القرآن من قوله ( والذين آمنوا أشد حبا لله ) وقوله ( يحبهم ويحبونه ) . فإن قلت وثارت نشمك الخبيثة : كيف تحب من لم تره وليس من جنسك فقد تحب الصانع لما يظهر من حسن صناعته فأنظر إلى بساطة وما فيه من بدائع النقوش والخضر والأشجار والثمار والأنهار وإلى الفلك وما فيه من الليل والنهار وشموس وأقمار وكواكب كبار وصغار فهذه آيات صناعة الصانع دالات على استمرار وجوده فسبحان صانع المصنوعات فترتيب نفسك إن عقلت أعظم مما رأيت وسمعت والذي يدلك وهو من أقوى الدلائل في محبته لذة سامع كلامه إذ هو معجز لا نظير له فيه يستدل على محبة المتكلم أما سمعت نظم الشعراء : و كاب قالت لأترابها . . . يا قوم ما أعجب هذا الضرير أيعشق الإنسان من لا يرى . . . فقلت والدمع بعيني غزير إن كان طرفي لا يرى شخصها . . . فإنها قد صورت في الضمير وأنشد الشيخ أبو العلاء المعري لنفسه رحمه الله : يا قوم أذني البعض الحي عاشقة . . . و الأذن تعشق قبل العين أحيانا إن العيون التي في طرفها مرض . . . قتلننا ثم لم يحيين قتلانا يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به . . . و هن أضعف خلق الله أركانا وأما الأخبار فكثيرة وقد ذكرناها في كتب الأحياء . وإشارة من جملتها كافية مثل قوله : كذب من ادعى محبتي ، وإذا جن الليل نام عنى ومثل قوله ' لا يزال عبدي المؤمن يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته صرت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به : الحديث وأعلم أن الحب والعشق وأحدو الأفضل فيه هو هيام العاشق بالمعشوق وهو النظر لاستحسان بعض الصور بطريق الولع به نار عن طريق بخار حاد من خاطر ذكي لو ذعي سبك نيران المجاهدة فظهرت أبخرة نيرانها من وراء مؤخرات الدماغ وظهرت ملوحات الفكر في العشق من متقدمات اليافوخ وفتحت مصاريع خلوة القلب فاقعد خيال المعشوق قبالة عين اليقين والنفس تصقل مرآة المجاهدة في نظر جمال المحبوب والأصل في المحبة هو المنادمة والألفة واستحسان كلام للمعشوق فعند ذلك تثور همة الطلب بقدح نيران الشوق فتستغلب عليه حالة العشق فيصير في الشوارع مجنونا ما صارت نيران الماليخو ليافخلط الكلام وأحترق البلاغم والأخلاط وصفقت سماء القلب لتجلي قمر المعشوق فيبقى العاشق والها والعا تائها في تجلي جلال المعشوق فإذا انكشفت البلاغم نارت عرائس القلب تحمل صواني نثار الإشعار ورقصت عرائس الآمال في مجالس الأوصال فزمر مزمار التمني . وضرب مزهر التأبي كما قال سابق الرجال : تمنينها حتى إذا ما تمثلت . . . طربت كأني قد دعوت ولبت تمنيتها حتى إذا ما رأيتها . . . رأيت المنايا شرعا قد أضلت تمنت أحاليب الرعايا وخيمة . . . بنجد وما يقض لها ما تمنت فلا تنسيا أن يعفو الله عنكما . . . و لوما إذا صليتما حيث صلت فيا ليتني أحجار حائط مسجد . . . لعزة إذ فيه تصلي وولت ثم هيج الغبار فترى بخار التمني ويقوى بخار العناء فترى التقسيم الواقع في القلوب فهنالك لا نوم ولا قرار ويظهر مبادئ النحول والصفار ويبرز أعراض السهر وتقدح نيران العشق لهزال سمان الأبدان . وينشد المغني من غير توان . وجه الذي يعشق معروف . . . لأنه أصفر منحوف ليس كمن أضحى له جنة . . . كأنه للذبح معلوف في الحديث ينادي مناد في كل ليلة ألا لعن الله رسول النئوم ابن آدم لهذا خلقت ؟ تقنع ليخف حسابك ويصح جسدك ويقل أمراضك وينصاح إعراضك ويقل منامك ويكثر ذكرك فيهديك محبوبك إليه فيجذبك إلى طاعته ويعصمك عن معصيته فأكثر من النوافل تفلح والسلام .
পৃষ্ঠা ৯১