه } من التأجيل وقبض رأس المار والكر مسلما فيه { فيراعى شرائطه } من التأجيل وقبض رأس المال في المجلس وغير ذلك { ولا يجري الاستبدال في الكر } قبل القبض بخلاف الأول فإنه يجوز التصرف فيه قبله كما في سائر الأثمان { والمعتبر في الآلة قدر ما يحصل به المقصود } فلا يشترط فيه الاستيعاب { فإذا دخلت } أي الباء { في المحل } وهي حروف مخصوص بالآلة { يكون شبيها له بالآلة فلا يراد كله } إلا إذا قام دليل على إرادة الكل كما في آية التيمم فح يبطل قضية التشبيه { فالتبعيض في مثل قوله تعالى وامسحوا برؤوسكم مستفاد من هذا لا من الوضع } واللغة كما توهم { على الاستعلاء ويراد به الوجوب لأن الحق } سواء كان لله تعالى كالفرائض أو للعبد كالدين والنفقة { يعلوه ويركبه معنى ويستعمل للشرط نحو يبايعنك على أن لا يشركن } بالله شيئا { وهو أي الشرط متعذر في المعاوضات المحضية } أي الخالية عن معنى الإسقاط كالبيع والإجارة والنكاح { لأنها لا تقبل الخطر والشرط حتى لا يصير قمارا فيكون } على { بمعنى الباء إجماعا مجازا لأن اللزوم يناسب الإلصاق فإذا قال بعت منك هذا العبد على ألف فمعناه بألف وكذا في الطلاق على مال عندهما } لأنه معاوضة { من جانبها وعنده للشرط عملا بأصله } لعدم التعذر فإن الطلاق يقبل الشرط { ففي طلقي ثلثا على ألف فطلقها واحدة يجب ثلث الألف عندهما } لأنها بمعنى الباء فيكون الألف عوضا وأجزاء العوض تنقسم على أجزاء المعوض ولا يجب عنده لأنها للشرط وأجزاء الشرط لا ينقسم على أجزاء المشروط { وأما من فقد مر } في فصل العام { أنها للتبعيض وللتبيين والغالب عليها ابتداء الغاية } حتى قال المحققون أن أصلها هذا والبواقي راجعة إليها { وقد تزيد لتأكيد العموم } نحو ما جاءني من أحد { إلى لانتهاء الغاية } والمراد بالغاية المسافة إطلاق لاسم الجزء على الكل { فإن احتمله الصدر } فيها { وإلا فإن أمكن تعلقه بما دل عليه الكلام فذلك نحو بعت إلى شهر بتأجيل الثمن } فإن البيع لا يحتمل الانتهاء لكن يمكن تعلق إلى بما دل عليه الكلام بطريق التضمن فصار كقوله بعت مؤجلا الثمن إلى شهر { وإن لم يمكن يحمل على تأخير صدر الكلام إن احتمله } أي إن احتمل التأخير { نحو أنت طالق إلى شهر ولا ينوي التخيير والتأخيير يقع عند مضي شهر صرفا } للأجل إلى الإيقاع احترازا عن الإلغاء { وقال زفر يقع في الحال } لأن التأجيل صفة لموجود ثم يلغو الوصف لأن الطلاق لا يقبله { واعلم أن الأكثر } وهو المختار { عدم دخول حدي الابتداء والانتهاء في المحدود } فإذا قلت اشتريت من هذا الموضع إلى ذلك الموضع فالموضعان لا يدخلان في الشراء { إلا إذا دل دليل على دخولها أو دخول أحدهما } كما في قولك قرأت من أوله إلى آخره وقيل الظاهر هو عدم الدخول إلا مجازا بلا تفصيل { وقيد إن كانت من جنسه } نحو أكلت السمكة إلى رأسها { فالظاهر الدخول } سواء كانت غاية قبل التكلم أو لا { وإلا } نحو أتموا الصيام إلى الليل { فالظاهر عدمه وقيل كلاهما } أي الدخول وعدمه { سيان } نظرا إلى دلالاة اللفظ { والتعيين يكون من الخارج وقيل نهاتنا ولها صدر الكلام } كما في قوله تعالى { وأيدكم إلى المرافق} { تدخل لأنها للاسقاط } أي لإسقاط ما وراها إن وجد فيما وراها شيء من جنس ما قبلها { أو للتأكيد } إن لم يوجد لدخولها بحكم التناول { وإلا } أي وإن لم تناولها لاصدر كما أتموا الصيام إلى الليل { فلا تدخل لأنها للمد } أي لمد الحكم إليها والفرق بين هذا وما ذكر قبله أنه قد لا يوجد التناول ويوجد المجانسة بين الحد والمحدود كما في قوله تعالى { أسرى بعبد ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى } ومن شرط في الدخول على تقدير التناول أن لا يكون غاية قبل التكلم فقد خالف الجمهور في نحو أكلت السمكة إلى رأسها ثم أنه زعم أن ما ذكره عين ما يقل ثالثا ولا اختلاف بينهما إلا في العبارة مع وضوح الفرق بينهما معنى كيف وقد اختلفا في الموجب في نحو المثال المذكور آنفا ثم ادعى أنه أخذ نتيجة المذاهب المنقولة فيها وهذا مما لا ينبغي أن يذهب إليه ذاهب { فإن قال } تفريع على القول الأخير وهو مختار أبي حنيفة رحمه الله { له على من درهم إلى عشرة يدخل الأول بحكم العرف لا لآخر عند أبي حنيفة رحمه الله } فيجب تسمية وعندهما يدخل الغايتان فيجب عشرة وعند زفر لا يدخل الغايتان فيج ثمانية { ويدخل الغاية في الخيار عنده } أي إن باع على أنه بالخيار إلى غد يدخل الغد في مدة الخيار لأنها غاية الإسقاط { كذا في الأجل } نحو بعت إلى رمضان أي لا أطلب الثمن إلى رمضان { واليمين } في رواية الحسن عنه نحو لا أكلم زيدا إلى رمضان وأصل ذلك إن الخيار وعدم طلب الثمن وعدم التكلم ينصرف عند الإطلاق إلى التأييد فذكر الغاية يكون للإسقاط لا للمد وعندهما لا تدخل عملا بما هو الاصل في كلمة إلى وهو عدم الدخول { في للطرفية إلا أن إضماره يقتضي الاستيعاب نحو صمت هذه السنة دون إثباته نحو صمت في هذه السنة فلو نوى في أنت طالق غدا آخر النهار لا يصدق قضاء } إنما قال قضاء لأنه يصدق ديانة { وفي أنت طالق في الغد يصدق } وإن لم ينو شيئا يتعين الجزء الأول لسبقه بلا مزاحم { ولو قال أنت طالق في الدار تطلق حالا إلا أن يريد في دخولك فيتعلق به على وضع المصدر موضع الزمان } فإنه شائع { أو على استعارة في المقارنة } لما بين الظرف والمظروف من المقارنة المخصوصة { فيصير بمعنى الشرط } ضرورة أن مقارنة الشيء بالشيء يقتضي وجود أحدهما عند وجود الآخر فيلزم تعلق الانطلاق بوجود الدخول ليتقارنا { فلا يقع بأنت طالق في مشيئة الله تعالى } تفريع على ما تقدم من أن في إذا استعير للمقارنة يصير بمعنى الشرط ويقع في علم الله أي يقع بأنت طالق في علم الله وذلك لأن التعليق بمشيئة الله تعالى صحيح ولا علم بوقوع الشرط بخلاف التعليق بعلم الله تعالى والسر فيه أن العلم تابع للمعلوم فلا يمكن تعليق وقوع شيء بعلمه تعالى بخلاف مشيئة الله تعالى فإنها متبوعة ووقوع الكائنات تابع لها ومن غفل عن هذا السر قال ما قال وما ذا بعد الحق إلا الضلال ، ولما لم يصح معنى التعليق فالمراد المعنى التشبيهي للاشتمال كما في زيد في نعمة { أسماء الظروف مع للمقارنة فيقع ثنتان إن قال أنت طالق واحدة مع واحدة } سواء كانت مدخولا بها أو لا { وقبل للتقدم فيقع واحدة إن قال لغير المدخول بها أنت طالق واحدة قبل واحدة } لأن الطلاق المذكور أولا لما وقع قبل الثاني لم يبق محلا للثاني { وثنتان لو قال قبلها واحدة } إذ ليس في وسعه تقديم الثانية بل إيقاعها مقارنة للأولى الواقعة في الحال فيثبت من قصده قدر ما كان في وسعه كما إذا قال أنت طالق أمس يجعل إيقاعا في الحال فيقعان معا { وبعد على العكس } أي لو قال لغير المدخول بها أنت طالق واحدة بعد واحدة يقع ثنتان لما بينا في الثانية ولو قال بعدها واحدة يقع واحدة لما بينا في الأولى { وعند للحضرة فقوله لفلان عندي ألف درهم يكون وديعة لأن دلالتها على الحفظ لا على اللزوم في الذمة } لكن لا ينافيه حتى لو قال عندي ألف دينا يثبت { كلمات الشرط أن للشرط فقط } أي لا يعتبر معه ظرفية ونحوها كما في إذا ومتى { فيدخل في أمر على خطر الوجود } أي متردد بين أن يكون وأن لا يكون { فإن قال إن لم أطلقك فأنت طالق ثلاثا } قيد به حتى يظهر الفرق بين البر والحنث يقع الثلاث { قبيل موت أحدهما لأن الشرط } وهو عدم التطليق { إنما يتحقق عند ذلك ومتى للظرف خاصة فيقع الثلاث كما سكت لا أنه يقع بعد السكوت إن لم يقل موصلا أنت طالق في متى لم أطلقك أنت طالق ثلاثا وإذا عند الكوفيين يجيء للظرف نحو وإذا تحاس الحيس يدعى جندب وللشرط ونحو إذا تصبك خصاصة فتجمل وعند البصر بين حقيقة في الظرف المحض وقد يتضمن معنى الشرط تضمن المبتدأ إياه ودخوله في أمر كأين أو منتظر لا مخالط فهي بلا نية كان عنده وكمتى عندهما في قوله أنت طالق ثلاثا إذا لم أطلقك } أي يقع قبيل موت أحدهما عنده لاحتماله معنى الظرف والشرط فلا يقع لشك ويقع كما سكت عندهما لأنه حقيقة في الظرف { وكمتى بالاتفاق في قوله طلقي نفسك إذا شئت حتى لا يتقيد بالمجلس } بخلاف طلقي نفسك إن شئت فإنه يتغير به ووجه قولهما ظاهر فلذلك لم يذكره له { لا يخرج الأمر من يدها } أي بالقيام عن المجلس على اعتبار أنه للوقت ويخرج { على اعتبار أنه للشرط وقد صار في يدها يقينا فلا يخرج بالشك } من هنا ظهر أن قوله في المسألتين على منوال واحد بلا فرق واختلاف الحكم لاختلاف الحال { وكيف للسؤال عن الحال فإن استقام } فيها { وإلا بطلت } أي وإن لم يستقم السؤال عن الحال فيعتق بقوله أنت حر ويبطل كيف شئت إذ ليس للعتق كيفية تقبل التفويض حتى يصير مجازا عن معنى أنت حر بأية كيفية شئت بخلاف الطلاق فإن له كيفية كذلك حيث يكون رجعيا وبائنا خفيفا وغليظا بمشيئتها { ولهذا تطلق في أنت طالق كيف شئت ويبقى الكيفية } أي كونه رجعيا أو بائنا خفيفا أو غليظا { مفوضة إليها إن كانت مدخولا بها } إنما قيد به لأن كلمة كيف إنما تدل على تفويض الأوصاف دون الأصل ففي غير المدخول بها لا مشيئة بعد وقوع الأصل فيلغو التفويض وفي مدخول بها يكون التفويض إليها { فإن شاءت موافقة لما لواه أو منفردة عنها } أي نية الزوج بأن لا يكون له نية { فذاك وإلا } أي وإن لم يكن لا هذا ولا ذاك وذلك بأن يكون مشيئتها مخالفة لية { فرجعية } لأنهما تعارضا فساقطا وبقي أصل الإيقاع { كما إذا لم تشأ } وهذا عنده وعندهما يتعلق بمشيئتها الأصل أيضا فلا يقع شيء من أنواع الطلاق ما لم تشأ موافقة أو منفردة { لأنه مفوض إليها كل حال } حتى الرجعية { فيلزم تفويض نفس الطلاق } ضرورة أنه لا يكون بدون حال من الأحوال { فعندهما ما هو من التصرفات الشرعية } كالطلاق والعتاق والبيع والنكاح وغيرها { فحاله وأصله سواء } لأن معرفة وجوده بأوصافه فاقتصرت معرفة ثبوته إلى معرفة وصه والوصف أيضا مفتقر إلى الأصل فاستويا وصار تعليق الوصف تعليق الأصل .
فصل :
পৃষ্ঠা ৮০
{ في الصريح والكناية وللصريح لا يحتاج إلى النية ولا إلى ما يقوم مقامها والكناية يحتاج إلى واحد منها ولاستتارها لا يثبت بها ما يندرئ بالشبهة فلا يحد بالتعريض } لأنه نوع من الكناية نحو لست أبا بزان إذا قاله تعريضا بأن المخاطب زان اعلم أن الواقع بكنايات الطلاق مثل أنت باين وأن حرام بوائن عندنا وعند الشافعي لا يقع بها إلا الطلاق الرجعي لأنها كناية عن الطلاق الواقع بصريح الطلاق رجعي فكذا بالكناية عنه لأن الشيء إذا كان كناية يكون الثابت به ما كنى عنه ومشايخنا قالوا في جوابه كنايات الطلاق تطلق مجازا لأنها كناية عن البيونوة عن وصلة النكاح لا عن الطلاق كما هو موجب تلك الإضافة إذا كانت على حقيقتها ومنهم من قال في تعليله لأن معانيها غير مستترة لكن الإبهام فيما يتصل به كالباين فإنه مبهم في أنها باينة عن أي شيء عن النكاح أو عن غيره فإذا نوى نوعا منها وهو البينونة عن النكاح تعين وتبين بموجب الكلام ولو جعلت كناية حقيقة تطلق رجعية لأنهم فسروها بما يستتر منه المراد والمراد المستتر هنا الطلاق فصير كقوله أنت طالق زاعما أنهم إنما ذكروا القول المذكور في جواب ما قيل أن هذه الألفاظ كناية عندكم والكناية هي ما استتر المراد عنها والمراد لمستتر هو الطلاق في هذه الألفاظ فيجب أن يقع بها الرجعي كما في أنت طالق لم يصب لأنه إن أريد به عدم استتار مفهوماتها اللغوية فلا يجدي وإن أريد عم استتار معانيها المرادة فمم كيف ولا يمكن التوصل إليها إلا ببيان من جهة المتكل والمعتبر في الكناية استتار المراد مطلقا أي سواء كان ذلك الاستتار باعتبار المحلى أو غيره وبهذا التفصيل اتضح وجه الجواب الصواب عما قيل ثم إنه قال وبتفسير علماء البيان لا يحتاج في الجواب عنه إى هذا التكلف لأنها عندهم أي يذكر لفظ وقصد بمعناه معنى ثان ملزوم له فيراد بالباين معناه ثم ينتقل منه بنية إلى الطلاق فتطلق على صفة البينونة لا أنه أريد به الطلاق إلا في اعتدى فإنه يقع به الرجعي لأنه يحتمل ما بعد من الإقرار فإذا نواه اقتضى الطلاق إذا كان بعد الدخول وإن كان قبله يثبت بطريق إطلاق اسم المسبب على السبب وكذا استبرى رحمك بعين هذا الدليل فيحتمل أنه أمرها باستبراء الرحم لتتزوج زوجا آخر فإذا نوا اقتضرى كما مر وكذا أنت واحدة لأنه يحتمل الطلاق فغذا نوا يقع واحة رجعية ولا تبين لعدم دلالته على البينونة ولم يصب فيه ايضا لا لأنه يرد على قوله يثبت بطريق إطلاق اسم المسبب على السبب أن المسبب إنما يطلق على السبب إذا كان المسبب مقصودا منه وهذا ليس كذلك لأنه مدفوع بأن الشرط في إطلاق المسبب على السبب هو اختصاصه بالسبب ليتحقق الاتصال من جانبه أيضا كاختصاص الفعل بالإرادة والخمر بالعنب ونحو ذلك والاعتداد شرعا بطريق الأصالة مختص بالطلاق لا يوجد في غيره إلا بطريق التبع والشبه كالموت وحدوث حرمة المصاهرة وارتد الزوج وغيرها بل لان الموضوع له غير مقصود في الكناية ولذلك لا يكون مرجعا للصدق والكذب حتى قبل لا يلزم ثبوته في الواقع فمن أين يلزم الطلاق بصفة البينونة .
