العلم فريضة" فمن ترك طلب العلم وزعم أنه يأتيه فقد خالف الشرع والطبع. ومن الاجانب الذين يعيشون بالمادة وحدها، وللمادة وحدها، من يعتقد ان الأسباب هي التي تصنع المسببات، وان الدواء يشفي بذاته، والسعي هو الذي يوصل وحده إلى النجاح. وهذا مخالف للواقع، فإنه قد يوجد السبب ولا يوجد المسبب، قد يحصل التداوي ولا يكون الشفاء، وقد يكون في المستشفى مريضان في غرفة واحدة، المرض لديهما واحد، والطبيب واحد، والدواء واحد، فيموت الأول، ويبرأ الثاني، وقد يحرث الفلاح الأرض بأحدث الآلات، ويلقي فيها بأحسن البذور، ويضع لها أغلى السماد، فيأتي البرد الشديد، أو الحر الشديد، أو الجفاف المحرق، أو السيل الجارف، فتذهب هذه الأسباب كلها هدرا.
فلا الأسباب وحدها توجد المسبب حتما، ولا اهمالها يجوز عقلا، بل الذي يدعو اليه العقل، ويأمر به الشرع، هو أن يتخذ المرء الأسباب كلها، ثم يسأل الله تحقيق النتائج. قيد الناقة وتوكل على الله في حفظها، واقرأ دروسك كلها وتوكل على الله، واسأله النجاح في الامتحان.
هذا هو التوكل الحقيقي، ليس التوكل، في اهمال الأسباب، وتعطيل سنن الله في الكون، ولا في نسيان ان الله هو النافع الضار وابتغاء النفع (حقيقة) من سواه.
الأسباب لا بد منها، وفي اتخاذها اطاعة لأمر الشرع، واتباع لسنن الله في الوجود. ولكن الأسباب وحدها لا تكفي، لأن النتائج بيد الله، فالمتوكل على الله حقا، من يبذل للوصول إلى المطلوب كل جهد، ويتخذ اليه كل وسيلة مشروعة، ويعتقد ان الموصل هو الله، فيتوكل عليه، ويطلب منه ما يريد.
1 / 89