{ باب البيان } لما كان الفريق بين المفسر وما دونه باعتبار القبول لبيان التفسير وعدم القبول له والفرق بين المحكم وما دونه باعتبار القبول لبيان التبديل وعدم القبول له احتيج هنا إلى معرفة ذينك البيانين فلذلك ذيل التقسيم الثالث بباب البيان أيضا لما كان طريق الاقتضاء الآتي ذكره في التقسيم الرابع ملتبسا بطريق الضرورة ناسب تقديم بيان الضروري كيلا يشتبه الثبوت اقتضاء بالتثبوت ضرورة { وهو إظهار المراد من كلام سابق } احترز به عن الإظهار بالنصوص الواردة لبيان الأحكام ابتداء { وما يتعلق به } أي بالمراد منالكلام السابق وإنمازيد هذا ليتظم التعريف بيان التبديل { وهو إما بالمنطوق إو غيره الثاني بيان الضرورة والأول إما أن يكون من الكلام } لم يقل إما أن يكون بيانا لمعنى الكلام لعدم انتظامه استثناء التعطيل بخلاف إظهار المراد من الكلام أو من اللازم له { كالمدة الثاني لبيان تبديل والأول إما أن يكون بلا تغيير أو معه الثاني بيان تغيير كالتخصيص موصلا } احترز به عن المفصول لأنه نسخ عندنا { ولاستثناء } وضعيا كان أو عرفا { والشرط والصفة والغاية } المدة التي دل عليها لغاية من فحوى الكلام بخلاف ما دل عليه الناسخ { والأول إما أن يكون معنىالكلام معلوما لكن الثاني أكده بقطع الاحتمال ومجهولا كالمشترك والمجمل الثاني بيان تفسير الأول بيان تقرير وبيان التفسير يجوز بخبر الواحد في جوازه به دلاله على جواز بيان التقرير به ولذلك اكتفى بذكره وإن كان المبين قطعيا } سواء كان من الكتاب أو من السنة { ويجوز تأخيره إلا إذا كان مما لا بد منه } بأن يكونالمبين حكما إيجابيا أو تحريميا أو وضيعيا لازما ويكون بحيث لا يمكن أن يدرك المراد منه قبل البيان { فح لا يجوز تأخيره عن وقت الحاجة } عند الجمهور خلافا لمن جوز التكليف بما لا يطاق لأنه تكليف ما لا يطلق ويجوز عن وقت الخطاب خلافا لأكثر المعتزلة والحنابلة وبعض الشافعية فإنهم لا يجوزون تأخير بيان ما يحتاج إلى البيان عن وقت الخطاب أيضا وافقهم الكرخي في غير المجمل فمذهبه أن ما افتقر على البيان كان مجملا جاز تأخير بيانه إلى وقت الحاجة وإلا فلا فالاستدلال به { لقوله تعالى { إن إن علينا بيانه } } وذلك أن ثم نص في التراخي وعلى صريح في اللزوم ولا لزم في غير بيان التفسير وإذا ثبت فيه جواز التأخير ثبت في بيان التقرير دلالة وفيه نظر لأن أداة التراخي لم تدخل على البيان بل على عبارة اللزوم فلا بد من صرف التراخي إلى ما في الرتبة { وبيان التغيير بخبر الواحد لا يجوز ابتداء } وإنما قيد به لأنه يجوز بيان التغيير للقطعي بخبر الواحد بعدما صار ظنيا ببيان آخرة مرة { إن كان المبين قطعيا } سواء كان من الكتاب أو السنة لأنه دونه حيث كان ظنيا فلا يعارض القطعي فلا يصلح مغيرا له { فلا يجوز تخصيص الكتاب ابتداء بخبر الواحد لأن التخصيص بيان تغيير عندنا خلافا للشافعي فإنه بيان تفسير عنده لما تقدم أن العام عنده دليل فيه شبهة فيحتمل الكل والبعض فبيان إرادة البعض يكون تفسيرا وعندنا قطعي في الكل فيكون التخصيص تغييرا لموجبه { ولا مفصولا } أي لا يجوز بيان التغيير إلا موصولا من غير ضرورة فما يكون لضرورة التنفس أو السعال ونحوهما لا يمنع الجواز { فلا يصح الاستثناء إلا موصولا لقوله عليه اسلام فليكفر عن يمينه ولو صح الاستثناء متراخيا لما أوجبها } أي لما أوجب النبي عليه السام الكفارة عينا إذ ح يكون الواجب أحد الأمرين الاستثناء أو الكفارة { بل قال فليستثنى } أو يكفر فأوجب أحدهما لا بعينه إذ لا حنث مع الاستثناء { ونقل عن ابن عباس رضي الله عنه الخلاف } روى عنه أنه قال يصح الاستثناء وإن طال