إن الاستعارة في الأفعال والصفات المشتقة تسمى تبعية لأنها تجري أولا في المصدر ثم بتبعيته تجري في الفعل وما يشتق منه مثلا يقدر في نطقت الحال أو الحال ناطقة بكذا تشبيه دلالة الحال بنطق الناطق فيستعار النطق للدلالة ثم يؤخذ منه نطقت بمعنى دلت وناطقة بمعنى دالة وغير ذلك فعقد هذا الفصل لبيان أن الاستعارة التبعية لا تختص بالأفعال والصفات بل تجري في الحروف أيضا فقال { قد تجري الاستعارة التبعية في الحروف فإنها } أي الاستعارة { تقع أولا في متعلق معنى الحروف ثم فيه } أي يعتبر التشبيه الذي عليه مدار الاستعارة أولا في متعلق معنى الحروف ويجري فيه الاستعارة ثم بتبعة ذلك تجري في الحروف نفسه ، والمراد بمتعلق معنى الحرف ما يعبر به عنه عند تفسير معناه { كالام يستعار أولا التعليل للترتيب } سواء وجد التعقيب كما في أتيته للزيادة أو لم يوجد كما في أسلم ليدخل الجنة { ثم بواسطتها تستعار اللام نحو لد واللموت } فإنه شبه ترتب الموت على الولادة بتعليل الفعل بالعلة الغائية ثم استعمل في المشبه اللام الموضوعة للمشبه به فجرت الاستعارة في التعليل وبتبعيته في اللام وهذا ظاهر ومعنى التعليل هو بيان العلية لا بيان المعلولية واللام إنما تدل على أن مجرورها علة سواء كان معلولا باعتبار آخر كما في ضربته للتأديب أولا كما في قعد عن الحرب للجبن فكونه علة غائية كاف في اعتبار الترتيب على الفعل من غير حاجة إلى اعتبار كونه معلولا وهذا أيضا واضح { وهنا نذكر حروفا يشتد الحاجة إليها وتسمى حروف المعاني } أراد بالحروف حقيقتها ولذا سماها حروف المعاني وهذا لا ينافي انتظامها الظروف تغليبا أو تشبيها لها بالحروف إذا للازم التجوز في صيغة الجمع لا في معنى الحروف { منها حروف العطف الواو لمطلق العطف } أي جمع الأمرين وتشريكهما في الثبوت { بالنقل عن أئمة اللغة } لم يقل بإجماع النحاة لأنها للمعية عند الفرآء وللترتيب عند جماعة منهم ثعلب وقطرب وهشام وأبو جعفر الدينوري وأبو عمر والذا هدى { واستقراء موارد استعمالها } فإنا نجدها مستعملة فيما لا يصح في الترتيب أو المقارنة والأصل في الإطلاق الحقيقة { وهي لجمع الاسمين المختلفين كالألف لجمع المتحدين } يعني أنها بدل عن ألف التثنية يقوم مقامها عند تعذرها فلا يخالفها في المدلول ولا دلالة في الأصل على الترتيب ولا على المعية فكذا في البدل { وقولهم لا تأكل السمك وتشرب اللبن } أي لا تجمع بينهما دليل رابع وفيه نظر { ولهذا } أي لما تقرر أن الواو لمطلق الجمع من غير ترتيب لا يجب الترتيب في الوضوء كيلا يلزم الزيادة على الكتاب من غير دليل صالح لذلك { ووجوبه } أي وجوب الترتيب بالنسبة إلينا { بين الصفا والمروة بقوله عليه السلام أبد وإيما بدأ الله به لا بالقرآن } لأن قولهم وهم من أهل اللسان بإيهما نبدأ دل على أن الآية خلو عن الدلالة على الترتيب وإنما قلنا بالنسبة إلينا لأنه بالنسبة غليه عليه الصلاة والسلام بما لاح له من وحي غير متلو كسائر الواجبات بالسنة { وزعم البعض أنها للترتيب عنده } أي عند أبي حنيفة رحمه الله { وللقارنة عندهما استدلالا بوقوع الواحدة عنده والثلث عندهما في أن دخلت الدار فأنت طالق وطالق وطالق لغير المدخول بها وهذا } أي الزعم المذكور { باطل إذ لا يلزم من ثبوت المقارنة أو الترتيب } في مورد استعمال الواو { كونه مستفاد منها } أبطله ولا بطريق المنع ثم أبطله بطريق النقض بقوله { ويقع الثلث اتفاقا إن أخر الشرط } أي إن قال لغير المدخول بها أنت طالق وطالق وطالق إن دخلت الدار لتعلق الأجزية المتوفقة دفعة ثم أبطله بطريق الحل بقوله { ومبنى الخلاف على أن تعليق الأجزية بالشرط عنده على التعاقب فوقوعها كذلك لأن المعلق كالمنجز عند الشرط فلا يصادف الثانية والثالثة المحل } بخلاف ما إذا قدم الأجزية إذ ح يتعلق الكل بالشرط دفعة لوجود المغير في آخر الكلام { وعندها الترتيب في التكلم لا في صيرورة اللفظ تطليقا لأن ذلك عند وجود الشرط ولا تفريق فيه كما إذا قال ثلاث مرات لغير المدخول بها إن دخلت الدار يقع الثلاث هكذا هنا } لأن المقدور كالملفوظ { فإن قيل إذا تزوج أمتين بغير إذن مولاهما } إنما قيده إذ لو كان بإذنه نفذ نكاحهما ولا يبطل بالاعتاق ولم يقل وبغير إذن الزوج كما قال فخر الإسلام لأنه مستردك ههنا بل مخل { ثم أعتقها المولى معا صح نكاحهما وبحر العطف } أي قال أعتقت هذه وهذه { بطل نكاح الثانية فجعلتموه للترتيب وإن زوج الفضولي أختين بعقدين فأجازهما متفرقا بطل نكاح الثانية وإن جاز هما معا } أي قال أجزت نكاحهما { أو بحرف العطف } أي قال أجزت نكاح هذه وهذه { بطلا } أي بكل نكاحهما { فجعلتموه للقرآن وإن قال أعتق أبي في مرض موته هذا وهذا وهذا ولا وارث له