ذاهلة عنها فتحتاج إلى أن تنبه كما تكون ذاهلة عن الأوليات فتنبه عليها. ولا يجوز أن يتوصل إلى إدراكها بغير ذاتها لأنه يكون بينها وبين ذاتها غير ، وهذا محال والنفس (1) إذا لم يعرف ذاتها كيف يعرفه إياها الغير؟ فيلزم من هذا أنه لا يكون له سبيل إلى معرفتها وأما الشعور بالشعور فمن جهة العقل.
إدراك الجسم يكون من جهة الحس إما بالبصر أو باللمس فمن جوز أن تكون المعرفة بالذات من طريق الحس لزمه أن يكون لم يعرف ذاته على الإطلاق ، بل عرفها حين أحس جسمه.
النفس الإنسانية إنما تعقل ذاتها لأنها مجردة ، والنفوس الحيوانية غير مجردة فلا تعقل ذواتها ، لأن عقلية الشيء هى تجريده عن المادة ، وإذا لم يكن مجردا لم يكن معقولا بل متخيلا. وهذا مما يستدل به على بقاء النفس ، لأنها مجردة عن المادة وليس قوامها بها كنفوس الحيوانات. والنفس إنما تدرك بوساطة الآلة الأشياء المحسوسة والمتخيلة. والأشياء المجردة لا تدركها بآلة بل بذاتها لأنه لا آلة لها تعرف بها المعقولات. والآلة إنما جعلت لها لتدرك بها الجزئيات والمحسوسات. وأما الكليات والعقليات فإنها تدركها بذاتها. ونفسها وإن كانت جزئية فإنها عقلية. وقد قيل إن المعنى العقلى لا يكون جزئيا بل يكون كليا وهذا يجب أن يحقق. ولو كانت لها آلة جسمانية تدرك بها المعقولات لم تكن المعقولات إلا محسوسة أو متخيلة ، وهذا محال ، فيجب أن لا تدركها بآلة بل بذاتها.
ليس كل عقلى يكون معنى كليا كالعقل والنفس.
البارى لا يوصف بأنه جنس ، ولا بأنه نوع إذ لا مجموع فى شخصه ولا متكثر الأشخاص بل يوصف بأنه شخص. ولا نعنى به أنه شخص من نوع أو شخص جسمانى كشخص الشمس مثلا. بل إنه شيء متميز بذاته عن سائر الموجودات. وكذلك كل واحد من العقول. ولذاك لا يوصف بأنه كلى ، ولا بأنه جزئى ، ويوصف بأنه عقلى أى مجرد لا أنه كلى.
لا كمية لفعل البارى ، لأن فعله لذاته لا لداع دعاه إلى ذلك.
هو الأول والآخر لأنه هو الفاعل وهو الغاية ، فغايته ذاته ولأن مصدر كل شيء عنه ومرجعه إليه.
الإرادة هى علمه بما عليه الوجود وكونه غير مناف لذاته.
পৃষ্ঠা ৮০