بسم الله الرحمن الرحيم فاتحة الكتاب الحمد لله الأول في ربوبيته ، والقديم في أزليته ، والحكيم في سلطنته ، والكريم في عزته ، لا شبيه له في ذاته وصنعته ، ولا نظير له في مملكته ، صانع كل شيء مصنوع بقدرته ، المتكلم بكلامه الأزلي ليس بخارج من صفته ، أحمده على نعمته ، وأستعين به على دفع نقمته ، هو الله ربي وحده لا شريك له الواحد في ربوبيته ، الذي يختصر ، من يشاء برحمته ، ختم الأنبياء بمحمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وعترته . أما بعد : فلما رأيت أهل الزمان همهم قاصرة على نيل المقاصد الباطنة والظاهرة وسألني جماعة من ملوك الأرض أن أضع لهم كتابا معدوم المثل لنيل مقاصدهم واقتناص المماليك وما يعينهم على ذلك استخرت الله فوضعت لهم كتابا . وسميته بكتاب ' سر العالمين وكشف ما في الدارين ' وبوبته أبوابا . ومقالات وأحزابا . وذكرت فيه مراتب صوابا . وجعلته دالا على طلب المملكة وحائا عليها وواضعا لتحصيلها أساسا جامعا لمعانيها . وذكرت كيفية ترتيبها وتدريبها فهو يصلح للعالم الزاهد وشريك شرك المالك بتطييب قلوب الجند وجذبهم إليه بالمواعظ . فأول من استحسنه وقرأه على بالمدرسة النظامية سرا من الناس . في النوبة الثانية بعد رجوعي من السفر رجل من أرض المغرب يقال له محمد بن تومرت من أهل سلمية وتوسمت منه الملك وهو كتاب عزيز لا يجوز بذله لان تحته أسرارا تفتقر إلى كشف إذ طباع العالم نافرة عنها وتحته علوم عزيزة وإشارات كثيرة دالة على غوامض أسرار لا يعرفها إلا فحول الحكماء . فالله يوفقك للعمل به فإنه دال على كل ما تريد إن شاء الله تعالى .
পৃষ্ঠা ৮
المقالة الأولى في الملك
পৃষ্ঠা ৯
أعلم أن الملك عظيم وعقيم عليه وقع الاشتباك والمناقشة بين الصالح والطالح والخاسر والرابح فمنه يتشعب الحسد وكل عرض وغرض مزعزع فلا بد من أصل ومرتبة وتحصيل وصبر وجمع أموال لبلوغ الآمال وأم الغرر في تحصيله هو علو الهمة : كما قال معاوية رفي الله تعالى عنه هموا بمعالي الأمور لتنالوها فإني لم أكن للخلافة أهلا فهممت بها فنلتها . وقد سرت بك قصص الأولين فأنظر في أخبارهم وآثارهم فما بلغ أحد درجة الملك باب وأم غير قليل وكم نزع الملك من يد وارث مستحق مثل بيت نبينا محمد صلى الله عليه وسلم . فصل من قصة ذي القرنين وهو صعب بن جبل وأبوه نساج واسم أمه هيلانة : كان يتيما في بني حمير سمعت أمه ببيت الصنائع في مدينة قسطنطين فحملت أبنها إلى ذلك البيت فشاهد صورة الملك فوق الصنائع فقالت أمه يا بني اختر منها ما تريد فوضع يده على تاج الملك فانتهرته مرارا فلم ينته فنظر إليها يونان فقال لها أنت هيلانة وهذا ابنك صعب بن جبل فقالت نعم فقال آخذ عهد ذي القرنين وزمامه على أني وذربتي في أمانك فأنت الملك الذي تسحب ذيلك بطريق التملك شرقا وغربا فحملته أمه إلى أرض بابل كاتمة أمره فكان من بدو أمره وشواهد سعادته ثلاث منامات رآهن في ثلاث ليال فأولهن أنه رأى كأن الأرض صارت خبزا فأكلها وفي الثانية رأى كأنه قد شرب البحار وأكل طينها وفي الثالثة رأى كأنه رقى في السماء فقد نجومها ورماهن إلى الأرض وركب الشمس وسحب ناصية القمر فلما اجتمع بالخضر عليه السلام فسره عليه فبشره بنيل الملك الأعظم وستصحب نبيا وحكيما وكم من مثله . إن اعتبرت فاركب بسر علو الهمة وحصل الانتهاء ليتم لك كيمياؤها وصير عندك نديما كاتما مطلعا على كتبها أعنى بها كتب سر العالمين ثم حصل أرباب صناعة التقليب الذين هم علماء تقلب الكيمان قادرين على صبغ الأحمر والأبيض فان كنت قليل الرجال ضعيف العضد وقليل المال فكن كثير الفضل والعلم واتخذ لنفسك زاوية على طريق التزهد واجذب إليك تلاميذ وكثر عددهم واتخذ طريق الكرامات لينصبوا إليك واستهو الكبار واسلك طريق الصلاح وزنها لنفسك واختل فإذا هب نسيم سعادتك فاكشف لتلاميذك ما الناس عليه من الفسق والفجور وارتكاب مالا يجوز من كل أمر منكر وأمر أصحابك تستهوى وتجذب كل طائفة منهم لطائفة قوم آخرين فإذا أستقوت شر ذمتك فخذ الخواص من الناس باللين والموعظة والمعاندين بالجدل وأولى الغلظة بالغلظة ألم تر إلى بدو الإسلام . ( قل يا أيها الكافرون ) . فلما وصل إلى قمة السعادة قر سيفه : ( فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب ) . وعند الضعف والمسالمة أخذ الجزية والصلح : ( و إن جنحوا للسلم فأجنح لها ) . وعند ربح السعادة . وارتفاع إطناب خيم الإرادة : ( ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض ) . فكن أيها الطالب للملك على