غيره ولا مال له سواهم وقيمتهم ئواء فإن أقر متصلا عتق من كل ثلاثة وإن سكت فيما بين كل عتقين عتق كل الأول ونص الثاني وثلث الثالث } لأنه لما أقره بعتق الأول وسكت عتق كله لخروجه من الثلث لأن المفروض أن قيمتهم سواء ولما قال بعد زمان وهذا وسكت فقد عطفه على الأول وموجبه أن يعتق النصف من كل منهما لكن لا يمكن الرجوع عن الأول ولما قال بعد زمان وهذا فموجبه أن يعتق الثلث من كل منهم فيعتق ثلث الثالث ولا رجوع عنالثاني أيضا { فجعلتموه للقرآن } أي جعلتم حرف يثبت الترتيب كان كمثله السكوت { قلنا أما الأول فلأنه كما عتقت الأولى لم يبق الثانية محلا لتوقف النكاح } بل بطل لأن نكاح الأمةعلى الحرة لا يجوز { وأما الثاني والثالث فلأن اكلام يتوقف على آخره إذا كان آخره مغير بمنزلة الشرط والاستثناء وفيهما كذلك } أما في الثاني فلأن إجازة نكاح الثانية يوجب بطلان نكاح الأولى وأما في الثالث فأن الأول قبل إعتاق الأخيرين عتق مجانا وبعد إعتاقهما يلزم السعاية في ثلثي قيمة إلا أن التغيير إنما يؤثر إذا كان متصلا { بخلاف الأول } فإن إعتاق الثانيةمن الأمتين لا يغير إعتاق الأولى فلا يتوقف فيه أول الكلام وإجازة الثانية من الأختين فيتوقف فيه أول الكلام قبل مرجع الكلام قيل مرجع الخلاف إلى الاختلاف في الوضع فإن وضع مسئلة الامتين أفرد لكل واحد منهما تحريزا فلم يتوقف صدر الكلام على الآخر وفي مسئلة الأختين لم يفرد لكل واحد منهما إجازة فتوقف حتى لو عكس الوضع لا نعكس الحكم { وقد تدخل بين الجملتين فلا يوجب المشاركة إن لم تقعا في موضع خبر لمبتدأ أو جزاء لشرط ونحو ذلك } إنما قيد به إذ ح توجب المشركة في ذلك التعلق { ففي قوله هذه طالق ثلثا وهذه طالق تطلق الثانية واحدة وإنما تجب هي } أي المشاركة { إذا اقتصر الآخر إلى الأول فيشاركه } أي يشارك آخر الكلام أوله { فيما تم به الأول بعينه } أي بعين ما تم { لا بتقدير مثله } لأنه خلاف الأصل فلايصار إليه إلا عند الضرورة إن لم يمتنع الاتحاد أي إن لم يمتنع أن يكون ما تم به الأول متحدا في المعطوفين { نحو أن دخلت الدار فأنت طالق وطالق وطالق ليس كتكرار قوله إن دخلت الدار فأنت طالق فلا يقع الثلث عند أبي حنيفة رحمه الله هنا بخلاف التكرار } فإنه يمكن أن يتعلق الأجزية المتكثرة بشرط واحد فيتعلق طالق وطالق وطالق بعين الشرط المذكور وهو أن دخلت لا بتقدير مثله أي لا يقدر شرط آخر حتى يصير كقوله إن دخلت الدار فأنت طالق كما زعمه أبو يوسف ومحمد { أو بتقدير مثله } عطف الجمل أيضا حتى قالوا أن القرآن في النظم يوجب القرآن في الحكم فقالوا في أقيموا الصلاة وأتوا الزكاة لا يجب الزكاة على الصبي كما لا تجب الصلاة عليه } لا يقال هذا بناء على أنه يجب أن يكون المخاطب بأحدهما عين المخاطب بالآخر لأنه غير لازم على ما أفصح عنه صاحب الكشاف حيث قال في تفسير قوله { وإن خفتم ألا يقيما } إلا أنه يجوز أن يكون أول الخطاب للأزواج وآخره للأئمة وعدم وجوب الزكاة على الصبي عندنا لأنه عبادة يتضمن الضرر المالي والصبي ليس بأهل لها { وهو فاسد عندنا لأن الشركة إنما يثبت إذا افتقرت الثانية وفي أن دخلت الدار فأنت طالق وعبدي حر إنما تعلق العتق بالشرط لأن هذه الجملة في قوة المفرد في حكم الافتقار فعطفت على الجزاء ليكون الواو على أصلها وعطف الأسمية على مثلها } جواب سؤال مقدر تقريره إن موجب ما ذكر من أن الشركة إنما ثبت إذا افتقرت الثانية أن لا يتعلق وعبدي حر في قوله إن دخلت الدار فأنت طالق وعبدي حر بالشرط بل يكون كلاما مستأنفا عطفا على المجموع لأنها جملة تامة غير مفتقر إلى ما قبلها وتقرير الجواب أنها في قوة المفرد وحكم الافتقار لأن مناسبتا الجزاء في كونها اسمتين وكون الأصل في العطف بالواو والتشريك ترجح عطفها على الجزاء وحده يجعلها في قوة المفرد وحكم الافتقار قوله ليكون الواو على أصلها يعني أن الأصل في العطف بالواو التشريك فيحمل عليه ما أمكن رعاية للأصل وهذا إذا كانالمعطوف مفتقر إلى ما قبله حقيقة كما في المفرد أو حكما كما في الجملة التي لا صارف عن اعتبارها في قوة المفرد وأما إذا لم يمكن الحمل على التشريك فلا يحمل وهذا إذا كان المعطوف جملة لا يكون في قوة المفرد وحكم المفتقر إلى ما قبلها كما في قوله تعالى { أقيمة الصلاة وأتوا الزكاة } قالوا ويكون لمجرد النسق والترتيب { بخلاف وضرتك طالق } يرجع إلى قوله يتعلق العتق بالشرط يعني إن قوله وضرتك طالق وإن أمكن حمله على الوجهين لكن فيه صارفا عن اعتبارها في قوة المفرد { فإن إظهار الخبر } وهو قوله طالق { دليل على عدم مشاركته في الجزاء } وصارف عن العطف عليه إذ ح يكفي أن يقال وضرتك { ولهذا } ولأجل ما ذكر نافى قوله وعبدي حر فما يوجب