{ التقسيم الثالث } :
পৃষ্ঠা ৮২
{ باعتبار ظهور المراد وخفائه ومراتبها اللفظ إما أن يظهر المراد منه أولا والأول ما أن يسوق الكلام له أو لا والثاني الظاهر } شرط فيه عدم كونه مسوقا للمعنى الذي يجعل فيه ظاهرا فامتاز عن قسيمه مفهوما ووجودا وهكذا في سائر القسمين { والأول إما أن يقبل التخصيص أو التأويل } أي أحدهما { أو لا والأول النص } كقوله تعالى { وأحل الله البيع وحرم الربا } ظهار في الحل والحرمة نص في التفرقة بين البيع والربا لأن سوقه لها ومنهنا ظهر أنهما قد يجتمعان في كلام واحد وذلك لا ينافي تباينهما وجودا لأنه لم يجتمعا فيه باعتبار معنى واحد بل باعتبار معنيين { والاثني إماأن يلحقه البيان بدليل قطعي } لا شبهة فيه { أو بدليل ظني } فيه شبهة والثاني المأول والشامل للخفي والمشكل والمشترك والمجمل { والأول إما أن يحتمل النسخ } المراد من النسخ نسخ المعنى ومن الاحتمال ما باعتبار نفس الكلام بأن لا يكون فيه ما يدل على الدوام والتأبيد { أو لا والأول المفسر والثاني المحكم } كقوله عليه السلام الجهاد ماض إلى يوم القيامة { والكل يوجب الحكم ويقم كل منهما على ما دونه عند التعارض والذي لم يظهر المراد منه إن كان ذلك لعارض فخفي وإن كان لنفسه فإن أدرك عقلا فمشكل أو لا بل نقلا فمجمل أو لا أصلا فمتشابه والخفي كآية السرقة خفيت في النباش والطرار لعار وهو اختصاص كل منهما باسم آخر } فإن كان الخفاء أي خفاء اللفظ فيما خفي فيه لمزيه له على ما هو ظاهر فيه في المعنى الذي تعلق له الحم كالطرار فإنه سارق كامل { يثبت فيه الحكم } بطريق الدلالة { وإن كان لنقصان } كالنباش { لا والمشكل أما الغموض في المعنى نحو إن كنتم جنبا فاطهروا فإن غسل طاهر البدن واجب وغسل باطنه ساقط فوقع الإشكال } في الفم لاشتباه الحال { لأنه ظاهر من وجه حتى بنقض الوضوء بخروج الدم إليه وباطن من وجه حتى لا يفسد الصوم بابتلاع الريق فاعتبر الوجهان والحق بالظاهر في الغسل } حتى وجب غسله فيه سواء كان عن جنابة أو غيرها { والباطن في الوضوء } حتى لم يجب غسله فيه سواء كان لحدث أولا وإنما لم يعكس لأن صيغة التكلف في آية الغيل دلت على المبالغة لا دليل في آية الوضوء عليها { أو لغرابة من جهة الاستعارة نحو قوارير من فضة } استعار القوارير لما يشبهها في الصفاء والشفيف ثم جعلها من الفضة مع أن القارورة لا تكون إلا من الزجاج فجاءت استعارة غيريته { والمجمل } وهو ما خفي المراد منه بنفس اللفظ جزء لا يزول إلا بيسان من المجمل سواء كان ذلك لتزاحم المعاني كالمشترك أو لغرابة اللفظ كالهلوع أو للتنقل { كالربا } لأنه في اللغة المطلق الفضل وليس كل فضل حراما بالإجماع ولم يعلم أن المراد أي فضل كان مجملا ثم لما بين النبي عم الربا في الاشياء الستة خرج من حيز الإجمال إلى حيز الإشكال حيث احتيج بعد ذلك إلى القلب والتأمل ليعرف علة الربا فيظهر الحكم في غيرتلك الأشياء { والمتشابه } وهو ما خفي بنفس اللفظ ولا يرجى دركه أصلا { كالمقطعات في أوائل السور } واليد والوجه ونحوهما { وحكم الخفي النظر } أي الفكر القليل لنيل المراد والاطلاع على أن خفائه لمزية أو لنقصان { والمشكل التأمل } أي التكلف والاجتهاد في الفكر ليتميز المعنى عن إشكاله من باب العطف على عاملين مختلفين والمجرور مقدم { والمجمل طلب البيان } من المجمل فبيانه قد يكون شافيا فيصير به المجمل مفسرا كالصلاة وقد لا يكون كبيان الربا فح يحتاج إلى نظر لضد الأوصاف الصالحة للعلية ثم تأمل لتعيين البعض وزيادة صلوحه لذلك ولذلك قال { ثم النظر والتأمل إن احتيج إليهما كمافي الربا والمتشابه التوقف عن طلب المراد مع اعتقاد حقيقته بناء على قراءة الوقف على إلا الله } الدالة على أن تأويل المتشابه لا يعلمه غير الله تعالى { خلافا لمن رأى الوقف على الراسخون في العلم } الدال على أنهم أيضا يعلمون تأويل المتشابهات { وعلى الأول يكون الإنزال للابتلاء } أي يكون الحكمة في إنزال المتشابهات على القول الأول ابتلاء الراسخ في العلم بالتوقف عن الطلب والتأمل جواب دخل مقدر تقريره ظاهر لا يقال فعلى هذا يلزم تضليل عامة السلف في كل قرن إذ ما من آية إلا وتكلم العلماء في تأويلها فيالقرن الأول والثاني ومن بعدهما ولم ينكر عليهم أحد من أهل تلك القرون وهذا كالإجماع منهم على عدم وجوب التوقف في المتشابه لأنا نقول عدم الإنكار مم فإن قراءة الوقف على الله إنكار من القائلين بتلك القراءة على المأولين إلا أنه لما كان للاجتهاد مساغ سكت كل من الفرقين عن تخطئة الآخر في الاعتقاد فتدبر والله الهادي إلى الرشاد { شبهة } لما ذكر في المفسر أن بيانه بدليل لا شبهة فيه ناسب المقام إيراد هذه الشبهة وحلها { قيل أن الدليل اللفظي لا يفيد اليقين لتوقفه على نقل اللغة والصرف لنحو وعدم الاشتراك والمجاز والإضمار والنقل والتخصيص والتقديم والتأخير } كما في قوله تعالى { وأسروا النجوى الذين ظلموا } قالوا تقديره والذين ظلموا أسروا النجى كيلا يكونمن قبيل أكلوا في البراغيث { والناسخ أو المعارض العقلي } الأول مخصوص بالإنشاء والثاني بالأخبار فاللازم عدم واحد منها ولذلك عطفه بأو وهي ظنية أما الوجوديات وهي نقل اللفة والصرف والنحو فلعد عصمة الرواة وعدم التواتر وأما العدميات وهي من قوله وعدم الاشتراك { فلأن مبناها على الاستقراء } وعدم الوجدان وغاية ما يفيده الظن { وأجيب بمنع ظنية الوجوديات في كل دليل لفظي فإن منها ما هو متواتر لغة } كمعنى الأرض والسماء { وصرفا } ككون مثل ضرب فعل ماضي { ونحوا } كرفع الفاعل ونصب المفعول { ومنع بناء العدميات على الاستقراء فإن وجود قرينة قطعية الدلالة على إرادة الأصل مغن عنه } أي عن الاسقراء { فيجوز أن يؤلف كلام من المتواترات } لغة وصرفا ونحوا } معه من القرائن ما يدل قطعا } على المراد فيكون قطعية الدلالة على المطلوب قيل من ادعى أن لا شيء من التراكيب بمفيد للقطع فقد أنكر جميع المتواترات كوجود بغداد فما هو إلا محض السفسطة أو العناد وورد بمنع ذلك فإن كون كل جزء ظنيا لا ينافي إفادة المجموع القطع بواسطة انضمام دليل عقلي إليه وهو جزم العقل بامتناع اجتماعهم على الكذب واعلم أنهم يستعملون العلم القطعي في معنيين أحدهما ما يقطع الاحتمال أصلا كالعلم الحاصل بالمتواتر والثاني ما يقطع الاحتمال الناشي عن دليل كالعلم الحاصل بالمشهور والأول يسمونه علم اليقين والثاني علم الطمأنية .
পৃষ্ঠা ৮৬
{ باب البيان } لما كان الفريق بين المفسر وما دونه باعتبار القبول لبيان التفسير وعدم القبول له والفرق بين المحكم وما دونه باعتبار القبول لبيان التبديل وعدم القبول له احتيج هنا إلى معرفة ذينك البيانين فلذلك ذيل التقسيم الثالث بباب البيان أيضا لما كان طريق الاقتضاء الآتي ذكره في التقسيم الرابع ملتبسا بطريق الضرورة ناسب تقديم بيان الضروري كيلا يشتبه الثبوت اقتضاء بالتثبوت ضرورة { وهو إظهار المراد من كلام سابق } احترز به عن الإظهار بالنصوص الواردة لبيان الأحكام ابتداء { وما يتعلق به } أي بالمراد منالكلام السابق وإنمازيد هذا ليتظم التعريف بيان التبديل { وهو إما بالمنطوق إو غيره الثاني بيان الضرورة والأول إما أن يكون من الكلام } لم يقل إما أن يكون بيانا لمعنى الكلام لعدم انتظامه استثناء التعطيل بخلاف إظهار المراد من الكلام أو من اللازم له { كالمدة الثاني لبيان تبديل والأول إما أن يكون بلا تغيير أو معه الثاني بيان تغيير كالتخصيص موصلا } احترز به عن المفصول لأنه نسخ عندنا { ولاستثناء } وضعيا كان أو عرفا { والشرط والصفة والغاية } المدة التي دل عليها لغاية من فحوى الكلام بخلاف ما دل عليه الناسخ { والأول إما أن يكون معنىالكلام معلوما لكن الثاني أكده بقطع الاحتمال ومجهولا كالمشترك والمجمل الثاني بيان تفسير الأول بيان تقرير وبيان التفسير يجوز بخبر الواحد في جوازه به دلاله على جواز بيان التقرير به ولذلك اكتفى بذكره وإن كان المبين قطعيا } سواء كان من الكتاب أو من السنة { ويجوز تأخيره إلا إذا كان مما لا بد منه } بأن يكونالمبين حكما إيجابيا أو تحريميا أو وضيعيا لازما ويكون بحيث لا يمكن أن يدرك المراد منه قبل البيان { فح لا يجوز تأخيره عن وقت الحاجة } عند الجمهور خلافا لمن جوز التكليف بما لا يطاق لأنه تكليف ما لا يطلق ويجوز عن وقت الخطاب خلافا لأكثر المعتزلة والحنابلة وبعض الشافعية فإنهم لا يجوزون تأخير بيان ما يحتاج إلى البيان عن وقت الخطاب أيضا وافقهم الكرخي في غير المجمل فمذهبه أن ما افتقر على البيان كان مجملا جاز تأخير بيانه إلى وقت الحاجة وإلا فلا فالاستدلال به { لقوله تعالى { إن إن علينا بيانه } } وذلك أن ثم نص في التراخي وعلى صريح في اللزوم ولا لزم في غير بيان التفسير وإذا ثبت فيه جواز التأخير ثبت في بيان التقرير دلالة وفيه نظر لأن أداة التراخي لم تدخل على البيان بل على عبارة اللزوم فلا بد من صرف التراخي إلى ما في الرتبة { وبيان التغيير بخبر الواحد لا يجوز ابتداء } وإنما قيد به لأنه يجوز بيان التغيير للقطعي بخبر الواحد بعدما صار ظنيا ببيان آخرة مرة { إن كان المبين قطعيا } سواء كان من الكتاب أو السنة لأنه دونه حيث كان ظنيا فلا يعارض القطعي فلا يصلح مغيرا له { فلا يجوز تخصيص الكتاب ابتداء بخبر الواحد لأن التخصيص بيان تغيير عندنا خلافا للشافعي فإنه بيان تفسير عنده لما تقدم أن العام عنده دليل فيه شبهة فيحتمل الكل والبعض فبيان إرادة البعض يكون تفسيرا وعندنا قطعي في الكل فيكون التخصيص تغييرا لموجبه { ولا مفصولا } أي لا يجوز بيان التغيير إلا موصولا من غير ضرورة فما يكون لضرورة التنفس أو السعال ونحوهما لا يمنع الجواز { فلا يصح الاستثناء إلا موصولا لقوله عليه اسلام فليكفر عن يمينه ولو صح الاستثناء متراخيا لما أوجبها } أي لما أوجب النبي عليه السام الكفارة عينا إذ ح يكون الواجب أحد الأمرين الاستثناء أو الكفارة { بل قال فليستثنى } أو يكفر فأوجب أحدهما لا بعينه إذ لا حنث مع الاستثناء { ونقل عن ابن عباس رضي الله عنه الخلاف } روى عنه أنه قال يصح الاستثناء وإن طال الزمان شهرا وأنكرت عليه امرأة في ذلك وقالت لو كان ما قاله جائز ألم يكون لقوله تعالى { وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث } معنى { قالوا بيان التغيير متصلا يلزمه التناقض } لما فيه من إثبات شيء ونفيه في زمان واحد الألم يوجد التغيير وقد وقع في التنزيل المنزه عن النقص { فلا بد من توجيهه بأن المجموع يصير كلاما واحدا } موجبا للحكم على تقدير الشرط والصفة مثلا وساكتا عن توبته ونفيه على تقدير عدمه حتى لو ثبت ثبت بدليله ولو انتفى انتفى بناء على عدم دليل الثبوت على ما يأتي في فصل مفهوم المخالفة { بناء على أن الكلام إذا تعقبه مغير توقف على الآخر وفيه نظر إذ ح لا يوجد معنى التغيير } وفهم الإطلاق على تقدير عدم المغير لا يكفي وإلا يوجد بيان التغيير في جميع متعلقات الفعل { وكذا التخصيص } أي لا يصح أيضا إلا موصولا { خلافا للشافعي } بناءا على ما تقدم أنه بيان تغيير عندنا وبيان تغييره عنده { واعلم أنه لا خلاف } بيننا وبينه { في قصر العام } على بعض ما تناوله { بكلام مستقل متراخ إنما الخلاف في أنه تخصيص } حتى يصير العام به ظنيا في الباقي { أو نسخ } حتى يبقى على ما كان { فلا وجه للاحتجاج } أي لما كان الخلاف في الثاني دجون الأول لا وجه لاحتجاج الخالف بقوله تعالى إن تذبحوا بقرة إنا تشتمل كل فرد من جنس البقر على سبيل البدل ثم بين متراخيا بأن المراد بقرة معينة { ولا بقوله تعالى وأهلك } أنها تعم النساء والأولاد ثم خص منه بعض أبنائه متراخيا بقوله أنه ليس من أهلك { ولا بقوله تعالى ما تعبدون من دون الله } روى أنه عليه السلام لما تلى الآية على المشركين قال له ابن الزبعري قد خصمتك ورب الكعبة ليس اليهود عبدوا عزيرا والنصارى عبدوا المسيح وبنو مليح عبدوا الملائكة فقال عليه السلام بل هم عبدوا الشياطين التي أمرتهم بذلك فأنزل الله تعالى { إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون } فخص عزير وعيسى والملائكة عليهم السلام متراخيا { لأن الثابت بها } على تقدير تمامها { قصر العام بالتراخي } وقد عرفت أن الخلاف في أمر آخر وراء ذلك والأدلة المذكورة قاصرة عن بيانه ولا للجواب من طرف أصحابنا { بأن الأول نسخ للإطلاق لأنه مشاجرة في خلافية } وذلك أن الخلاف بيننا وبين الشافعي في موضعين أحدهما ما مر بيانه والآخر في الفرق بين تخصيص العام وتقييد المطلق وما ذكر جوابنا عن احتجاج الخصم في الموضع الثاني { وبأن الأهل لم يكن تناولا للابن الكافر لأن من لا يتبع الرسول لا يكون من أهله سلمنا لكن استثنى بقوله إلا من سبق لأنه أيضا مشاجرة في غير محل الخلاف } لما عرفت أن لا تنازع في صحة قصر العام متراخيا وهذا الجواب إنما يناسب من نازع فيها كما لا يخفى ثم أن ما ذكر من تخصيص معنى الأهل لا يساعده أهل اللغة فإن المعبر فيه عندهم القرابة دون المتابعة في الدين { وبأن ما تعبدون من دون الله لا يتناول عزير وعيسى والملائكة عليهم السلام } لا لأن ما لغير العقلاء لما مر أنه على خلاف ما عليه الجمهور { بل لأنهم ما عبدوهم حقيقة على ما أفصح عنه قوله عليه السام بل هم عبدوا الشياطين التي أمرتهم بذلك } فقوله تعالى { إن الذين سبقت لهم منا الحسنى } الآية لدفع ذهاب الوهم إلى التناول لهم عليهم السلام نظر إلى الظاهر لما مر آنفا { واعلم أنه لا فرق بين التخصيص والاستثناء في كونهما بيان تفسير عند الشافعي } كما لا فرق بينهما في كونهما بيان تغيير عندنا موجب ما ذهب إليه أن لا يفرق بينهما في صحة التراخي { لكن الاستثناء لما كان غير مستقل لم يصح فيه التراخي } لعدم استقلاله لا لكونه مغيرا .
