والوجود أعرف من العدم، لأن الوجود يعرف بذاته، والعدم يعرف، بوجه ما من الوجوه، بالوجود. ومن تفهمنا هذه الأشياء يتضح لك بطلان قول من يقول: إن المعدوم يعاد لأنه أول شيء مخبر عنه بالوجود. وذلك أن المعدوم إذا أعيد يجب أن يكون بينه وبين ما هو مثله، لو وجد بدله، فرق. فإن كان مثله إنما ليس هو لأنه ليس الذي كان عدم، وفي حال العدم كان هذا غير ذلك، فقد صار المعدوم موجودا على النحو الذي أومأنا إليه فيما سلف آنفا. وعلى أن المعدوم إذا أعيد احتيج أن تعاد جميع الخواص التي كان بها هو ما هو. ومن خواصه وقته، وإذا أعيد وقته كان المعدوم غير معاد، لأن المعاد هو الذي يوجد في وقت ثان. فإن كان المعدوم تجوز إعادته وإعادة جملة المعلومات التي كانت معه، والوقت إما شيء له حقيقة وجود قد عدم، أو موافقة موجود لعرض من الأعراض، على ما عرف من مذاهبهم، جاز أن يعود الوقت والأحوال، فلا يكون وقت ووقت، فلا يكون يعود. على أن العقل يدفع هذا دفعا لا يحتاج فيه إلى بيان، وكل ما يقال فيه فهو خروج عن طريق التعليم.
الفصل السادس: (و)
পৃষ্ঠা ১৯