كونه معطوفا على الجزاء وما ذكرنا في وضرتك طالق من قيام الدليل على عدم المشاركة في الجزاء { جعلنا قوله تعالى ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا معطوفا على الجزاء } لأنه جملة إنشائية مثل قوله فاجلدوا والمخاطب بها الأئمة فدليل المشاركة في الجزاء قائم هنا فعطفنا عليه { لا قوله وأولئك هم الفاسقون } لأنه جملة خبرية وليس الأئمة مخاطبين بها فدليل عدم المشاركة في الجزاء قائم هنا فلم تعطف عليه وثمرة هذا تأتي بيانها في آخر فصل الاستثناء { الفاء } عاطفة كانت أولا { للترتيب وهي إذا كانت عاطفة تفيد التعقيب بلا تراخ } إنما قال إذا كانت عاطفة لأنها إذا لم تكن عاطفة وهي التي تسمى فاء السببية ويختص بالجمل وتدخل على ما هو جزاء لا تفيد التعقيب بلا تراخ للقطع بأنه لا دلالة في قوله تعالى إذا نودي للصلاة الآية على أنه تجب السعي عقيب النداء بلا تراخ { وإن قال إن دخلت هذه الدار فهذه وأنت طالق فالشرط أن تدخل على الترتيب من غير تراخ } أي من غير أن يشتغل بينها بعمل آخر { وقد تدخل على المعلول عاطفة كانت نحو سقاه فأرواه } السقي إشراب الماء ولا يلزمه إلا رواء { أولا نحو جاء الشتاء فتأهب الفاء هنا جز آئية وتعرفها بأن يصلح تقدير إذ الشرطية قبلها وجعل مضمون الكلام السابق شرطها { والمعلول لا بد أن يغاير علته في الوجود } إذا كانت العلية بحسب الوجود في الخارج ضرورة أنها متقدمة عليه بحسبه الوجود في الخارج ضرورة أنها متقدمة عليه بحسبه { والشراء في قوله عليه السلام لن يجزي ولا والده إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه سبب للملك وهو } أي الملك { شرط الإعتاق } فلا احتمال للاتحاد بين الشراء والإعتاق فإن قلت فمعنى قوله فيعتقه وليس هنا فعل آخر سوى الشراء قلت : لما كان الملك في الصورة المذكورة حاصلا للولد سبب اختياري الشرعي إعتاقا حكيما من جهته { فقوله } تفريع على ماتقدم من كون الفاء للترتيب { فحر جواب من شقال بعت هذا العبد منك بكذا يكون قبولا } إذا لا عتاق ولا يترتب على الإيجاب إلا بعد ثبوت القبول فكأنه قال قبلت فهو حر { بخلاف هو حر } لأنه يحتمل رد الإيجاب ببيان حريته قبله { ولو قال لخياط أيكفي هذا الثوب قميصا فقال نعم فأقطعه فقطعه فإذا هو لا يكفيه يضمن } الخياط قيمة الثوب { كما لو قال إن كفاني فاقطعه بخلاف قوله اقطعه } وذلك لأن الإذن بالفاء مقيد بالشرط وبدونها مطلق { وقد تدخل علىالعلل } أي قد يجيء فاء السببية للتعليل وبذلك إذا كان ما بعدها سببا لما قبلها { نحو اخرج فإنه رجيم } وأبشر فقد أتاك الغوث وتزودوا فإن خير الزاد التقوى وذلك لأن ذكر المسبب يقتضي ذكر السبب لا لأن المعلول يكون علة غائية للعلة إذا كان مقصودا منها لأن أفعاله تعالى غير معللة بالأغراض والأبشار ليس علة غائية لإتيان الفوت ولا الأمر بالتزود لكون خير زاد التقوى على أن المقصود من العلة إنما يكون علة لعلية العلة لا لعلة نفسها { فإن قال أدالى إلفا فأنت حر أو انزل فأنت آمن بعتق ويأمن في الحال } لأن معنى الأول لأنك حر ومعنى الثاني لأنك آمن ولا يمكن أن يكون جوابا للأمر لأن جوابه لا يكون إلا الفعل المضارع على ما بين في موضعه { ثم للترتيب مع التراخي وهو } أي التراخي عنده أي عند أبي حنيفة رحمه الله { في التكلم والحكم } لأنها المطلق التراخي فينصرف إلى الكامل وما فيهما جميعا ولأنها دخلت على اللفظ فيظهر أثرها فيه أيضا { وعندهما في الحكم فقط فإن قال أنت طالق ثم طالق ثم طالق إن دخلت الدار فعندهما يتعلقن جميعا وينزلن مرتبا فإن كانت مدخولا بها تقع الثلاث وإلا يقع واحدة وكذا إن قدم الشرط وعنده في غير المدخول بها إن قدم الجزاء يقع الأول في الحال } لعدم تعلقه بالشرط فكأنه قال أنت طالق وسكت لما مر أن التراخي عند التكلم أيضا { ويلغوا الباقي } لعدم المحل لأن المرأة غير مدخول بها { وإن أخر تعلق الأول ونزل الثاني } أي وقع في الحال لعدم تعلقه بالشرط كأنه قال إن دخلت الدار فأنت طالق وسكت ثم قال وأنت طالق وذلك لأنه يتضمن معنى الجمع والتراخي وإذا قام السكوت مقام التراخي بقي الجمع وهو معنى الواو والاتصال صورة كاف في صحة العطف وإثبات المشاركة في المبتدأ خلاف التعلق بالشرط فإنه يتوقف على الاتصال صورة ومعنى { ولغي الثالث } لعدم المحل وفائدة تعلق الأول أنه إن ملكها ثانيا ووجد الشرائط يقع الطلاق { وفي المدخول بها إن قدم الجزاء نزل الأول والثاني } أي يقعان في الحال لعدم تعلقهما بالشرط كأنه سكت ثم قال أنت طالق أدخلت الدار ولما كانت مدخولا بها يكون محلا فيقع تطليقتان { وتعلق الثالث } لقربه بالشرط { وإن أخر تعلق الأول ونزل الباقي } وهذا ظاهر { بل للإعراض عما قبله } أي جعله