فصل :
পৃষ্ঠা ৯০
{ في الاستثناء } مشتق من الثني تقول ثنيت الشيء إذا منعه وصرفته عنحاجته واعلم أنه لا شبهة في أن صيغة الاستثناء حقيقة في المتصل ومجاز في المنقطع ولذلك لا يحمل عليه إلا عند تعذر الأول وأما لفظ الاستثناء فحقيقة فيهما بعرف أهل النحو وإن كان مجازا في الثاني بحسب اللغة فلا مانع عن تقسيمه إليهما ولا عن تقديم تعريفه الجامع لهما وهو ما دل على مخالفة بلا غير الصفة ونحوها إلا أن المقصود ههنا لما كان هو الأول إذ لا حظ للثاني عن البيان وإنما بذكر في هذا الفصل استطرادا لم يتعرض لتعريف الاستثناء المشترك بينهما { وصيغته موضوعة لمنع بعض ما تناوله صدر الكلام عن الدخول } بحسب دلالة اللفظ لا بحسب الواقع لأن الاستثناء تصرف لفظي فلا تأثير له إلا بحسب دلالة اللفظ لا بحسب الواقع لأن الاستثناء بصرف لفظي فلا تأثير له إلا في الأول { في حكمه } أي في حكم صدر الكلام قوله تعض ما تناوله لإخراج الاستثناء المستغرق الباطل { بإلا أو نحوها } إنما ذكره بأداة الفصل لأن الشرط واحد من أداته لا بعينه وبه خرج سائر التخصيصات { هذا } إشارة إلى ما ظهر مما تقدم من كون الاستثناء مخصوصا بالصيغة المذكورة { في العرف } يعني عرف أهل النحو { وأما في الشرع فهو على قسمين وضعي وهو ما ذكر وعرفي وهو التعليق ظاهرا } ستقف على وجه هذا القيد إن شاء الله تعالى { لمشيئة الله تعالى } قال في البدائع أنه ليس لاستثناء في الوضع بل تعليق إلا أنهم تعارفوا إطلاق اسم الاستثناء على هذا النوع قال الله تعالى { إذ أقسموا ليصرمنها مصبحن ولا يستثنون } أي لا يقولون إن شاء الله تعالى انتهى ولا يذهب عليك أن المعنى اللغوي للاستثناء جامع لهذين النوعين وبعض مشايخنا قال الاستثناء نوعان استثناء تحصيل وهو النوع الأول لأنه تكلم بالحاصل بعد الثنيا واستثناء تعطيل وهو النوع الثاني لأن الباطل من قسمي الاستثناء المستغرق داخل فيه وليس من النوع الثاني { وهذا } أي القسم العرفي إبطال وإعدام للحكم من الأصل { لما يتعلق باللسان } من الأحكام نحو الطلاق والعتاق وأما النية فعمل القلب فلا تأثير فيها للاستثناء { عند أبي حنيفة ومحمد وتعليق } لكن بشرط لا يوقف عليه فلذلك لا يقع المعلق أصلا { عند ابي يوسف فلو حلف لا يحلف بالطلاق مثلا يحنث بذلك عنده لا عندهما } من هنا ظهر أن حقه أن يذكر في هذا الفصل من حيث أنه استثناء لا من حيث أنه تعليق { وذاك } أي القسم الوضعي { بيان من وجه لأنه يبين أن المراد هو البعض وتغيير من وجه لأنه يغير موجب الصدر إذ لولاه لشمل الكل وكذا النسخ بيان من وجه تغيير من وجه } إلا أنه { بالنظر } إلى المدة على ما مر فيما تقدم { ولا تعرض فيه لمعنى الكلام فمن وهم أنه تغيير محض لمعنى الكلام فقد وهم { ولا تناقض في الاستثناء } دفع لما يتبادر إليه الذهن من أن قولك له على عشرة إلا ثلاثة إثبات للثالثة في ضمن العشرة ونفي لها صريحا { لعدم الشمول } أي لا شمول في المستثنى منه للمستثني بحسب الإرادة { بالفعل } على ما نبه عليه فيما تقدم بقوله إذ لولاه لشمل الكل وكان القوم في دفعة على طرائق قددا فتقرقروا أيادي سبأ وذهبوا بددا { واختلفوا على ثلاثة مذاهب } إذ لا بدمن أحد التقريرات الثلاث لأنه إن أريد في المثال المذكور عشرة وأسند إليه فالتناقض ظاهر وانتفاؤه بأن لا يراد العشرة أو يراد ولا يسند إليه والأخير أول المذاهب وأولاها وعلى الأول إن أريد بها السبعة فهو ثانيها وإن لم ترد بها السبعة وهي مرادة قطعا فيكون مراده بالمركب فهوثالثها { الأول } وهو مذهب الحنفية { أن العشرة في قوله على عشرة إلا ثلاثة أطلقت على معناها } فيتناول السبعة والثلاثة معا ثم أخرج منها ثلاثة حتى بقيت سبعة ثم أسند الحكم إلى العشرة المخرج منها الثلاثة فلم يقع الإسناد إلا إلى السبعة والثاني وهو مذهب الشافعية { أنها أطلقت على السبعة مجازا وقوله إلا ثلاثة قرينة له فهو } أي قوله إلا ثلاثة { كقوله ليس له على ثلاثة فيكون كالتخصيص بالمستقبل } في بيان أن الحكم المذكورة في الصد وارد على السبعة والحكم في البعض الآخر على خلافه ولا فرق بينهما إلا بالاستقلال وعدمه وعلى المذهب الأول هذا الفرق ثابت بينهما مع فرق آخر وهو أن الاستثناء لا يثبت حكما مخالفا لحكم الصدر بعبارته بخلاف التخصيص ومشايخنا قالوا في رده أن العشرة اسم علم للعدد المعين لا يقع على غيره ولا يحتمله إذ لا يجوز أن يسمى السبعة مثلا عشرة بخلاف العام فإن المشتركين إذا خص منه نوع كان الاسم واقعا على الباقي بلا خلل { والثالث } وهو مذهب القاضي أبي بكر { أن قوله عشرة إلا ثلاثة أطلق على السبعة } حتى كأنه وضع لها إسماه مفرد وهو سبعة ومركب وهو عشرة إلا ثلاثة { فكأنه قال على سبعة فهذا يشارك الأول في كونالاستثناء تكلما بالباقي بعد الثنيا } أي الاستثناء فإن الإخراج على الأول ولما كان قبل الحكم كان التكلم في حق الحكم بالباقي بحسب وضعه ومقتضى عبارته إلا أنه يفارق من حيث أن الاستثناء ح يكون في العددي { كالتخصيص بالعلم } كأنه قال له على سبعة { وفي غير العددي كالتخصيص بالوصف كأنه قال جائني غير زيد ولا دلالة لهما على نفي الحكم عما عداهما إلا عند القائلين بمفهوم المخالفة وعلى الأول يكون آكد } في دلالته على أن الحكم في المستثنى مخالف لحكم الصدر { منهما } أي من التخصيص المذورين في نفي الحكم عما عداهما { لأن في ذك رالمجموع أولا ثم إخراج البعض ثم الإسناد إلى الباقي إشارة إلى أن حكم المستثنى خلاف حكم الصدر بخلاف له على سبعة وجاءني في غير زيد } ولقائل أن يقول لا ثم أن الإشارة إلى ما ذكره بل إلى أن حال المستثنى خلاف حال الصدر وذلك كما يكون بالاختلاف في الحكم نفيا أو إثباتا كذلك يكون بالاختلاف فيه وجودا وعدما بأن يتحقق الحكم في أحدهما دون الآخر ويكون الآخر مسكوتا عنه { ويفارقان } أي الأول والثالث { الثاني في أنه ح يكون إثباتا ونفيا بالعبارة } أي يكون المستثنى والمستثنى منه على المذهب الثاني جملتين أحديثما مثبتة والأخرى منفية بطريق العبارة لا بطريق المفهوم ولا بطريق الإشارة { وقال ابن الحاجب في رد الثالث أنه لم يعهد في لغة العرب لفظ مركب من ثلاثة } أي من ثلاثة ألفاظ دل على ذلك الاستقراء { ولا مركب أعرب جزؤه الأول وهو غير مضاف } إنما اعتبر ابن الحاجب هذا القيد كيلا يتجه النقض بمثل أبي عبد الله { وعلى ما ذكر } من المذهب الثالث { يلزم هذا ن المحذوران } وهذا ظاهر { ومن تصدى الجواب عنه بأن المراد } يعني مراد من ذهب إلى أن قوله عشرة إلا ثلاثة أطلق على السبعة فكأنه قال على سبعة { المطابقة } بين القولين المذكورين { في المعنى لا الموافقة في الوضع } فإن الوضع في الأول كلي وفي الثاني جزئي { فلا يلزم ما ذكر } من المحذورين لأن مبناه على أن يكون الوضع في الأول جزئيا { فقد أتى بشيء عجاب إذ لا يخفى أنه لا يفي بالمقصود } وهو بدفع التناقض بطريق ثالث لأن المفردات ح } أي تقدير أن لا يكون للقول الأول وضع جزئي { مستعملة في معانيها إلا فرادية فإن أريد } في المثال المعهود { عشرة واستداليه فالتناقض وإن لم أريد ولم يسند إليه فهو } المذهب { الأول وإن لم يرد بل أريد سبعة فهو } المذهب { الثاني فيبقى } لصاحب المذهب الثالث على التأويل المذكور { مجرد قول بلا معنى } لا يسمن ولا يغني { قيل هذا المذهب هو المشهور من مشايخنا وبعضهم } كالقاضي الإمام أبي زيد الدبوسي وفخر الإسلام اليزدوي وشمس الأئمة السرخسي { ما لو في الاستثناء الغير العددي إلى المذهب الأول بحكم العرف وقذفهم هذا من قولهم } يعني أنهم لم يصرحوا بهذا المذهب لكن فهم مما ذكروا { في كلمة التوحيد أن إثبات الآله بالإشارة } أن مذهبهم { هذا لأنه } أي لأن الاستثناء الغير العددي { على } المذهب { الثالث كالتخصيص بالوصف } فصار كقوله لا إله غير الله موجود { وهم يقولون به } فإن التخصيص بالوصف عند هؤلاء لا يدل على نفي الحكم عما عداه ولا دلالة على وجوده تعالى بطريق الإشارة فعلم أن مذهبهم ليس هذا المذهب { وليس مذهبهم هو } المذهب { الثاني لأن النفي والإثبات عليه } أي على هذا المذهب { بطريق العبارة } لا بالإشارة { فعلم أنه } أي أن مذهبهم في الاستثناء الغير العددي هو المذهب الأول { الحكم العرف } يعني أن العرف شاهد على أن الاستثناء يفيد إثبات حكم مخالف للصدر بطريق الإشارة دون العبارة بقي الكلام في ثبوت هذا العرف وفرقة بين العددي وغيره { وهذا ما يناسب لما قال علماء البيان أن الاستثناء وضع لنفي التشريك والتخصيص يفهم منه ولما قال أهل اللغة أنه إخراج وتكلم بالباقي ومن النفي إثبات وبالعكس فيكون إخراجا من الأفراد وتكلما بالباقي في حق الحكم ونفيا وإثباتا بالإشارة } يعني في القول بأن الاستثناء الغيري العددي يفيد النفي والإثبات بطريق الإشارة توفيق بين الإجماعات الأربعة { وفي العددي ذهبوا إلى } المذهب { الثالث حتى قالوا في إن كان لي الأمانة فكذا إن لم يملك إلا خمسين } لأنه على المذهب الثالث كقوله إن كان لي فوق المائة فلا يشترط وجودها { ولو قال ليس له على عشرة إلا ثلاثة لا يلزمه شيء لأنه كقوله ليس له على سبعة واحتج علي } المذهب { الثاني } بإبطال الآخرين { بأن وجود التكلم مع عدم حكمه في البعض } بناء علىمانع { شائع كالعام المختص } الذي انعدم حكمه في القدر المخصوص { وإما إعدام التكلم الموجود } اللازم على المذهب الأول والثالث { فغير معقول } لم يقل فلا لأن دلالته على عدم الشيوع وهو لا يناسب المقام { وبإجماعهم } أي إجماع أهل اللغة { على أنه من الإثبات نفي بالعكس } وهذا صريح في أن الاستثناء يدل على أن حكم المستثنى مخالف لحكم الصدر فيكون معارضا له لا في حكم المسكوت عنه بالإجماع أطلق هذا الإجماع لأن المراد ههنا الإجماع المعهود وهو إجماع المجتهدين { على أن لا إله إلا الله كلمة التوحيد } فإنه لا يتم إلا بإثبات الألوهية له تعلى ونفيها هما سواه { وأما ما قيل } في رد المذهب المذكور { لو كان المراد البعض يلزم في اشتريت الجارية إلا نصفها استثناء نصفها من نصفها وهو ليس بمراد قطعا مع أنه يلزم ح التسلسل } تقريره أن استثناء النصف من الجارية يقتضي أن يراد بها النصف وإخراج النصف من النصف يقتضي أن يراد بها الربع وإخراج النصف من الربع يقتضي أن يراد بها لاثمن هكذا إلى غير النهاية { فمردود بأن ما ذكر } من لزوم { استثناء نصف الجارية من نصفها إنما يلزم أن لو كان النصف مستثنى { من المراد وليس كذلك بل هو مستثنى } من المتناول } أي ما تناوله اللفظ { وهو الجارية بتمامها } على ما سبق أن الاستثناء عبارة عن منع بعض ما تناوله صدر الكلام عن الدخول في حكمه وما يلزم ح من جواز استثناء بعض الإفراد الحقيقي عن اللفظ المستعمل في معناه المجازي متصلا غير محذور عند أصحاب المذهب المذكور والقبح في جعلوا الأصابع في آذانهم إلا أصولها بأن يراد بالأصابع الأنامل ويخرج منها الأصول على أنه استثناء متصل من جهة أن قوله في آذانهم لما دل على أن المراد بالأصابع هو الأنامل صار قوله إلا أصولها لغوا ومحل النزاع خلو عن تلك الجهة إذ لا قرينة فيه للمعنى المجاز يسوى الاستثناء وأجيب عن الوجوه المذكورة في إثبات المذهب الثاني { بأنه لا إعدام للتكلم أما على الأخير فلأن القول بأن عشرة إلا ثلاثة اسم للسبعة تقرير له } أي تقرير للتكلم بإثبات أثره { وأما على الأول فلأن الإطلاق والإخراج أثر الوجود والتكلم بالباقي إنما هو نظرا إلى الحكم فلا ينافيه } أي فلا ينافي وجود التكلم بالكل هذا هو الجواب عن الوجه الأول بمنع دلالته على نفي المذهبين الأخيرين أما الجواب عنه بأن العشرة لفظ خاص للعدد المعين لا عام كالمسلمين فلا يجوز إرادة البعض بالاستثناء كما لا يجوز بالتخصيص فليس بصواب لأن المجار باعتبار إطلاق اسم الكل على البعض شايع حتى في الأعلام فإن زيدا مثلا يطلق ويراد به بعض أعضائه وأن قولهم هو من الإثبات نفي وبالعكس مجاز جواب عن الوجه الثاني وتقريره نعم أنهم أنفقوا على هذا القول لكن لا نم أنه على حقيقة بل هو مجاز { والمراد أنه لم يحكم عليه } أي على المستثنى { بتحكم الصدر لا أنه حكم عليه بنقيضه } أي ينقبض حكم الصدر والثاني أخص من الأول فوجه المجاز ذكر الخاص وإرادة العام { إذ لا صحة له في بعض الصور كقوله تعالى وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ فإنه كقوله وما كان له أن يقتل مؤمنا عمدا لا أن يقتل مؤمنا عمدا لا أنه كان له أن يقتل خطأ لأنه يوجب إذن الشرع به } ولم يقل به أحد { واحتمال الانقطاع منقطع } أي لا وجه لأن يكون قوله إلا خطأ استثناء منقطعا كما قاله الشافعية دفعا للمحذور المذكور عن مذهبهم { لأنه } أي لأن قوله الأخطاء { مفعول له أو حال أو صفة مصدر محذوف فيكون مفرعا } والاستثناء { المفرغ متصل } لأنه معرب على حسب العوامل فيكون من تمام الكلام ويفتقر إلى تقدير مستثنى منه عام مناسب له في جنسه ووصفه { وأما الاحتجاج على إبطاله } أي على إبطال كون الاستثناء من النفي إثباتا وبالعكس { بأن قوله عليه السلام لا صلاة غلا بطهور كقوله لا صلاة بغير طهور ولو كان نفيا وإثباتا يلزم صلاة بطهور ثابتة فيصح كل صلاة بطهور لعموم النكرة الموصوفة وهذا باطل } لأن بعض الصلاة بطهور باطلة كالصلاة إلى غير جهة الكعبة ونحوها { ولأن الاستثناء متعلق بكل فرد } تقريره أن قوله لا صلاة سلب كلي بمعنى لا شيء من الصلاة بجائزة والسلب الكلي عند ودود الموضوع في قوة الإيجاب الكلي المعدول المحمول فيكون المعنى كل واحد من أفرد الصلاة غير جائزة إلا في حال اقترانها بالطهور فيجب أن يتعلق الاستثناء بكل صلاة إذ لو تعلق بالبعض لزم جواز البعض الآخر بلا جهور ضرورة أنه لم يشترط الطهور إلا في بعض الصلاة وهو بط وإذا تعلق الاستثناء بكل فرد والاستثناء من النفي إثبات لزم تعلق إثبات مانع عن الصدر بكل فرد من أفراد الصلاة فيكون المعنى كل واحد من أفراد الصلاة جائزة حال اقترانها بالطهورة وهوبط لما مر { فليس بشيء للقطع بأن مثل قولنا أكرمت رجلا عالما لا يدل على إكرام كل عالم وكون الوصف علة تامة للحكم بحيث لا يحتاج إلى شيء آخر غير مسلم في شيء من الصور فضلا عن جميع الصور والقول بعموم النكرة الموصوفة مما قدح فيه كثير من العلماء الحنفية فضلا عن القائلين بأن الاستثناء من النفي إثبات وبالعكس { ولا نزاع لأحد في أن من حلف لا كر من رجلا عالما يبر بإكرام عالم واحد } على أن القائلين بعموم النكرة لا يشترطون في العموم الاستغراق { وأما ما ذكره ثانيا فمنشؤه عدم الفرق بين وقوع النكرة في سياق النفي ووقعها في سياق الإثبات وذلك أن الموضوع في صدر الكلام نكرة دالة على فرد ما وإنما جاء عمومها من ضرورة وقوعها في سياق النفي ففي جانب الإثبات أيضا يؤخذ ذلك الموضوع ولا يعم لكونه في الإثبات فيكون المعنى لا صلاة جائزة إلا في حال الاقتران بالطهور فإن فيها ينتفي هذا الحكم وثبت نقيضه وهو جواز شيء من الصلوات إذ نقيض السلب الكلي إيجاب جزئي { وحصول الإيمان بكلمة التوحيد من المشرك والدهري المنكر للصانع بحسب عرف الشرع } جواب عن الوجه الثالث وتقريره واضح وأما الجواب عنه بأن معظم الكفار كان مشركين غير منكرين لوجود الإله فسيق الكلام لنفي الغير ثم يلزم منه وجوده تعالى إشارة على المذهب الأول لأنه لما ذكر الإله ثم أخرج الله تعالى ثم حكم على الباقي بالنفي يكون ذلك إشارة إلى أن حكم المستثنى خلاف حكم الصدر وإلا لما أخرج منه وضرورة على المذهب الأخير لأن وجود الإله لما كان ثابتا في عقولهم يلزم من نفي غيره وجوده ضرورة فغير تام لعدم تمشية في حق الدهري المنكر لوجود الصانع ثم أن قوله وإلا لما أخرج في معرض المنع معرض المنع على ما تقدم بيانه وأيضا حق