فارتع فخير فعال المرء أعدله
فلو بغي جبل يوما على جبل
لاندك منه أعاليه وأسفله
[10.24-30]
{ إنما مثل الحياة الدنيا } ، قيل: صفة الحياة الدنيا، وقيل: شبه الحياة الدنيا في سرعة زوالها وفنائها { كماء أنزلناه من السماء } وهو المطر { فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس } كالحبوب والبقول والثمار { والأنعام } أي ومما تأكل الأنعام، وهي الابل والبقر والغنم كالحشيش وسائر أنواع المراعي { حتى إذا أخذت الأرض زخرفها } أي حسنها وبهجتها بأنواع الألوان { وظن أهلها } أي ملاكها { انهم قادرون عليها } أي قادرون على الانتفاع بها { أتاها أمرنا } أي قضاؤنا بهلاك تلك الزينة { ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا } أي مقطوعة مقلوعة، والمعنى محصودة صرفت إلى فعيل { كأن لم تغن بالأمس } كأن لم يكن نعيمها { كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون } فيه فيؤديهم إلى العلم { والله يدعو إلى دار السلام } يريد الجنة، وقيل: يفشو السلام بينهم وتسليم الملائكة عليهم، وقيل: السلام السلامة لأن أهلها سالمون من كل مكروه { ويهدي من يشاء } بالألطاف التي تدعوهم إلى طريق الحق { إلى صراط مستقيم } طريق واضح { للذين أحسنوا الحسنى } قيل: أحسنوا إلى عبادة الله سبحانه واتبعوا أمره ونهيه، وقيل: أحسنوا العمل في الدنيا فأحسن الله تعالى اليهم في الآخرة بالحسنى الحياة { وزيادة } ، قيل: " غرفة من لؤلؤ واحدة لها أربعة أبواب " عن أمير المؤمنين، وقيل: الزيادة أن لا يحاسبهم على النعم في الدنيا، وقيل: الزيادة مغفرة من الله ورضوان، وقيل: تضعيف الحسنات من عشر إلى سبع مائة ضعف { ولا يرهق وجوههم } لا يغشاها { قتر } غبرة فيها سواد { ولا ذلة } ولا أثر هوان ولا كسوف { والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها } ولا يزيد على المستحق لأنه يكون ظالما بخلاف الزيادة في الثواب { كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما } لشدة سواده وهو أقبح السواد { ويوم نحشرهم جميعا } أي نجمع الخلق إلى يوم القيامة { ثم } يقول هو سبحانه ويحتمل أن { نقول } بأمره { للذين أشركوا مكانكم } لا تبرحون { أنتم وشركاؤكم } عطف عليهم، قوله تعالى: { فزيلنا بينهم } ففرقنا بينهم وقطعنا الوصل التي كانت بينهم في الدنيا { وقال شركاؤهم ما كنتم إيانا تعبدون } إنما كنتم تعبدون الشياطين حيث أمركم أن تتخذوا لله أندادا وهم الملائكة والمسيح ومن عبدوه من دون الله من أولي العقل، وقيل: الأصنام ينطقها الله بذلك فكان الشفاعة التي زعموها { هنالك } في ذلك المقام وفي ذلك الوقت { تبلو كل نفس ما أسلفت } أي تختبر وتذوق ما قدمت من العمل فتعرف كيف هو أقبيح أم حسن، نافع أم ضار، مقبول أو مردود { وردوا إلى الله } تعالى يعني إلى موضع حكمه فلا يحكم فيه غيره { وضل عنهم ما كانوا يفترون } أي ضاع عنهم ما كانوا يدعون أنهم شركاء لله تعالى وبطل عنهم ما كانوا يختلفون فيه من الكذب وشفاعة الآلهة.
[10.31-37]
{ قل من يرزقكم من السماء والأرض } منهما جميعا فمن السماء المطر، ومن الأرض النبات والحبوب والفواكه { أم من يملك السمع والأبصار } أي من يستطيع خلقهما وتسويتهما { ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي } ، قيل: النطفة من الإنسان والإنسان من النطفة، وقيل: من يحييكم إذا كنتم أحياء ومن يميتكم إذا متم { ومن يدبر الأمر } في السماء والأرض بين الليل والنهار والاحياء والإماتة واختلاف أحوال السنة { فسيقولون الله } أي هو الله تعالى يفعل ما يشاء { فقل } يا محمد { أفلا تتقون } عقابه في شرككم { فذلكم الله ربكم } يعني فاعل هذه الأشياء ربكم خالقكم { الحق } تحق له العبادة وحده، وقيل: كل حق من جهته { فماذا بعد الحق إلا الضلال } أي قد ثبت أن توحيده وعبادته هو الحق وما بعد ذلك باطل وضلال، قوله تعالى: { فأنى تصرفون } ، قيل: فأين يذهب بكم عن الحق، يعني فأنى تصرفون عن الحق إلى الضلال، وعن التوحيد إلى الشرك، وعن السعادة إلى الشقاوة { كذلك حقت كلمة ربك } أي كلمة العذاب، وقيل: كلمة الوعيد، وقيل: حكمه { على الذين فسقوا } وخرجوا عن الايمان { إنهم لا يؤمنون } { قل هل من شركائكم } التي جعلتموها شركاء في العبادة { من يبدؤ الخلق } أي يخلقهم ابتداء على غير مثال وهي النشأة الأولى { ثم يعيده } في النشأة الثانية فإذا ثبت بالدليل أن الشركاء لا يقدرون عليها وأنه تعالى هو القادر { فأنى تؤفكون } يعني كيف تصرفون عن الحق { قل هل من شركائكم من يهدي إلى الحق } يعني من آلهتكم التي تعبدونها { أمن لا يهدي } نفسه ولا يهدي غيره { إلا أن يهدى } أي إلا أن يهديه الله تعالى، وقيل: المراد به الملائكة والجن لأنهم يهتدون إذا هداهم غيرهم، وقيل: المراد به الرؤساء والمضلون الذين يدعون إلى الكفر، وقيل: أراد المسيح وعزير، وقيل: هم الأصنام، وقيل: معنى لا يهدي لا يمشي إلا أن يحمل ولا ينتقل إلا أن ينقل، قال الشاعر:
حيث يهدي ساقه قدمه
أولا يهدي ولا يصح منه الاهتداء إلا أن ينقله الله من حاله إلى أن يجعله حيوانا مكلفا يهديه، قوله تعالى: { فما لكم كيف تحكمون } بالباطل حيث تزعمون أنهم أنداد له { وما يتبع أكثرهم } في قولهم الأصنام أنها آلهة وأنهم شفعاء عند الله تعالى { إلا ظنا } الباطل الذي لا حقيقة له { وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله ولكن تصديق الذي بين يديه } وهو ما يقدمه من الكتب المنزلة لأنه معجز، قوله: { وتفصيل الكتاب } وتبيين ما فرض وكتب من الأحكام والشرائع.
[10.38-48]
অজানা পৃষ্ঠা