هذه الوتائر : وخاطب الناس على قدر عقولهم واظهر العدل واحترم أولي الفضل وأشبع الجند واجبر الكسير وانصف ولو من نفسك واشبع حجابك وحكامك وعض لك فإن لم تفعل سرت الرشوة إلى بطلان الحق وتعطيله وفشا ظلمك في الرعية ومالت القلوب عنك وربما ذهبت باطنا وظاهرا وأعلم أن المظلوم له همة تكون وافية في عكس أغراضك مثل همم أرباب الاستقامة فإنها مؤثرة في الفلك لاستجلاب ماء الغمام . وسأتلو عليك قصة السلطان ابن سملتكين وقد نفذ رسولا إلى ملك الهند وقال ما سبب طول أعماركم مع جحودكم للصانع وتكذيبكم للرسل والوسائط ، ونحن قصار الأعمار مع تصديقنا وإيماننا فقال ملك الهند لرسوله انظر إلى هذه الشجرة التي فوقها ثمرة لا أعطيك الجواب حتى تنقطع ثم أمر بالإدرار عليه وحسن الإقامة فضاق صدره وتعلمت همته بقلعها فلم يك إلا مدة قريبة إذ سمع هزة وقع ، والناس يهرعون ومشى معهم فإذا الشجرة واقعة والملك مفكر فلما بصر الملك بالرسول قال له اذهب فهذا جوابك وقل للسلطان هذه همة واحدة أثرت قلع شجره مثمرة فكيف همم جماعة من المظلومين لا تؤثر في قلع الظالمين إذ دعاء المظلوم محمول فوق الغمام . وقد ورد في بعض الكتب السالفة أنا الظالم إن لم أنتقم من الظالم . وأعلم أن العدل وبسط باع السلطنة بالهيبة مثل القتل والصلب والقطع يثمر الأمن وتمهيد الأرض وطمأنينة قلوب الرعية إذ السلطان ظل ربه في الأرض وملجؤها يأوى إليه كل مظلوم ولا تستهب وضع الشيء في مكانه إذ القتل أنفى للقتل : ( و لكم في القصاص حياة ) . وكان عمرو بن العاص صحابيا بدريا نبه معاوية رضى الله عنه وجسره على فظائع الأفعال بقصائده اللامية والنونية التي قال فيها معاوى في الخلق لا نفد له معاوى إني لم أبايعك فلتة فينا ولو مرة في الدهر واحدة و كم للشيخ عندي من خزايا . . . تدل لها المغازي والمخازي وطريق آخر في استدعاء المملكة وترتيبها وهو بذل الأموال وطريق آخر وهو بالسيف معقود لكنه مفتقرة إلى ترك الشح مع الجند وإجلا دعوة المظلوم ولا يتعرض إلى الشقوص الموقوفة ولتجعل للرعية والسواد في كل يوم مدة لمطالعة أحوالهم فقد يتشعب الظلم مع الغفلة لا سيما مع الحجاب والعمال ولتنظر في مخازي الكتاب فما كذبت بنت كسرى إذ سمته ديوانا ولتنظر في وقت العشى ما كتبه الكتاب بالنهار ، لا يتم عليه حيل أرباب الدساتير فكم من مظلوم عن حقه صد لغفلة الملك عنه . فإذا أردت أن لا تنحجب عنك حال فامنع الكلام وأمر بأخذ القصاص ووقع فيها بما تراه والله تعالى أعلم .
পৃষ্ঠা ১২
المقالة الثانية المنهاج
পৃষ্ঠা ১৩
إذا صليت صبحك تقعد في ذكر الله تعالى إلى طلوع الشمس ثم تأمر أهل دارك ومن حولك بما تريده من حوائجك من مأكل ومشرب ثم تركب لتسمع أو يلقاك محجوب . أو تلبى مظلوما أو تطلع على الحوادث ثم تعود وأنت محفوف بالقعقعة والسلاح والتحرز من طمع الأعداء تم تقعد في دار عيد لك لكشف المظالم وسماع الرسل تترك الناس صفين يمينا وشمالا والوسط مفتوح لئلا يحجب عنك منظور وصاحب حاجة وتسأل عمن تنكره ولا تستخدم من لا تعرفه إلا بخبرة أو ضمان أو تسليم إلى عقيدة وليكن لك جماعة من أرباب العلم والعقل والتجارب في الرأي والمشورة ووزراء خير لا فسقة فمن ليس بأمين لنفسه فكيف على سواه ثم تنهض من مجلسك في الظهر وليكن للملك عين في الديوان لما يجرى فإذا دخل منزله بسط الطعام ومد الخوان للجند والأخوان وليكن كثير التعهد والتفقد وجبر القلوب المنكسرة وليكن على الطبيخ أمين ما أساء إليه فان القلع ثمرة الإساءة ثم يأخذ طعم الطبيخ طابخه ثم حامله ثم واضعه عند الملك يغمس اللقمة في جميعه فقد مات شيرباز بن ذار بنصف تفاحة قطعت وقد مات شاسان بنصف قدح شراب سلم شريكه مع عطبه . وقد سم النبي صلى الله عليه وسلم بذراع مشوي للسر في محبته له لقرب المشرع من المسعى . وقد سم أبو لؤلؤة السكينة التي قتل ابن الخطاب رضى الله تعالى عنه وسم عبد الرحمن بن ملجم سيفا ضرب به قمة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه . وسمت حصار بنت خوجه بنت كعب الغساني زوجها الحسن بن على رضى الله عنهما وكان الأصل أنه شاء يوما حب عنب غير مغسول وكم مثل ذا في الدهر ما ليس يحصر وتحترز من السموم في طعامك وشرابك ولباسك ومنامك حتى منديل فراشك وليكن خارج العالم مجردا مسودا مداخلا في معرفة غوامض أحوالهم بالترسل والتجسس وكشف علوم من البلاد بجواسيس شارحة متنكرة مختلفة مثل فقير وصوفي وتاجر وطبيب وكتبة . وقد كان المأمون به أصحاب خير يستجلبون له أخبارا من الطرقية هكذا سنن الملوك .
