قيل له: ليس يشتبه الأمران، لأن الظالم اسم لمن فعل الظلم، والصادق اسم لمن فعل الصدق، فمن فعل الظلم والكذب والعدل والصدق، لا بد من أن يكون ظالما وكاذبا وعادلا وصادقا، والمتحرك ليس اسما لمن فعل الحركة، بل هو اسم لمن حلته، والوالد (¬1) ليس اسما لمن فعل الولد، وإنما هو اسم لمن ولد المولود على فراشه، فلا يجب أن يكون من فعل الحركة والولد متحركا والدا.
فإن قيل: فهل تقولون إن الإستطاعة قبل الفعل؟
قيل له: نعم. والذي يدل على ذلك أنها لو كانت مع الفعل لكان الله قد كلف عباده ما لا يطيقون، لأنه قد كلف الكفار أن يؤمنوا، فلو كانت الإستطاعة مع الفعل لكان الكافر غير مستطيع للإيمان، وقد ثبت أن تكليف ما لا يطاق قبيح، فوجب أن يكون الذي يؤدي إليه من القول فاسدا. وأيضا فلو كانت الإستطاعة مع الفعل لكان من يتوضأ أبدا بالماء، غير قادر على التوضؤ به، ولو كان غير قادر على التوضؤ به، لوجب أن يكون التيمم جائزا له، لأن المسلمين قد أجمعوا على أن من لم يقدر على التوضؤ بالماء جاز له التيمم، وفي هذا أن الواجد للماء لو صلى طول عمره بالتيمم، أجزاه!! وأيضا فلو كانت الإستطاعة مع الفعل لكان يجب أن يكون الإنسان لو أكل الميتة طول عمره لم يأكل إلا المباح، لأن عندهم أن آكل الميتة لا يقدر على أكل غيرها، والمسلمون قد أجمعوا على أن من لم يقدر إلا على أكل الميتة فأكلها مباح، وهذا المذهب أكثر فسادا من أن يحتاج فيه إلى الإكثار.
- - -
পৃষ্ঠা ৬৪