الإشارة أن تنقلب عبارة إذا سيق الكلام لما ثبت بها إذا الفرق بينهما ليس إلا من تلك الجهة وهو غير متحقق ههنا فإنا إذا قلنا لا إله إلا الله قاصدين التوحيد لا يثبت توحيده تعالى بطريق العبارة على المذهب الأول فتأمل { مسألة شرط الاستثناء أن يكون } المستثنى منه { بحيث يدخل فيه المستثنى قصدا } وحقيقة { على تقدير السكوت عنه } أي الاستثناء { لا بتعا } وحكما { فلهذا قال أبو يوسف لو وكل بالخصومة واستثنى الإفراد لا يجوز لأنه إنما يجوز له الإقرار لأنه قائم مقامه فيثبت بالوكالة ضمنا { لا لأنه } أي الأفراد { من الخصومة } حتى يصح إخراجه { فلا يصح استثناؤه } ولا ،إبطاله بطريق المعارضة { لكن له أن ينقض الوكالة وقال محمد يصح لأن المراد بالخصومة الجواب مجاز } لأن الخصومة حقيقة مهجورة شرعا { فدخل فيها الإقرار والإنكار قصدا فيصح } أي فعلى هذا الوجه { الاستثناء موصولا } لا مفصولا لأنه بيان تغيير { ولأنه بيان تقرير نظرا إلى الحقيقة اللغوية لأن الإقرار مسالمة لا خصومة فيصح } أي فعلى هذا الوجه يصح الاستثناء مفصولا أيضا { ولو استثنى الإنكار } عن الوكالة بالخصومة { قيل لا يصح بالاتفاق } لما فيه من تعطيل اللفظ عن حقيقته أعني المنازعة والانكار ومجازه أعني مطلق الجواب { والأصح أنه على الخلاف أيضا بناء على الوجه الأول لمحمد } وهو أنه مجاز عن الجواب شامل للإقرار والإنكار فيتجوز استثناء أيتهما كان ولا يلزم التعطيل لأنه قصد المجاز واستثنى بعض الأفراد { ولا يتأتى ذلك على الوجه الثاني } لأن الاستثناء أيضا لكن لا للدليل الذي ذكره في استثناء الإقرار إذ الإنكار يثبت بالخصومة قصد الاضمن بل لأن الوكالة بالخصومة وكالة بالإنكار لما ذكر أن الإقرار ليس من الخصومة فلا يصح استثناء الانكار منها لأنه بمنزلة استثناء الشيء من نفسه وثبوت الإقرار ضمنا لا يجدي لما مر أن شرط الاستثناء هو أن يكون المستثنى مما أوجه الصيغة قصدا { مسألة الاستثناء متصل } إن كان المستثنى بعض المستثنى منه { ومنقطع } إن لم يكن بعضه وقد عرفت فيما تقدم أن المعنى العرفي للإستثناء مشترك بينهما فيصح انقسامه إليهما { وصيغته مجاز في الثاني } على ما مر بيانه { قال اصحابنا ان الاستثناء في قوله تعالى إلا الذين تابوا منقطع } لا لما ذكره فخر الاسلام أن صدر الكلام الفاسقون والتائبون ليسوا منهم لأن الفاسقون ليس مستثنى منه بل حكمه أنما المستثنى منه قوله اولئك أي الذين يرمون والرماة التائبون منهم قطعا كزيد في قولك القوم منطلقون إلا زيدا فإنه خارج المنطلقين داخل في القوم لا يقال لا يهمه كون الفاسقون صدر الكلام ولا تعرض له في تعليله والتقريب يتم بعدم كون التائب من الفاسقين حقيقة لأن من شرط الاتصال في الاستثناء يتناول الحكم للمستثنى على تقدير السكوت عن الاستثناء لأن نقول الشرط على ما عرفت فيما تقدم إنما هو التناول بحسب دلالة اللفظ لا بحسب الواقع بل لما ذكره ابو زيد الدبوسي في التقويم وهو المذكور بقوله { لأن المتصل هو إخراج المستثنى عن حكم المستثنى منه بالمعنى المذكور } وهو المنع عن الدخول المذكور في بيان ما وضع له صيغة الاستثناء { وهنا ليس كذلك لأن حكم الصدر إن من قذف فهو فاسق والنائب لا يخرج من هذا الحكم } لأن الفاسق من قام به الفسق في الجملة ماضيا كان أو حالا { إلا أنه لا يبقى فاسقا بعد التوبة وهذا حكم آخر } أعلم أن انقطاع الاستثناء يتحقق بأمرين أحدهما أن لا يدخل المستثنى في صدر الكلام والآخر أن يكون داخلا فيه ولكن لا يخرج عن حكمه وحكم الصدر فيما نحن فيه أن من قذف صار فاسقا والاستثناء المذكور لا يخرج التائبين عن هذا الحكم بل معناه أن من تاب لا يبقى فاسقا وهذا حكم آخر فلاستثناء المنقطع هو أن يذكر شيء بعد إلا ونحوها غير ممنوع عن الدخول في حكم الصدر سواء تناولهالصدرإو لا ونظائره في القرآن كثيرة منها قوله تعالى وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف فإن ما قد سلف أي الجمع بينهما الذي قد سلف قبل نزول آية التحريم داخل في الجمع بينهما لكنه غير ممنوع عن حكم الصدر لأنه غير قابل لأن يدخل فيه بناء على الن النهي إنما يكون عن المحتمل وما لا يمكن دخوله فيه كيف يمنع عنه بل أثبت فيه حكم آخر وهو أنه غير مؤاخذيه { مسألة أن الاستثناء المستغرق } سواء كان المستثنى مثل المستثنى منه أو أكثر نحو عبيدي أحرار إلا مما لكي { باطل بالانفاق } ذكره المحقق في شرخالمختصر { وقال مشايخنا هذا إذا كان بلفظه } أي قالوا إنما لا يصح استثناء الكل إذا كان بلفظ المستثنى منه { نحو نسائي طوالق الانسائي أو بما يساويه نحو نسائي طوالق الاحلائلي أو بأعم منه } وقد مر مثاله { فإن استثنى بلفظ يكون أخص منه في المفهوم يصح وإن كان يساويه في الوجود نحو نسائي طوالق إلا زينب وهند أو بكرة وعمرة } أو إلا هؤلاء ولا نساء له سواهن { حتى لا تطلق واحدة منهن } وذلك لأن الاستثناء على ما مر تصرف في الكلام لا في الحكم فإنما يبطل إذا لم يتوهم وراء المستثنى منه شيء يكون الكلام عبارة عنه { مسألة إذا تعقب الاستثناء الجمل المعطوفة } بعضها على بعض بالواو كآية بالقذف { فالظاهر أن ينصرف إلى الكل عند الشافعي وعندنا إلى الأقرب } إنما قال فالظاهر أن ينصرف ولم يقل ينصرف إذ لا خلاف في جواز انصرافه ،إلى الكل وإلى الأخيرة خاصة وإنما الخلاف في الظاهر عند الإطلاق { لقربه } من الاستثناء { متصلا به ولانقطاعه عما سبقه } من الجمل نظرا إلى حكمها دليل آخر تقريره أنه بسبب الانقطاع يصير بمنزلة حائل بين المستثنى والمستثنى منه كالسكوت فلا يتحقق الاتصال الذي هو شرط الاستثناء { ولأن الضرورة } أطلقها لينتظم الض1رورة التي هي بسبب عدم استقلال الاستثناء والتي هي بسبب توقف صدر الكلام ومن قصرها على أحديهما فقد قصر { تندفع بالانصراف إلى الواحدة } وقد انصرف إلى الأخيرة بالانفاق فلا وجه للتجاوز إلى غيرها ولما استشعر أن يقال الواو للعطف والتشريك فيقيد اشتراك الجمل في الاستثناء تداركه بقوله { ولا شركة في عطف الجمل التامة في الحكم } لما سبق أن القرآن في النظم لا يوجب القرآن في الحكم { ففي الاستثناء أولى } يعني أن العطف لا يفيد شركة الجمل في الحكم مع أن وضع العاطف للتشريك في الأعراب والحكم فلان لا يفيد التشريك في الاستثناء وهو تغيير في الكلام لا حكم له أولى { وصرفه } أيصرف الاستثناء { إلى الكل في الجمل المختلفة كآية القذف } فإن الأولى فيها أمر والثانية نهي والثالثة خبر { في غاية البعد } تنزل بعد إثبات المطلوب على وجه كلي إلى صورة جزئية وقع فيها الجدال وكثير القيل والقال { لأن الأولين } منها { وردتا على سبيل الجزاء بلفظ الطلب والأخيرة مستأنفة بصيغة الأخبار } دفعا لوهم وهو الاستبعاد كون القذف سببا لوجوب العقوبة التي تندرىء بالشبهة هي قائمة هنا لأن القذف خبر يحتمل الصدق وربما يكون حسبة ووجه الدفع أنهم فسقوا بهتك ستر العورة بلا فائدة حيث عجزوا عن الاثبات فلهذا استحقوا العقوبة { لأن العطف بالواو يمنع قصد التعليل كرد الشهادة } بسبب الفسق حتى تقبل بعد التوبة لزوال الفسق لأن العلة لا تعطف على الحكم بالواو ولا يلزم ذلك على تقدير جعلها علة لاستحقاق العقوبة لأنه غير منطوق فلا عطف وفي عبارة الاستيناف إشارة إلى هذا أعلم إنا جعلنا الأولين جزاء لأنهما إخراجا بلفظ الطلب مفوضين إلى الأئمة وجعلنا الثالث مستأنفا لأنه بطريق الأخبار وصرفنا الاستثناء إليه والشافعي لما قيل شهادة المحدود في القذف بعد التوبة وحكم عليه بعدم الفسق ولم يسقط عنه الجلد لزم القول يتعلق الاستثناء بالاخيرتين وقطع الثانية عن الأولى إذ لو كانت عطفا عليها لسقط الحلد أيضا عن التائب على ما هو الأصل عنده من صرف الاستثناء إلى الكل لا يقال إنما لم يجعل الشافعي عدم القبول من تمام الحد لأنه لا يناسب الحد لأنه فعل يلزم على الإمام إقامته ولم يسقط الجلد بالتوبة لأنه حق العبد ولهذا يسقط بعفو المقذوف وصرف الاستثناء إلى الكل عنده ليس بقطعي بل هو ظاهر يعدل عنه عند قيام الدليل وظهور المانع مع أن المستثنى هو الذي تابوا وأصلحوا ومن جملة الإصلاح الاستحلاف وطلب العفو عن المقذوف وعند وقوع ذلك يسقط الجلد أيضا فيصح صرف الاستثناء ،إلى الكل لا أن نقول رد الشهادة إيلام كالضرب بل هو أشد في كونه زاجر للعدل والوجيه الذي تقبل شهادته من الجلد للسفيه فعلم أنه يناسب الحد والمقصود من قوله تعالى ولا تقبلوا وجوب الرد وهو فعل يلزم على الإمام إقامته كالجلد لا مجرد حرمة فعل ثم لما علم أن رد الشهادة يصلتنح تتمة للحدى وهو زاجر كالجلد علم أنه حق العبد ايضا فما دل على ان الجلد لا يسقط بالتوبة دل على أن الرد كذلك فيكون الاستثناء متعلقا بالأخيرة كما نلنا ثم أن الإصلاح طلب العقو ولا يسقط الجلد بطلب العفو بل بالعفو وهو ليس من جملة هذا الاصلاح إذ العفو فعل المقذوف وهذا الإصلاح فعل القاذف فلم يصح الاستثناء إلى الكل { ومن أقسام بيان التغيير الشرط } أما أنه تغيير فغير الصيغة عن أن تصير إيقاعا ويثبت موجبها وإما أنه بيان فلأن الكلام كان يحتمل عدم الإيجاب في الحال بناء على جواز التكلم بالعلة مع تراخي الحكم كبيع بالخيار والشرط ظهر أن هذا المحتمل مراد { والفرق بينه وبين الاستثناء يظهر في قوله بعت منك هذا بألف إلا نصفه أنه يقع البيع على النصف بألف } لأنه تكلم بالباقي فكأنه قال بعت نصف العبد بألف { ولو قال على أن لي نصفه } قد مر أن كلمة على يستعمل في الشرط { يقع على النصف بخمسمائة فكأنه يدخل في البيع لفائدة تقسيم الثمن ثم يخرج ولا يفسد البيع بهذا الشرط } مع أنه شرط لا يقتضيه العقد { لأن هذا بالتحقيق ليس بيعا بالشرط بل { هو بيع شيء من شيئين } أي أحد النصفين من نصفي العبد والحاصل أنه شرط من جهة فأفاد توزيع الثمن وليس بشرط حقيقة فلم يفسد البيع .
فصل :
পৃষ্ঠা ১০৩
{ في بيان التبديل } أي النسخ لما كان الحكم الأول موقتا في علم الشارع دون علمنا كان دليل الثاني بيانا لانتهاء الحكم بالنظر إلى علمه وتبديلا بالنظر إلى علمنا حيث ارتفع به بقاء ما كان الأصل بقاؤه فسمى بيان التبديل { والكلام هنا في تعريفه وجواه ومحله وشرطه والناسخ والمنسوخ وهو أن يرد دليل شرعي متراخيا } اعتبروا هذا القيد للاحتراز عن التخصيص وفيه أن التخصيص في المرة الثانية يجوز أن يكون بمخصص متراخ على ما مر بيانه فينتقض التعريف بهذا النوع من التخصيص { عن دليل شرعي مقتضيا خلاف حكمه } المراد من المخالفة المدافعة والمنافاة لا مجرد المغايرة مفهوما كالصوم والصلاة { وهو جائز في أحكام الشرع } عند عامة أهل الشرايع خلافا لغير العيسوية من اليهود { وواقع خلافا لأبي مسلم الأصفهاني والظاهر أنه يقول لا تبديل في الموقت } بالاتفاق { وفي المطلق لا دلالة على البقاء } حتى يرتفع حكمه برافع نعم لو رفع حكمه قبل العمل به لكان نسخا لكن ثبوت هذا غير مسلم فإن الوارد في انتساخ الزوائد على الصلوات الخمس خبر الواحد { فلا ينافي إنكاره } وقوع النسخ { إسلامه } وإما التوجيه بأن مراده أن الشريعة المتقدمة موقتة إلى وقت ورورد الشريعة المتأخرة إذ ثبت في القرآن أن موسى وعيسى بشرا بشرع محمد عليه السلام وأوجبا الرجوع إليه عند ظهوره وإذا كان الأول موقنا لا يكون الثاني ناسخا فغير موجه لأنه إن أريد التوقيت بالنظر إلى الشارع فلا يجدي نفعا في نفي النسخ لأن التوقيت المذكور لا ينافيه وإن أريد التوقيت بالنظر إلى المكلف فدعواها في كل شريعة متقدمة مكابرة صريحة والتعليل الذي ذكر قاصر إذ لا بشارة في التورية بشرع عيسى عليه السلام وقد نسخ به بعض أحكام التوراة على ما نطق به القرآن { ونحن نقول موجب الدليل الأول ثبوت حكمه في الآتي أيضا لأن المطلق موجبه العمل في الحال والمستقبل } سواء كان ذلك لدلالة الأمر على التكرار ولوجود السبب على اختلاف الأصلين { وبورود الدليل الثاني بطل ذلك } الموجب ولا نعني بالتبديل إلا هذا { ومن اليهود من أنكر نسخ شريعة موسى عليه السلام نقلا } فهم يفارقون جمهور اليهود في أنهم لا ينكرون الجواز ويخصون الانكار بشريعة موسى عليه السلام بخلاف الجمهور { وادعى أن موسى عليه اسلام قال إن شريعتي لا ينتسخ وأنه نقل عنه ذلك تواترا وأما تمسكهم بتمسكوا بالسبت } أي العبادة فيه والقيام بأمرها { ما دامت السموات والأرض زاعمين أنه كتوب في التوراة فليس فيما ذكر } لعدم دلالته عليه { بل في الطعن في رسالة نبينا عليه السلام } قالوا من أجل العمل في السبت لا يجوز تصديقه صرح بذلك الإمام السرخسي في أصوله { وأجيب عنهما بمنع التواتر } إذ لم يبق في زم بخت نصر عدد يكون أخباره تواترا { والوثوق على كتابهم } لما وقع فيه من التحريف واختلاف النسخ واتناقض الأحكام { واحتج المنكرون جوازه بأنه يجب كون الشيء مأمورا به ومنهيا عنه } يعني في زمان واحد لأن كون النسخ تبديلا يقتضي تناول موجب النص المنسوخ زمان ورود الناسخ { وهذا تكليف بالمحال وبأنه يلزم البداء والجهل بالعواقب لأنه } أي لأن النسخ { لحكمة } لامتناع العبث على الحكيم { خفيت ثم ظهرت وهذا رجوع عن المصلحة الأولى بالاطلاع علىالثانية } فيلزم المحذوران المذكوران { وأجيب عن الأول بمنع اللزوم إن اعتبرو وحدة الزمان } لما عرفت أنه بيان لانتهاء الحكم الأول نظرا إلى الأمر { ومنع بطلان اللازم إن لم يعتبر } فتدبر { ولا متمسك لهم في بيان الملازمة } المذكورة { بذبح إبراهيم عليه السلام } جواب عن سؤال تقديره أن إبراهيم عليه السلام أمر بذبح ولده ثم انتسخ ذلك بالنهي عنه مع قيام الأمر به حتى وجب ذبح الشاة فداء عنه والفداء اسم لما يقوم مقام الشيء في قبول ما يتوجه إليه من المكروه ولو كان الأمر بالذبح مرتفا لم يحتج إلى قيام شيء مقامه { لأن حكم الذبح لم ينتسخ } يعني لا ثم أنه انتسخ الحكم الذي كان ثابتا بالأمر { وكيف يقال به وقد سماه الله تعالى محققا رؤياه } بقوله { وناديناه أن يا إبراهيم قد صدق الرؤيا } أي حققت ما أمرت به { ولو انتسخ حكم الذبح لما كان محققا ما أمر بل الشاة كانت فداء } كما نص عليه في قوله تعالى { وفديناه بذبح عظيم } { على معنى أنه تقدم على ولده في قبول حكم الوجوب بعد أن كان الإيجاب } بالأمر { مضافا إلى الوالد } حقيقة كمن يرمي سهما إلى غيره فيفديه آخر بنفسه بأن يتقدم عليه حتى ينفذ فيه بعد أن يكون خروج السهم في الرامي إلى المحل الذي قصده { وإذا كان فداء تحقق الامتثال } أي كان إبراهيم عليه السلام متمثلا للحكم الثابت بالأمر { فلا يستقيم القول بالنسخ فيه } إذ تبين انعدامه بانعدام ركنه فإنه بيان مدة بقاء الواجب وحين وجبت الشاة فداء كان الواجب قائما والولد حرام الذبح وأما الجواب يعني عن الوجه الأول { بأن البقاء بالاستصاحب لعدم دلالة الأمر عليه } بناء على أن الأمر للوجوب لا للبقاء فلا يلزم كون الشيء مأمورا به ومنهيا عنه في حالة واحدة { فليس بصواب لا لأنه يلزم ح } أي على تقدير عدم دلالة الأمر على البقاء { أن لا يكون نص ورد فيه أمر } أي نص { كان في زمن النبي عليه السلام } إنما قيد به لأن الشرايع صارت مؤبدة قطعا بوفاة النبي عليه السلام على تقريرها وكفى ذلك في جزمنا ببقاء الأحكام فلا فساد في اللازم المذكور بعد زمانه عليه السلام { حجة إلا وقت نزوله } لا لأن النص يدل على شرعية وجوبه قطعا إلى زمان نزول الناسخ لأنه تسليم لعدم صحة الجواب على الوجه المذكور لا تصحيح له بدفع ما أورد عليه { لأن استصحاب حجة في زمن النبي عليه السلام بناء على أنه لو نزل مغير لبينه فلما لم يبينه علم أنه لم ينزل } فمثل هذا الاستصحاب يكون حجة والخلاف بينه وبين الشافعي إنما هو في حجيته في غير زمن النبي عليه السلام { بل لأن ما ذكر } من عدم الدلالة على البقاء { إنما