পৃষ্ঠা ১৪
المقالة الثالثة السلوك
পৃষ্ঠা ১৫
ويستحب للملك سهر أول الليل إلى نصفه لقضاء المهمات والقصص المستورات . ونوم النهار عون على سهر الليل يذهب تعب السهر . والحمام من غير إطالة محبوب والتعهد بالأشربة الموافقة للأمزجة . وليحترز من تزوير العلائم ويمتحن ويستدرج فالخطوط تشتبه فأول داهية عثمان ابن عفان رضى الله عنه كانت من توقيع محمد بن أبي بكر رضى الله عنهما وهي مذكورة في سير الناس يتداول بها القصاص ولا يفضل السراري و النساء فقد يحصل من مراجيح الغيرة ما لا طاقة به فكم محمول على الغيرة ثمرتها أعظم من ثمرة الحسد ويجب على الملك أن يكون وحيدا لا أحد له من حيث السياسة ولا يركن إلى الأمن من خوف الذم فبرهان الشعر ظاهر من قوله : فلم تزل قلة الإنصاف قاطعة . . . بين الأنام ولو كانوا ذوي رحم ويجب عليه التعهد لأصحاب أبيه ولو كان فقيرا ومراعاة أصحابه الذين خانوا معه قبل سلاسل التمليك . فمن لطافة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كانت تتردد إليه امرأة يهودية فنهض لها قائما فقالت له في ذلك عائشة رضي الله عنها أتقوم لامرأة يهودية قائما قال هذه كانت تتردد إلينا في زمن خديجة رضى الله عنها وحسن العهد من الإيمان وبزيادة الشعر قادح . لا تلق في بئر شربت زلالها . . . قذرا فمنه يقال إنك غادر
পৃষ্ঠা ১৬
المقالة الرابعة ترتيب الخلافة والمملكة
পৃষ্ঠা ১৭
اختلف العلماء في ترتيب الخلافة وتحصيلها لمن أمرها إليه . فمنهم من زعم أنها بالنص . ودليلهم قوله تعالى ( قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد ) إلى قوله ( أليما ) وقد دعاهم أبو بكر رضى الله عنه إلى الطاعة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجابوه ، وقال بعض المفسرين في قوله تعالى : ( و إذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا ) . قال في الحديث : ' إن أباك هو الخليفة من بعدي ' وقالت امرأة إذا فقدناك فإلى من نرجع فأشار إلى أبي بكر رضى الله عنه ولأنه أم بالمسلمين على بقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والإمامة عماد الدين : هذا جملة ما يتعلق به القائلون بالنصوص ثم تأولوا لو كان على أول الخلفاء لا نسحب عليه ذيل الفتى ولم يأتوا بفتوح ولا مناقب ولا بقدح في كونه رابعا كما لا يقدح في نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ كان آخرا . والذين عدلوا عن هذه الطريق زعموا أن هذا تعلق فاسد جاء على زعمكم وأهويتكم فقد وقع الميزان في الخلافة والأحكام مثل داود وسليمان وزكريا ويحيى عليهم السلام : قالوا لأزواجه لمن الخلافة فبهذا تعلقوا وهذا باطل . ولو كأن ميراثا لكان العباس لكن أسفرت الحجة وجهها واجمع الجماهير على متن الحديث من خطبته في يوم عيد يزحم باتفاق الجميع وهو يقول : ' من كنت مولاه فعلي مولاه ' فقال عمر بخ بخ يا أبا الحسن لقد أصبحت مولاي ومولى كل مولى فهذا تسليم ورضى وتحكيم ثم بعد هذا غلب الهوى تحب الرياسة وحمل عمود الخلافة وعقود النبوة وخفقان الهوى في قعقعة الرايات واشتباك ازدحام الخيول وفتح الأمصار وسقاهم كأس الهوى فعادوا إلى الخلاف الأول : فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا . ولما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قبل وفاته ائتوا بدواة وبيضاء لأزيل لكم إشكال الأمر واذكر لكم من المستحق لها بعدي . قال عمر رضي الله عنه دعوا الرجل فإنه ليهجر وقيل يهدر فإذا بطل تعلقكم بتأويل النصوص فعدتم إلى الإجماع : وهذا منصوص أيضا فإن العباس وأولاده وعليا وزوجته وأولاده لم يحضروا حلقة البيعة وخالفكم أصحاب السقيفة في متابعة الخزرجى ودخل محمد بن أبي بكر على أبيه في مرض موته فقال يا بني ائت بعمك لأوصى له بالخلافة فقال يا أبت أكتب على حق أو باطل فقال على حق فقال توصى بها لأولادك إن كان حقا . أولا فقد مكنتها بك لسواك ثم خرج إلى علي . فجرى قوله على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم قوموتي لست خيركم أفقال هزلا أو جدا أو امتحانا فإن كان هزلا فالخلفاء منزهون عن الهزل وإن قاله جدا فهذا نقض للخلافة وإن قاله امتحانا . ( و نزعنا ما في صدورهم من غل ) . فإذا ثبت هذا فقد صارت إجماعا منهم وشورى بينهم هذا الكلام في الصدر الأول أما في زمن على رضى الله عنه ومن نازعه فقد قطع المشرع صلى الله عليه وسلم طول كم الخلافة بقوله عليه الصلاة والسلام إذا بويع للخليفتين فاقتلوا الأخرى منهما والعجب كل العجب من حق واحد كيف ينقسم ضربين