তাবিকা ওয়া মা বাকদা তাবিকা
الطبيعة وما بعد الطبيعة: المادة . الحياة . الله
জনগুলি
رابعا:
إن الجمع بين الصدمات العديدة وتركيبها في إحساس واحد يتطلب تفسيرا، فأين هو؟
خامسا:
من غير المعقول أن نعترف للدماغ بما يزعمون له من قوة سحرية تحول الحركات المتواردة عليه إلى أفكار وعواطف؛ إن التغيرات العصبية تؤلف سلسلة لا تتخللها حالة وجدانية، والحالات الوجدانية تؤلف سلسلة لا تتخللها حالة عصبية، ولا تكشف عن وجود الدماغ.
فعلى ذلك يجب الإقرار للحياة الوجدانية بالأصالة في الوجود وفي الفعل، وبانفراد طبيعتها عن طبيعة الحياة البدنية، إن الردود المتقدمة على أقوال الماديين تؤلف برهانا دافعا وإن يكن سلبيا. وهناك برهان إيجابي يؤيده أقوى التأييد ببيان خصائص للحياة الوجدانية هي الأصل العميق للخصائص الظاهرة التي استمددناها من المشاهدة، وهي: المعرفة، والنزوع أو الإرادة، والنقلة الذاتية، ونوع من المعرفة هو الوجدان أو الشعور يتناول الحياة الباطنة على اختلافها.
المعرفة تمثل الذهن لموضوع، فمتى أثر الموضوع في إحدى القوى العارفة طبع فيها صورته فصار معروفا. فالموضوع المعروف متحد بالقوة العارفة بصورته لا بمادته: ليس الحجر المرئي هو الذي في العين، بل صورة الحجر؛ وليست الصورة هنا شبها ماديا كالذي يرتسم على الشبكية وليست هي المعروفة أولا، والوجدان يشهد أن ما نعرفه مباشرة ونلتفت إليه أولا هو الموضوع لا صورته، وأن الصورة تعرف بالتفكير في المعرفة ومتقضياتها؛ فالحجر في البصر «معنويا» بحصول معناه فيه، أو «قصديا» لاتجاه قصد العارف إلى المعروف. فالعارف يقبل صورة المعروف مجردة عن مادته، كالعين مثلا لا تتلون بقبول اللون، بل يحصل فيها معنى اللون، أو كالعقل يعرف أشياء كثيرة متباينة ويظل هو هو، بخلاف العين المصفرة بالمرض، فإنها ترى الأشياء صفراء. فبالمعرفة يزيد العارف على صورته الخاصة صور الأشياء المعروفة، فإنها تحتفظ فيه بماهياتها ومغايرتها له، خلافا لغير العارف، كالجماد والنبات، فإنه إذا قبل شيئا قبله بمادته ولا يستبقي له غيريته بل يحيله إلى ذاته، كما يحدث في الاغتذاء والتمثيل. فالنبات محروم من قوة المعرفة بسبب ماديته التامة المانعة لقبول الصورة، بينما الحس له تلك القوة بسبب قابليته للصور؛ وللعقل قوة أعظم لكونه أكثر تجردا عن المادة، وأقدر على قبول الصور المنوعة، فغير العارف محصور في حدود وجوده، والعارف مجاوز لكيانه، حتى ليصير على نحو ما جميع الأشياء، على حد تعبير أرسطو.
