والعار والشرف عند مراد لا يتمثلان إلا في المال والسيارات ومظاهر الرفاهية وعضوية المجلس الذي أصبح اسمه مجلس الشعب، ثم ليس في أي شيء آخر.
وهكذا كان أيمن بما لا يملكه من تفوق في الدراسة يعوض نكوصه في العلم بتفوقه في إظهار الغنى واتخاذ كل الوسائل التي تجعل منه بين إخوانه شخصا يشار إليه.
وأي شيء يعينه على هذا أكثر من أن يعرف طلاب الكلية جميعا والأساتذة أن أباه عضو بمجلس الشعب، وأنه ثري ذو سيارة ووفرة في المال وقدر كبير من وجاهة المظهر والملبس، وليذهب الجوهر إلى أي جحيم يطيب له.
ولم يكن غريبا أن يصبح كثير الأصدقاء من الزملاء، والكثرة تجمع في طواياها الخبيث والطيب. والخبيث أكثر إقناعا من حميد الخلق السوي الطريق. وهكذا كان من المتوقع ما حدث حين طلبت محبوبة زوجها السابق مراد بالتليفون وهي تصيح مولولة: الحقني يا مراد. - ماذا بك؟ - الولد. - ما له؟ - مغمى عليه! - هل طلبت الدكتور؟ - أي دكتور، الحقني أنت وهات معاك دكتور. •••
تبين أن أيمن تناول قدرا من المخدرات لم يحتملها، ففقد الوعي وأسعفه الطبيب الذي أحضره أبوه وأبلغ أباه بحقيقة الغيبوبة. •••
وكان طبيعيا أن ينقل أيمن إلى المستشفى، وكان طبيعيا أن يحضر خاله سعيد. بادره مراد: أهذا جزائي لأنني لم أتأخر عن أي طلب له أو لأمه؟
ورد سعيد في جفاء: هذا جزاؤك أنك أهملته. والأبوة ليست المال وحده. - أخوه لا ينال من اهتمامي أكثر منه. - الخطأ لا يبرر الخطأ. - ولكن أخاه من أحسن الناس خلقا، وهو أيضا متفوق. - لا تنتظر أن يكون الأخ كأخيه لكل منهما ظروفه النفسية. - اسمع أنا سأنقل أيمن إلى بيتي ليكون تحت إشرافي. - ألا يغضب هذا زوجتك؟ - زوجتي سيدة مثالية وستعامله كما تعامل دياب. - ومحبوبة؟ - إنك أخوها. - نعم، أهلا بها. - أعرف أنك تزوجت وخلفت ولدين. ولكنك لن تعجز عن إيجاد غرفة لأختك. - طبعا لن أعجز. - ولن أنسى أنا العشرة وسوف يكون لديها ما يكفيها. - أنا لن أكون نذلا لدرجة أنني أرفض قبول أختي في بيتي. وليس من المعقول أن أتركها وحدها. - وهو كذلك.
طبعا مراد قد أعد في نفسه أن يؤجر الشقة التي ترك فيها محبوبة وابنها مفروشة، ولا شك أن ما سيعطيه لها أقل مما سيتقاضاه من الإيجار، في نفس الوقت يشعر ابنه أيمن أنه لم يهمل أمه.
شفي أيمن من الإدمان وانتقل إلى بيت أبيه. ودأبت نازلي أن تعامله أحسن معاملة، كما أن دياب كان يشعر بنوع من الأنس بوجود أخيه معه. وبخاصة أن النيابة كانت تأخذ كل وقته، ولم يكن يلم بالبيت إلى في فترات ضئيلة. وكان قد روعه أن يصاب أخوه بالإدمان. فمثل هذا الأمر إذا عرف يؤثر لا شك على مكانته في النيابة، فقد كان يدرك أنها وظيفة حساسة غاية الحساسية وأي لغط حول واحد من أسرته كفيل بأن يؤثر على نظرة المسئولين والزملاء إليه.
ولذلك كان حريصا كل الحرص على متابعة أخيه في دراسته وصلاته وخلطائه وأصدقائه.
অজানা পৃষ্ঠা