والخلافة ليست يحسم ينقسم ولا بعرض يتفرق ولا بجوهر يحد فكيف يوهب ويباع وفي حديث أبي حازم أول حكومة تجري في المعاد بين علي ومعاوية فيحكم الله لعلى بالحق والباقون تحت المشيئة وقول المشرع صلى الله عليه وسلم لعمار بن ياسر : ' تقتلك الفئة الباغية ' فلا ينبغي للإمام أن يكون باغيا . والإمامة لا تليق لشخصين كما لا تليق الربوبية لاثنين . إنما الذين بعدهم طائفة يزعم أن يزيد لم يكن راضيا بقتل الحسين . فسأضرب لك مثلا في ملكين اقتتلا فملك أحدهما أفتراه يقتله العسكر على غير اختيار صاحبها إلا غلطا ومثل الحسين لا يحتمل حاله الغليظة لما جرى من القتال والعطش وحمل الرأس إجماعا من جماهير المشعرين وقاتل الأمة المغنية حيث مدحت عليا في غنائها أفتراه قتلها بغضا لعلي أم لها . وقول يزيد بن معاوية لعلي بن الحسين زين العابدين أنت ابن الذي قتله الله قال أنا ابن الذي قتله الناس ثم تلا قوله تعالى : ( و من يقتل مؤمنا متعمدا ) فتراك يا يزيد تجعل لربك جزاء جهنم وتخلد فيها وتغضبه عليه وتلعنه وتعد له عذابا أليما فإن قلت إن هذه البراهين معطلة لا يحكم بصحتها حاكم الشرع فنقول في حججكم مثل ما تقولون ثم إجماع الجماهير بشتم على ألف شهر على المنابر أمركم الكتاب أم السنة أم الرسول ثم الذين من بعدهم ممن غيرهم أخذوها نصا أم سنة أم إجماعا لكن قد أخذوها بسيف أبي مسلم الخراساني فانظروا إلى قطع أعمالكم بسيف المشرع حيث قال لكم الخلافة بعدى ثلاثون ثم يتولى ملك جبروت بقوله للعباس رضى الله عنه يا أبا الأربعين ملكا ولم يقل خليفة والملوك كثير واحد في زمانه فيا أيها الطالب للملك حصل الإله وحمل الإله والذل واصبر وأحذر واقرب وطول واحتمل وصالح حتى تقدر والله تعالى أعلم المقالة الخامسة قواعد المملكة إذا أردت ترتيب ملك في الملك فاشتهر رجال الدول بعد تحصيلك المال ثم تابع وشايع وأدلك بعضا على بعض للجذب فهو كما قال المتقدمون . إذا هبت رباحك فاغتنمها . . . فعقبى كل خافقة سكون واجعل قواعد المملكة على الكبار على هيئة ترتيب الجسور والقناطر لتجوز عليها أن تناول أغراضك فإن وجدت مشاركا فداوه بأنواع المعالجة وآخر الدواء الكي ثم انظر إلى دستور عدد الجند وعدد القرباء ومعرفة الداخل والخارج والزيادة واستعرض الجيش في سنتك ثلاث مرات واجعل طلائعك أربعمائة نفر من أمنائك ، وإذا أردت الغزو فأشع الخبر فإذا وجدت أو طفقت إلى مضاق ترتب جيشك صفوفا وراء صفوف وحمل مع أصحابك ليبذلوا السيف في الصف المنهزم من أصحابك وكن مشرفا عليهم من نشز ولو نصبت أعلامك زورا من غير حمل وادخر لنفسك أجود الخيل والرجال . وأعلم أن من خامرك في الأول هو يخامرك في الآخر ويؤفك معك . وبددها أن شئت في العسكر وابرك كمينا من أجود رجالك فإذا وجدت ألفئ في القتال فاستجر الأعداء إلى قريب الكمين وليكن بينكم علامة فإذا عزمت إلى قتال قومك فعجل ولا تطل في مكث مكان خوف الفشل والمفاسخة كما عمل ذو القرنين في عسكر دارا فأفشلهم وبذلهم وفسخهم وبرطلهم فتقدم وأعلم وكن بذالا لا متأخرا وأنظر في دساتير الرحيل فكثر إن شئت وقلل ولكن لك عين على معرفة القائلين والغم على من قاتل واعزل عن الجبان على الهوينا ثم احتسب على خزائنك وخزانك بمعرفة ما فيها وما ينقص ، ويزداد وإن لم يكن لك بد من التزويج فاستند إلى أموال ورجال ودين وجمال وإن كان الشرع قد أمر بذات الدين . وأعلم أن الملك بغير جواسيس وأخذ أخباره كالجسد الذي لا روح فيه وحصل آلات الحصون مما يحتاج إليه في الضيق فإنك لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا . ولا تتم لهيئة الرعية واختلاف الجند . وامنع الفقهاء عن الكلام في الفتن وأمر ثوابك أن ينظروا كما عند الخلق من الأطعمة في المحل ولا تمنع الناس من تحصيل الأطعمة فإنه لك والناس عند الحاجة وأنظر فيمن امتنع عن الزراعة إن كان لفقر فقوه لم إن كان لظلم فانصره كما قال ملك الهند أنا أفرح لكثرة دجاج البلد فأنه فرع الإمارة وأغتم لكثرة الخاطبين خوفا من ظلم المقاطع وقد كان ذو القرنين يحوى دساتيره على أعداد الغرباء وتسلم عليه المرأة بقدر من اللبن فإذا رآه سمنا ضحك لجودة الربيع وكان يقول أنا أمسك الفلاح إذا أخذ مثله وأميل المقطع فأخذ معناه إنما المقطع بالخير فان لم يجده انتقل والملك بفلاحه إذ هو خزانة وبه يسطو ويجيد وينعم ويطلق وينظر في الخزائن والأمراء . وإذا قدر على تبديل الطعام . بغيره فليفعل فقد كان المأمون يستعرض السلاح والآلات مثل الخيم والمجانيق حتى قال لأمير دوابه رتب مخاليك كما ترتب معاليك .
