إن وجد أثر من ذاتى فى ذاتى كنت أدرك ذاتى كما أدرك شيئا آخر بأن يوجد منه أثر فى ذاتى ، ولكن ليس لوجود الأثر الذي أدركت منه ذاتى تأثير فى إدراكى لذاتى إلا بسبب وجوده لى وإذ كان وجودى لى لم يحتج فى إدراكى لذاتى إلى أن يوجد أثر آخر فى سوى ذاتى ، أى لا أنفعل عن ذاتى وشيء آخر. وهو إنى إذا أدركت ذاتى فكان إدراكى لذاتى من أثر يحصل فى فكيف أدرك أن ذلك الأثر هو أثر ذاتى لو لا أنى علمت قبل ذلك ذاتى فكنت أعرف من ذلك الأثر بعلامة من العلامات أنه أثر ذاتى. وإذا أحضرت أثرا من ذاتى فى ذاتى أو فى آلة لذاتى ثم أحكم بأن ذلك الأثر هو من ذاتى أحتاج أن أجمع بين ذلك الأثر وبين ذاتى فأحكم وأقول : هذا الأثر هو أثر ذاتى يكون قد سبق إدراكى لذاتى لا من ذلك الأثر. فإن قيل : فمن أثر آخر؟ كان حكمه حكم هذا الأثر فيتسلسل إلى ما لا نهاية فبالضرورة يكون إدراكى لذاتى لا لأثر بل لوجود صورة ذاتى فى الأعيان لى ولا لوجود صورة أخرى أثر لذاتى. وإذ أدركت شيئا من أثر منه بسبب أنه يوجد فيه أثر فى ، فلو وجد هو فى لكان إدراكى له أتم. فإذا أدركت ذاتى من أثر يوجد لى فى وليس إلا الوجود ثم وجودى فى الأعيان لا لغيرى. فإدراكى لذاتى من ذاتى يتم أتم مما لو صح أن أدركها من أثر. وأما إذا أدركت ذاتى واعلم أنى أنا المدرك كان (26 ب) المدرك والمدرك شيئا واحدا. وهذه الخاصية هى للإنسان وحده من دون سائر الحيوانات ، فإن تلك ليس لها شعور بذواتها.
كل صورة أدركها فإنما أدركها إذا وجد مثالها فى فإنه لو كان لوجوده فى ذاته فى الأعيان لكنت أدرك كل شيء موجود وكنت لا أدرك المعدومات إذ فرضنا أن إدراكى له لوجوده فى ذاته. وهذان محالان لأنا ندرك المعدومات فى الأعيان. وقد لا ندرك الموجودات فى الأعيان. فإذن الشرط فى الإدراك أن يكون وجوده فى ذهنى.
إذا حصلت الذات جعل معها الشعور بها فهو مقوم لها وتشعر بها بذاتها لا بآلة. وشعورها بذاتها شعور على الإطلاق أى لا شرط فيها بوجه ، فإنها دائمة الشعور بها لا فى وقت دون وقت.
اليقين هو أن تعلم أنك علمته ، وتعلم أنك تعلم أنك علمته ، إلى ما لا نهاية والإدراك للذات هذه سبيله ، فإنك تدرك ذاتك ، وتعلم أنك أدركته ، وتعلم أنك تعلم أنك أدركته إلى ما لا نهاية.
شعور النفس الإنسانية بذاتها هو أولى لها ، فلا يحصل لها بكسب فيكون حاصلا لها بعد ما لم يكن. وسبيله سبيل الأوائل التي تكون حاصلة لها. إلا أن النفس قد تكون
পৃষ্ঠা ৭৯