الشيء بأسره ذا أمرين متقابلين بالقياس إلى شيء (1)، وهذا مسلم. إنما المنكر ما نسبته إلى هذه (2) المقدمة نسبة النوع (3) مثلا ، وهو أنه إذا اشتغل بأسره عن أن يماس لم يمس فى جهة دون جهة مماسة تخصه ، فإن (4) فرغ من جهة واشتغل فى جهة ففى ذاته فضل عن الاشتغال. وهذه المقدمة لم تناقض ولم تبطل ، بل دل على أن جنسها ليس بواجب ، ولها أشباه ليست بواجبة. وهذه المقدمة لم تجب ولم تثبت فى العقل الأول من حيث المعنى الجنسى لها ، بل من حيث هى (5) مخصوصة بالملاقاة ، فإن الملاقاة هذا موجبها. ولو (6) كان بدل الملاقاة معنى آخر لكان يجوز أن يكون (7) كل الشيء (8) بالقياس إلى جهة بحال ، وبالقياس إلى جهة أخرى بحال (9) مخالفة لتلك الحال إذا (10) كانت تلك (11) الحال لا توجب شغلا ومنعا أصلا ، وكان (12) لا يوجب شغلا يتعاطى بحال الكل وبحال البعض ، إذ كان (13) الشغل للكل أمرا بالقياس ليس أمرا فى نفسه. فإن المشغول الممنوع عن مماسة شيء آخر لا يكون مشغولا عن شيء دون شيء ، فإنه من حيث هو مشغول لا يماسه شيء البتة ، ومن حيث هو فارغ يماسه كل شيء. فأما (14) المجهول فكونه مجهولا ليس أمرا يستقر فيه البتة ، بل هو مضاف إلى شيء ، ولذلك لا يمنع (15) أن يعلمه أى عالم كان بأي عدد كان من العلم ، لا كالجزء الذي لهم ، فإنهم قصروا إمكان مماسته على أشياء معدودة. وبالجملة لا يوجب ذلك فى العلم منعا البتة ، ولو أوجب منعا متناولا (16) (17) لأمر غير متجزئ بوجه من الوجوه لما علم شيء.
على (18) أنه لا حاجة بنا إلى إبانة هذا الفرق ، فإن الذي نقوله فى أمر الملاقاة بالأسر من أنه إذا شغل (19) شغل الجميع ، وإن لم يشغل لم يشغل شيئا هو بين بنفسه وبين خلافه ، فى أمر العلم. وما أوردوه (20) من الأمثلة للمناقضة يناقض غير المطلوب ، ويوجب تجويزا فى أمر أعم (21) من المطلوب ، فيجعل تجويزا فى المطلوب. وبالحرى أن تكون الملاقاة بالأسر (22) لا تشغل (23) البتة عن المماسة ، فإن الوارد المماس إذا شغله المتقدم السابق إلى المماسة امتنع عن المشغول ولم يمتنع (24)
পৃষ্ঠা ১৮০