সক্রেটিস: যিনি প্রশ্ন করার সাহস দেখিয়েছিলেন
سقراط: الرجل الذي جرؤ على السؤال
জনগুলি
ونستطيع الآن أن ندرك أن اكتساب أفلاطون كان يفوق كثيرا في أهميته فقدان ألقبيادس، غير أن سقراط بطبيعة الحال لم يستطع أن يتصور ذلك، ولم تكن سني الحرب هذه سهلة مريحة في جملتها لأي امرئ في أثينا، وبخاصة لرجل متوسط العمر ذي أسرة يعولها، وموارد مالية قليلة للانفاق عليها، عنده إدراك للحق أسمى حتى من مستوى الأخلاق في زمن السلم في مدينته، ولديه رسالة تجعله يقف في وجه الظلم والجهالة، ومرت بسقراط أوقات كان مجرد بقائه وبقاء أسرته أحياء مشكلة من المشكلات، وقد صاحب المعركة طاعون لم يكن أقل منها فزعا، وأمسى كل شيء ناقصا لعدة سنوات، نقص في الدفء ونقص في المسكن وفي الطعام، وعانت المدينة أشهرا من الجوع في أعقاب الحرب، وذلك حينما امتلأت باللاجئين، واستولى الأسطول الإسبرطي - الذي كان يسد نفقاته الذهب الفارسي - على البحار من البسفور إلى خليج سلامس، ولم ترد في ذلك الحين السفن محملة بالحبوب. وأغلقت الأسواق لقلة ما يباع فيها من طعام.
وكابد سقراط وزانثب شظف العيش خلال الحرب والطاعون والمجاعة، وكابدت كذلك أسر أخرى، غير أن ما أزعج المفكرين في ذلك الحين، وجعل رسالة سقراط أوجب من أي عهد سبق هو التغير الذي طرأ على قلوب الناس نتيجة فيما يظهر لما كابدوا من الآلام وأعمال العنف، فإن عشرين عاما من القتال كانت أمدا طويلا برغم ما توسطها من سلم شاق تنفس فيه الناس قليلا، ويبدو أن التقاليد والعادات الثابتة في حسن المعاملة قد أخذت تنهار في سرعة فائقة، كما يبدو أن ثقة بركليز في أن الأثينيين يستطيعون أن يقوموا بأي شيء فيه رقة وجمال - على حساب جيرانهم مؤقتا - قد انقلبت إلى ثقة ألقبيادس في أن من يملك القوة يستطيع أن يقوم بأي شيء، وبدأ التصدع القديم الذي أشاح عصر بركليز بوجهه عن رؤيته، والذي كان يمكن خلال سنوات الدعة - وأقصد به أن الغاية تبرر الوسيلة - بدأ يظهر ثغرات قبيحة في أسس المدينة ذاتها.
فكان من الدلائل السيئة مثلا أن يصوت أهل المدينة في صراحة وجرأة في المجلس على قتل الرجال واسترقاق النساء والأطفال جميعا في جزيرة ملس العاجزة الصغيرة، وكان من الدلائل السيئة كذلك أن يكف كثير من الأثينيين عن العناية بالمرضى من ذوي قرباهم وعن الاهتمام بدفن موتاهم أثناء انتشار الطاعون، وقد أذهلت هذه الأمور القوم من جيل بركليز، أما القوم من جيل ألقبيادس، وأما معلموهم من الشبان السفسطائيين، فقد زعموا أنهم لا يعتقدون في شيء ولا يصعقون لأمر، وكانوا يقولون: «إن القواعد القديمة التي تتعلق بالحق والباطل إنما سنها رجال جبناء في الماضي، ولا يمكن لرجل قوي أن يتقيد بها، إن قانون الطبيعة يتضح من الطريقة التي يسلكها الحيوان، وإن الناس جميعا ليسيرون وفقا لهذه القاعدة لو كانوا شجعانا: انج بحياتك، وخذ ما تريد لنفسك.»
وكثير من الأثينيين المحتشمين المهذبين كان يزعجهم ما يزعم السفسطائيون، وأرادوا أن يبرموا بشأنه أمرا، والتقى سقراط بأنيتس ذات يوم، وهو الصديق الذي ضحك عندما سرق ألقبيادس نصف أدوات المائدة قبل الحفل، ولم يكن أنيتس هذه المرة ضاحكا، وقال لسقراط: إن السفسطائيين ينبغي أن يبعدوا عن المدينة.
وسأله سقراط: «هل استمعت لهم مرة لتعرف ما يقولون؟»
فأجاب أنيتس: «لست في حاجة إلى ذلك، وخير لك أن تراقب لنفسك كذلك يا سقراط، خلال تجوالك ونقدك ساستنا كما تفعل، إنه لأمر خطر!»
ولم يكن أنيتس الرجل الوحيد في أثينا الذي خلط بين سقراط والسفسطائيين، فلما كتب الشاعر أرستوفان مسرحيته الهزلية المشهورة «السحب» ضد السفسطائيين، جعل سقراط بطلها الشرير، وضحك الناس عندما رأوا سقراط يظهر كأستاذ «لزمرة المفكرين» من السفسطائيين، الذين يعلمون الشباب أن ينكروا الآلهة ويهاجموا آباءهم ، ويجادلوا فيما عليهم من ديون فلا يدفعونها.
ضحك الناس، بيد أنهم ذكروا المسرحية، وقد كانت سببا في متاعب سقراط فيما بعد، ولم يدرك الكثيرون أنه يملك الوسيلة الوحيدة الفعالة حقا في معالجة السفسطائيين، فإن أحدا لم يستطع أن يسوق الأسئلة نحو إجابات أحسن، وسأل كالكليز السياسي قائلا: «هل تختار أن تحيا حياتك بجسم عليل؟ بله أن تريد حقا أن تعيش بروح عليل!»
وسأل سقراط السفسطائي ثراسيماكس - الذي كان يفخر بقوله: إن الشر أقوى من الخير: «هل فكرت مرة يا ثراسيماكس فيما يمسك الناس بعضهم إلى بعض؟ وهل تستطيع حتى ثلة من اللصوص أن تبقى قوية موحدة إلا إن كان لديهم شيء من الإحساس بالعدالة فيما بينهم؟ ماذا ينجزون لو أن كل واحد منهم سرق من الآخرين؟ فكيف إذن تكون حال مدينة يقسمها الشر شيعا وأحزابا، وكيف تكون حال الروح إن اضطربت وعارض جانب منها جانبا آخر؟ إن الضعف دون القوة هو بالتأكيد ما ينجم عن الشر!»
وفيما بين حرب جيش مع جيش تدور رحاها خارج المدينة، وصراع الخير والشر تدور معركته في أذهان القوم، كان لدى سقراط عمل يكفي رجلين من عامة الناس، فبقي بعيدا عن ميدان السياسة، كما شجعته حقا إشارته على ذلك، وبرغم هذا كان لا بد أن يستلفت الأنظار لما كان عليه من صفات، وقد اضطر إلى أن يخوض في معمعان الشئون العامة مرتين خلال الأوقات العنيفة التي أعقبت الحرب، وفي كل مرة منهما كاد الأمر أن يكلفه حياته.
অজানা পৃষ্ঠা