পৃষ্ঠা ২২
المقالة السادسة في ترتيب الولاة ل
পৃষ্ঠা ২৩
ا ترتب في الحصون إلا وليا شفيقا رفيقا بالخلق ولا تكلفه ثقلا فتستنقضه من بلدك وأشبعه وجند الحصن وأنظر في مراكز خيره ومائه وحرسه وسوره وتذلل حراسك في البروج وطف بنفسك أيها الولي على أعلى سورك ولا تخالط جندك بالليل خوف المخامرة واسأل عن أعدائك ولا تحقر القليل فإن الذبابة تقتل . جملا وكم من عقرب أمات الأفعى لسعها كما قيل . و لا تحقرن أبدا صغيرا فربما . . . تموت الأفاعي من سموم العقارب وأحذر من مكر ذي الأجن فقد قيل : و إن الجرح ينغص بعد حين . . . إذا كان البناء على فساد ولا يكون الوالي شريب خمر وهكذا الأمير فلو حضر في مجالسهم فليحاكم بالجلاب ففي الخمر بلايا وآفات وزلازل عقل وحدوث بلايا وإظهار حقود إذ صاحب الملك مرموق بالحسد : قال النجاشي لجعفر بن أبي طالب رضى الله عنه كيف سيرة نبيكم في الأكل مع أصحابه فقال يأكل على الأرض فقال ذلك تواضع لجذب قلوب أصحابه فقال النجاشي لو كان ملكا لأكل وحده على خوانه في مجمع معروف له وزبادي مخصوصة ثم الورق إن كان مقطعا فمعروف وإن كان ذهبا فشهر بشهر ولا بأس بالسلام عليه وهو موصول بهم والمعاهدة لرسل الملك وإقامة ناموسة عند الغرباء والمنشدين والقصاد ، وكان سليمان يقسم أسبوعه بعضه للجند وبعضه للقضايا وبعضه للعبادة وتذكار الحكم والنساء . كما يقول يا أرباب المملكة عليكم بأهل العلم والصلاح فإنهم يرشدونكم إذا ضللتم ويعرفونكم إذا جهلتم ويستعطفونكم إذا غضبتم وينفقونكم إذا حرمتم وقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب : فلا تصحب أخا الجهل . . . و إياك وإياه فكم من جاهل أردى . . . حليما حين آخاه يقاس المرء بالمرء إذا . . . ما المرء ماشاه و للشيء على الشيء . . . مقاييس وأشباه و للقلب على القلب . . . دليل حين يلقاه وليقل الملك المنادمة والمسامرة والقليل من الهزليات والمضحكات وليكن وزيره قابلا قائلا بالعلم والصلاح منزلا للناس في طبقاتهم فلا تنظروا في حسن البزة مع عموم الجهل فقد نقل إلينا أن بهلولا دخل إلى مجلس هارون فجلس في أدنى المجلس فقال له هارون أرفع رأسك إلى صدر المجلس فقال البهلول مجلسي يفنى فأين صدره ثم أنشد كن رجلا وأرض بصف النعال . . . لا يطلب الصدر بغير الكمال فإن تصدرت بلا آلة . . . جعلت ذاك الصدر صف النعال ومن جملة قبول الملك أن يختار لنفسه طعاما يخصه وقد كان المأمون يحب المأمونية ومهلب العراق يحب المهلبية وكان بنو أمية يكثرون من أكل الهرايس والزلابيا ولم يغسلوا اللحم بل يكسفون الجلد فيأخذون من تحت الجلد ما يختارون فيتداوون الأيدي بزفر اللحم . وقد روى أبو طالب المكي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال شكوت إلى أخي جبريل حين ضعف الوقاع فأمرني بأكل الهرايس فوجدت لظهري بها خيرانا . وقد كان ذو القرنين يحب الزر باح لتسكينها للخلط الصفراوي ووجد بخارا حارا تولد عن صفراء فانزعج له جبينه فمزج بالبطيخ ماء وعسلا وخلا فشربه فقال سكن جبيني فسمي بذلك الاسم وكان يخلط خشن الدقيق وناعمه فيتخذ له منه خبزا فقال الحكيم من جوشك أراد الخبز الجريش للمعدة الضعيفة أو الحلقة البلغمية أجود وأعود والخبز السميد يورث الخفق وهذا مشاهد عيانا من عمل القفاع .