فالمعرفة فعل باطن قار في القوة العارفة، حسا كانت أو عقلا، لا يتعداها إلى شيء آخر. والباطنية هنا غير باطنية أفعالنا البدنية في داخل البدن؛ فإن هذه الأفعال، وإن تكن محجوبة عادة عن الحواس الظاهرة، إلا أنها معروضة لها كلما سمحت الحال؛ ومهما دقت فإن آلاتنا تكشف عنها؛ على حين أن باطنية الوجدانيات أكثر عمقا من أن تتناولها الحواس، ولا تدرك إلا بالوجدان. وليست معرفة حالات الغير من الملامح والتغيرات البدنية التي تنم عنها معرفة وجدانية، وإنما هي استدلال بالدال على المدلول. فعلى الماديين أن يتدبروا هذا الفرق الجسيم بين هذين النوعين من الباطنية، فإنهم يتصورون باطنية المعرفة على مثال الباطنية المادية، فيقول أحدهم: إن الدماغ يفرز الفكر كما تفرز الكبد الصفراء، ويمثل آخر بالمعدة والهضم، وآخر بالرئتين والتنفس، مما لا معنى له ولا أصل لتغاير الحدين تغيرا كليا، بحيث لو فرضا أننا أحطنا علما بخلايا الدماغ وحركاتها جميعا، لما أفادنا ذلك شيئا في معرفة الحالة الوجدانية المقابلة لتلك الحركات؛ قال ليبنتز: «إننا مضطرون للإقرار بأن «الإدراك» وما يتعلق به لا يفسر بأسباب آلية، أعني بأشكال وحركات. وإذا افترضنا آلة تجعلنا نفكر ونحس، فلن نجد فيها سوى قطع يدفع بعضها بعضا، ولا نجد قط ما يفيد في تفسير الإدراك، وإنما يجب التماسه في الجوهر البسيط.» أي في النفس.
1
المعرفة ممتنعة إذن على المادة الصرف، والمسألة لا تحتمل الشك أو الترجيح كما ظن لوك؛ لأن قبول الأشياء بصورها دون مادتها يقتضي في العارف وفي المعروف ضربا من الروحانية أو الاستقلال عن المادة قليلا أو كثيرا: ففي المعروف يقتضي أن يكون له صورة يطبعها في العارف طبعا معنويا أو قصديا؛ وفي العارف يقتضي أن يكون له صورة تقبل الانطباع الصوري وتدركه؛ أما المادة فتقبل بحسبها هي، فلا تتحقق معرفة الموضوع كما هو، وكلما كانت اللامادية أتم كانت المعرفة أوسع وأكمل.
والمعرفة تبعث في العارف ميلا إلى الشيء المعروف إذا كان خيرا أو لذيذا أو نافعا، وميلا عنه إذا كان شرا أو مؤلما أو ضارا. وهذا هو النزوع أو الإرادة، يتجه إلى الملائم، وينصرف عن المنافر، والوظيفة واحدة؛ إذ إن الانصراف عن المنافر هو في الحقيقة طلب للملائم، أو إن طلب الملائم هو السبب في الهرب من المنافر، فالنزوع إما شهوة تميل إلى الخير، أو غضب يميل إلى مدافعة ما يمنع الخير أو يجلب الضرر، وقد تتجشم النفس الألم على خلاف ميل الشهوة؛ لكي تدفع الضار على مقتضى ميل الغضب. فالغضب بمثابة حام للشهوة ومدافع عنها. ومبدأ آلام الغضب من آلام الشهوة ومنتهاها إليها. والنزوع مشترك بين الكائنات جميعا، فهو أعم من المعرفة؛ إذ ليس كل كائن بعارف. ولكن كل كائن نازع طبعا إلى الفعل وفقا لصالحه. ففي غير العارف الميل فطري موجه إلى فعل واحد وموضوع خاص كما رسمت الطبيعة في صورته، فهو يتحرك إلى غايته دون أن يعرفها، كالعناصر الكيميائية يأتلف كل منها بعنصر معين بمقدار معلوم، وكالنبات يؤدي وظائفه الحيوية، ويتوجه إلى الضوء والحرارة؛ لأن فيه ميلا إلى النمو والازدهار، وكالحيوان والإنسان حين يقومان بوظائفهما المختلفة في الحياة البدنية، فهما يشتركان في هذا الميل الفطري من حيث هما مادة أو طبيعة غير عارفة، ويزيدان عليه ميلا إراديا مقابلا للصور الحاصلة لهما بالمعرفة، حين ترى فيها الحواس أو يحكم العقل أنها خير يطلب أو شر يجتنب.
অজানা পৃষ্ঠা