رُوِيَ أَن خَالِد بن الْوَلِيد ردّ الْجَيْش من حَرْب مُؤْتَة١ لِكَثْرَة الْعَدو، فَقَالَ: النَّاس هم الْفَرَّارُونَ فَقَالَ النَّبِي ﷺ بل هم الكرارون٢.
ثمَّ إِن غلب على ظنهم أَنهم لَا يهْلكُونَ فَالْأَفْضَل أَن يثبتوا، وَإِن غلب على ظنهم أَنهم ٣ يهْلكُونَ فَفِيهِ ٤ وَجْهَان٥:
أَحدهمَا: يلْزمهُم أَن ينصرفوا لقَوْله تَعَالَى: ﴿وَلا تُلّقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلى الَتّهلُكَةِ﴾ ٦.
وَالثَّانِي: يسْتَحبّ أَن ينصرفوا وَلَا يلْزمهُم٧، لأَنهم إِن قتلوا فازوا بِالشَّهَادَةِ.
وَإِن كَانَ بِمُقَابلَة كل مُسلم أقل من مُشْرِكين ٨ وَلكنه مَرِيض أولم يكن لَهُ سلَاح فَلهُ أَن يولي ظَهره، وَكَذَلِكَ لَو مَاتَ فرسه، وَلَا يُمكنهُ أَن يُقَاتل رَاجِلا لَهُ أَن يرجع لِأَنَّهُ لَا يجوز أَن يستسلم للْقَتْل ٩.
وَلَو لَقِي رجل من الْمُسلمين رجلَيْنِ من الْمُشْركين فِي غير الْحَرْب فَإِن طلباه
_________
١ - وَكَانَت فِي السّنة الثَّامِنَة لِلْهِجْرَةِ. انْظُر: تَتِمَّة الْمُخْتَصر ١١٩٧.
٢ - لم أَقف على هَذِه الرِّوَايَة فِي كتب السّنة وروى أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَأحمد رِوَايَة عَن ابْن عمر بِمَعْنَاهُ، وَقد أثبت الْخَبَر من كتب السِّيرَة. انْظُر: السِّيرَة النَّبَوِيَّة لِابْنِ هِشَام ٤٢٤، تَارِيخ الْإِسْلَام (الْمَغَازِي) ٤٩١، مُسْند الإِمَام أَحْمد ٢٧٠، ٨٦، ١٠٠، ١١١، سنَن أبي دَاوُد - كتاب الْجِهَاد - بَاب فِي التولي يَوْم الزَّحْف ٣٤٦، سنَن التِّرْمِذِيّ - أَبْوَاب الْجِهَاد - بَاب مَا جَاءَ فِي الْفِرَار من الزَّحْف ٣١٣٠.
٣ - (لَا يهْلكُونَ فَالْأَفْضَل أَن يثبتوا، وَإِن غلب على ظنهم أَنهم) سَاقِطَة من أ.
٤ - فِي أ: (فِيهِ) .
٥ - انْظُر: الْمُهَذّب ٢٢٣٤، حلية الْعلمَاء ٧٦٤٩، الْبَيَان ٨ل ٨ب.
٦ - سُورَة الْبَقَرَة آيَة (١٩٥) .
٧ - فِي ظ: (وَلَا يلْزم) .
٨ - فِي أ: (مُشْتَرك) .
٩ - انْظُر: رَوْضَة الطالبين ١٠٢٤٨.
1 / 303