وقال أمجد في كياسة: أنا أقدر أن الفترة القصيرة التي مررت بها الآن، ربما تكون أبشع عندك من أحزان السنين جميعا، وأنا أعرف أنك مررت بظروف كثيرة لم تكن سعيدة. - أشكرك أنك مدرك ما أنا فيه الآن، وتأكد سعادتك أن الدقائق التي عشتها الآن لم أكن أتصور أنني سأواجهها في حياتي كلها. - أرجو أن تكون نظرتك لي عادلة؛ فمكانتك عندي ومكانة الباشا كلها إجلال وإكبار. - لقد جاء دوري لأشكرك، وأنا أعرف أنه لولا هذه المكانة التي تتحدث عنها، لكنت بادرت بإبلاغ النيابة فورا دون أن تفكر في إشراكي في الموضوع. - أقسم بشرفي أنك وحدك التي جعلتني أخير بهجت بك بين أن يدفع المبلغ أو أبلغ النيابة. - أعرف ذلك تماما.
وكان بهجت طوال هذا الحوار صامتا في شعور عميق بالذل والهوان، حتى لقد راح ينكمش وتتداخل أعضاء جسمه بعضها في بعض، وألقت إليه كريمة نظرة مقيتة تشتعل بلهيب الثورة والغضب، ثم التفتت إلى أمجد وسألته: كم تتيح لنا من الوقت؟ - إذن المبلغ سيدفع ... الحمد لله ... ترى لو قلنا في ظرف أسبوع نظرا لموقفي الحرج ...
وقاطعته كريمة: سأحضر أنا المبلغ في خلال هذا الأسبوع. - عظيم. - كم ثمن الأسهم التي باسم بهجت اليوم؟ - حوالي عشرة آلاف جنيه.
ونظرت إلى بهجت وقالت له أول كلمة وجهتها إليه طوال هذا اللقاء. - خذ ورقة واكتب أمرا ببيع الأسهم، واكتب على ورقة أخرى أنك تسلمت ثمنها.
وقام بهجت عن كرسيه وكأنه آلة كهربية تستقبل الأوامر وتنفذها، وكتب ما أمرت به كريمة وأعطى الورقتين لأمجد وكريمة تقول له: الباقي سيكون عندك قبل الأسبوع إن شاء الله. - أرحتني، أسعدك الله.
والتفتت إلى بهجت قائلة في حسم: هيا.
وتقدمت إلى الباب وهو يتبعها وما زال في حالة الآلة الكهربية. وبعد أن أغلق أمجد باب مكتبه قالت كريمة لبهجت: هل عندك أحد في مكتبك؟ - لا ... لا أبدا. - فلنذهب إليه.
وفي وجل قال: ألا نذهب إلى البيت؟ - هناك أشياء أحب أن أعملها قبل أن أذهب إلى البيت. اتبعني إلى مكتبك.
وقالت كريمة لسكرتيرة بهجت في حسم: لا تجعلي أحدا يدخل علينا.
ولم تنتظر ردها، وإنما دخلت إلى مكتب بهجت، وما إن توسطت الحجرة حتى أمرته: أغلق الباب.
অজানা পৃষ্ঠা