Tafsir Surah An-Nur
تفسير سورة النور
জনগুলি
ما يجلد من الزاني
وقوله: (فَاجْلِدُوا) يكون الجلد -كما قلنا- بالسوط.
والسؤال: ما الذي ينبغي جلده من الزاني والزانية؟ للعلماء في هذا وجهان: الوجه الأول: أنه يُجلد ظهر الزاني وحده، وهذا هو قول الإمام مالك ﵀.
والقول الثاني: أنه يجلد سائر الأعضاء إلا الوجه والفَرْج فإنهما يُتَّقيان لمكان الضرر المترتب على ضربهما، فيفرق الضرب في سائر الظهر ونحوه من الأعضاء: كالساقين، وأسفلهما، وما علا من الظهر.
وهذا الوجه هو قول جمهور العلماء، وممن نص على ذلك فقهاء الحنفية والشافعية والحنابلة رحمة الله على الجميع، واحتج الإمام مالك ﵀ بقصر الضرب على الظهر بحديث ابن عباس ﵄ وفيه أنه قال: (إن هلال بن أمية قذف امرأته بـ شريك بن سحماء عند النبي ﷺ فلما قذفها قال له النبي ﷺ: البينة أو حد في ظهرك) .
وجه الدلالة من هذا الحديث الصحيح: يقولون: إن النبي ﷺ خيَّره بين أمرين: فقال: إما أن تقيم البينة على أنك صادق في أن زوجتك زانية، وإلا أقيم عليك الحد في ظهرك.
فقَصَر الحد في ظهره.
فدل هذا دلالة واضحة على أن الحد إنما يكون في الظهر، واحتج الجمهور بما ورد في حديث علي -يُروَى مرفوعًا وموقوفًا- ﵁ وأرضاه أنه أمر بجلد الزاني فقال ﵁: (اضربه وأعط كل عضو حقه واتقِ الفرج والفخذين، واتقِ رأسه ومذاكيره) .
قالوا: فهذا يدل على أنه ينبغي تفريق الضرب.
ثم قالوا أيضًا: وهذا الحديث رواه عبد الرزاق في مصنفه، وكذلك ابن أبي شيبة والبيهقي والصحيح أنه موقوف على علي ﵁ وأرضاه، ويقول أصحاب هذا القول: إنه إذا تفرق الضرب في الظهر فإن ذلك أدعى إلى الإيلام، وأبعد عن أذية العضو؛ لأنه يُخشى إذا ضُرِب في مكان واحد، أن يحصل الضرر للعضو الذي يضرب، وهذان القولان مشهوران عند أهل العلم ﵏، والسنة تقوي المنزع الأول إلا أن يقال: إن قوله ﵊: (البينة أو حد في ظهرك) المراد به ذكر أشهر المواضع؛ لأن أكثر المواضع التي تضرب عند ضرب الإنسان في حد الخمر وحد الزنا وحد القذف إنما هو الظهر؛ فلذلك ذكره النبي ﷺ لا لبيان الاقتصار وإنما لتهديده وتخويفه وبيان الحكم المترتب على قذفه بدون بينة.
2 / 8