في حكم المسكوت عنه من غير تعرض لإثباته أو نفيه كما إذا انضم إليه لا فإنه ح يصير نصا في نفي الأول { وإثبات ما بعده على سبيل التدارك نحو جائني زيد بل عمر ولهذا } أي لكونه للأعراض عما قبله { قال فر في قوله على ألف بل الفا يجب ثلاثة آلاف لأنه لا يملك الأعراض عن الأول } وإبطال موجبه يجعله في حكم المسكون عنه { كقوله أنت طالق واحدة بل ثنتين تطلق ثلاثا قلنا الأخبار يحتمل التدارك ويراد به } أي بالتدارك بكلمة بل { نفي الأفراد } عما ذكر قبله عددا كان أو معدودا { عرفا نحو سني ستون بل سبعون } وعند رجل بل رجلان { بخلاف الإنشاء فإنه لا يحتمل التدارك } لأن مدلوله لا يختلف عنه { فيقع واحدة إذا قال ذلك } أي قوله أنت طالق واحدة بل ثنتين { لغير المدخول بها } فإنه كما قال أنت طالق واحدة وقعت الواحدة لكونه إنشاء فلم يبق المحل بقوله حتى يقع بل ثنتين { بخلاف التعليق } بأن يقال لغير المدخول بها أن دخلت الدار فأنت طالق واحدة { فإنه ح يقع الثلاث } عند الشرط { لأنه قصد الاعراض } عن الكلام { والأول } وإبطال موجبه وهو تعليق الواحدة بالشرط { وإيقاع } الكلام أي ليس في وسعه { إبطال موجب الكلام الأول بالإعراض عنه فقدر شرط آخر } في الكلام الثاني عملا { بموجب قصده } فإنه لو لم يقدر لاتصل بواسطة وهو خلاف المقصود فاجتمع تعليقان أحدهما أن دخلت الدار فأنت طالق واحدة والآخران دخلت الدار فأنت طالق ثنتين فإذا وجد الشرط وقع الثلاث { فصار كما قال لا بل أنت طالق ثنتين إن دخلت الدار } أي صار نظيرا لهذه المسئلة في وقوع الثلاث عند وجود الشرط { بخلاف الواو } أي بخلاف ما إذا أتى بالواو يدل بل { فإنه للعطف على تقدير الأوال } لا مع الأعراض عنه وإبطال موجبه { فيتعلق الثاني } بعين ما تعلق به الأول { بواسطة الأول } أي يقتضى الاتصار بالشرط المذكور بواسطته فعند وجود الشرط يكون الوقوع بها لا يقع المذكور ثانيا { كما قلنا في حرف الواو لكن للاستدارك } اعلم أن لكن أن وليها كلام فهي حرف ابتداء لمجرد إفادة الاستدراك وليست بعاطفة وإن وليها مفرد فهي عافة إن تقدمها نفي أو نهي نحو لا يقم زيد لكن عمرو { إن دخل في المفرد يجب سبق نفي } نحو ما رأيت زيدا لكن عموا { إن دخل في المفرد يجب سبق نفي } نحو ما رأيت زيدا لكن عموا فإنه يتدارك دفع وهم عدم رؤية عمرو أيضا بناء على مخالفة بينهما ونهي { وإن دخل في الجملة يجب اختلاف طرفيها } بالنفي والإثبات من جهة لتعني سواءكانا مختلفين لفظا أيضا نحو جاءني زيد لكن عمرو لم يجئ أو لا نحو سافر زيد لكن عمرو حاضر { وهي بخلاف بل } حيث لا تدل على الإعراض عن الأول { فإن أقر لزيد بعيد فقال زيد ما كان لي قط لكن عمرو فإن وصل فلعمرو وإن فصل فللمقر لأن النفي يحتمل أن يكون تكذيبا له في إفراده فيكون رد إلى المقر ويحتمل أن لا يكون تكذيبا له بل يكون معناه العبد وإن كان معروفا بأنه لي لكنه كان في الحقيقة لعمرو والأول هو الظاهر فعلى الثاني يصير بيان تعيين فلا يصح إلا موصولا } حتى يثبت الإثبات لعمرو مع النفي عن زيد لا متراخيا عنه لأن النفي ح يصير ردا للاقرار ولا يثبت مالكية عمرو لمجرد الإخبار { وعلى هذا قالوا إن قال المقضي له بدار بالبينة ما كانت لي قط لكنها لزيد بكلام متصل وقال زيد باع المقضى له مني أو وهبها لي بعد القضاء } أي صدقة في الإقرار وكذبه في أنها لم يكن له قط { أن الدار لزيد لأنه لما وصل الاستدراك بالنفي فكأنه تكلم بها معا فيثبت موجبها } وهو نفي الملك عن نفسه وثبوته لزيد معا { وعلى المقضى له القيمة } أي قيمة الدار { للمقضى عليه لأن تكذيب الشهود وإثبات ملك المقضى عليه لازم لذلك النفي فيثبت بعد ثبوت موجبي الكلامين } وهما نفي الملك عن نفسه وثبوته لزيد { لأن لازم الشيء الثابت به متأخر عنه وعما معه فيكون أي النفي المذكور حجة عليه } أي على النافي حيث يبطل به شهادة الشهود لكونه إقرارا على نفسه { لا على زيد } لأنه الإقرار على الغير فلا يبطل به الملك الثابت له { فيضمن القيمة } أي يضمن المقضي له قيمة للدار للمقي عليه لأنه أتلفها بالإثبات لزيد { ثم إن اتسق الكلام } عطف على الأول البحث أي ينظر أن الكلام مرتبط أم لا أي يصلح أن يكون ما بعد لكن تداركا لما قبله أو لا فإن صلح له { تعلق ما بعده لما قبله وإلا } أي وإن لم يصلح لذلك { فهو كلام مستأنف نحو لك علي ألف قرض فقال المقر له لا لكن غصب الكلامين متسق فصح الوصل على أنه نفي السبب لا الواجب } إذ ح لا يستقيم لكن غصب ولا يكون الكلام مرتبطا وبالحمل على نفي السبب ترتبط فاخترناه فقلنا أنه نفي للسبب لا رد للإقرار { بخلاف ما إذا تزوجت الأمة بغير إذن مولاها بمأة فقال لا أجيز النكاح لكن أجيز بمأتين ينفسخ لكلام ويجعل