هو في الأمر المطلق } فلا يتمشى الجواب المبني عليه في غيره من النهي والأمر المقيد بما يدل على التكرار والدوام { فلا ينقطع به عرق الشبهة العامة لغيره } أي لغير الأمر المطلق { وأما الإلزام لمن أنكر وقوع النسخ مطلقا } سواء أنكر جوازه أيضا أو لم ينكر وإنما قال مطلقا لأن ما ذكر لا يصلح إلزاما لمن أنكر نسخ شريعته موسى عليه السام خاصة { بأن حل الأخوات في شريعة آدم عليه السلام وحل الجزء أي حوا عليها السلام له لم ينكره أحد ثم نسخ في غيرها } أي في غير شريعة آدم عليه السلام { غير تام لأن مبناه على أن يكون الإباحة الأصلية بالشرع والخصم فيه وراء المنع } أي له أن يمنع المبتنى إلى أن يثبت وأبى ذلك { وأما محله } أي محل النسخ { فحكم شرعي } احترز به عن الأحكام العقلية والحسية والأخبار عن الأمور الماضية أو الواقعة في الحال أو الاستقبال مما يؤدي نسخه إلى كذب وجهل { عرفي } احترز به عن الأحكام التي يتعلق بالعقائد وهو أصول للشرايع لا يتبدل بتبدلها { غير مؤبد } احترز به عن المؤد عبارة كان مثل قوله تعالى وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ، وقوله عليه السلام : والجهاد ماض إلى يوم القيامة أو دلالة كالشارئع التي قبض النبي عليه اسلام على تقديرها فإنها مؤبدة بدلالة أنه عليه السام خاتم الأنبياء عليهم السلام { ولا مؤقت } لأن النسخ قبل تمام الوقت بداء وإنما لم يقل لم يلحقه تأبيد ولا توقيت لأنه قد يلحقه قيدا للمحكوم به واجبا كان أو غيره مثل صوموا أبدا والجمهور على أنه يجوز نسخه والمراد بالتأبيد دوام الحكم ما دامت دار التكليف { وأما شرطه في الأمر فالتمكن من الاعتقاد دون الفعل عندنا وعند المعتزلة لا بد من التمكن من الفعل أيضا } وأما الفعل فغير لازم بالاتفاق { لأن المقصود منه الفعل فقيل التمكن منه يكون بداء ولنا أنه عليه السلام أمر ليلة المعراج بخمسين صلاة ثم نسخ الزائد على الخمس قبل التمكن من العمل } وأم التمكن من الاعتقاد فقد وجد في حقه عليه السلام وإن لم يوجد في حق أمته ولما فرغ عن إبطال مدعى المخالف شرع في إبطال دليله فقال { والمقصود من التكليف } بالأوامر النواهي { الاعتقاد والعمل والأول هو الركن الذي لا يحتمله السقوط لأنه قربة مقصودة والآخر زيادة يسقط بعذر كالإقرار في الإيمان وأما ذبح إبراهيم عليه السلام فليس من هذا القبيل } أي من قبيل النسخ قبل التمكن من الفعل { بلا خلاف } للقطع بابه يمكن من الذبح وإن ما لم يقع لما منع من الخارج { إنما الخلاف في أنه نسخ أم لا والحق أنه ليس بنسخ } على ما تقدم لا يقال قيام الحلف مقام الأصل يستلزم حرمة الأصل وتحريم الشيء بعد وجوبه نسخ لا لما قيل لا ثم كونه نسخا وإنما يلزم ذلك لو كان حكما شرعيا وهو ممنوع فإن حرمة ذبح الولد ثابتة في الأصل فزالت بالوجوب ثم عادت بقيام الشاة مقام الولد فلا يكون حكما شرعيا حتى يكون ثبوتها نسخا للوجوب لأنه مردود بأن زوال الحرمة بالوجوب نسخ لها والمنسوخ لا يعود إلا بالدليل الشرعي وبذلك الدليل يثبت حكم الحرمة بعد ما زالت بالوجوب فعلى ما ذكر يلزم أن يكون الوجوب منسوخا بالحرمة بعد ما صار ناسخا لها بل لأن ذبح الولد لم يجب أصلا وواجب الذبح لم يزل وجوبه ثابتا على ما تقدم بيانه { وأما الناسخ فهو أما الكتاب أو السنة وكذا المنسوخ لأن القياس لا يكون ناسخا ولا منسوخا على ما يأتي وكذا الإجماع } إلا أنه قد ثبت به النسخ كنسخ نكاح المتعة فإنه ثبت بإجماع الصحابة رضي الله عنهم { إذ الإجماع في حياة النبي عليه السلام } لأنه منفرد ببيان الشرع { ولا نسخ بعده فالنسخ أربعة أقسا نسخ الكتاب بالكتاب أو السنة بالسنة والكتاب بالسنة وبالعكس خلافا للشافعي في الأخيرين لقوله تعالى { ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها } دليل على عدم نسخ الكتاب بالسنة { والسنة دونه } أي دون الكتاب { وقوله تعالى { قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي } ولقوله عليه السلام يكثر لكم الأحاديث من بعدي فإذا روى لكم عني حديث فاعرضوه على كتاب الله تعالى } فإن وافقه فاقبلوه وإن خالفه فرده ولأنه أن نسخ الكتاب بالسنة بقوله الظاعن خالف ما يزعم أنه كلام ربه { وإن نسخ السنة } بالكتاب يقول كذبه ربه فلا يصدق فيجب سد هذا الباب { وأجيب } عن الأول { بأن المراد بنسخ النظم والتلاوة } لأن الآية اسم النظم { لا الحكم ولو سلم فالخيرية فيما يرجع إلى مصالح العباد } وكيف ولم يقل أحد أن الآية الناسخة خير في نفسها من المنسوخة وعن الثاني بما ذكره بقوله { وليس ذلك } أي نسخ الكتاب بالسنة { من تلقاء نفسه لقوله تعالى { إن هو إلا وحي يوحى } } وعن الثالث بقوله بما ذكره { وأمر العرض فيما يشك في صحة إسناده } يعني إلى النبي عليه السلام { أو تقول الرد إذا أشكل تاريخه } فالمعنى وما خالف ولم يقبل التوفيق فردوه إذا جهل التاريخ بينهما { وما ذكر من الطعن ينتظم الاتفاق } يعني أنه وارد في نسخ الكتاب بالكتاب والسنة بالسنة { أيضا فإن المصدق يتيقن أن الكل من عند الله تعالى والمكذب يطعن في الكل ولا اعتبار بالطعن الباطل وفيما ذكرنا } من أن الكتاب نسخ بالسنة { إعلاء منزلة الرسول عليه السلام وتعظيم سنته ولنا في نسخ الكتاب بالسنة قول عائشة رضي الله عنها ما قبض رسول الله عليه السلام حتى أباح الله تعالى من النساء ما شاء } فيكون السنة ناسخة بقوله تعالى لا يحل لك النساء من بعد { وفيه نظل لاحتمال أن يكون ذلك بما نسخ تلاوته من الكتاب وأما ما قيل أن الكتاب } لا نسخ بخبر الراوي فوهم منشؤه سوء الفهم لأن مبنى ما ذكر ثبوت نسخ الكتاب { بالسنة بخبر الراوي لأنه عليه السلام بعث مبينا } فجاز له بيان مدة الوحي المتلو ببوحي غير متلو وبالعكس { وفي العكس } أي حجتنا في نسخ السنة بالكتاب { أنه عليه السلام بعد ما قدم المدينة كان يصلي إلى بيت المقدس وهذا كان بالسنة ثم نسخ بقوله تعالى فول وجهك شطر المسجد الحرام } ويرد على هذا أيضا ما ورد على الأول { واحتج بعض أصحابنا على نسخ الكتاب بالسنة بانتساخ آية الوصية } وهو قوله تعالى { كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف } { بقوله عليه السلام لا وصية لوارث وبعضهم بانتساخ قوله تعالى فأمسكوهن الآية } تمامه والآتي يأتين الفاحشة من نشسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفيهم الموت أو يجعل الله لهن سبيلا { بقوله عليه السلام الثيب بالثيب جلد مائة وردم بالحجارة ورد الأول بأن انتساخ آية الوصية بآية المواريث إذ في الأول فوض إلينا ثم تولى بنفسه بيان حق كل منهم وإلى هذا } أي إلى أن الإيصاء الذي فوض إلى العباد وقد تولاه بنفسه { أشار بقوله { يوصيكم الله } وفي قوله عليه السلام (( إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث )) أشار إبان ارتفاعها } أي ارتفاع الوصية { إنما هو بشرعية الميراث } وأجيب عنه بإثبات الثابت بآية المواريث وجوب حق بطريق الإرث وهو لا ينافي ثبوت حق آخر بطريق آخر فلا رافع للوصية إلا السنة وأما الجواب بأن المنتفى بالآية المذكورة إنما هو وجوب الوصية والجواز { والثاني بأن عمر رضي الله عنه قال إن الرجم كان مما يتلى في كتاب الله تعالى } فلاآية المذكورة لم تنسخ بالحديث المذكور بل إنما نسخ تلاوته وبقي حكمه من الكتاب وهو قوله تعالى ( الشيخ والشيخة إذا زنتا فارجموهما ) { وأما نسخ الكتاب بالكتاب فأمثلته كثيرة } منها نسخ قوله تعالى { فاصفح الصفح الجميل } بقوله تعالى {فاقتلوا المشركين } { ونسخ السنة بالسنة فثبت بقوله عليه السلام (( كنت نهيتكم عن زيارة القبور إلا فزوروها )) فقد أذن لمحد في زيارة قبر أمه } مسئلة يجوز أن يكون الناسخ أشق عند الجمهور لأن التخيير بين الصوم والفدية كان هو الواجب أولا ثم نسخ بتعيين الصوم وعند قوم لا يجوز إلا بالمثل وإلا خف لقوله تعالى { نأت بخير منها أو مثلها } قلنا الأشق خير باعتبار الثواب } لقوله عليه السلام (( أجرك بقدر نصبك )) { مسئلة لا ينسخ التواتر بالآحاد وينسخ بالمشهور لأن موجب كونه بيانا أن يجوز بالآحاد وموجب كونه تبديلا أن لا يجوز إلا بالمتواتر فيجوز بما هو متوسط بينهما وهو المشهور وأما المنسوخ فهو إما الحكم والتلاوة معا } هذا التفصيل مخصوص بالكتاب إذ المنسوخ في السنة لا يكون إلا الحكم والمراد بالحكم ههنا ما يتعلق بالمعنى خاصة لا ما يعمه وما يتعلق بالنظم { وما قيل أنهما قد يرفعان بموت العلماء أو بالإنساء } كصحف إبراهيم عليه السلام وبعض القرآن في زمن النبي عليه السلام قال الله تعالى { سنقرئك فلا تنسى إلا ما شاء الله } { على تقدير صحته ليس من هذا الباب } لما عرفت أن الرفع فيه إنما يكون بدليل شرعي وإنما قال على تقدير صحته لأن الحكم لا يرفع بموت العلماء قيل بل علمه أيضا لا يرفع به لأن قيامه بالروح وهو باق بعد الموت وفيه نظر { وأما الحكم فقط وأما التلاوة فقط ومنعه البعض لأن النص بحكمه والحكم بالنص فلا انفكاك بينهما ولنا فامسكوهن في البيوت نسخ حكمه دون تلاوته وأمثلته كثيرة } كوصية الولدين وسورة الكافرين ونحوهما وأما قراءة ابن مسعود رضي الله عنه وهي ثلاثة أيام متتابعات فليس من هذا الباب إذ لم يثبت كونهما كلام الله تعالى لعدم بلوغها إلى حد التواتر { ولأن حكمه } أي حكم النص { على قسمين أحدهما يتعلق بمعناه } وهوالأحكام الشرعية الثابتة به { والآخر بنظمه كجواز الصلاة بقرائة وحرمتها للجنب والحائض } إنما لم يذكر الإجاز لأن الكلام في الأحكام الشرعية وهو ليس منها { وأما وصف الحكم } عطف على قوله أما الحكم والتلاوة معا { فقد اختلفوا أن الزيادة على النص نسخ ولا وقالوا أنها إما بزيادة جزء كزيادة ركعة على ركعتين أو شرط كالإيمان في الكفارة وإما برفع مفهوم المخالفة كما قالوا لا تحل للزوج الأول بعد دخول الثاني بعد قوله { لا تحل له حتى تنكح زوجا آخر } } أورد المثال من مفهوم الغاية دون غيرهلأنه حجة بالاتفاق وغيره ليس بحجة عند الحنفية فالمثال من غيره لا ينتظم مع قوله وهي نسخأي الزيادة على النص { عندنا وعند الشافعي لا مطلقا وقيل نسخ في الثالث وقيل نسخ إن غيرت الأصل حتى لو أتى به كما هو قبل الزيادة يجب الإعادة } والاستئناف صرح به في المحصول { كزيادة ركعة في الفجر } أورد ابن الحاجب مثالين هما زيادة عشرين في حد القذف والشاهد واليمين كان في الكتاب التخيير بين شهادة رجلين ورجل وامرأتين فزاد الشافعي أمرا ثالثا وهو الشاهد ويمين المدعي ولا يصلحان مثالا على التفسير المذكور لأن فيها لواتي به كما هو قبل الزيادة لا تجب الإعادة { أو كان قد خير بين فعلين فزيدت ثالث } فإنه يكون نسخا لتحريم ترك الفعلين السابقين وهذه الزيادة مذكورة في الأحكام ومعتمد الأصول { وقيل إن صار الكل شيئا واحدا لزيادة ركعة لا كالوضوء في الطواف } يكون نسخا وإلا فلا { وقال أبو الحسين لا شك أن الزيادة تبدل شيئا فإن كان } أي الشيء المبدل { حكما شرعيا يكون نسخا وإلا } أي وإن لم يكن حكما شرعيا بل أمرا أصليا عدما كان أو وجودا { فلا واختار البعض هذا القول } ذكر في محصول الإمام وأصول ابن الحاجب أن المختار قول أبي الحسين { لنا زيادة الجزء إما بالتخيير في اثنين أو ثلاثة بعدما كان الواجب واحدا أو أحد اثنين فترفع حرمة الترك وإما بإيجاب شيء زائد فترفع أجزاء الأصل } يعني أن زيادة الجزء إنما يكون على ثلاثة وجوه التخيير في اثنين بعدما كان الواجب وأحدا فالزيادة هنا ترفع حرمة ترك ذلك الواجب للواحد والثاني بالتخيير في ثلاثة بعدما كان الواجب أحد اثنين فالزيادة هنا ترفع حرمة ترك أحد هذين الاثنين والثالث الواجب أحد اثنين فالزيادة هنا ترفع حرمة ترك أحد هذين الاثنين والثالث بإيجاب شيء زائد فالزيادة ههنا ترفع أجزاء الأصل { كزيادة الشرط } فإنها ترفع أجزاء الأصل { والكل حكم شرعي مستفاد من النص } أي حرمة ترك أحد اثنين وأجزاء الأصل أحكام شرعية { وأيضا المطلق يجري على إطلاقه } وفيه نظر لأنه إن أريد أن المقيد يستلزم عدم الجواز بدون القيد بحسب دلالة اللفظ فهو قول بمفهوم المخالفة وإن أريد بحسب العدم الأصل فهو لا يكون حكما شرعيا { قالوا حرمة الترك التي يرفعها التخيير ليست بحكم شرعي لأنها } أي لأن حرمة الترك الواجب الواحد { إنما ثبت إذا لم يكن شيء آخر خلفنا عنه } أي عن ذلك الواجب لأنه إذا كان شيء آخر خلفا عنه لا يكون تركه حراما فعلم أن حرمة تركه مبنية على عدم اللف وعدم الخالف عدم أصلي فما يبتنى عليه وهو حرمة ترك ذلك الواجب { لا يكون حكما شرعيا فرفعها لا يكون نسخا فلهذا } تفريع على قوله فرفعها لا يكون نسخا { يثبت التخيير بين غسل الرجل ومسح الخف بخبر الواحد } نص الكتاب أوجب غسل الرجلين على التعيين والتخيير بينه وبين امسخ الخف ثبت بخبر الواحد وإنما صح ذلك لعدم النسخ { وكذا بين التيمم والوضوء بالنبيذ } أوجب النص التيمم على التعيين عند عدم الماء والتخيير بينه وبين الوضوء بالنبيذ وخ ثبت بخبر الواحد { فعلى هذا لا يكون التخيير بين الرجل وامرأتين وبين الشاهد واليمين عند عدم الرجلين ناسخا لقوله تعالى فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتين قلنا حرمة الترك ثبت بلفظ النص عند عدم الخلف لا به } أي لا بعدم الخلف { فهي } أي حرمة الترك { حكم شرعي ولو كان الأمر كما توهم من كون التوقف على عدم الخلف مستلزما لكون الحكم غير شرعي { لا يكون شيء من الأحكام الإيجابية شرعيا } لأن وجوب كل واجب وحرمة ترك اللازمة له يبتنى على عدم الخلف { وأيضا الاستخلاف ليس بتخيير } يعني أن اللازم فيما قلنا به من الصور المذكورة من قبيل الاستخلاف وهو غير التخيير { إذ في الثاني الواجب أحد الأمرين أو الأمور } لا على التعيين { وفي الأول واحد معين هو الأصل } الذي تعلق به الوجوب أولا { إلا أن الخلف جعل كأنه هو } حتى كأنه لم يرتفع { فلا يكون } أي الاستخلاف { نسخا وإن كان ففي المسح والنبيذ بخبر مشهور } أي تنزلنا عما قلنا وسلمنا أن الاستخلاف نسخ فنقول أنه يثبت في مسألة المسح على الخفين ومسألة الوضوء بالنبيذ بالخبر المشهور ونسخ الكتاب بالخبر المشهور جائز عندنا { وقوله تعالى { فرجل وامرأتان } أي فنصاب الشهادة هذا فيكون الشاهد واليمين ناسخا } وفيه نظر لأن انحصار نصاب الشهادة في النوعين لا ينافي صحة الحكم بالشاهد واليمين إذ هذا ليس من جنس ذلك { فلا يزاد بخبر الواحد } تفريع على الزيادة على النص نسخ { التغريب على الجلد والترتيب والولاء على الوضوء } لم يذكر النية لأن نص الكتاب غير ساكت عنه ولا خلاف في أن الوضوء المأمور به لا صح بدون النية { وهو } أي الوضوء { على الطواف والفاتحة وتعديل الأركان على سبيل الفرضية فإن قيل كيف زيد وجوب الفاتحة والتعديل بخبر الواحد قلنا لأن الزيادة بطريق الوجوب لا ترفع أجزاء الأصل فلا يكون نسخا } بخلاف الزيادرة بطريق الفرضية بمعنى عدم الصحة بدونها فإنها ترفع حكم الكتاب { وإنما لم يزد التغريب على سبيل الوجوب لأن الخبر فيه غريب مع عموم البلوى } ولأنه تحريض على الفساد { والوضوء شرط للصلاة } لا مقصود بالذات { فلا يكون فيه واجب } بمعنى أنه يأثم تاركه لا لأنه لو كان في واجب لا يكون لعينه بل لأجل الصلاة بمعنى أنه لا يجوز الصلاة بدونه غذ لا يلزم من كونه لأجل الصلاة أن يتغير معناه ولا فساد في كونه واجبا لأجلها بمعنى أن يكون المصلي آثما بتركه مع صحة صلاته كما في ترك الفاتحة { بل لأن حق التبع أن يكون دون المتبوع } وذلك بالتفاوت بوجود الواجب في الثاني دون الأول وهذا سر أن أبا حنيفة قال في الصلاة بواجبات ولم يقل به في الوضوء فلله دره ما أدق نظره في أحكام هذه الشريعة الغراء الذي أصله ثابت وفروعه في السماء .
