87

فلنقل الآن: إن الكم المتصل لا إما أن يكون قاز الذات فيما هو كم له؛ وإما أن تكون ذاته غير قازة؛ بل هى فى التجدد. ولنضع أن كل متصل بذاته على سبيل التجدد فهو هيئة حركة هى لا محالة حالة جسم، فإن ذلك هو الزمان، وبيانه العلم الطبيعى. وأما الكم المتصل القار فليسم عظما وقدرا؛ ولا يخلو إما أن يكون امتداده بعدا واحدا فيحتمل تجزئة واحدة لاتعارضها تجزئة قائمة عليها؛ وهذا هو الخط؛ وإما أن يكون محتملا للتجزئة فى جهة، ثم يكمن أن تعارضها تجزئة أخرى قائمة على تلك حتى يمكن فيها فرض بعدين متقاطعين على قوائم، ولا يمكن غير ذلك؛ وهذا هو السطح؛ وإما أن يكون المقدار الذى يحتمل التجزئة يحتملها فى ثلاث جهات؛ وهذا هو الجسم الذى من باب الكم. فيسمى جسما من حيث هو بهذه الصفة. وقد يسمى عمقا وسمكا وثخنا. أما ثخنا، فلإنه حشو ما بين السطوح؛ وأما عمقا فلإنه ثخن نازل أى معتبر من فوق إلى أسفل؛ وأما سمكا فلإنه ثخن صاعد أى معتبر من أسفل إلى فوق. وربما وقع اسم العمق على معنى آخر سنذكره. وأما المكان وزيادتهم إياه فى معنى المقادير، فأمر لم أحصل له فائدة، وذلك لأنهم يقولون: إن المكان نهاية جسم محيط حاصرة للجسم المحاط؛ فهى بالقياس إلى الجسم المحاط مكان؛ فالمكان نهاية بالقياس إلى الجسم المحيط وحاو بالقياس إلى الجسم المحاط؛ وسطح فى جوهره وذاته. فنقول لهؤلاء: إن كل شئ ذى جنس فإن جنسه هو مما يقوم به جوهره. فإن كان المكان كما لأنه مجموع هذه، أى لأنه سطح هو نهاية وحاو، فلا يخلو إما أن يكون لكونه نهاية وحاويا فى تصييره كما أو لا يكون؛ فإن كان له فى ذلك مدخل، فيجب أن يكون للمكان من حيث هو كم، الكم الذى يفيده والمعنيان معا خصوصية قبول أبعاد وقسمة غير الذى يفيدها السطح، بما هو سطح؛ وليس له ذلك وإن لم يكن لكونه نهاية وحاويا مدخل فى كونه كما، فهذه الجهة أنما هى من الكم بسبب أن موضوعها أو جزءا منها، وهو السطح من الكم؛ فيكون الكم بالحقيقة هو السطح؛ ويكون عرض لذلك الشئ، الذى فى نفسه كم، أن حوى؛ فيكون ليس فى جوهره شيئا غير السطح؛ ويكون من جملة ما قد فرغ من ذكره وتعديده؛ فلا يكون نوعا خارجا منه. وأيضا لأنه إ، كان المكان كما، لأنه نهاية أو أ،ه حاو، فيكون الشئ، من حيث هو مضاف، هو من الكم.

ثم يجب أن يرونا الكمية التى للنهاية من حيث هى نهاية، للحاوى، من حيث هو حاو، كمية تكون غير سطحية؛ ولا يجدون؛ فيبقى أن المكان كمية لسطحيته. فإن المكان إما نوع من السطح تحته، لا نوع من الكم فى مرتبة السطح معدود معه نوعا تحت الكم؛ وإما سطح مأخوذ بحال؛ فيجب أيضا أن يكون الجسم المأخوذ بحال مخصوص، مما يعد نوعا سادسا. مثلا يجب أن يكون الجسم، من حيث هو متمكن، نوعا زائدا على ما ذكر، لا، إن كان ولا بد، نوعا للجسم المطلق، إذا اعتبرت الأنواع الأولى من الشئ. فمن الواجب علينا إذا عددنا أنواع الأجناس أن لا نعد أنواع أنواعها معها، ولانعد أنواعها، من حيث يعرض، لها خواص أخص منها تقسمها. فالكمية المتصلة هذه.

وأما المنفصلة فلا يجوز أن تكون غير العدد؛ فإن المنفصل قوامه من متفرقات؛ والمتفرقات من مفردات؛ والمفردات آحاد؛ والآحاد إما نفس المعنى الذى لاينقسم من حيث هو لاينقسم، أو شئ فيه الوحدة وهو ذو وحدة وله وجود آخر حامل للوحدة؛ فالوحدات هى التى لذاتها يجتمع منها شئ ذو كم منفصل لذاته، يكون عدده مبلغ تلك الوحدات.

পৃষ্ঠা ৯১