لكن مبتدا لأنه نفي إجازة النكاح عن أصله فلا يمكن إثباته بمأتين } فعلم أنه غير متسق فحملناه قوله لكن أجيزه بمأتين على أنه كلام مستأنف فيكون إجازة نكاح مهره مئتان { أو لا حد الشيئين } فإن كانا مفردين يفيد ثبوت الحكم لأحدهما أو بأحدهما وإن كانا جملتين يفيد حصول مضمون أحديهما { أو الأشياء قيل للشك في الأخبار ولا ينافيه كون الكلام للإفهام } كما سبق إلى بعض الأفهام { لأنه } أي لأن الشك { أيضا معنى يقصد إفهامه وللتخيير في الإنشاء } كآية الكفارة والتحقيق على ما نبهت عليه آنفا على أنها لأحد الأمرين أو الأمور والشك والتخيير والإباحة إنما هو بحسب محل الكلام ودلالة الحال { فقوله هذا حر أو هذا إنشاء شرعا فأوجب التخيير بأن يوقع العتق في أيتهما شاء أو يبين } على اختلاف الأصلين { ويكون هذا } أي الإيقاع أو البيان المذكوران { إنشاء حتى يشترط صلاحية المحل ح } أي حين ألإيقاع أو البيان { وأخبار لغة } عطف على قوله إنشاء شرعا { فيكون بيانه إظهار الواقع فيجير عليه } أي على البيان اعلم أن هذا الكلام إنشاء شرعا يحتمل الإخبار لغة حتى لو قال لحر وعبد هذا حر وهذا أو أحدكما حر لا يعتق العبد لصحة الإخبار فمن حيث أنه إنشاء شرعا يوجب التخيير أي يكون له ولاية إيقاع هذا العتق أو بيانه في أيتهما شاء شرعا وقد يكون هذا الإيقاع أو البيان إنشاء حكما ومن حيث أنه إخبار لغة يوجب الشك ويكون إخبار بالمجهول فعليه أن يظهر ما في الواقع وهذا الإظهار لا يكون إنشاء لا حقيقة ولا حكما بل يكون على حقيقة الخبري ولما كان للبيان الذي هو تعيين أحدهما شبهان شبهة الإنشاء وشبهة الإخبار عملتا بهما فباعتبار الشبه الأول شرطنا صلاحية المحل عند البيان حتى إذا مات أحدهما فقال أردت الميت لا يصدق وباعتبار الشبه الثاني قلنا يجبر على البيان كما إذا أقر بالمجهول وإنما قلنا باعتبار الشبه الثاني لأن الجبر إنما يكون في الإخبارات دون الإنشاءات { وهذا ما قيل أن البيان إنشاء من وجه وإخبار من وجه وفي قوله وكلت هذا أو هذا أيتهما تصرف فصح فلهذا } أي فلما مر أن أو في الإنشاء للتخيير { أوجب البعض التخيير في كل أنواع قطع الطريق بقوله تعالى { يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا } قلنا ذكر الأجزية مقابلة لأنواع الجناية } على حسب المناسبة { وهي معلومة عادة من قتل وقتل مع أخذ مال وأخذ مال } فقط { وتخويف } فقط فجزاء الأول القتل وجزاء الثاني الصلب وجزاء الثالث القطع وجزاء الرابع النفي والمراد به الحبس حتى يحدث توبة صرح به في الهداية { على أنه ورد البيان من الشارع على هذا الوجه وأبو حنيفة رحمه الله خير في الثاني بين القتل ثم القطع والقطع ثم الصلب والقتل فقط والصلب فقط } وحمله على اختصاص الصلب بهذه الحالة بحيث لا يجوز في غيرها لا اختصاصها به بحيث لا يجوز فيها غيره { لأن هذه الجناية يحتمل الاتحاد } من حيث أنها قطع المادة فيقتل أو يصلب { والتعدد } من حيث أنه وجد سبب القتل وسبب القطع فيلزمه حكم السببين { ولهذا } أي ولأجل أن أو لأحد الشيئين { قالا في هذا حر أو هذا لعبده ودابته لا تعتق الأبنية لأنه لما ضم إليه مالا يصلح العتق كأنه قال له أن حر أو لا } ولو قال ذلك لم يعتق إلا بنية فكذا هذا كذا في المبسوط { وقال أبو حنيفة لما تعذر الحقيقة يحمل على الواحد المعين مجازا لأنه أولى من الإلغاء ولو قال هذا حرا وهذا وهذا يعتق الثالث } في الحال { ويخير في الأولين كأنه قال أحدهما حر وهذا } وقيل معناه هذا حر أو هذان فيخير بين الأول والأخير فلا يعتق واحد منهم في الحال والأول أولى لما ذكره شمس الأئمة في أصوله أن الخبر المذكور أي حر لا يصلح خبر للاثنين ولا وجه لإثبات خبر يخالفه لفظا لأن العطف للتشريك في الخبر المذكور أو لإثبات خبر آخر مثله لفظا ومعنى وأما ما قيل أن أو هبذا مغير لما قبله بخلاف وهذا لأن الواو للتشريك فيقتضى وجود الأول ويتوقف أولك الكلام على المغير لا على ما ليس بمغير فيثبت التخيير بين الأولين بلا توقف على الثالث فصار المعنى أحدهما حر ثم قوله وهذا يكون عطفا على أحدهما فوهم منشؤه عدم الفهم لمعنى المغير فإن قوله وهذا مغير لما قبله وكون الواو للتشريك لا ينافيه بل يحققه لأنه ولم يكن هذا التشريك كان له أن يختار الثاني وحده وبعدما كان لم يبق ذلك الاختيار بل تعين اختيار الأول وحده أو الآخرين جميعا وهذا القدر كاف في تغيير المراد { وإذا استعمل في النفي خبرا كان أو أنشاء يعم نحو ولا تطع منهم إثما أو كفورا أي لا هذا ولا ذاك لأن أو لأحد الأمرين من غير تعيين { وانتفاء } الواحد المبهم إنما يكون انتفاء المجموع وإن قال لما أفعل هذا أو هذا يحنث بفعل أحدهما إلا أن يدل الدليل على إرادة أحد