ولما بلغ المؤيد بالله إلى ناحية كحو أخذ خسروشاه بن الاستيدار في مخالفة المؤيد بالله وأصعد رجاله إلى هضبة هناك حول الصحراء وحصل عسكر المؤيد بالله دونه كأنهم في حلقة حصار وليس فيهم صاحب ترس وسلاح ورفع القوم رايتهم وأخذوا يطلبون القتال ويظهرون العداوة فاشتغل قلب المؤيد بالله، وقال: انظروا إلى هؤلاء الظلمة وإلى أفعالهم لايمكن السكون إليهم، ولا الاعتماد عليهم ولا مواثيقهم فبعثوا نحوه رسولا وطلبوا المواثيق والرهائن على أن لايقاتلهم قط، وأن يسلم قلعة وارفونه منهم فسلم ابنه أبا القاسم منهم على أن يردوه إليه متى سلم القلعة منهم، وشرط عليهم أن لايحبسوا عندهم غير ابنه أبي القاسم ثم أنهم نقضوا العهد وحبسوا مع السيد أبي القاسم جماعة، فخرج المؤيد بالله مع ثقات الاستيدار ليسلم القلعة منهم، فلما بلغوا كلار علموا أن الديالمة لايمكنون من تسليم القلعة منهم فانصرفوا، فلما بلغ المؤيد بالله إلى صحراء ايكاند استقبله المسمى باحليس الحاجب من ناحية قلعة نزار مع عسكر جزار ليقبض على المؤيد بالله من قبل الاستيدار، ولم يكن معه مسلح من جنده فاتفق أن راية أبي سعيد النيسابوري ظهرت مع جمع كثير فرجع أبو جعفر الحاجب على عقبه وعجزوا عن التعرض، فلما دخل المؤيد بالله ديلمان وعرف القوم أنه يريد تسليم القلعة استدعوا أبا القاسم اصبهبذ كلار وبايعوه على الموضع المسمى تنكابشته(1) واستقبلوه محاربين وانهزم رجال السيد ثم أن المؤيد بالله أخبرهم أنه لايريد تسليم القلعة، وأن القوم انصرفوا فأطاعوه، فلما أيس الاستيدار من القلعة ولم يمكنه قتل الأمير أبي القاسم أطلقه فمضى إلى الري، ومن ثم إلى جيلان، ثم عاد إلى المؤيد بالله، وكان عاقبة أهل طبرستان بما صنعوا أنهم قحطوا في تلك السنة عقيب هذه الوقعة قحطا عظيما حتى صار رطل خبز بعشرة دراهم، ولولا قرب إدراك الغلة لمات أكثرهم جوعا، ثم وقع الوباء عقيب القحط فمات خلق كثير كل ذلك بشؤم البغي ولهم في الآخرة عذاب شديد، فأما قابوس فإن ابنه قتله شر قتلة وقتل أبا جعفر الناصر، وجفتي بن باتي والعباس السالمي والأصفهبد بن أسفاوجين وغيرهم ممن تولى أمر تلك الحرب، وسائر العسكر بادوا وهلكوا بشوم البغي.
لما ولى منوجهر صالح المؤيد بالله على أن يؤدي إلى المؤيد بالله كل سنة ألفي دينار، وجرى على ذلك أياما حتى ظلم استيدار أهل كلار ونواحيها فقدم أهل إيواز ومن قدام شالوس على المؤيد بالله والتمسوا منه الانتهاء إليهم ليعينوه فلم يجب واعتل بأنه لايثق بوفائهم، ولايحصل على فائدة، وينقطع عنه مال الصلح الذي يبعثه إليه منوجهر فخرجوا ثم عاد وأتى ثانيا وثالثا حتى أقبل الصيف فقام إلى المؤيد بالله عليه السلام عامة أولياء الاستيدار وأكابرهم كأبي القاسم اللؤلؤي وأبي جعفر وسائر أهل كلار وسائر النواحي وأكدوا الأمر فرضي وقصد نحو كلار فورد عليه عسكر منوجهر من طبرستان، فقال المؤيد بالله لابنه الأمير أبي القاسم: تأهب للقتال فذهب وتأمل القوم وانصرف، وقال: لاطاقة لنا بهؤلاء القوم فإنهم كالبحر الأخضر.
فجد المؤيد بالله في الأمر وقال: لابد من القتال، فعاد الأمير أبو القاسم إلى موضع يدعى دشتنزير ووقع على القوم مغافصة فانهزموا وأسر جماعة من الأمراء والقواد ونحب العسكر وقتل منهم مقتلة عظيمة، وغنموا من أموالهم وأسلحتهم شيئا عظيما، وجعل أصحاب المؤيد بالله يقولون: يوم بيوم، يعنون أنا إن رجعنا في أيام قابوس من باب آمل فقد رجعتم من باب كلار على أسوأ حال.
পৃষ্ঠা ২৯