ويحكى أن أعرابيا دنا منه، وقال له: أين ابو الحسين الهاروني، ولم يعرفه لأنه لم تكن خلفه راية ولا كان عليه علامة وإنما رأى شيخا متواضعا على دابة متواضعة لاسلاح معه إلا مصحفا قد تقلده، وكان قد حضر من الطبرية رجل يكنى بأبي الحسين المستوثي ونثر عليه الدراهم وأصاب أنفه من ذلك درهم ثقيل من الدراهم الرويانية فأوجعه، فقال أبو الحسين: قد جرح يعني المستوثي فركض الأعرابي فرسه، فقال رضي الله عنه لبعض نقبائه: ما الرأي؟ فقال النقيب: انج بنفسك فقد هربت العساكر. فقال له: انظر في مقدمة عسكرنا. فقال: ليس هناك غير إلكيا أبي الفضل بن الثائر، وشيراسفار اللبرائي. فقال: لاسبيل إلى الرجوع فإن أبا الفضل معدود بخمسمائة رجل وشيراسفار كذلك، فكيف أولي وبين يدي ألف. فقال: لارجالة معهما وهما أيضا منصرفان فلما انصرف إلكيا أبو الفضل قال له: اخرج في دعة الله لأصونك وأصحبك. فقال: إذا كان هناك شيرأسفار فلا يحل التولي فعاد أيضا شيرأسفار منهزما يقول: أخرج باكيا. فمضى باكيا يقول: أي موضع أولى بالاستشهاد من هذا الموضع، فلولا أن لا أقتل على المكان وأؤسر وأحمل إلى قابوس، وهو اللعين سيئ الاعتقاد فيسلك معي مسلك الانتقام فيمثل بي، ويعذبني بأنواع العذاب وإلا لم أخرج من هذا المكان، فقالا له: ولأن تعود سالما أحب إلينا من أن تستشهد هاهنا فركض وركضوا أفراسهم يحفظونه ويحمونه ، فحصل تلك الليلة بساحل البحر على شط نهر، ولحق به جماعة من المنهزمين وقد تعبوا وجاعوا وفيهم جرحى، فقال المؤيد بالله: هل فيكم من يقرضنا دينارا. فأقرضه رجل كان معه دينارا فبعث ببعض الحاضرين إلى قرية بقربه، وقال: اطلب شيئا من الحلال تشتريه بهذا لهؤلاء الجياع، فدخل الرجل واشترى من ميشكاه القرية(1) شاة مسلوخة وشيئا من السمن والعسل وجملة من خبز الأرز فأمر بتقديمها إلى الجياع، وقدم إلى نفسه رغيفا واحدا، وتناول نصفه وقام إلى الصلاة حتى أصبح ولحق به المنهزمون أفواجا، وكان آحاد الشيعة تدلهم على الطريق، وقبض أبو جعفر الناصر زهاء على ثلاثين رجلا وجعلهم في أقفاص من صفائح، وأصدر بهم نحو جرجان إلى قابوس فقتلوا هنالك، وكان قتل ثمانية عشر رجلا من الثابتين فمضى أبو شجاع الفارسي البزار والد الشيخ أبي طالب وكان من اعيان الشيعة إلى الشيخ أبي عبدالله الخياطي واستفتاه في معنى هؤلاء القتلى فقال له: يدفنون بثيابهم فإنهم شهداء، وذلك السيد إمام الزمان بعد الناصر للحق عليه السلام.
خرج الناصر في سنة ثلاثمائة مستوى وهذا إنما ظهر في سنة أربعمائة مستوي وفي كل مائة عام إمام صالح لهذا الأمر من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: كنت أعلم هذا لكني سألتك لرفع الخلاف، وحذرا من العامة فإنهم يقبلون منك، فخرج ودفنهم بثيابهم في طريق اللكياني؟؟؟ تعرف قبورهم بقبور الشهداء استوهب تلك البقعة من صاحبها فوهبها.
পৃষ্ঠা ২৭