وأكثر المسلمين اليوم، غلبّوا الرجاء على الخوف، والأمل بالعفو، على توقي العقاب.
على ان المسلم اذا أتى الفرائض، واجتنب المحرمات يكون من الخائفين المتقين، لكنه يخسر الدرجات العالية في الجنة، فهو كالتلميذ الذي يحصل أقل درجات النجاح، لا يرسب في فصله، ولكن لا ينال تقديرًا ولا مكافأة، ويكون نجاحه (وسطا) لا (جيدا) ولا (ممتازا).
ثمرات الايمان
التوكل
قال الله تعالى: ﴿إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا﴾. وقال: ﴿إن الله يحب المتوكلين﴾.
فما هو التوكل؟ وما حقيقته؟ لقد تقدم القول بأن الله جعل فيما خلق من الأشياء النافع والضار، وجعل من سنن الكون ما هو سبب للنفع، وما هو سبب للضرر، فهل التوكل على الله ترك الأسباب؟
لقد كان في المتصوّفة من يرى التوكل في ترك التسبب، لا يعمل لتحصيل الرزق، وينتظر ان يصل اليه رزقه بلا عمل، ويدع مريضه بلا تطبيب، ويرجو أن يناله الشفاء بلا دواء، ويسلك الصحراء بلا زاد، ويأمل أن يجيئه زاده من غير تعب، ويدع طلب العلم، ويعتقد ان العلم يأتيه بلا طلب (١)، وهذا مخالف للشرع، فالشرع يقول: ﴿فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله﴾. ويقول: "يا عباد الله تداووا"، ويقول: "وتزودوا" ويقول: "طلب
_________
(١) واحتجوا خطأ بقوله:؟ واتقوا الله ويعلمكم الله؟ مع أنها جملة من آية، من قرأها كلها أدرك انها لا تؤدي هذا المعنى. ولو فرض انه يحتج بهذه الجملة وحدها، وان العلم يكون بالتقوى بلا تعلم، فانه يرد عليهم ان التقوى انما تكون بفعل المأمور به شرعا، ومن المأمور به طلب العلم، فمن لم يعمل بهذا الأمر لا يكون تقيًا.
1 / 88