قال المبرد : ما «13» رأيت افصح من ابي الهذيل والجاحظ وكان ابو الهذيل احسن «14» مناظرة شهدته في مجلس وقد استشهد في جملة كلامه «15» بثلاث مائة بيت «16» قال ثمامة: وصفت «1» أبا الهذيل للمأمون فلما دخل عليه جعل المأمون يقول لي: يا أبا معن، وابو «2» الهذيل يقول لي «3»: يا ثمامة فكدت اتقد غيظا، فلما احتفل المجلس استشهد في عرض كلامه بسبع مائة بيت فقلت: ان شئت فكنني وان شئت فسمني.
وحكى يحيى بن بشر «4» الارجاني عن النظام قال: ما اشفقت على ابي الهذيل قط في استشهاد «5» شعر الا يوم قال له الملقب ببرغوث: اسألك عن مسئلة؟
فرفع ابو الهذيل نفسه عن مكالمته فقال برغوث (من الوافر):
وما بقيا علي تركتماني ... ولكن خفتما صرد «6» النبال
«13» ولم اعرف في نقيضه بيتا يتمثل به، فبرز ابو الهذيل وقال: لا بل كما قال الشاعر (من الطويل):
وأرفع «7» نفسي عن بجيلة أنني ... أذل بها عند الكلام وتشرف «8»
وناظر صالح بن عبد القدوس لما قال في العالم انه من اصلين قديمين نور «14» وظلمة كانا متباينين «9» فامتزجا، فقال ابو الهذيل: فامتزاجهما هو هما أم «10» غيرهما؟
قال: بل اقول هو هما، فألزمه «11» ان يكونا ممتزجين متباينين اذا لم يكن هناك معنى غيرهما ولم يرجع ذلك الا إليهما «12»، فانقطع وانشأ يقول (من البسيط):
পৃষ্ঠা ৪৬