فصل :
পৃষ্ঠা ১১৫
{ في بيان الضرورة وهو أربعة أنواع الأول ما هو في حكم المنطوق مثل قوله تعالى { وورثه أبواه فلأمه الثلث } يدل على أن الباقي للأب } لا بترك التخصيص على نصيبه بل بدلالة صدر الكلام فصار كالمنصوص وأما كون الأب عصبة فلعدم تقرير نصيبه فهو من النوع الثاني لأن مرجع ما ذكر إلى السكوت في موضع الحاجة فإنه لو كان نصيبه مقدرا لما سكت عنه الشارع { وكذا نصيب المضارب } إذا بين تعين الباقي للمضارب قياسا واستحسانا { وكذا نصيب رب المال } أي إذا بين تعيين الباقي للمضارب { استحسانا للشركة في صدر الكلام } وهو عند المضاربة فإنه تنصيص على الشركة في الربح وإنما قال استحسانا لأنه على خلاف القياس فإنالمضارب إنما استحق الربح بالشرط ولم يوجد بخلاف رب المال فإنه يستحق لأن الربح نماء ملكه فيكون له حتى إذا فسدت المضاربة يكون كل الربح للمالك وللمضارب أجر عمله { والثاني ما ثبت بدلالة حال الساكت } في الادثة شارعا كان أو مجتهدا أو صاحب الحادثة عند الحاجة إلى البيان { كسكوت الشارع عن تغيير أمر معاينة يدل على حقيقته } وتفصيله يأتي في السنة التقريرية { وسكوت الصحابة رضي الله عنهم عن تقويم منفعة البدن في ولد المغرور } روى أن عمر رضي الله عنه حكم فيمن اشترى جارية فاستولدها ثم استحقت يرد الجارية على المستحق ويدفع قيمة الولد والعقر وكان يشاور فيه عليا رضي الله عنه واشتهر ذلك بين لصحابة رضي الله عنهم ولم يرده أحد ولم يقض بدفع قيمة المنافع ولو كانت واجبة لما حل الإعراض عنه بعدما رفعت إليه القضية وطلب منه القضاء بما للمولى عليه { وسكوت البكر البالغة جعل بيانا للرضاء } والإجازة { لحالها الموجبة للسكوت } وهي الحياء عن إظهار الرغبة في الرجال وكذا النكول جعل بيانا للإقرار بثبوت الحق عليه لحال في الناكل وهو أنه امتنع عن أداء ما لزمه وهو اليمين مع القدرة عليها فدل ذلك الامتناع على إقرار ثبوت الحق عليه إذ لولا ذلك لأقدم عليها إقامة للواجب ودفعا للضرر عن نفسه ويرد عليه أن النكول يحتمل التورع عن اليمين الكاذبة والترفع عن اليمين الصادقة واشتباه الحال فلا ينتصب دليلا على الإقرار ثبوت الحق { والثالث ما يجعل بيانا ضرورة دفع الغرور كالمولى سكت عن منع عبده حين يرى يبيع ويشترى يكون إذنا } خلافا لزفر والشافعي دفعا للغرور عن الناس لأنه ضرر ولا يندفع عنهم إلا بجعل سكوت المولى إذنا ولا ضرورة في جانبيه لأنه قادر على دفع الضرر عن نفسه بمنعه { والشفيع سكت عن طلب الشفعة حين علم بالبيع يكون إسقاطا لها دفعا للغرور عن المشتري } لانه يحتاج إلى التصرف في المشتري فإن لم يجعل السكوت إسقاطا فإما أن يمنع من التصرف أو ينقض عليه تصرفه { والرابع ما ثبت لضرورة الكلام نحو له علي مائة ودرهم ومائة دينار ومائة وقفيز حنطة يكون الآخر بيانا للأول } وعند الشافعي المائة مجملة عليه بيانها كما في مائة وثوب ومائة وشاة { ولنا أن حذف تمييز المعطوف عليه } وتفسير للخفة { متعارف } في العدد إذا عطف عليه عدد مفسر { مثل مائة ودرهم أو بالوزن مثل مائة وقفيز حنطة لمشابهته العدد { بخلاف العبد والثوب } أي بخلاف نحو له على مائة وبعد أو ثوب فإن الثاني لا يكون بيانا للأول لأنه لا يشبه العد حتى يصلح قياسه على مثل له على مائة وثلاثة دراهم { على أنهما لا يثبتان في الذمة } يعني ههنا مانع آخر وهو أن تفسير المائة بالعبد أو الثوب لا يلائم لفظ على لأن موجبه الثبوت في الذمة ومثلهما لا يثبت فيها إلا في السلام للضرورة فلا يرتكب إلا فيما صرح به كالمعطوع فليه مع أنه لا يكثر كثرة العدد حتى يستحق التخفيف { التقسيم الرابع باعتبار الدلالة } أي دلالة النظم والقوم قد حصروا أقسامها في عبارة النص وإشارته ودلالته واقتضائه والمص زاد عليها قسما خامسا وهو موجب الصيغة والنوع الأول من بيان الضرورة لما عرفت أن الثابت به ثابت بدلالة الكلام حتى صار في حكم المنطوق { ووجه الضبط أن الحكم المستفاد من النظم إما أن يكون ثابتا بنفس النظم أولا والأول إن كان النظم مسوقا له فهو العبارة وإلا فالإشارة والثاني إن فهم الحكم منه لغة فالدلالة } الشرط في دلالة النص هو أن يكون مفهوما لغة في الجملة غير موقوف على الاجتهاد لا أن يفهمه كل من يعرف اللغة إذ لا صحة له أصلا فإن كثيرا من دلالة النص يكون مبنيا على علة في معى النظم لا يفهمه كثير من الماهرين في اللغة أن الحم في المنطوق لأجلها كوجوب الكفارة بالأكل والشرب في الصوم والحد في اللواطة وغير ذلك { أو شرعا فإن } توفق الحكم { الثابت بنفس النظم عليه فالاقتضاء فالمقتضي } زيادة تثبت شرطا لصحة المنصوص عليه شرعا { وإلا فالضرورة } ومن قال دلالة اللفظ على الموضوع له أو جزئه أو لازمه المتأخر عبارة أن سيق الكلام له وإشارة إن لم يسق على لازمه المحتاج إليه اقتضاء وعلى الحكم في شيء يوجد فيه معنى يفهم لغة أن الحكم في المنطوق لأجله دلالة فقد أدرج القسم الخامس المذكور في أحد الأولين ولم يتطفن له وأيضا يلزم حينئذ أن يكون موجب الكلام كاليمين الثابت بصيغة النذر والعتق الثابت بشراء القريب من قبيل الإشارة وعلى تقسيم المص يندرج هذا في القسم الأخير { كقوله تعالى { للفقراء المهاجرين } سيق الكلام لا يجاب سهم من الغنيمة لهم وهو ثابت بنفس النظم فهو عبارة فيه والفقير لا يملك شيئا ولا يجب عليهم الزكاة والحج ويحل أخذ الصدقة فهو إشارة في هذه الكلام وذلك بزوال ملكهم عما خلفوا في دار الحرب فهو ثابت اقتضاء } لتوقف الحكم الثابت بنفس النظم إشارة عليه ومن وهم أنه ثابت إشارة فقدوهم { وكذا أثبت اقتضاء أن الكفار يملكون بالاستيلاء بشرط الإحراز } وتوقف الثابت بنفس النظم على الثابت اقتضاء لا يلزم أن يكون بالذات { وكقوله تعالى وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن } سيق لا يجاب نفقة الزوجات على الزوج { الذي ولدن له وفيه إشارة إلى أن النسب من ولد له } أي إلى من حكم له الولد { لا إلى الولد حقيقة } وهذه الإشارة التي على وفق قوله عم الولد للفراش وللزاني الحجر مما وفقنا باستخراجه { وإلى اختصاص النسب له وإلى انفراده بالاتفاق على الولد إذ لا يشاركه أحد في هذه النسبة فكذا في حكمها وثبت اقتضاء أن للأب ولاية تملك ماله لأنه نسب إليه بلام الملك } فيقتضى كمال اختصاص الولد واختصاص ماله بأبيه على قدر الإمكان وتملك الولد غير ممكن لكن تملك ماله ممكن فثبت هذا { وذلك موقوف على ثبوت ولاية التملك } فوجد فيها شرط الاقتضاء { وأما أن أجر الرضاع يستغن عن التقدير فثبوته ليس بدلالة الكلام بل بالسكوت حيث أوجب على الأب رزق أمهات الأولاد ولم تعوض التقدير } فهو خارج عن المقسم داخل في أقسام البيان المذكور فيما تقدم فمن قال فإن أراد استئجار الوالدة لرضاع ولدها يكون ثابتا بإشارة النص وإن أراد استئجار غيرها فثبوته بدلالة النص لا بإشارته لعدم ثبوته بالمنطوق لم يصب { وقوله تعالى { وعلى الوارث } إشارة إلى أن الورثة ينفقون بقدر الإرث لأن العلة هي الإرث بناء على أن النسبة أي المشتق توجب علية المأخوذ وقوله تعالى { إطعام عشرة مساكين } فيه إشارة إلى أن الأصل فيه هو الإباحة والتمليك ملحق به } وعند الشافعي لا يجوز إلا بالتمليك كما في الكسوة { لأن الإطعام جعل الغير طاعما } ولا يلزمه التمليك ومعنى جعلة طاعما المباشرة بسببه فعدم كونه مقدورا لا يضر { كلا جعله مالكا وإنما الحق به التمليك دلالة } جواب سؤال تقرير ظاهر { لأن المقصود بالإطعام يحصل به بطريق الأولى } لأن في الإطعام قضاء حاجة الأكل فقط وفي التمليك قضاؤها وقضاء حاجة أخرى { ولا كذلك في الكسوة } أي ليس الأصل في الكسوة الإباحة { لأن الكسوة بالكسر الثوب فوجب أن يصير العين كفارة في الجملة وذا بتمليك العين لا الإعارة إذ هي ترد على المنفعة ولما استشعر أن يقال أن المذكور في كثير من كتب التفسير واللغة أن الكسوة مصدر بمعنى الإلباس لا اسم للثوب تداركه بقوله { وبالإباحة في الطعام فيتم المقصود } أي سلمنا أن الكسوة بالكسر مصدر لكن الإباحة في الطعام وهي أن يؤكل على ملك المبيح يتم بها المقصود { دون إعارة الثوب } وهي أن يلبس على ملك المعير فإنه لا يتم به المقصود إذ للمعير ولاية الاسترداد دون المبيح في الطعام فإنه لا يمكن رده بعد الأكل { وأما دلالة النص وتسمى فحوى الخطاب ومفهوم الموافقة وكقوله ولا تقل لهما أف يدل على حرمة الضرب لأنالمعنى الذي فهم منه لغة أن حرمة التأفيف له } أي لأجله { وهو الأذى موجود في الضرب على وجه أكمل وكالكفارة بالوقاع وجبت عليه } أي على الرجل { عبارة وعليها } أي على المرأة { دلالة } لأن المعنى يفهم منه لغة أن وجوب الكفارة له وهو الجناية على الصوم المشترك بينهما { وكوجوب الكفارة عند نافي الأكل والشرب بدلالة نص ورد في الوقاع لأن المعنى الذي يفهم منه أن وجوب الكفارة في الوقاع له وهو كونه جناية على الصوم وهو الإمساك عن المفطرات موجود فيهما والحاجة إلى الزاجر فيهما أشد لقوة الداعية إليهما وضعف الصبر عنهما وكوجوب الحد عندهما في اللواطة بدلالة نص ورد في الزنا } لأن المعنى الذي يفهم منه { أن وجوب الحد في الزنا هو قضاء الشهوة بسفح الماء في محل محرم مشتهى وهو موجود في اللواطة بل أشد لأنها في الحرمة وسفح الماء فوقه أما في الحرمة فأن حرمة الفعل فيها لا تزول أبدا } وحرمة الفعل فيه تزول بالنكاح والشراء { وأما في السفح فلأنها تضييع للماء على وجه لا يتخلف منه الولد } بخلاف الزنا { وفي الشهوة مثله وأبو حنيفة يقول الزنا أكمل في السفح من اللواطة لأن فيه هلاك نفس لأن ولد الزنا هالك حكما وإفساد الفراش } أي فراش الزوج لأنه يجب فيه اللعان وثبت الفرقة بسببه ويشتبه النسب { والشهوة فيه من الطرفين فيغلب وجوده } رد لما قالا أنها في الشهوة مثله { وما فيها من تضييع الماء قاصر في الحرمة } رد ترجيحها عليه من جهة السفح { لأنه قد يحل بالعزل والترجيح بالحرمة غير نافع } جواب عن تمسكهما برجحان من جهة الحرمة { لأن الحرمة المجردة عن هذه المعاني } أي المعاني المخصوصة بالزنا من هذلاك النفس وإفساد الفراش واشتباه النسب { لا توجب الحد كالبول مثلا } فإنه فوق الخمر في الحرمة لأن حرمته لا تزول وحرمتها تزول بالتحليل مع أنه لا يجب به الحد { وكوجوب القصاص بالمثقل عندهما بدلالة قوله عليه السلام (( لا قود إلا بالسيف )) } يحتمل معنيين أحدهما أن القصاص لا يقام إلا بالسيف والثاني أن لا قود إلا بسبب القتل بالسيف وعلى الثاني يجب القصاص المثقل بطريق الدلالة { لأن المعنى الذي يفهم منه أنه وجوب القصاص به هو الضرب بما لا يطيقه البدن والضرب بالمثقل أبلغ في ذلك وقال أبو حنيفة رحمه الله المعنى جرح ينقض البنية ظاهرا } أي بالجرح وتخريب الجثة { وباطنا } أي بإزهاق الروح وإفساد الطبائع الأربع { فإنه ح } أي عند النقض ظاهرا وباطنا { يقع الجناية قصدا على النفس الحيوانية التي بها لاحياة فيكون أكمل من غيرها وكوجوب الكفارة عند الشافعي في قتل العمد واليمين الغموس بدلالة نص ورد في الخطأ } وهو قوله تعالى ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة { والمعقودة } وهو قوله تعالى ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الإيمان فكفارته الآية { لأنه لما أوجب القتل الكفارة مع وجود العذر فأولى أن يوجب بدونه إذا أوجبت الكفارة في المعقودة إذا حنث فأولى أن تجب وهو حنث في الأصل ونحن نقول الكفارة عبادة ليصير ثوابها جبرا لما ارتكب وهذا تؤدي مع الصوم وفيها معنى العقوبة فإنها جزاء يزجر به عن ارتكاب المحضور فيجب أن يكون سببها دائرا بين الخطر والإباحة ليضاف العقوبة } إلى الخطر والعبادة إلى الإباحة فيقع الأثر على وفق المؤثر { كقتل الخطأ } فإنه مباح من جهة الرمي إلى صيد مثلا ومحظور من جهة ترك التثبت وإصابة الإنسان المعصوم { والمعقودة } فإنها مباحة من جهة أنها عقد شروع لفصل الخصومات وفيها تعظيم اسم الله تعالى ومحظور من جهة الحنث { وأما العمد والغموس فكبيرة محضة فلا يلايمها العبادة لأنها تمحوا الصغائر لقوله تعالى إن الحسنات يذهبن السيئات