সিরাত মুলুক তাবাসিনা
سيرة الملوك التباعنة: في ثلاثين فصلا
জনগুলি
وهكذا استراح الجميع مستبشرين بذو اليزن أو «ماء المزن»، الذي عرفه الجميع محبا أولا وقبل كل شيء للعلم والبحث في أغوار كنوزه ومخطوطاته التي لا تنضب، لكن وبما لا ينفي فروسيته التي شاعت عنه أيضا منذ مطلع شبابه، مثل خوضه مباريات الفروسية العربية، والتي لا تبعد كثيرا عن الطراد والنزال، بل والحرب عامة باعتبارها رياضة العرب القومية.
إلا أن ما اتفق عليه الجميع، هو مدى سماحته وانشغاله بأمور الناس وما يفيد وييسر حياتهم من إنشاءات لسدود وطرق استجلاب الماء وتصريفه وكيفية التحكم في مساره ومجراه بما يحقق الرخاء والاخضرار للناس والدواب.
وهي مشرعات السدود والتحكم في مناسيب المياه باعتبارها مصدرا لكل حياة ونمو.
فجاء اعتلاء «ذو اليزن» عرش التباعنة أقرب إلى بلسم أراح الجميع، وأخصهم بالطبع أهل العلم الذين التفوا من فورهم حوله معضدين مستبشرين، فلعل في قدوم هذا الشاب الصلد العف ما يحد قليلا من تسلط تباعنتهم وطموحاتهم التي لم تكن لتقف عند حد، على طول المشرق والمغرب على السواء.
وعادة ما كانت تنتهي تلك الأعمال الكبيرة من حروب وهجرات - والتي تتخذ من طموحاتها مجرد مطايا لبلوغ الآمال، تحت أي شمس وموطن، من مجاهل الصين حتى تخوم مصر - بكارثة لا يعرف لها أحد مدى تقف عنده، سوى أنها - أي تلك الكبوات والانتكاسات - كانت تصيب الجميع بلا استثناء من كبير إلى صغير.
ومن هنا توسمت القبائل اليمانية في التبع الجديد «ذو اليزن»، شيئا مخالفا عمن سبقوه من أسلاف، فلعله سيأخذ بالمشورة أو الشورى التي غابت عن أسلافه التباعنة على طول تاريخهم الغابر، بل إن هذا بذاته ما أصر عليه وزيره وناصحه الأول الذي اتخذه هو بنفسه - ذو اليزن - بمعزل عن عمة أبيه ذاتها، وهو المعلم والشاعر الحكيم «يثرب».
فكانت علاقة ذو اليزن بيثرب أكثر من مجرد التوقف عند النصح وإسدائه، خاصة والتبع الجديد، كان لا يزال حديث السن، لم يتعد التاسعة عشرة من عمره حين وقع عليه الاختيار، ليلعب دور المنقذ في حكم حمير وسطوتها التي تخطت جزيرة العرب شمالا وجنوبا.
فالعلاقة بين التبع الجديد - الشاب - وبين وزيره الشيخ المتمرس يثرب، تخطت دور النصح، لتلتقي عند النظرة الواحدة والرأي الواحد في معظم الأمور التي غايتها إفادة التحالف وتوثيق عراه أكثر فأكثر.
واتضح هذا للجميع منذ الوهلة الأولى، أو منذ أول كارثة واجهها «ذو اليزن» كملك لحمير، وهي كارثة اغتيال عمه - حسان - وابنه غدرا، واتساع صدى الدعوة التي تبنتها - قبل الجميع - عمته البسوس مطالبة بالثأر والانتقام.
هنا فقط تطابقت وجهتا نظر كل من ذو اليزن ووزيره يثرب، وهو ما ضاعف من اشتعال نيران أحقاد البسوس إلى حد إعلان غضبها عليه وعلى وزيره «يثرب». - يا للخنوع المزري! ماذا دها حمير؟
অজানা পৃষ্ঠা