الزمان شهرا وأنكرت عليه امرأة في ذلك وقالت لو كان ما قاله جائز ألم يكون لقوله تعالى { وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث } معنى { قالوا بيان التغيير متصلا يلزمه التناقض } لما فيه من إثبات شيء ونفيه في زمان واحد الألم يوجد التغيير وقد وقع في التنزيل المنزه عن النقص { فلا بد من توجيهه بأن المجموع يصير كلاما واحدا } موجبا للحكم على تقدير الشرط والصفة مثلا وساكتا عن توبته ونفيه على تقدير عدمه حتى لو ثبت ثبت بدليله ولو انتفى انتفى بناء على عدم دليل الثبوت على ما يأتي في فصل مفهوم المخالفة { بناء على أن الكلام إذا تعقبه مغير توقف على الآخر وفيه نظر إذ ح لا يوجد معنى التغيير } وفهم الإطلاق على تقدير عدم المغير لا يكفي وإلا يوجد بيان التغيير في جميع متعلقات الفعل { وكذا التخصيص } أي لا يصح أيضا إلا موصولا { خلافا للشافعي } بناءا على ما تقدم أنه بيان تغيير عندنا وبيان تغييره عنده { واعلم أنه لا خلاف } بيننا وبينه { في قصر العام } على بعض ما تناوله { بكلام مستقل متراخ إنما الخلاف في أنه تخصيص } حتى يصير العام به ظنيا في الباقي { أو نسخ } حتى يبقى على ما كان { فلا وجه للاحتجاج } أي لما كان الخلاف في الثاني دجون الأول لا وجه لاحتجاج الخالف بقوله تعالى إن تذبحوا بقرة إنا تشتمل كل فرد من جنس البقر على سبيل البدل ثم بين متراخيا بأن المراد بقرة معينة { ولا بقوله تعالى وأهلك } أنها تعم النساء والأولاد ثم خص منه بعض أبنائه متراخيا بقوله أنه ليس من أهلك { ولا بقوله تعالى ما تعبدون من دون الله } روى أنه عليه السلام لما تلى الآية على المشركين قال له ابن الزبعري قد خصمتك ورب الكعبة ليس اليهود عبدوا عزيرا والنصارى عبدوا المسيح وبنو مليح عبدوا الملائكة فقال عليه السلام بل هم عبدوا الشياطين التي أمرتهم بذلك فأنزل الله تعالى { إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون } فخص عزير وعيسى والملائكة عليهم السلام متراخيا { لأن الثابت بها } على تقدير تمامها { قصر العام بالتراخي } وقد عرفت أن الخلاف في أمر آخر وراء ذلك والأدلة المذكورة قاصرة عن بيانه ولا للجواب من طرف أصحابنا { بأن الأول نسخ للإطلاق لأنه مشاجرة في خلافية } وذلك أن الخلاف بيننا وبين الشافعي في موضعين أحدهما ما مر بيانه والآخر في الفرق بين تخصيص العام وتقييد المطلق وما ذكر جوابنا عن احتجاج الخصم في الموضع الثاني { وبأن الأهل لم يكن تناولا للابن الكافر لأن من لا يتبع الرسول لا يكون من أهله سلمنا لكن استثنى بقوله إلا من سبق لأنه أيضا مشاجرة في غير محل الخلاف } لما عرفت أن لا تنازع في صحة قصر العام متراخيا وهذا الجواب إنما يناسب من نازع فيها كما لا يخفى ثم أن ما ذكر من تخصيص معنى الأهل لا يساعده أهل اللغة فإن المعبر فيه عندهم القرابة دون المتابعة في الدين { وبأن ما تعبدون من دون الله لا يتناول عزير وعيسى والملائكة عليهم السلام } لا لأن ما لغير العقلاء لما مر أنه على خلاف ما عليه الجمهور { بل لأنهم ما عبدوهم حقيقة على ما أفصح عنه قوله عليه السام بل هم عبدوا الشياطين التي أمرتهم بذلك } فقوله تعالى { إن الذين سبقت لهم منا الحسنى } الآية لدفع ذهاب الوهم إلى التناول لهم عليهم السلام نظر إلى الظاهر لما مر آنفا { واعلم أنه لا فرق بين التخصيص والاستثناء في كونهما بيان تفسير عند الشافعي } كما لا فرق بينهما في كونهما بيان تغيير عندنا موجب ما ذهب إليه أن لا يفرق بينهما في صحة التراخي { لكن الاستثناء لما كان غير مستقل لم يصح فيه التراخي } لعدم استقلاله لا لكونه مغيرا .
فصل :
পৃষ্ঠা ৯০