دون الكبائر } لقوله عليه السلام الصلواة الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان كفارات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر { والقتل بالمثقل ليس بحرام محض } جواب سؤال مقدر تقريره ظاهر { لما فيه من شبهة الخطأ لأنه ليس بآلة القتل وهي } أي الكفارة { مما يحتاط في إثباته فيجب لشبهة السبب } وهو القتل الخطأ { فإن قيل لم يفرق بين قتل المعصوم بالمثقل وقتل المستأمن بالسيف في عدم القصاص فيهما لمكان الشبهة فلم يفرق بينهما بوجوب الكفارة بالأول دون الثاني قلنا لأن الشبهة إنما يؤثر في إثبات الشيء وإسقاطه إذا تمكنت فيما يقابل ذلك الشيء والقصاص مقابل للفعل من جهة } لأنه شرع زاجرا والزواجر أجزة الأفعال ووجوب القصاص على الجماعة بالواحد يدل على هذا { وللمحل من جهة } لقوله تعالى إن النفس بالنفس وكونه حقا لأولياء المقتول يدل على هذا { فيسقط بالشبهة في الفعل كما في القتل بالمثقل } لأن الشبهة في الآلة الموضوعة لتتميم القدرة الناقصة فيدخل في فعل العبد ويصير الشبهة فيها شبهة في الفعل { وبالشبهة في المحل كما في قتل المستأمن } فإن حرمته لا يماثل دم الذمي في العصمة لأنه حربي ممكن الرجوع إلى دار الحرب فكأنه فيها { والكفارة تقابل الفعل من كل وجه } لأن الزواجر أجزية الأفعال { فتثبت بالشبهة في الفعل } كما في القتل بالمثقل { لا في المحل } كما في قتل المستأمن { والثابت بدلالة النص كالثابت بالعبارة والإشارة إلا عند التعارض } فإنه ح يقدم الثابت بالعبارة والإشارة على الثابت بالدلالة كما يقدم الثابت بالعبارة على الثابت بالإشارة عند التعارض { وهو فوق القياس لأن المعنى } أراد المعنى الذي يفهم أن الحكم في المنطوق لأجله { مدرك في القياس رأيا لا لغة بخلاف الدلالة } وفيه بحث وهو أن القياس قد يكونمنصوص العلة ودلالة النص قد يحتاج فيه إلى الرأي على ما عرفت فيما تقدم فكما لا صحة لقوله مدرك فيالقياس رأيا لا لغة على إطلاقه كذلك لا صحة لقوله بخلاف الدلالة على إطلاقه { فما يندرئ بالشبهات } كالحدود والقصاص { يثبت بها } لا به { وأما الاقتضاء فقد مر مثاله والقوم لغفولهم عن تحققه فيالنصوص الشرعية تمثلوا له بنحو اعتق عبدك عني بألف يقتضي البيع لتوقف صحة العتق عليه } فصار كأنه قال بع عبدك مني وكن وكيلي في الاعتاق عني { فيثبت } أي البيع { بقدر الضرورة } أي يثبت مع أركانه وشرائطه الضرورية التي لا تسقط بحال فلا يشترطالقبول ولا يثبت خيار الرؤية والعيب ويعتبر في الأمر أهلية الاعتاق حتى لو كان صبيا مأذونا لا يثبت منه البيع بهذا الكلام فلا يكون كالملفوظ حتى لا يثبت ما يحتمل السقوط من الأركان والشروط { فقال أبو يوسف } تفريع لما مر أنه لا يثبت ما يحتمل السقوط { لو قال اعتق عبدك عني بغير شيء أنه يصح عن الأمر ويستغني الههبة عن القبض وهو شرط كما يستغني البيع ثمة عن القبول وهو ركن وقالا سقط ما يحتمل السقوط والقبض في الهبة لا يحتمله إنما قال في الهبة لأنه في البيع الفاسد يحتمل السقوط { بخلاف القبول في البيع } لا يقال أن الإيجاب والقبول ركن البيع فلا يوجد إذا سقط واحد منهما لأنا نقول إنما لا يثبت البيع بدونهما إذا ثبت مقصودا أما إذا ثبت ضمنا فيثبت بلا انعقاد ركنه { ولا عموم للمفتضى } أي إن كان تحته أفراد لا يثبت جميع أفراده { لأنه ثابت ضرورة فيتقدر بقدرها فلا يقبل التخصيص في القول الحالف } إنما صور المسألة في قول الحالف لما مر أن المعتبر في الاقتضاء هو التوقف شرعا وذلك لا يوجد في القول المذكور مطلقا { لا أكل } تفريع على ما مر أن المقتضى لا يعم { لأن طعاما ثابت اقتضاء وأيضا لا تخصيص إلا في اللفظ والمصدر الثابت لغة } أي في ضمن الفعل وهو الذي يتوقف على الفعل توقف الكل علىالجزء { إنما هو الدال على الماهية } لا على الأفراد إذ لا دلالة في الفعل على الفرد بل على مجرد الماهية مع مقارنة الزمان فلا يكون عاما { بخلاف قوله لا أكل أكلا فإن أكلا نكرة في سياق النفي فتعم فيجوز تخصيصها بالنية } جواب عن سؤال مقدر تقريره سلمنا أنه لا يصح نية طعام دون طعام لعدم العموم في المقتضى لكن لم لا يجوز أن ينوي أكلا دون أكل على أن يكون العموم في الأكلات فإن دلالة الفعل على المصدر ليست بطريق الاقتضاء بل بحسب اللغة فيععم لكونه نكرة في سياق النفي فيصير كقوله لا آكل أكلا ولما استشعر أن يقال إذا لم يكن المصدر عاما ينبغي أن لا يحنث بكل أكل تدراكه بقوله { وإنما يحنث بكل أكل لأنه مندرج تحت ما هية الأكل } فإن قوله لا آكل معناه لا يوجد مني ماهية الأكل وعدم وجود ماهية الأكل موقوف على انتفاء جميع أفراد الأكل { فدلالة لا آكل على هذا المعنى بطريق الاقتضاء } بخلاف النكرة المنفية فإن فيها وضعا نوعيا فدلالتها بطريق المنطوق { لا لأن اللفظ يدل على جميع الأفراد } أي بطريقالمنطوق { وإنما صح نية في قوله لا أساكن فلانا ونوى في بيت واحد والبيت ثابت اقتضاء لأن المساكن نوعان قاصرة وهي أن تكونا في دار واحدة وكاملة وهي هذه } أي المساكنة في بيت واحد { فنوى والكامل } فنية البيت الواحد ليست من باب تخصيص العام بل من باب تعيين واحد محتملى اللفظ المشترك أو أحد نوعي الجنس وسيأتي تمام هذا الكلام { ولذلك } أي لما ذكرنا أن المقتضى لا عموم له أصلا { قلنا لا يصح نية الثلاث في أنت طالق وطلقتك لأن المصدر الذي ثبت من المتكلم إنشاء أمر شرعي لا لغوي فيكون ثابتا اقتضاء } وتفصيل ذلك أن أنت طالق يدل بحسب اللغة على اتصاف المرأة بالطلاق على ثبوت الطلاق عن الرجل بطريق الإنشاء وإنما ذلك أمر شرعي ثبت ضرورة أن اتصاف المرأة بالطلاق يتوقف شرعا على تطليق الزوج إياها فيثبت اقتضاء فيتقدر بقدر الضرورة والدلالة في طلقتك بحسب اللغة إنما هي على مصدر ماض لا على مصدر حادث فيالحال فكان ينبغي أن يكون لغوا لعدم تحقق الطلاق في الزمان الماضي إلا أن الشرع أثبت لتصحيح هذا الكلام مصدرا أي طلاقا من قبل المتكلم في الحال وجعله إنشاء للتطليق فصارت دلالته على هذا المصدر اقتضاء لا لغة قيل الطلاق الذي يثبت من المتكلم بطريق الإنشاء كيف يثبت اقتضاء والمقتضى في اصطلاحهم اللازم المحتاج إليه وهنا ليس كذلك لأن ثبوت الطلاق بهذا اللفظ فيكون متأخرا فيكون من باب العبارة فيصح نية الثلاث فيه وأجيب عنه بوجهين أحدهما أنه ليس المراد بوضع الشرع هذا اللفظ للإنشاء أن الشرع أسقط اعتبار معنى الأخبار بالكلية ووضعه للإنشاء ابتداء بل الشرع في جميع أوضاعه اعتبر الأوضاع اللغوية حتى اختار للإنشاء ألفاظا تدل على ثبوت معانيها في الحال كألفاظ المستقبل والماضي والألفاظ المخصوصة بالحال فإذا قال أنت طالق وهو في اللغة للإخبار يجب كون المرأة موصوفة به في الحال فيثبت الشرع الإيقاع من جهة التكلم اقتصضاء ليصح هذا الكلام فيثبت الطلاق اقتضاء وهذا معنى وضع الشرع للإنشاء وإذا كان ثبوته اقتضاء لايصح فيه نية الثلاث لعدم العموم للمقتضى ولأن نيتها إنما تصح بطريق الجاز من حيث أ،ها وأحد اعتباري ولا يصح نية المجاز إلا في اللفظ كنية التخصيص وفيه نظر إذ ح لا يكون اللفظ منقولا عن معناه اللفوي بل مستعملا فيه فلا يوجد تصرف من جهة الشرع في اللفظ بل في إثبات معناه اقتضاء وليس هذا من معنى الوضع في شيء وإيضاح لا يصح ح ما اشتهر منهم من تفريع ثبوت الإنشاء على تعذر الأخبار وأيضا موجب ما ذكر أن لا يقع الطلاق في العدة بأنت طالق لأنها موصوفة بالطلاق في الحال فلا ضرورة لإثابت الشرع إيقاعا آخر من جهة المتكلم وإيضا لا يوجد فيه خاصة الإخبار أعني احتمال الصدق والكذب للقطع بتخطئة من يحكم عليه بأحدهما ولو كان قارا في المعنى الإخباري لوجد فيه خاصة وعلى تقدير النقل عنه إلى المعنى الإنشائي يكون ثبوت الطلاق بالعبارة قطعا وثانيهما أن قوله أنت طالق يدل على الطلاق الذي هو صفة المرأة لغة ويدل على التطليق الذي هو صفة الرجل اقتضاء فالذي هو صفة المرأة لا يصح فيه نية الثلاث لأنه غير متعدد بذاته وإنما التعدد في التطليق حقيقة وباعتبار تعدده يتعدد لازمه أي الذي هو ص3فة المرأة فلا يصح فيه نية الثلاث وكذا الذي هو صفة الرجل لما مر أن الثابت اقتضاء لا يصح النية الثلاث وهذا الجواب على تقدير تمامه لا يتمشى في طلقتلك بخلاف الأول وإنما قلنا على تقدير تمامه إذ لا مزيد فيه على ما ذكر أولا أن الطلاق الثابت من قبل الزوج ثابت بطريق الاقتضاء فلا يصح النية الثلاث فيه وهذا لا يدفع السؤال المذكور ولا مدفع له إلا منع كونه إنشاء والقول بأنه إخبار يقتضي سابقية الطلاق من قبل الزوج تصحيحا له فيرجع إلى الجواب الأول فتأمل ثم أنه منقوض بمثل أنت طالق طلاقا وأنت الطلاق فإنه صفة المرأة وقد صحت نية الثلاث اتفاقا ودفعه بأنه لما نوى الثلاث تعين أنه أراد بالطلاق التطليق فيكون طلاقا مصدرا لفعل محذوف تقديره أنت طالق لأني طلقتك تطليقات ثلاثا ومعنىالثاني أنت ذات وقع عليك التطليقات الثلاثلا يخلو عن بعد وتكلف على أن تأويل أنت طالق بأنت ذات وقع عليك التطليق ليس بأبعد من ذلك { دون طلقي نفسك } فإنه يصح نية الثلاث فيه { لأن معناه افعلي فعل الطلاق فثبوت المصدر فيالمستقبل بطريق اللغة فيكون كالملفوظ } فيصح حمله على الأقل وعلى الكلي وإن لم يكن عاما { كسائر أسماء الاجناس } أي إذا كان كالملفوظ وهو ليس باسم عام لكنه اسم جنس وهو اسم فرد لا يدل على العدد بل يدل على الواحد الحقيقي أو الاعتباري كسائر أسماء الأجنسائ إذا كانت ملفوظة لا يدل على العدد بل يدل على الواحد أما حقيقة أو اعتبارا { على ما يأتي } في الفصل الذي يذكر فيه أن الأمر لا يدل على العموم والتكرار { وثبوت البينونة في أنت باين وإن كان أمرا شرعيا أيضا لكن يصح فيه نية الثلاث } جواب سؤال تقريره أنتم قلتم أن المصدر الذي يثبت من المتكل إنشاء أمر شرعي لا لغوي فيكون ثابتا اقتضاء فلا يصح فيه نية الثلاث فكذلك ثبوت البينونة من المتكلم بقوله أنت باين أمر شرعي أيضا فينبغي أن لا يصح نية الثلاث فيه أيضا { لأن البينونة على نوعين فيصح نية أحدهما ولا كذلك الطلاق فإنه لا اختلاف فيه إلا بالعد } تقريره سلمنا أن البينونة ثابتة بطريق الاقتضاء لكن صحة نية الثلاث في أنت باين ليست مبنية علىعموم المقتضى بل هو من قبيل إرادة أحد معنيي المشترك أو أحد نوعي الجنس في باب المقتضى وهو جائز وذلك أن البينونة قد تطلق على الحقيقة وهي القاطعة للحل الثابت للزوج في الحال وعلى الغليظة وهي القاطعة لحل المحلية لا بأن لا يبقى المرأة محلا للنكاح في حقه فإن كان لفك البينوننة موضوعا لكل من المعنيين وضعا على حدة كان مشتركا بينهما لفظا وإلا لكان جنسا لهما { ومما يتصل بذلك } أي بالمتقتضى { المحذوف } حتى يشتبه أحدهما بالآخر ولا يفرق بينهما فيعطى أحدهما حكم الآخر { وهو ما يغير إثباته المنطوق } لما كان المحذوف على نوعين محذوف بغير إثباته المنطوق ومحذوف لا يغير إثباته المنطوق كما في قوله تعالى { فانفجرت } أي ضربه فانفجرت وكان المتصل بالمقتضى الأول دون الثاني فسر المراد بما ذكر ومن لم يتنبه لهذا قال ما قال { بخلاف المقتضى نحو { واسأل القرية } أي أهل القرية فإن إثبات الأهل بغير الكلام } لا ينقل النسبة في القرية إليه لأنه حاصل سواء قدر الأهل أو جعل القرية مجازا عنها { بل بنقل المفعولية من القرية إلى الأهل فهو } أي الأهل لما كان ثابتا لغة كان كالملفوظ فيجري فيه العموم والخصوص ولا يتوهم من المحذوف قسم آخر لأن اللفظ المحذوف دال على المعنى المراد بأحد الأقسام المذكور وأما دلالة اللفظ على لفظ آخر فخارج عن المقسم { وأما الضرورة } أي طريق الثبوت بها { فقد مر بيانها } في فصل بيان الضرورة { منها } مما ثبت ضرورة { صحة صوم من أصبح جنبا لقوله تعالى { فالآن باشروهن } } إلى قوله { كلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض } أي الصبح { دل ذلك على جواز المباشرة إلى آخر جزء من الليل ويلزمه ضرورة جواز أن يصبح جنبا } زعم الإمام السرخسي أنه مما يثبت بإشارة النص والإمام البيضاوي أورده في المنهاج مثالا لما يثبت دلالة فقد عرفت ما هو الحق .