পৃষ্ঠা ২৫
المقالة السابعة في ترتيب حاشية الدولة
পৃষ্ঠা ২৬
يستحب للفراش أن يكون رشيقا خفيف النفس ظاهر القوة طيب الريح عارفا بترتيب الخبز والخضروات كامل العدة وهكذا تقول في الطباخ والشرابي ويكون دار شربه كامل المشارب من الماء البارد والأشربة والقفاع السك السكنجيني وشربه نافع بإذن الله تعالى على الريق وهو محمص للطعام مفتح للجوف . وأعلم أن آداب أهل التصوف في المآكل والمشارب هي آداب الملوك . وترك إبراهيم بن أدهم كبر الملك ومسك آداب الطعام والائتدام بالحوامض أولى والركابية والسعاة خفاف السرعة شباب . وهكذا جميع المقاتلين والشيوخ المعنية بالرأي ويحط العسكر في نشز من الصدر أولى للتحصين . واغتنام الأهوية . والخمول في الشتاء أجمل والتهيئة لما يختاره في الصيف ورحل السلطان لقلاقل السفر عند نزول الشمس في السرطان وسكونه عند نزولها آخر القوس إذ فصول السنة أربعة فمن نصف حزيران إلى نصف أيلول صيف ثم إلى نصف كانون الأول خريف ثم إلى نصف آذار شتاء ثم إلى نصف كانون الأول خريف ثم إلى نصف آذار شتاء ثم إلى نصف حزيران ربيع . وهكذا أقسام منازل الشمس والخبر النبوي يؤيده إذا انتصفت الشهور تغيرت الدهور فإن ركب بعد صلاة العصر وإلا قعد لكشف المظالم أو لكتب القصص . وهو يسمعهم في عزلة : كان السابقون من الملوك إذا قعدوا للسلام يقعدون وراء شباك ويدخل من شاء إليهم خوف الاغتيال في المزاحمة ويفتش على غوامض ما يجري حتى يكون له صاحب خبر في البلد يرفع الغث والسمين ويستحب أن يطالع كتب الطب والتواريخ وشاهنامة العجم وقصص التابعين للعجم والديلم مثل ما جرى للشهرباز درستم زاد وكان النبي يومئذ سليمان عليه السلام فأوقع الوقائع بينهم حتى هلك بعضهم ببعض وليكن مع الملك جنود لحذر ما يجرى ، وحفظه في الحمام فكثير هلكوا فيه . وحمام داره أجمل . وعليكم بكتم مرضه وموته حتى يستقر الملك فيمن شاء الله من عباده بعد البيعة والمتابعة وتقرير القواعد . وكن أيها الملك مسارعا في الثناء والثواب فإنه الذكر المخلد واكثر ما تنظر في كتب ابن أبي الدنيا وتواريخ الطبري ومذهب الشافعي أو ما تختار من المذاهب ولا تظهر البدعة ولو كانت فيك كالأسرة وسوبويه هلكوا بمتابعة الأهواء وللنعم أجنحة الأجر فقوها بالشكر . واجعل بينك وبين الله طريقا إلى الصلاح فقد حكى أن ملكا قمع ملك الموت عنانه فقبضه على ما يريد . وأن ملكا صالحا أتاه ملك الموت فأسر إليه في أذنه فقال مرحبا بك فأنت أطيب القادمين وخير النازلين وأحب المنتظرين فأفعل ما أمرت به . فقال ملك الموت لا أقبضك إلا على ما تختار فتوضأ وسجد فقبضه في سجوده والله تعالى أعلم . فصل من لطائف الحكايات الملكية أن محمود بن بويه لما ملك أرض العراق أعطى ألف دينار لفراش له وقال اذهب إلى مدينة أصفهان إلى . شارع السلطان ، ففي صدر الدرب بيت فيه شيخ وعجوز ادخل إليهما فسلم عليهما وقل لهما ابنكما يقول لكما ، كيف أنتما من وحشة فراقه فلما وصل إليهما فأخبرهما قال . خذ ما جئت به لك قال الغلام أنتما فقيران وبكما حاجة إليه فقال الشيخ غني غني النفس باق ثم تنفس وتمثل بهذه الأبيات . على ثياب لو يقاس جميعها . . . بفلس لكان الفلس منهن أكثرا و فيهن نفس لو تقاس ببعضها . . . لا نفوس الورى كانت أجل وأكبرا و ماضر نصل السيف أخلاق عهده . . . إذا كان عضبا حيث وجهته فرى ويستحب أن يكون مغنى الملك مغنيا ندي الصوت شجيا لا خارجا ولحانا ، عالما بالأصوات ثقيلها وخفيفها وهزجها ورملها وصوفيها ، وأصواتها الثقال مثل قول أبي الشيص أجد الملامة في هواك لذيذة . . . حبا بذكرك فليلني اللوم ومثل قول أبي نواس في الوزن شرك النفوس وعصمة ما مثلها للمطئن وعقلة المستوفز إن طال لم يهلك وإن هي أوجزت ود المحدث أنها لم توجز وفي المستهل والعمل شعر عاشق بني عامر مجنون ليلى : فإن تك نارا فهي في جنب ملتقى . . . من الريح يذروها ويصفقها صفقا لأم عدى أوقدتها طماعة . . . لأوبة سفر أن يكون لها وفقا وحط بها رحلى قليلا فإنها . . . لأول أطلال عرفت به العشقا وليكن المغنى عالما بطريق الأغاني مطلعا على كتب الموسيقى الموضوع للرئيس على بن سينا وقد شرحنا في كتاب السبيل لأبناء السبيل وسأذكر ، لك نكتة منه فأقول كما قيل إن . لدوران الفلك أصواتا لو سمعها عاقل أو لبيب لما ثبت . ومنها أخذ موسى ترجيع النغمات من المربع والمسدس والمثمن ، والنصارى عملوا ببعضه . فالألحان للروم والتجنيس للعراق . والزقالق للعجم والطبول للزنج أو الحبشة . والبوق لليهود وهو سبعون دستا مثل . دستان الرحيل يقول في وزنه : اركب فأنت المظفر . اركب فالله أكبر . ودستان الحرب والنزول وغيره . وقال سقراط اشتباك نغمات الأصوات من هياكل العبادات تحل وتعقد في الأفلاك الدائرة : مثل همة إصابة العين والسحر والاستسقاء وسنذكرها في مواضعها ، وكن مع الملك كما قال بعض الحكماء . إذا خدمت الملك فالبس . . . ممن التوفي اشد ملبس وادخل إذا ما دخلت أعمى . . . واخرج إذا ما خرجت أخرس
পৃষ্ঠা ২৮
المقالة الثامنة في الوزير والحاجب والكاتب
يعقد الوزير في دسته وحاجبه على رأسه ولا يلاصقه أحد في المنعة وكتابة لديه والمجلس ملآن هيبة ووقارا والحوائج إلى الحاجب والرفع إلى الكتاب والاطلاع إلى الوزير ورفع الأمر إلى الملك فأول ما يبدأ بمصالح الحاشية بعد الملك والوزير حتى إلى التقليد وقيل لا يحضر الملك الجمعة إلا في مكان معزول في مقصورة له خاص ، وأصحابه في دائرة المقصورة من خارج والباب مغلق وعنده من يكون إليه ويخرج هو وأصحابه في آخر الناس في باب له . وليكن له يومان ني الأسبوع للختم والزيارة ثم يقرأ له بعد الصبح فلا يعجلون حتى يفرغ الآخر ثم يقرأ التوبة فإذا فرغوا وعظ وأنشد المنشد ثم يقرءون : قل هو الله أحد والمعوذتين والفاتحة . وألم إلى المفلحون . ثم يختم الإمام بتصديقه حقيقة ويدعو للملك والمسلمين وليكن للملك في الأسبوع خلوة عبادة وتذكار والنظر في الحساب والأموال والنظر في دساتير البلاد . والله أعلم .