النفيين فح يفيد عدم الشمول لا شمول العدم { وإذا قال هذا وهذا يحنث بفعلهما لا بفعل أحدهما } لأن الواو للجمع ونفي المجموع يجوزان يكون بنفي البعض إلا أن يدل الدليل على إرادة أحدهما كما إذا حلف لا يرتكب الزنا أو أكل مال اليتيم فإن الدليل وهو كون كل منهما محرما في الشرع دال على أن المراد الحلف على أن لا يفعل واحد منهما لا هذا ولا ذاك { فالضابط أ،ه إن قامت القرينة في الواو على الشمول العدم فذلك وإلا فهو لعدم الشمول واو بالعكس } وأ/ا قيل إن كان للاجتماع تأثير في المنع كما إذا حلف لا يتناول السمك واللبن فلعدم الشمول فلا يحنث بتناول أحدهما لأن هذا اليمين للمنع وإلا فلشمول العدم فلا يصلح ضابطا لأنه ليس بمطرد فإنه إذا حلف لا يكلم هذا وهذا فهو لنفي المجموع مع أنه لا تأثير للاجتماع في المنع ومثله كثير { وقد يكون للإباحة } قد مر ما يتعلق بهذا { نحو جالس الحسن أو ابن سيرين ويلزمها جواز الجمع وبه يفارق التخيير فإنه يلزمه امتناع الجمع } وهذا أعم من منع الخلو { ويعرف أن المراد إيهما بدلالة الحال ولهذا } أي لما في الإباحة من جواز الجمع { قالوا في لا أكلم أحدا إلا فلانا أو فلانا له أن يكلمها لأن الاستثناء من الحظر إباحة وقد تستعار بمعنى إلا } فينصب المضارع بعدها بإضماران { نحو لأقتلنه أو يسلم } ومنه قوله وكنت إذا غمرت قناؤ قوم كسرت كعوبها أو تستقيما وقد تستعار { لمعنى إلى } فينصب أيضا المضارع بعدا بأن مضمرة { كقوله تعالى { ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم } ووجه الاستعارة } في الموضعين { أن تعيين أحدهما قاطع لاحتمال الآخر كالاستثناء والغاية فإن حلف لا أدخل هذه الدار أو أدخل تلك فإن دخل الأولى أو لا حنث وإن دخل الثانية أو لا بر حتى للغاية جارة كانت نحو حتى مطلع الفجر وحتى } رأسها { أو عاطفة فيكون المعطوف أما أفضل أو أخس } إلا أنها إذا كانت جارة لها معنيان إلى وكي وإذا كانت عاطفة لا يكون لها معنى كي { أو ابتدائية فإن ذكر الخبر نحو ضربت حتى زيد غضبان } جواب الشرط محذوف أي فيها ونعمت { وإلا فيقدر من جنس ما تقدم نحو أكلت السمكة حتى رأسها بالرفع } أي بمأكول { هذا إذا دخلت الأسماء وإن دخلت الأفعال فإن احتمل الصدر الامتداد والآخر الانتهاء فللغاية نحو حتى يعطوا الجزية ، وحتى تستأنسوا وإلا فإن صلح أن يكون سببا للثاني يكون بمعنى كي نحو أسلمت حتى أدخل الجنة وإلا فللتعقيب من غير تراخ } استعارة لها بمعنى الفاء { وهذا فما أورده الفقهاء } لم يقل مما اخترعه الفقهاء لأن الصادر منهم بناء الجواب عليه لا بناء الكلام عليه { فإن قال عبدي حران لم أضربك حتى تصبح حنث وإن أقلع قبل الصباح } لأن حتى في مثل هذه الصورة للغاية { وإن قال عبدي حر إن لم آتك حتى تغديني فأتاه فلم يغده لم يحنث لأن قوله حتى تغديني لا يصلح للانتهآء بل هو أدعى إلى الإتيان ويصلح سببا والغداء جزاء فمحمل عليه ولو قال تغد عندك فللتعقيب من غير تراخ لأن فعله لا يصلح جزاء لفعله فصار كقوله إن لم أتك فأتغد عندك حتى إذا تغدى من غير تراخ بر } وفيه نظر إذ لا يلزم من عدم اصلاحية للجزائية عدم الصلاحية للسببية وشرط كونها بمعنى إنما هو السببية وفعل شخص قد يكون سببا لعل الآخر { حروف الجر البال للإلصاق } نحو مسكت بزيد وأما مرت بزيد فالباء فيه صلة فيكون لتكميل متعلقة { فإن قال لا تخرج إلا بإذني يجب لكل } خروج إذن لأن معناه الآخر خروجا ملصقا بإذني وإن قال إلا إن أذن لا أي لا يجب لكل خروج إذن بل يكفي إذن واحد للخروج أو لا وهذا قال لأن حقيقة الاستثناء متعذرة ضرورة أن الإذن ليس من جنس الخروج ومعنى أن أذن الإذن لأن أن أذن فيكون الخروج ممنوعا إلى وقت وجود الإذن وينتهي عنده وقد عارض هذا بوجه آخر وهو أن المصدر قد يقع حينا لسعة الكلام نقول آتيك حقوق النجم أي وقت حقوقه فيكون التقدير لا تخرج وقتا إلا وقت إذني فيجب لكل خروج إذن فأوجب الوجهان الشك فلا يحنث لأن الثابت يقينا لا يزول بالشك { والاستعانة وهي الدلالة على آلة الفعل } نحو كتبت بالقلم { فإن قال بعت هذا العبد بكر من البر يكون بيعا } والكر ثمنا ثبت في الذمة حالا { وإن قال بعت كرا من البر بالعبد يكون سلما } ويصير العبد رأس المار والكر مسلما فيه { فيراعى شرائطه } من التأجيل وقبض رأس المار والكر مسلما فيه { فيراعى شرائطه } من التأجيل وقبض رأس المال في المجلس وغير ذلك { ولا يجري الاستبدال في الكر } قبل القبض بخلاف الأول فإنه يجوز التصرف فيه قبله كما في سائر الأثمان { والمعتبر في الآلة قدر ما يحصل به المقصود } فلا يشترط فيه الاستيعاب { فإذا دخلت } أي الباء { في المحل } وهي حروف مخصوص بالآلة { يكون شبيها له بالآلة فلا يراد كله } إلا إذا قام دليل على إرادة الكل كما في آية التيمم فح يبطل قضية التشبيه { فالتبعيض في مثل قوله تعالى وامسحوا برؤوسكم مستفاد من هذا لا من الوضع } واللغة كما توهم { على الاستعلاء ويراد به الوجوب لأن الحق } سواء كان لله تعالى كالفرائض أو للعبد كالدين والنفقة { يعلوه ويركبه معنى ويستعمل للشرط نحو يبايعنك على أن لا يشركن } بالله شيئا { وهو أي الشرط متعذر في المعاوضات المحضية } أي الخالية عن معنى الإسقاط كالبيع والإجارة والنكاح { لأنها لا تقبل الخطر والشرط حتى لا يصير قمارا فيكون } على { بمعنى الباء إجماعا مجازا لأن اللزوم يناسب الإلصاق فإذا قال بعت منك هذا العبد على ألف فمعناه بألف وكذا في الطلاق على مال عندهما } لأنه معاوضة { من جانبها وعنده للشرط عملا بأصله } لعدم التعذر فإن الطلاق يقبل الشرط { ففي طلقي ثلثا على ألف فطلقها واحدة يجب ثلث الألف عندهما } لأنها بمعنى الباء فيكون الألف عوضا وأجزاء العوض تنقسم على أجزاء المعوض ولا يجب عنده لأنها للشرط وأجزاء الشرط لا ينقسم على أجزاء المشروط { وأما من فقد مر } في فصل العام { أنها للتبعيض وللتبيين والغالب عليها ابتداء الغاية } حتى قال المحققون أن أصلها هذا والبواقي راجعة إليها { وقد تزيد لتأكيد العموم } نحو ما جاءني من أحد { إلى لانتهاء الغاية } والمراد بالغاية المسافة إطلاق لاسم الجزء على الكل { فإن احتمله الصدر } فيها { وإلا فإن أمكن تعلقه بما دل عليه الكلام فذلك نحو بعت إلى شهر بتأجيل الثمن } فإن البيع لا يحتمل الانتهاء لكن يمكن تعلق إلى بما دل عليه الكلام بطريق التضمن فصار كقوله بعت مؤجلا الثمن إلى شهر { وإن لم يمكن يحمل على تأخير صدر الكلام إن احتمله } أي إن احتمل التأخير { نحو أنت طالق إلى شهر ولا ينوي التخيير والتأخيير يقع عند مضي شهر صرفا } للأجل إلى الإيقاع احترازا عن الإلغاء { وقال زفر يقع في الحال } لأن التأجيل صفة لموجود ثم يلغو الوصف لأن الطلاق لا يقبله { واعلم أن الأكثر } وهو المختار { عدم دخول حدي الابتداء والانتهاء في المحدود } فإذا قلت اشتريت من هذا الموضع إلى ذلك الموضع فالموضعان لا يدخلان في الشراء { إلا إذا دل دليل على دخولها أو دخول أحدهما } كما في قولك قرأت من أوله إلى آخره وقيل الظاهر هو عدم الدخول إلا مجازا بلا تفصيل { وقيد إن كانت من جنسه } نحو أكلت السمكة إلى رأسها { فالظاهر الدخول } سواء كانت غاية قبل التكلم أو لا { وإلا } نحو أتموا الصيام إلى الليل { فالظاهر عدمه وقيل كلاهما } أي الدخول وعدمه { سيان } نظرا إلى دلالاة اللفظ { والتعيين يكون من الخارج وقيل نهاتنا ولها صدر الكلام } كما في قوله تعالى { وأيدكم إلى المرافق} { تدخل لأنها للاسقاط } أي لإسقاط ما وراها إن وجد فيما وراها شيء من جنس ما قبلها { أو للتأكيد } إن لم يوجد لدخولها بحكم التناول { وإلا } أي وإن لم تناولها لاصدر كما أتموا الصيام إلى الليل { فلا تدخل لأنها للمد } أي لمد الحكم إليها والفرق بين هذا وما ذكر قبله أنه قد لا يوجد التناول ويوجد المجانسة بين الحد والمحدود كما في قوله تعالى { أسرى بعبد ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى } ومن شرط في الدخول على تقدير التناول أن لا يكون غاية قبل التكلم فقد خالف الجمهور في نحو أكلت السمكة إلى رأسها ثم أنه زعم أن ما ذكره عين ما يقل ثالثا ولا اختلاف بينهما إلا في العبارة مع وضوح الفرق بينهما معنى كيف وقد اختلفا في الموجب في نحو المثال المذكور آنفا ثم ادعى أنه أخذ نتيجة المذاهب المنقولة فيها وهذا مما لا ينبغي أن يذهب إليه ذاهب { فإن قال } تفريع على القول الأخير وهو مختار أبي حنيفة رحمه الله { له على من درهم إلى عشرة يدخل الأول بحكم العرف لا لآخر عند أبي حنيفة رحمه الله } فيجب تسمية وعندهما يدخل الغايتان فيجب عشرة وعند زفر لا يدخل الغايتان فيج ثمانية { ويدخل الغاية في الخيار عنده } أي إن باع على أنه بالخيار إلى غد يدخل الغد في مدة الخيار لأنها غاية الإسقاط { كذا في الأجل } نحو بعت إلى رمضان أي لا أطلب الثمن إلى رمضان { واليمين } في رواية الحسن عنه نحو لا أكلم زيدا إلى رمضان وأصل ذلك إن الخيار وعدم طلب الثمن وعدم التكلم ينصرف عند الإطلاق إلى التأييد فذكر الغاية يكون للإسقاط لا للمد وعندهما لا تدخل عملا بما هو الاصل في كلمة إلى وهو عدم الدخول { في للطرفية إلا أن إضماره يقتضي الاستيعاب نحو صمت هذه السنة دون إثباته نحو صمت في هذه السنة فلو نوى في أنت طالق غدا آخر النهار لا يصدق قضاء } إنما قال قضاء لأنه يصدق ديانة { وفي أنت طالق في الغد يصدق } وإن لم ينو شيئا يتعين الجزء الأول لسبقه بلا مزاحم { ولو قال أنت طالق في الدار