فهذا اتصال قد يكون للكميات؛ وهى كميات لم يلحقها إلا لواحق الكميات؛ مثل هيئة الوضع الذى لخطى الزاوية؛ ومثل مماسة تفرض بدل السواد فى ما مثلنا به أيضا؛ ولا مماسة تفرض فيه بدل البياض، حتى لايكون مأخوذا مع عرض طبيعى، فيتميز لأجل ذلك جزآن من السطح أو الجسم؛ بل هذا الاتصال هو الاجتماع الذى لو لم تكن النهايات فيه واحدة فى الموضوع اثنتين بالموضوع أيضا، لكان بدل هذا الاتصال اجتماع هو المماسة. وأما الاتصال الثالث فهو أن يكون المتصل به لازما للمتصل فى حركته التى يزول منها طرف الذى يليه عن موضعه الذى يلاقى نهايته فيه. وهذا الاتصال لايمتنع أن يكون فيه مماسة إذا وجدت ملازمة عند الحركة بملاصقة أو مشابكة؛ فإن الجسم إذا كانت حاله عند جسم آخر أنه إذا حرك ونقل عن موضعه نقلا ينقل طرفه الطرف الذى يليه من الآخر حتى يصير الآخر معه حيث صار، فإنه يقال إنه متصل به. والاتصال الحقيقى بحسب هذا الموضع هو الأول ؛ وإن كان إنما نقل اسمه من الاتصال الذى على سبيل الإضافة؛ إذ يتوهم له أجزاء فيما بينها الاتصال الإضافى. وكثيرا ما ينقل اسم لمعنى عن اسم شئ آخر؛ فيصير بحسب صناعة ما أحق بذلك الاسم.
فمن الكمية ما هو متصل؛ ومنه ما ليس بمتصل فالجسم الذى من باب الكمية من المتصل. وكيف لا ؟ وتجد هذا الجسم بحيث يمكن أن يفرض بين أجزائه حد مشترك وهو السطح؛ فتجد أجزائه تشترك بسطح واحد تلتقى عليه. وقد تجد نظير ذلك للسطح بالخط، ولا الخط بالنقطة والزمان أيضا؛ فإنا نجد فيه شيئا متوهما يتصل به ماضيه ومستقبله؛ وهو الآن.
وهذا الجسم المحسوس ليس يتجزأ إلا من حيث فيه بعد؛ فينقسم ذلك البعد إلى ما ينقسم إليه. فالجزء له من حيث هو ذو ذلك المقدار؛ لا من حيث هو جسم على الإطلاق، أو جسم جوهرى؛ فإن الجزء له من حيث يفاوت ويساوى، لا من حيث لايقبل مفاوتة ومساواة، على ما علمت؛ فإذن التجزئة إنما عرضت بالضرب الأول للجسم من حيث هو ذو كم لا من حيث صورته.
فإن قال قائل: إن التجزئة لاتكون إلا بسبب شئ من شأنه قبول التجزئة، والقبول والاستعداد إنما يكون فى المادة، ليكون الاستعداد للتجزئة بسبب المادة، لا بسبب الكمية؛ فإنه شك ينحل فى العلوم ويجب أن تسلم ههنا أن التجزئة تعرض للمقدار بما هو مقدار، وإن كان فيه للمادة مشاركة؛ وفى العلوم نبين أن حصة المادة فى ذلك ما هى، والأمر الذى للكم بالذات من ذلك ما هو، فإن هذا لا يجب أن تشتغل به فى علم المنطقيين؛ بل تعلم أن التجزئة التى معها حركة وافتراق فى المكان غير التجزئة التى إنما فيها تعيين الجزء فقط. فهذا الكلام كله إشارة منا إلى الكم المتصل.
وأما الكم المنفصل فإنه كالسبعة التى لا يوجد لأجزائها حد مشترك؛ فإنك إذا جزأت السبعة إلى ثلاثة وأربعة، لم تجد بينهما طرفا مشتركا؛ فإنه لا طرف للأعداد إلا الوحدة؛ ولا توجد وحدة مشتركة بين الجزء الذى هو ثلاثة والجزء الذى هو أربعة؛ ولو وجدت وكانت من وحدتها لصارت الوحدات ستة وانتقص عدد السبعة؛ وإن كانت خارجة عنه كان ترتيب السبعة من ثمان وحدات.
পৃষ্ঠা ৯০