وفي مراعاة الحملين تفصيل وخلاف مذكور في كتب النحو المطولة. وقال الزمخشري: فإن قلت: هل يجوز أن يكونا صفتين لجنات ونارا؟ قلت: لا لأنهما جريا على غير من هماله فلا بد من الضمير وهو قولك خالدين هم فيها وخالدا هو فيها. " انتهى ". وما ذكره ليس مجمعا عليه بل فرع على مذهب البصريين وأما عند الكوفيين فيجوز ذلك ولا يحتاج إلى إبراز الضمير إذا لم يلبس على تفصيل لهم في ذلك ذكر في النحو وقد جوز ذلك في الآية الزجاج والتبريزي أخذا بمذهب الكوفيين.
{ ومن يعص الله } حمل على لفظ من في جميع الضمائر فأفرد وزاد هاهنا على العصيان تعدى الحدود وذكر مقابلة الإهانة لأنه لا يتعداها إلا من اغتر فناسبته الاهانة. وأفرد هنا خالدا وجمع في الآية قبله لأن أهل الطاعة أهل الشفاعة وإذا شفع في غيره دخلها هو ومن يشفع فيه والعاصي لا يدخل النار به غيره فبقي وحيدا. " انتهى ".
{ واللاتي } جمع التي وهي إحدى الجموع التي لها. والفاحشة هنا الزنا بإجماع من المفسرين، إلا ما ذهب إليه مجاهد وتبعه أبو مسلم الأصبهاني في أن الفاحشة هنا المساحقة، وإن قوله: واللذان يأتيانها منكم في اللواط. وقول غيرهما من المفسرين أن الآيتين في الزنا ومناسبة الآيتين لما قبلهما أنه ذكر من يعصي الله ويتعدى حدوده فاتبع ذلك بذكر بعض أحوال العصاة.
{ أو يجعل الله لهن سبيلا } السبيل هو ما استقر عليه حكم الزنا من الحد، وهو: البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام، والثيب بالثيب رجم بالحجارة وثبت تفسير السبيل، بهذا من حديث عبادة بن الصامت في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم فوجب المصير إليه. وحديث عبادة ليس بناسخ لهذه الآية ولا لآية الجلد بل هو مبين لمجمل في هذه الآية إذ غيا إمساكهن في البيوت إلى أن يجعل الله لهن سبيلا وهو مخصص لعموم آية الجلد وفي تفسير مجاهد وأبي مسلم في الفاحشة انها السحاق فالسبيل عندهما أن تتزوج المساحقة.
وفي قوله: { فاستشهدوا } دلالة على طلب الاستشهاد وجواز نظر الشاهد إلى فرج المزني بها لأجل الشهادة.
{ واللذان } تثنية الذي وغلب التذكير إذا المراد الزاني والزانية. وقرىء للذان بالتشديد. { يأتيانها } الضمير عائد على الفاحشة.
{ فآذوهما } يدل على مطلق الإيذاء وتبين في غير هذه الآية تعيين الأذى بالجلد والرجم للمحض وبالجلد فقط للبكرين واعتبار شهادة أربعة في هذه الآية كما سبق في الآية قبلها.
{ فإن تابا } أي عن المعصية.
{ وأصلحا } عملهما في الطاعة.
{ فأعرضوا عنهمآ } هي متاركة. ودل ذلك على أن الأذى المذكور في الآية ليس ما تقرر آخرا في الشرع من الجلد والرجم، بل هو ضرب بالأيدي والنعال وتقبيح للفعل، وما أشبه ذلك.
অজানা পৃষ্ঠা