পৃষ্ঠা ২৯
المقالة التاسعة في ترتيب الخباز والطباخ والقصاب
পৃষ্ঠা ৩০
لا يكن القصاب عددا في الدين فإنه لا يتحرى من النجاسة وهكذا الخباز والطباخ ويتفقد المعاجن وآلات الطبخ والدقيق واللحم وليكن الطباخ عالما بصناعته وعنده كتب الطبائخ لكشاجم والأشربة والأدهان والحلاوات والريح الطيب والألوان الغريبة وحسن المآكل وأطيبها وأنفعها وأقواها للعافية وهو لحم مرضوض مقلو مرشوش بالمياه الحامضة يحشى به العجين فيقلى . وأطيب الحلاوات ما كثر خبزه . وانفع الهرايس لمن به حرارة المزاج وهو اللون النوني من البزرة يقلى وقد هجرت الألوان الظريفة باستيلاء الترك واتخاذهم السنبرشح والعرائس والسالة والطظماج والسترك والبورك المعمول باللحم والحوائج الحادة المعمولة في العجين فإذا كنت ذا فنون في طلب الطبائخ فاتجه لكتبها وقد ذكرتا طرفا منها في آخر كتاب السبيل . وإذا أردت العقلية فعليك بكتاب المقاصد وكتاب النجاة للرئيس وإن شئت فيه الغاية القصوى فاطلع على الكتب الأصولية الدينية خاصة كتب شيخنا إمام الحرمين مثل المحيط والإرشاد ومن كتبنا النافعة في ذلك كتاب الاقتصاد في الإعتقاد . وكتاب قواعد العقائد من أول كتاب الإحياء والرسالة القدسية . وإذا أردت الطب فكثير . وأنفعها ما عمل به من الكتب واطلع على جميع العلوم الشرعية لتعلم الحق من الغي والهوى والله تعالى أعلم ثم نرجع إلى تحرير مقامات العمال : لا تستخدم في العمالة إلا عارفا بفنون الحساب والجبر والمقابلة والمساحة بحيث لو قيل له ما تقول في أرض ذات زوايا لا يقدر على حفظها بحائط ولا قصب : قال تذرع بالذراع والشبر ويمتحن في علم الحساب كما يمتحن الكتاب والرسالة والأجوبة وكتب الدساتير فإن ولعت برسالة ابن عباد والصابى فلا بأس بأخذ الزبد وليكن صاحب الإنشاء كثير الفضل والتوقف في الديوان في الزمان القصير وفي الزمان الطويل إلى النزول من الركوب ثم يحاسبهم على ما إليهم ويستوعب من كل القرباء ويسأل عن المظالم ولا يكن ملوما ولا ضجورا ولا صخابا ولا طياشا ولا لقابا وقالوا يجوز له لعب الشطرنج ولا يلعب بالزهر لأنه يخرق الحرمة بالقمار . فقد ذكر أن أزدشير لما أخرج النرد قيل له ما يستحق إلا قطع اليد قال سأقطعها بتركه كما قيل للحجاج بن يوسف وقد شكى إليه من أكل التراب ألق عليه من همتك وعزيمتك فلم يأكله بعدها أبدأ وأعلم أيها الملك أن علو الهمة مع الصبر حتى في الصوف واختلافه في الثمن كل ذلك بالهمة والخدمة ألا ترى إلى قول أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه : بقدر الكد تكتسب المعالي . . . و من طلب العلا سهر الليالي تروم العز ثم تنام ليلا . . . يخوض البحر من طلب اللآلي لنقل الصخر من قلل الجبال . . . أحب إلى من منن الرجال و قالوا للفتى في كسب عار . . . فقلت العار في ذل السؤال إذا عاش الفتى ستين عاما . . . فنصف العمر تمحقه الليالي و ربع العمر يمضى ليس يدري . . . أيقضى في يمين أو شمال و ربع العمر أمراض وشيب . . . و شغل بالتفكر والعيال فحب المرء طول العمر قبح . . . و قسمته على هذا المثال
পৃষ্ঠা ৩১
المقالة العاشرة في المعاملة
পৃষ্ঠা ৩২
أعلم أيها الملك إذا أردت معاندة الملك فاعتبر جيشك وخلصه من المواطأة والنفاق ثم زن مالك فإن قدرت على مشاركته فلا تبدده بالغي وقلل ذلك وافتح له أبوابا موجبة . وإن خفته ولا طاقة لك به فمل إلى مصالحته فالزمان يدور كالكواكب . وحبب من قدرت من أصحابه ولو برشوة . وفاسخهم وألق بينهم وكاتب بعضهم على بعض وإن خفت أحدا من دولتك فداهن وسلم وتواضع فربما تجد الأمل وإذا كشر الزمان فاصبر لعضه فلا بد أن يبتسم لك وإن عزمت على حصار مكان فأوقع الخلاف في الحصن : كتب سليمان إلى رستم أما بعد فإني لأخشى عليك من مخامرة الذين معك فربما يسلمونه لأعدائك