تطلق حالا إلا أن يريد في دخولك فيتعلق به على وضع المصدر موضع الزمان } فإنه شائع { أو على استعارة في المقارنة } لما بين الظرف والمظروف من المقارنة المخصوصة { فيصير بمعنى الشرط } ضرورة أن مقارنة الشيء بالشيء يقتضي وجود أحدهما عند وجود الآخر فيلزم تعلق الانطلاق بوجود الدخول ليتقارنا { فلا يقع بأنت طالق في مشيئة الله تعالى } تفريع على ما تقدم من أن في إذا استعير للمقارنة يصير بمعنى الشرط ويقع في علم الله أي يقع بأنت طالق في علم الله وذلك لأن التعليق بمشيئة الله تعالى صحيح ولا علم بوقوع الشرط بخلاف التعليق بعلم الله تعالى والسر فيه أن العلم تابع للمعلوم فلا يمكن تعليق وقوع شيء بعلمه تعالى بخلاف مشيئة الله تعالى فإنها متبوعة ووقوع الكائنات تابع لها ومن غفل عن هذا السر قال ما قال وما ذا بعد الحق إلا الضلال ، ولما لم يصح معنى التعليق فالمراد المعنى التشبيهي للاشتمال كما في زيد في نعمة { أسماء الظروف مع للمقارنة فيقع ثنتان إن قال أنت طالق واحدة مع واحدة } سواء كانت مدخولا بها أو لا { وقبل للتقدم فيقع واحدة إن قال لغير المدخول بها أنت طالق واحدة قبل واحدة } لأن الطلاق المذكور أولا لما وقع قبل الثاني لم يبق محلا للثاني { وثنتان لو قال قبلها واحدة } إذ ليس في وسعه تقديم الثانية بل إيقاعها مقارنة للأولى الواقعة في الحال فيثبت من قصده قدر ما كان في وسعه كما إذا قال أنت طالق أمس يجعل إيقاعا في الحال فيقعان معا { وبعد على العكس } أي لو قال لغير المدخول بها أنت طالق واحدة بعد واحدة يقع ثنتان لما بينا في الثانية ولو قال بعدها واحدة يقع واحدة لما بينا في الأولى { وعند للحضرة فقوله لفلان عندي ألف درهم يكون وديعة لأن دلالتها على الحفظ لا على اللزوم في الذمة } لكن لا ينافيه حتى لو قال عندي ألف دينا يثبت { كلمات الشرط أن للشرط فقط } أي لا يعتبر معه ظرفية ونحوها كما في إذا ومتى { فيدخل في أمر على خطر الوجود } أي متردد بين أن يكون وأن لا يكون { فإن قال إن لم أطلقك فأنت طالق ثلاثا } قيد به حتى يظهر الفرق بين البر والحنث يقع الثلاث { قبيل موت أحدهما لأن الشرط } وهو عدم التطليق { إنما يتحقق عند ذلك ومتى للظرف خاصة فيقع الثلاث كما سكت لا أنه يقع بعد السكوت إن لم يقل موصلا أنت طالق في متى لم أطلقك أنت طالق ثلاثا وإذا عند الكوفيين يجيء للظرف نحو وإذا تحاس الحيس يدعى جندب وللشرط ونحو إذا تصبك خصاصة فتجمل وعند البصر بين حقيقة في الظرف المحض وقد يتضمن معنى الشرط تضمن المبتدأ إياه ودخوله في أمر كأين أو منتظر لا مخالط فهي بلا نية كان عنده وكمتى عندهما في قوله أنت طالق ثلاثا إذا لم أطلقك } أي يقع قبيل موت أحدهما عنده لاحتماله معنى الظرف والشرط فلا يقع لشك ويقع كما سكت عندهما لأنه حقيقة في الظرف { وكمتى بالاتفاق في قوله طلقي نفسك إذا شئت حتى لا يتقيد بالمجلس } بخلاف طلقي نفسك إن شئت فإنه يتغير به ووجه قولهما ظاهر فلذلك لم يذكره له { لا يخرج الأمر من يدها } أي بالقيام عن المجلس على اعتبار أنه للوقت ويخرج { على اعتبار أنه للشرط وقد صار في يدها يقينا فلا يخرج بالشك } من هنا ظهر أن قوله في المسألتين على منوال واحد بلا فرق واختلاف الحكم لاختلاف الحال { وكيف للسؤال عن الحال فإن استقام } فيها { وإلا بطلت } أي وإن لم يستقم السؤال عن الحال فيعتق بقوله أنت حر ويبطل كيف شئت إذ ليس للعتق كيفية تقبل التفويض حتى يصير مجازا عن معنى أنت حر بأية كيفية شئت بخلاف الطلاق فإن له كيفية كذلك حيث يكون رجعيا وبائنا خفيفا وغليظا بمشيئتها { ولهذا تطلق في أنت طالق كيف شئت ويبقى الكيفية } أي كونه رجعيا أو بائنا خفيفا أو غليظا { مفوضة إليها إن كانت مدخولا بها } إنما قيد به لأن كلمة كيف إنما تدل على تفويض الأوصاف دون الأصل ففي غير المدخول بها لا مشيئة بعد وقوع الأصل فيلغو التفويض وفي مدخول بها يكون التفويض إليها { فإن شاءت موافقة لما لواه أو منفردة عنها } أي نية الزوج بأن لا يكون له نية { فذاك وإلا } أي وإن لم يكن لا هذا ولا ذاك وذلك بأن يكون مشيئتها مخالفة لية { فرجعية } لأنهما تعارضا فساقطا وبقي أصل الإيقاع { كما إذا لم تشأ } وهذا عنده وعندهما يتعلق بمشيئتها الأصل أيضا فلا يقع شيء من أنواع الطلاق ما لم تشأ موافقة أو منفردة { لأنه مفوض إليها كل حال } حتى الرجعية { فيلزم تفويض نفس الطلاق } ضرورة أنه لا يكون بدون حال من الأحوال { فعندهما ما هو من التصرفات الشرعية } كالطلاق والعتاق والبيع والنكاح وغيرها { فحاله وأصله سواء } لأن معرفة وجوده بأوصافه فاقتصرت معرفة ثبوته إلى معرفة وصه والوصف أيضا مفتقر إلى الأصل فاستويا وصار تعليق الوصف تعليق الأصل .
فصل :
পৃষ্ঠা ৮০