158

تفسير أحمد حطيبة

تفسير أحمد حطيبة

জনগুলি

تفسير قوله تعالى: (لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها) قال تعالى: ﴿لَوْ كَانَ هَؤُلاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا﴾ [الأنبياء:٩٩]، أي: ليس من المعقول أن الإله يدخل النار. قال سبحانه: ﴿لَوْ كَانَ هَؤُلاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [الأنبياء:٩٩] وكل: أي: العابد والمعبود، فالذين عبدوا من دون الله ﷾ آلهة باطلة وهم واردون النار مع من عبدهم، فالكل محبوسون فيها ولا يخرجون منها، وهم فيها خالدون. قال تعالى: ﴿لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لا يَسْمَعُونَ﴾ [الأنبياء:١٠٠] والزفير: خروج النفس. والمعنى: تشبيه هؤلاء في نار جهنم بالحمير، فالحمار عندما ينهق يخرج زفيرًا وزعيقًا ويأخذ شهيقًا، فكذلك هؤلاء عند بكائهم وصراخهم في النار كهيئة الحمير، وأما الصور فهي بشعة والنار مظلمة سوداء ملتهبة مستعرة على أهلها متجهمة لهم، وهم فيها يصرخون ولا يستجيب لهم أحد أو يجيرهم، فيستغيثون ولا يغيثهم أحد. قال تعالى: ﴿وَهُمْ فِيهَا لا يَسْمَعُونَ﴾ [الأنبياء:١٠٠]، أي: لا يسمعون شيئًا؛ لأنهم يحشرهم الله ﷿ عميًا وبكمًا وصمًا، فلا يسمعون إلا صوت العذاب الذي نزل بهم وأصوات أهل النار. فمعنى قوله: (لا يسمعون)، أي: لا يسمعون شيئًا؛ لقوله سبحانه: ﴿وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وَجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا﴾ [الإسراء:٩٧]. وقيل: (لا يسمعون)، أي: لا يسمعون ما يسرهم، وإنما يسمعون صراخ أهل النار، وأصوات الملائكة الموكلة بعذابهم والعياذ بالله. يقول ابن مسعود ﵁: (إذا بقي من يخلد في النار في جهنم جعلوا في توابيت من نار)، والعياذ بالله. فأهل النار هذا حالهم؛ يصرخون في البداية ويسألون الله ﷿، قائلين: ﴿رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ﴾ [المؤمنون:١٠٧] فيجيبهم: ﴿اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ﴾ [المؤمنون:١٠٨] وعندما يقول لهم ذلك ييئسون من الخروج. يقول ابن مسعود: (هؤلاء الباقون في نار جهنم والعياذ بالله يجعلون في توابيت من نار، وتجعل التوابيت في توابيت أخرى فيها مسامير من نار، فلا يسمعون شيئًا ولا يرى أحد منهم أن في النار من يعذب غيره)، أي: كل واحد منهم يرى نفسه هو وحده الذي يعذب ولا يرى غيره والعياذ بالله، ولا يسمع إلا صوت نفسه في هذا العذاب.

14 / 5