في القضاء عليهم (^١) بعد وفاة أبيه في سنة تسع وستين ومائة (١٦٩ هـ)، حيث تولى الخلافة بعده، وعمل بوصية أبيه الذي أوصاه بقتل الزنادقة، واقتدى به في ذلك، وشرع في تَطَلُّبهم من الآفاق، وَجَدَّ في ذلك، فقتل منهم خلقًا كثيرًا (^٢).
وكان موسى الهادي لما تولى الخلافة عزم على خلع أخيه هارون الرشيد من ولاية العهد بعده، والعهد بها لابنه جعفر كما صنع أبوه بعيسى بن موسى، فانقاد هارون لذلك ولم يظهر منازعة، واستدعى الهادي جماعة من الأمراء، فأجابوه لذلك، وأَبَتْ أُمُّهما الخيزران، وكانت تميل إلى ابنها هارون أكثر من موسى، فأَلَحَّ الهادي على أخيه هارون في الخلع، واستشار يحيى بن خالد بن بَرْمَك، فقال له: ماذا ترى فيما أريد من خلع هارون وتولية ابني جعفر؟ فقال: إني أخشى أن تهون الأيمان على الناس، ولكن المصلحة تقتضي أن تجعل جعفرًا وليَّ العهد من بعد هارون، وأيضًا فإني أخشى أن لا يجيب أكثر الناس إلى البيعة لجعفر، لأنه دون البلوغ، فيتفاقم الأمر ويختلف الناس، فعدل الهادي عن رأيه، ولم يلبث إلا يسيرًا حتى توفي في سنة سبعين ومائة (١٧٠ هـ) (^٣)، وتولَّى الخلافة بعده أخوه هارون الرشيد،
_________
= أتوب إلى الله، وأنشده لنفسه:
ما يبلغ الأعداء من جاهل … ما يبلغ الجاهل من نفسِهِ
والشيخ لا يترك أخلاقه … حتى يُوَارَى في ثرى رَمْسِهِ
فصرفه المهدي، فلما قرب من الخروج، ردَّه، فقال: ألم تقل: والشيخ لا يترك أخلاقه؟ قال: بلى قال: فكذلك أنت، لا تدع أخلاقك حتى تموت، ثم أمر بقتله.
انظر تاريخ الخلفاء (ص ٤٣٨ - ٤٣٩).
(^١) الشعوبية وأثرها الاجتماعي والسياسي في الحياة الإسلامية في العصر العباسي الأول (ص ١٣٢).
(^٢) البداية والنهاية (١٠/ ١٥٧)، وتاريخ الخلفاء (ص ٤٤٦).
(^٣) البداية والنهاية (١٠/ ١٥٨).
المقدمة / 24