সিরাত মুলুক তাবাসিনা

শওকি আব্দুল হাকিম d. 1423 AH
123

সিরাত মুলুক তাবাসিনা

سيرة الملوك التباعنة: في ثلاثين فصلا

জনগুলি

وهكذا ارتفعت الدعوات وعلت الأماني بأن ينال ذلك الملك الرحيم العفوف - ذو اليزن - يوما مبتغاه، خاصة وقد تكاثرت أطماع الأحباش وملكهم المتآمر المعادي للعرب سيف أرعد ووزيره الشرير «سقرديون».

لذا استبشر الجميع في ربوع اليمن والجزيرة ومصر وما بين النهرين والمغرب الكبير بتلك الخطوة التي أقدم عليها التبع، بعد طول زهد في التفكير في الزواج والإنجاب، ولو من مدخل الحفاظ على ذلك الرمز الذي استقر تحته الجميع كمظلة آمنة تشد أزرهم ضد أي عدوان مبيت.

فالملك ذو اليزن ذاته بدا في سنواته الأخيرة رافضا للحرب والعدوان، لا يشغله شيء سوى إنشاء مشاريع شق الأنهار واختزان الماء بتشييد السدود والخزانات والمنشآت التي تتيح لتلك الأفواه الجائعة الحياة والنمو والازدهار، بالإضافة إلى أحلامه في نشر العدل والأمن للجميع، حتى لهجت الأفواه من أقاصي الأرض بالحب والثناء له. - شدد الله ساعد ذو اليزن الرحيم الضارب، وجرت مراسيم عرس التبع باحتفالات باهرة على طول مدينة - أحمرا - وعرضها، وكان أكثر الجميع حبورا ومباركة لما يحدث، وزيره المقرب «يثرب» عقب تيقنه من حب «قمرية» للتبع ومدى فصاحتها وعمق بصيرتها وعلمها ومعارفها ورجاحة عقلها، إلا أن قمرية ظلت نهبا لأحزان ثقيلة مخيمة تتصل جميعها بزواجها من التبع ولا تعرف أصلا ولا سببا واحدا. - لماذا؟

وكانت كلما اجتمعت بالملك ذو اليزن وامتد بينهما الحديث وتعرج، عاود الملك تأكيد وصاياه لها، سواء بالنسبة إلى شئون حكم البلدان المترامية وكيفية تسييسها وإدارة دفتها، أو بالنسبة إلى ذريته المرتقبة منها - ذكرا كان أو أنثى - أو فيما يتصل بحماية مشاريعه المائية والزراعية، أو في التشدد معها في نصرة المظلوم وتسييد العقل والحكمة، وكانت هذه الأحداث تعيدها إلى أحزانها الغامضة الدفينة التي لا تعرف لها سببا.

كانت تساءل نفسها في وحدتها: لماذا يتعمد الملك إثارة أحزاني ودموعي التي أصبحت لا تنقطع؟! إلى درجة أنها أصبحت تمقت هذا الضعف في نفسها، وهي التي لم تكن تعرف للبكاء ونزف الدموع طعما - كعادة النساء - قبل حبها ذلك الجارف المتفجر.

وسألت، في هذا، الكثير من مقربيه من أمراء وحكماء وشيوخ القبائل حتى وزيره «يثرب»، فلم يزدها الأمر إلا التيه والافتقاد في بحر الغموض الذي تعيشه.

حتى عندما انتهت مراسيم الزواج، حاولت التسلل إلى مكنونات قلبه لمعرفة ما به، لكن هيهات!

فلقد كان كل ما يتعجله منها، هو الخلفة والذرية، مما دفع بها أكثر إلى التوتر ومعاودة التساؤل حول غرابة أطوار ذلك الملك الزوج الذي لا يكبرها كثيرا، والذي أصبح كمن ينتظر مجهولا لا قبل لأحد بانتظاره.

فكانت كلما مرت بهما الأيام والليالي، تضاعفت لهفته بانتظار مولودهما. - سيف، درعي القادم، أين؟

ويمضي يتفوه بتلك الكلمات التي عرفت عن تباعنة اليمن وحكمائهم إزاء شعورهم باقتراب الأجل مثل الحكيم لقمان بن عاد صاحب النسور أو لقمان «ذي النسور» الذي ربط بين موته وفناء آخر نسوره السبعة، وكانت أسماء تلك النسور على التوالي؛ هي: المصون، وعوض، وخلف ومغبغب، واليسر - أو الميسرة - وإنسي؛ لذا كان يتسمى بلقمان الإنسي، وكان سابعهم هو النسر «لبد».

অজানা পৃষ্ঠা