فصل :
পৃষ্ঠা ১২৭
{ قسم الشافعية المنفي إلى المنطوق } وهو ما يدل عليه اللفظ في محل النطق أي يكون حكما للمذكور وحالا من أحواله { سواء ذكر ذلك الحكم ونطق به أو لا والمفهوم وهو ما يدل عليه لا في محله بأن يكون حكما لغير المذكور وحالا من أحواله والثاني إلى مفهوم موافقة وهو أن يكون المسكوت عنه موافقا للمنطوق في الحكم إثباتا ونفيا إلى مفهوم مخالفة وهو أن يكون مخالفا له فيه } وشرطوا له الشرائط التي أوردها المص وقالوا في آخرها أو غير ذلم ممايقتضي تخصيص المنطوق بالذكر فعلم أن مرجع شرائطه إلى أن لا يظهر لتخصيص المنطوق بالذكر فائدة غير نفي الحكم عن المسكوت عنه { وشرطه أن لا يظهرا وليته } أي أولوية المسكوت عنه من المنطوق بالحكم الثابت له { ولا مساواته إياه فيه } حتى لو ظهر أحدهما كان الحكم في المسكوت عنه عثابتا بدلالة النص إن لم يحتج إلى تعدية الحكم من الأصل إلى الفر لعلة لا تدرك باللغة أو بالقياس إن احتيج إليها { ولا يخرج } أي المنطوق { مخرج العادة نحو وربائبكم اللآتي في حجوركم } حرم الربائب على أزواج الأمهات ووصفهن بكونهم في حجورهم إخراجا للكلام مخرج العادة فإنها جرت بكون الربائب في حجورهم فلا يدل الوصف المذكر على نفي الحكم عما عداه { ولا يكون } أي المنطوق { لسؤال أو حادثة } كما أنه عم سأل عن وجوب الزكاة في الإبل السايمة مثلا فقال بناء على السؤال أو بناء على وقوع الحادثة أن في الإبل السائمة زكاة فوصفها بالسوم هنا لا يدل على عدم وجوب الزكاة عند عدم السوم { أو علم المتكلم } بالجر عطف على سؤال في قوله لسؤال { بأن السامع يجهل هذا الحكم المخصوص } كما إذا علم أن السامع لا يعلم بوجوب الزكاة في الإبل السائمة فقال بناء على هذا أن في الإبل السائمة زكاة لا يدل أيضا على عدم الحكم عند عم السوم ولما فرغ عن ذكر شارائطه شرع في أقسامه فقال { منه تخصيص الشيء باسمه } سواء كان اسم جنس واسم علم { يدل على نفي الحكم عما عداه } أي عما عدا ذلك الشيء يعني هذه المسألة من مفهوم المخالفة { عند البعض لأن الأنصار فهو من قوله عليه السلام الماء من الماء } أي الغسل من المني عدم الغسل { بالإكسال } وهو أن يجامع ولا ينزل { وعند لا يدل وإلا } أي وأن دل على نفي الحكم عما عداه { يلزم الكفر في قوله } أي قول المسلم { محمد رسول الله } إذ ح يلزم نفي الرسالة عن غير محمد عم وهو كفر { والكذب في زيد موجود } إذ ح يلزم نفي الوجود عن غير زيد وهو كذب ولا يلزم الكفر لاحتمال التأويل بأن يكون معنى الموجود المتصف بالوجود فلا يصدق على الواجب تعالى على أصل من قال بعينية الوجود فيه تعالى { ولإجماع العلماء على جواز القياس } فإنه دل على أن تخصيص الشيء باسمه لا يدل على نفي الحكم عما عداه لأن القياس إثبات حكم مثل حكم الأصل في الفرع فعلم أنه لا دلالة للحكم في الأصل على الحكم المخالف فيما عداه ولا يذهب عليك أن مبنى هذا الاستدلال الغفول عما تقدم من شرط عدم المساواة في مفهوم المخالفة لأن وجودها شرط القياس فموضع القياس لا يثبت فيه مفهوم المخالفة { وإنما فهموا ذلك } أي عدم وجود الغسل بالاكسال { من اللام وهو للاستغراق } جواب عن الاستدلال المذكور ولما استشعر أن يقال لم قلتم أن اللام للاستغراق كان معناه أن جميع أفراد الغسل في صورة وجود المني فيلزم أن لا يجب الغسل بالإدخال بلا إنزال تداركه بقوله { غير أن الماء يثبت مرة عيانا ومرة دلالة } يعني أن الإدخال دليل الإنزال والإنزال أمر خفي فيدور الحكم مع دليل الإنزال كما يدور الرخصة مع دليل المشقة وهو السفر { ومنه } أي من مفهوم المخالفة { تخصيص الشيء الشيء بالوصف يدل على نفي الحم عن الشيء بدونه } أي بدون ذلك الوصف كقوله تعالى { من فتياتكم المؤمنات } وصف المحللات من الإمام بالمؤمنات فدل عندهم على عدم حل غير المؤمنات منهن { عند الشافعي وأحمد والأشعري وكثير من العلماء } ونفاه أبو حنيفة والقاضي والغزالي وجمهور المعتزلة { للعرف فإن في قوله الإنسان الطويل لا يطير يتبادر الفهم إلى ما ذكرناه ولهذا يستقبحه العقلاء } ولا استقباح في منطوقه ولا في مفهومه الموافق دل على ذلك أنه لو قال الإنسان الطويل وغير الطويل لا يطير لا يستقبحه العقلاء فثبت أنه في مفهوم المخالف { ولتكثير الفائدة } يعني أن الحمل على إثبات المذكور ونفي غيره أكثر فائدة من إثبات الفائدة المذكورة وحده وتكثير الفائدة لكونه ملائما لغرض العقلاء مما يرجح المصير إليه { ولأنه لو لم يكن فيه تلك الفائدة لكان ذكر الوصف ترجيحا من غير مرجح } لأن التقدير عدم الفوائد الأخر { ولأن تعليق الحكم بالموصوف يدل على علية وصفه لذلك الحكم فيقتضي عدم الحكم عند عدمه } لانتفاء المعلول بانتفاء العلة { وعندنا لا يدل لأن موجبات لاتخصيص لا تنضبط } لم يقل لا تنحصر فيما ذكر لما عرفت أنهم ما قالوا بالانحصار فيما ذكر وما بنوا دعواهم على ذلك حتى يتم التقريب بإبطال الانحصار فمن قال أن القائلين بمفهوم المخالفة قالوا أن التخصيص إنما يدل على نفي الحكم عما عداه إذا لم يخرج مخرج العادة ولم يكن لسؤال أو حادثة أو علم المتكلم بأن السامع يجهل هذا الحكم المخصوص فجعلوا موجبات التخصيص منحصرة في هذا الأربع ثم رد عليهم قائلا أن موجبات لاتخصيص لا تنحصر فيها فإن شيئا منها لا يوجد في نحو الجسم الطويل العريض العميق متحيز ومع ذلك لا يراد منه نفي الحكم عما عداه لاستحالته ضرورة أن الجسم لا يوجد بدون هذه الصفة بل يراد تعريف الجسم به والإشارة إلى أنه علة للتحيز ونحو وما من دابة في الأرض الآية وصف الدابة بكونها في الأرض ولا يراد نفي الحكم بدون ذلك الوصف لأن الدابة لا تكون إلا في الأرض مع أنه لم يوجد فيه شيء من الموجبات المذكورة ونحو المح أو الذم فإنه قد يوصف الشيء للمدح أو الذم ولا يراد بالوصف في نفي الحكم مع عدم تحقق شيء من الأمور المذكورة أو التأكيد نحو أمس الدار لا يعود أو غير ذلك فقد شيء من الأمور المذكورة أو التأكيد نحو أمس الدابر لا يعود أو غير ذلك فقد نسب إليهم ما هم عنه يراد فدايرة ما أورده عليهم على الافتراء ثم أن في قوله ونحو الجسم الطويل إلخ وقوله ونح المدح والذم أو التأكيد خبطا فاحشا لأن الكلام في التخصيص بالوصف وما يكون للكشف أو للمدح أو الذم أو التأكيد لا يكون مخصصا { والاستقباح إنما هو لعدم فائدة التخصيص فيالمثال المذكور ولا ناع فيه إنا النزاع في أ،ه عل لنا سبيل إلى العلم بعدم الفائدة في التخصيص سوى نفي الحم عما عداه أم لا والحق أنه لا سبيل إليه لأنه كثيرا ما يكون لكلمة واحدة في كتاب الله تعالى وحديث الرسول عليه السلام ألف فائدة يعجز عن دركها عقول الفحول على أن المثال الجزئي لا يصلح القاعدة الكلية } جواب عن الوجه الأول من جود استدلال الخصم ولما كان الجواب عن الوجه الثاني ظاهرا وهو أن الوضع لا يثبت بما فيه من الفائدة بل بالنقل لم يذكره وذكر الجوب عن الثالث بقوله وقوله { لكان ذكر ترجيحا من غير مرجح في حيز المنع } وتقدير عدم الفوائد الآخر غير مطابق للواقع { ودلال التعليق } أي التعليق الحكم بالموصوف { على العلية } أي علية الوصف لذلك الحكم { لا يجدي } في تمام التقريب { لأن الحم يثبت بعلل شتى } جواب علىالوجه الرابع { وعلى تقدير الانحصار } أي على تقدير أن يكون علةى الحكم منحصرة في الوصف المذكور { اللازم عدم الحكم عند عدمه } بناء على عدم العلة { عدما أصليا } لا حكما شرعيا { ونحن أيضا نقول به } إنما إنكارنا لعدمه بعدم الوصف وذلك غير لازم ومن ثمرات الخلاف أنه إذا كان الحكم المذكور حكما عدميا لا يتحقق الحكم الثبوتي فيما عدا الوصف عندنا كقوله عليه السلام ( ليس في العلوفة زكاة ) فإنه لا يثبت عندنا أن الإبل إذا لم يكن علوفة كان فيها زكاة لأن الحكم الثبوتي لا يمكن أن يثبت بناء على العدم الأصلي وعنده يثبت فيما عداه الوصف الحكم الثبوتي فالحكم المذكور يثبت عنده بذلك النص ومنها صحة التعدية وعدمها كما في قوله تعالى فتحرير رقبة مؤمنة هل يصح تعدية عدم جواز كفارة اليمين وقد مر في فصل المطلق والمقيد { ويظهر الخلاف في قوله تعالى { من فتياتكم المؤمنات } هذا لا يوجب تحريم نكاح الأمة الكتابية عندنا خلافا له مع أنه يحتمل أن يكون أثر التخصيص الكراهة دون الحرمة } وما الخروج مخرج العادة فلا يناسب المقام { ولا يلزم علينا نقضا } لإنكارنا بمفهوم الوصف { قولنا في أمة ولدت ثلاثة أولاد في بطون مختلفة } بأن يكون بين الولادتين ستة أشهر أو أكثر وإنما قيد به لأنه لو ولدت في بطن واحد يكون دعوة الواحدة دعوة الجميع { فقال المولى الأكبر مني أنه نفى نسب الأخيرين } هذا عند الثلاثة وقال زفر يثبت نسب الكل بدعوة الأول { لأنه ليس لتخصيصه } أي ليس قولنا أنه نفى نسبهما لأجل أن تخصيص الأكبر دل على نفي الحكم عما عداه { بل لأن السكوت في موضع الحاجة بيان بأنهما ليسا منه } وذلك أنه يجب على المرأ دعوة النسب فيما هو مخلوق من مائة والسكوت عن البيان بعد تحقق الحاجة دليل النفي { لا يقال لا حاجة إلى البيان لأنها صارت بالمقام الأول أم ولد } من وقت ولادته { فيثبت نسب الأخيرين بلا دعوة } هذا وجه قول فر في الخلافية المذكورة { لأن ثبوت النسب بالفراش الضعيف } وهو فراش أم الولد { نما يكون إذا لم يوجد النفي وقد وجد } لما مر أن سكوته في موضع الحاجة كان نفيا هذا على وفق ما ذكر في أصول السرخسي وأما ما قيل إنما يكون كذلك إن لو كان دعوة الأكبر قبل ولادة الأخيرين أما ههنا فلا فقد اندفع بتقريرنا الوجه المذكور { وكذا لا يلزم على الإمامين } نقضا لما مر { قولهما فيما إذا قال الشهود لا نعلم له ارثا في أرض كذا أنه لا يقبل الشهادة لأ،ه ليس بناء على أن التخصيص دل على نفي الحكم عما عداه } ففهم منه أنهم يعلمون له وارثا في غير تلك الأرض فلم تقبل شهادتهم { بل لأنه أورث شبهة وبها ترد الشهادة ونحن لا ننتفي الشبهة فيه } أي في التخصيص بالوصف { وقال أبو حنيفة هو كما يحتمل ما قالا يحتمل المبافة في التحرز عن الكذب } باعتبار أنهما تفحصا في ذلك الموضع دون سائر المواضع { ويحتمل تحقيق المبالغة في نفي وارث آخر } أي لا تعلم له وراثا آخر في موضع كذا مع أنه مولده ومنشأوه فأحرى أن لا يكون وارث آخر في موضع آخر { وبمثل هذا المحتمل } لا يتمكن التهمة ولا يمتنع العمل الشهادة { ومنه التعليق بالشرط يوجب العدم عند عدمه عند الشافعي } قال المحقق مفهوم الشرط أقوى من مفهوم الصفة فكل من قال الثاني قال بالأول بدون العكس وللقائل به ما تقدم في مفهوم الصفة من مقبول ومزيف وله أيضا دليل يختص به وهو ما ذكره المص بقوله { عملا بشرطيته فإن الشرط ما ينتفي الحكم بانتفائه وعندنا العدم } أي عدم الحكم { لا يثبت به } أي بعدم الشرط بسبب التعليق { بل يبقى الحكم على حاله أو يعدم بالعدم الأصلي حتى لا يكون هذا العدم حكما شرعيا بل عدما أصليا بعين ما ذكرنا في التخصيص بالوصف وما ذكرنا من ثمرة الخلاف ثم تظهر هنا أيضا { لأن الشرط هنا بمعنى ما يترتب عليه الحكم } سواء كان موقوفا عليه في نفس الأمر أو لا { لا بمعنى ما يتوقف عليه الشيء } لأن محل النززاع هو الشرط النحوي وهو ما دخل عليه شيء من الأدوات المخصوصة الدالة على سبية الأول مسببة الثاني ذهنا أو خارجا وظاهر أنه لا يلزم أن يكون موقوفا عليه { فلا يلزم من انتفائه انتفاء الحكم } لما مر أن الحكم يثبت بعلل شتى { وعلى تقدير لزومه لا يكون حكما شرعيا } بل عدما أصليا على ما مر بيانه { فقوله تعالى { ومن لم يستطع منكم } الآية يوجب عدم جواز نكاح الأمة عند طول الحرة عنده } لأنه علق جواز نكاحها بعدم القدرة على نكاح الحرة فعند القدرة عليه يثبت عدم الجواز بناء على أصله المذكور فيصير مفهوم هذا النص مخصصا عنده لقوله تعالى { وأحل لكم ما وراء ذلك } { لا عندنا } لما مر أنه لا دلالة في التعليق المذكور على نفي جواز الثاني عند القدرة على الأول فلا يصلح ناسخا ولا مخصصا للنص الدال على الجواز { ومبنى هذا الخلاف على أن الشافعي مال إلى مذهب أهل العربية في الجملة الشرطية وهو أن الحم هو الجزاء وحده الشرط قيد له } بمنزلة الظرف والحال حتى أن الجزاء إن كان خبرا فالشرطية خبرية وإن كان إنشاء فإنشائية { وجعل التعليق إيجابا للحكم على تقدير وجود الشرط أو إعداما له على تقدير عدمه فصار كل من الثبوت والانتفاء حكما شرعيا } ثابتا باللفظ منطوقا ومفهوما { وكان الشرط تخصيصا } وقصر العموم التقادير على بعضها { وأبا حنيفة مال إلى مذهب أهل النظر فيها وهو أن مجموع الشرط والجزاء كلام واحد دال على ربط شيء بشيء وثبوته على تقدير ثبوته من غير دلالة على الانتفاء عند الانتفاء وكل م الشرط والجزاء جزء من الكلام بمنزلة المبتدأ والخبر فجعل الكلام موجبا للحكم على تقدير وجود الشرط ساكتا عن النفي والإثبات على تقدير عدمه فصار انتفاء الحكم عدما أصليا } مبنيا على عدم دليل الثبوت { لا حكما شرعيا } مستفادا من النظم { ولم يكن الشرط تخصيصا } وقصرا إذ لا دلالة على عموم التقادير حتى يقصر على البعض { فعلى هذا الأصل } وهو أنه اعتبر المشروط بدون الشرط ونحن اعتبرنا لامشروط بالشرط { المعلق بالشرط نحو إن دخلت الدار فأنت طالق انعقد سببا عنده لكن التعليق أخر الحكم إلى زمان وجود الشرط } لأن المشروط بدون الشرط أوجب الحكم على جميع التقادير والتعليق قيد الحكم بتقدير معين أو عدمه على سائر التقادير عنده فصار أنت طالق سببا للحكم وكان تأثير التعليق في تأخير الحكم لا في المنع السببية { فأبطل تعليق الطلاق والعتاق بالملك } تفريع على أن المعلق بالشرط انعقد سببا عنده وذلك أن وجود الملك شرط عند وجود السبب بالاتفاق والمعلق ينعقد سببا عنده والملك غير موجود ح فيبطل التعليق { وجوز تعجيل النذر المعلق } لأنه انعقد سببا عنده فيجوز التعجيل وأ/ا التعجيل بعد وجود السبب قبل وجوب الأداء كتعجيل الزكاة قبل الحول بعد وجود النصاب فصحيح بالاتفاق { وكفارة اليمين إذا كانت مالية } جوز الشافعي تعجيل كفارة اليمين إذا انت مالية بأن يعتق رقة مثلا قبل الحنث بناء على هذا الأصل دلالة فإن اليمين بسبب الكفارة فيثبت نفس الوجوب بناء على السبب ويتأخر وجوب الأداء إلى زمان وجود الشرط وهو الحنث { لأن المالي يحتل الفصل بين نفس الوجوب ووجوب الأداء كما في الثمن حيث يثبت المال في الذمة } بالشراء { ولا يجب أداؤه بعد بل يتأخر إلى وقت المطالبة بخلاف البدني } فإن فيه لا ينفك أحدهما عنالآخر وذلك أن في المالي لما ثبت نفس الوجوب بنفس الال وهو لا يطابق أصولهم وكذا ما نسب إليه من عدم الفرق بينهما في البدني مطلقا غير صحيح { وعندنا لا ينعقد } أي المعلق { سببا إلا عند وجود الشرط لأن السبب ما يكون طريقا إلى الحكم وهو قبل وجود الشرط ليس كذلك لما مر } أن أنت طالق قبل الدخول بمنزلة أنت من أنت طالق وجء السبب لا يكون سببا { على أن اليمين انعقدت للبر فكيف يكون سببا لكفارة بل سببها الحنث فيختلف الحكم في المسائل المذكورة } فيجوز تعليق الطلاق والعتاق بالملك لأن الملك متحقق عند وجوب السبب قطعا وقوله عليه السلام ( لا طلاق قبل النكاح ) محمول على نفي التنجييز والحمل عليه مأثور عن السلم كالشعبي الزهري وغيرهما صرح بذلك في البداية ولا يجوز تعجيل النذر والكفارة لأن التعجيل قبل السبب لا يجوز بالاتفاق والسبب إنما يصير سببا عند وجود الشرط في باب النذر وفي اليمين سبب الكفارة هو الحنث عندنا لأنها لا تنعقد للكفارة إنما تنعقد للبر والكفارة إنما تجب على تقدير الحنث فاليمين شرط والحنث سبب { وفرق بين المالي والبدني } بأن الوجوب ينفصل عن وجوب الأداء في الأول دون الثاني { غير صحيح إذ المال غير مقصور في حقوق الله تعالى } وإنماالمقصور هو الأداء { فيصير كالبدني } في أ،المقصود بالوجوب هو الأداء وأن تعليق وجوب الأداء بالشرط يمنع تمام السببية فيهما جميعا ويجيء في باب الأمر أن الوجوب ينفصل عن وجوب الأداء في البدني { وتبين الفرق } أي علىمذهبنا { بين الشرط وبين الأجل وشرط الخيار فإن هذين دخلا على الحكم أما الأجل فظاهر } فإن لزوم المطالبة حكم مستفاد تأخيره من دخول الأجل على الثمن فالتأجيل إنما دخل على الحكم { وأما تأخيره من دخولالأجل على الثمن فالتأجيل إنما دخل على الحكم { وأما خيار الشرط فلأن البيع لا يحتمل الخطر } أي الشرط لأنه يصير بالشرط قمارا فشرط الخيار شرع مع المنافي { وإنما يثبت الخيار بخلاف القياس لضرورة دفع العين وهي تندفع بدخوله في مجرد الحكم } بأن ينعقد السبب ويتأخر الحكم لحصول المقصود بذلك { وأما الطلاق والعتاق فيحتملان الخطر } والأصل أن يدخل التعليق في السبب كيلا يتخلف الحكم عن السبب ولا مانع هنا عن دخول فيه فيدخل بخلاف البيع .
পৃষ্ঠা ১৩৬