ثم كتب إلى كبار أصحاب رستم خافوا على أنفسكم وهذا خطة إلى في اغتيالكم وقد زعم أنكم نافقتموه فإن سلم حصنه إلى شهرباز فلا تكون الدائرة إلا عليكم . فلما قام القتال بينهما فروا جميعا إلى شهرباز وكمن سليمان عليهما بعد الكسر وسهم بأصحابه فقتل رستم وقبض على شهرباز ومر السيف على الفئتين فأصابهم مثل نوبة بني إسرائيل مع بختنصر : أوقع الخلاف في الحصن ، فتحمل النساء على فجأة المبارزة تسجن على ذلك أو أقطعه للذين لا خير لهم ولا تنهبهم فتنصف بنفسك من نفسك فتكون كالذي طابت له حلاوة العسل فعمد إلى خرا بكوارة النحل فتكون أشقى الثلاثة بروح المظلوم بالثواب والظالم بالانتهاب وتظفر أنت بمرارة الحساب ومتى يعم الخراب يا غراب . ثم تكتب إلى أهل الحصن ولو في نشابة من أراد خيره فلينزل إلينا في قدر ذلك الحصار فيكن في حزيران واحفظ البلد بالمقطعين من السياسة واللائذين بالدواب وليكن لك في كل قرية علامة وعاقب المخالف بأنواع ما تريد ما لم تجاوزا لنصفه ومد المشتري ثم انصب الأخواص وشرع الثياب وصواني فيها ذهب وفرق القتال في حنيات الحصن وامنع خروجهم ودخولهم خوف الاغتيال . وقد كان صلى الله عليه وسلم في عام خيبر مكنهم من الخروج أطعمهم وخرج الأكثر منهم ثم منعهم من الدخول . فإن اتفق له جهة أخرى ترك على الحصن مقطعين مع طائفة من خواصه فإن اتفق قتال نقب ورزق ومنجنيق فافعل ورهب وغزغز رمحك وتقعقع وليكن باطنك على أهل السواد سليما والله تعالى أعلم .
পৃষ্ঠা ৩৩
المقالة الحادية عشرة في العسكر
পৃষ্ঠা ৩৪
افتقد آلات سفرك قيل خروجك وناد في سفرك لعسكرك بالإعلام قبل الخروج بمدة واترك بعدك من يتفقد الناس وليكن عندك صناع فيما تحتاج إليه وليكن لسوق عسكرك أمناء تحفظه بالتغليظ في السياسة وليكن وزيرك عالما بكتب أرباب السياسات مثل الممالك والمسالك وسياسات المعري التي أودعها الرئيس في آخر كتابه المسمى بالأدوية القلبية وكتاب قوانين الملك لابن مرة ويقتنى مثل كتب البيزرة لكشاجم ، وكتب البيطرة لابن قتيبة والمنهل الروي فهذا يحتوي على أصناف البزاة وأدويتها ودائها وأصناف الخيول ستون صنفا . وكان الاسكندر ينظر الدابة فيعرف مرضها وهذا هو الطب الأصعب إذ لا يمكن فيه من المساءلة وكان يقف في شباك له أو خيمة مشرفة على الدواب وعلفها فقيل له أتباشر هذا الأمر بنفسك فقال نعم لأنها لنفسي وأمغص له فرس فسقاه ماء الأشنان مبردا فهدأ . ومن جملة الخواص تمشيتها على قبور أهل الذمة فقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال : تسمع من قبور أهل الذمة صعقات الانتقام وصراخهم من تحت فتفزع وتشفى وهذه الخواص كثيرة من الحيوان والنبات والجماد فقد ذكرنا أشياء منها في فصول هذا الكتاب . وقد روى أبو هريرة رضى الله تعالى عنه قال لما فتح عمر بن الخطاب رضى الله عنه مدينة القدس وأمر فيها عبد الله بن مسعود نأتيته مهاجرا إليها فدخلت عليه فلم أر له حاجبا ولا بوابا فسألته عن ذلك فقال سيظهرها عثمان ثم تسمعون بمنزلها ثم رأيته ينقى شعير فرسه بيده فقلت له في ذلك فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ' من افتقد قضيم دابته بيده ونقاه بيده كان له بكل حبة عشر حسنات ' أفتراني أعطى هذا الثواب لغيري افتقد نفسك وما ينجيك هو خير لك من كبرك الذي يطغيك . ومثل هذا نقل عن أبي حازم قال دخلت على عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى فأخذ المصباح ينطفئ فقلت أما أنبه غلامك فقال لا فقلت أقوم أنا فقال لا ، ثم قام عمر وأصلحه ثم قعد وهو يقول قمت وأنا عمر وقعدت وأنا عمر قبحا لوجوه المتكبرين ثم أنشد . إذا عظم الإنسان زاد تواضعا . . . و إن لؤم الإنسان زاد ترفعا كذا الغصن أن تقو الثمار تناله . . . و أن يعر عن حمل الثمار تمنعا
পৃষ্ঠা ৩৫