{ ثم } بعدما سمعوا ما سمعوا { لم تكن فتنتهم } وحيلتهم للخلاص { إلا أن قالوا } معتذرين مقسمين: { والله ربنا } أنت يا مولانا { ما كنا } في أنفسنا { مشركين } [الأنعام: 23] لك غيرك عابدين لسواك.
{ انظر } أيها الرائي { كيف كذبوا على أنفسهم } في مقعد الصدق ومحل اليقين { و } انظر كيف { ضل عنهم ما كانوا يفترون } [الأنعام: 24] من الشركاء الذين يعتقدونهم شفعاء عند الله يخلصونهم من عذاب الله.
{ و } كان { منهم } أي: من هؤلاء المشركين المعتذرين { من يستمع إليك } حين تتلو القرآن ولم يفهموه أنكروه واستهزءا به { و } كيف يفهمونه؛ إذ { جعلنا على قلوبهم أكنة } أغطية وأغشية كراهة { أن يفقهوه وفي ءاذانهم وقرا } يمنع عن استماعه { و } من غاية إنكارهم وعنادهم { إن يروا كل ءاية } دالة على توحيد الحق وتمجيده { لا يؤمنوا بها } عنادا ومكابرة { حتى إذا جآءوك } من إفراط عتوهم { يجدلونك } في آيات الله بما لا يليق بها حيث { يقول الذين كفروا } سترا للحق وترويجا للباطل: { إن هذآ } ما هذا الكلام الذي أتى به سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم { إلا أسطير الأولين } [الأنعام: 25] يسطرونها لتضليل ضعفاء العوام.
{ وهم } بهذا الطعن والقدح { ينهون عنه } أي: يقصدون إضلال المؤمنين المسلمين عن متابعة الرسول والإيمان به { و } هم في أنفسهم { ينأون عنه } أي: يبعدون عنه عتوا وعنادا { وإن يهلكون } أي: ما يهلكون بهذا التضليل والخداع { إلا أنفسهم وما يشعرون } [الأنعام: 26] أن ضرر إضلالهم وخداعهم لا يتجاوز عنهم؛ لأنهم هم
ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصرهم غشاوة ولهم عذاب عظيم
[البقرة: 7] في الدنيا والآخرة.
{ ولو ترى } أيها الرائي { إذ وقفوا } أي: حين أشرفوا { على النار } وتحققوا الوقوع والإيقاع فيها عنوة وعنفا لرأيت أمرا فظيعا فجيعا { فقالوا } حينئذ من غاية تفزعهم وتفجعهم متمنين: { يليتنا نرد } على أعقابنا التي كنا فيها { ولا نكذب بآيت ربنا } التي جئنا فيها فكذبناها { ونكون من المؤمنين } [الأنعام: 27] المصدقين بمن جاءنا بها.
[6.28-31]
{ بل بدا } وظهر { لهم ما كانوا يخفون من قبل } حقية الرسل والكتب عنادا واستكبارا فتمنوا حين اليأس والبأس ضجرا لا عزما صحيحا؛ حيث لو ردوا لآمنوا البتة بل { و } الله { لو ردوا } أي: لو فرض ردهم إلى الدنيا بعد وقوعهم على أهوال الآخرة { لعادوا } من خباثة طينتهم { لما نهوا عنه } أيضا مكابرة وعنادا { و } بالجملة : { إنهم } في هذا التمني أيضا { لكاذبون } [الأنعام: 28] البتة لكون جبلتهم وأصل فطرتهم على الكذب لا يزول عنهم أصلا.
{ و } كيف لا تكونون مجبولين على الكذب والعناد إذ هم { قالوا } من خبث باطنهم حين دعاهم الرسل - عليهم السلام - إلى الإيمان بالله وباليوم الآخر: { إن هي } أي: ما الحياة { إلا حياتنا الدنيا } أي: التي كنا عليها فيها { وما نحن بمبعوثين } [الأنعام: 29] كما زعم هؤلاء السفهاء.
অজানা পৃষ্ঠা