كتاب الشفاء

الإلهيات

الشيخ الرئيس

موقع الفلسفة الإسلامية

পৃষ্ঠা ০

المقالة الأولى وفيها ثمانية فصول

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلاته على النبي المصطفى محمد وآله الإكرمين أجمعين.

الفن الثالث عشر من كتاب الشفاء في الإلهيات.

المقالة الأولى وهي ثمانية فصول

الفصل الأول: في ابتداء طلب موضوع الفلسفة الأولى لتبيين أبنيته في العلوم.

| الفصل الأول: في ابتداء طلب موضوع الفلسفة الأولى لتبيين أبنيته في العلوم.

وإذا قد وفقنا الله ولي الرحمة والتوفيق، فأوردنا ما وجب إيراده من معاني العلوم المنطقية والطبيعية والرياضية، فبالحري أن نشرع في تعريف المعاني الحكمية، ونبتدئ مستعينين بالله فنقول: إن العلوم الفلسفية، كما قد أشير إليه في مواضع أخرى من الكتب، تنقسم إلى النظرية وإلى العملية، قد أشير إلى الفرق بينهما وذكر أن النظرية هي التي نطلب فيها استكمال القوة النظرية من النفس بحصول العقل بالفعل، وذلك بحصول العلم التصوري والتصديقي بأمور ليست هي هي بأنها من أعمالنا وأحوالنا، فتكون الغاية فيها حصول رأي واعتقاد ليس رأيا واعتقادا في كيفية عمل أو كيفية مبدأ عمل من حيث هو مبدأ عمل. وأن العملية هي التي يتطلب فيها أولا استكمال القوة النظرية بحصول العلم التصوري والتصديقي بأمور هي هي بأنها أعمالنا، ليحصل منها ثانيا استكمال القوة العملية بالأخلاق. وذكر أن النظرية تنحصر في أقسام ثلاثة هي: الطبيعية، والتعليمية، والإلهية. وأن الطبيعية موضوعها الأجسام من جهة ما هي متحركة وساكنة، وبحثها عن العوارض التي تعرض لها بالذات من هذه الجهة. وأن التعليمية موضوعها إما ما هو كم مجرد عن المادة بالذات، وإما هو ذو كم. والمبحوث عنه فيها أحوال تعرض للكم بما هو كم. ولا يؤخذ في حدودها نوع مادة، ولا قوة حركة. وأن الإلهية تبحث عن الأمور المفارقة للمادة بالقوام والحد. وقد سمعت أيضا أن الإلهي هو الذي يبحث في الأسباب الأولى للوجود الطبيعي والتعليمي وما يتعلق بهما، وعن مسبب الأسباب ومبدأ المبادئ وهو

পৃষ্ঠা ১

الإله تعالى جده. فهذا هو قدر ما يكون قد وقفت عليه فيما سلف لك من الكتب. ولم يتبين لك من ذلك الموضوع للعلم افلهي ما هو بالحقيقة إلا إشارة جرت في كتاب البرهان من المنطق إن تذكرتها. وذلك أن في سائر العلوم قد كان يكون لك شيء هو موضوع، وأشياء هي المطلوبة، ومبادئ مسلمة منها تؤلف البراهين. والآن، فلست تحقق حق التحقيق ما الموضوع لهذا العلم، وهل هو ذات العلة الأولى حتى يكون المراد معرفة صفاته وأفعاله أو معنى آخر. وأيضا قد كنت تسمع أن ههنا فلسفة بالحقيقة، وفلسفة أولى، وأنها تفيد تصحيح مبادئ سائر العلوم، وأنها هي الحكمة بالحقيقة. وقد كنت تسمع تارة أن الحكمة هي أفضل علم بأفضل معلوم، وأخرى أن الحكمة هي المعرفة التي هي أصح معرفة واتقنها، وأخرى أنها العلم بالأسباب الأولى للكل. وكنت لا تعرف ما هذه الفلسفة الأولى، وما هذه الحكمة، وهل الحدود والصفات الثلاث لصناعة واحدة، أو لصناعات مختلفة كل واحدة منها تسمى حكمة. ونحن نبين لك الآن أن هذا العلم الذي نحن بسبيله هو الفلسفة الأولى، وأنه الحكمة المطلقة، وأن الصفات الثلاث التي رسم بها الحكمة هي صفات صناعة واحدة، وهذه هي الصناعة. وقد علم أن لكل علم موضوعا يخصه، فلنبحث الأن عن الموضوع لهذا العلم، ما هو؟ ولننظر هل الموضوع لهذا العلم هو إنية الله تعالى جده، أو ليس كذلك، بل هو شيء من مطالب هذا العلم؟ فنقول: أنه لا يجوز أن يكون ذلك هو الموضوع، وذلك لأن موضوع كل علم هو أمر مسلم الوجود في ذلك العلم، وإنما يبحث عن أحواله. وقد علم هذا في مواضع أخرى. ووجود الإله تعالى جده لا يجوز أن يكون مسلما في هذا العلم كالموضوع، بل هو مطلوب فيه. وذلك لإنه إن لم يكن كذلك لم يخل إما أن يكون مسلما في هذا العلم أو مطلوبا في علم آخر، وإما أن يكون مسلما في هذا العلم وغير مطلوب في علم آخر. وكلا الوجهين باطلان. وذلك لأنه لا يجوز أن يكون مطلوبا في علم آخر، لأن العلوم الأخرى إما خلقية أو سياسية، وإما طبيعية، ومارياضية، وإما منطقية. وليس في العلوم الحكمية علم خارج عن هذه القسمة، وليس ولا في شيء منها يبحث عن إثبات الأله تعالى جده، ولا يجوز أن يكون ذلك، وأنت تعرف هذا بأدنى تأمل لأصول كررت عليك. ولا يجوز أيضا أن يكون غير مطلوب في علم آخر لأنه يكون حينئذ غير مطلوب في علك البتة. فيكون إما بينا بنفسه، وإما مأيوسا عن بيانه بالنظر، وليس بينا بنفسه ولا مأيوسا عن بيانه، فإن عليه دليلا. ثم المأيوس عن بيانه كيف يصح تسليم وجوده؟ فبقي أن نبحث عنه إنما هو

পৃষ্ঠা ২

في هذا العلم. ويكون البحث عنه على وجهين: أحدهما البحث عنه من جهة وجوده، والآخر من جهة صفاته. وإذا كان البحث عن وجوده في هذا العلم، لم يجز أن يكون موضوع هذا العلم، فإنه ليس على علم من العلوم إثبات موضوعه، وسنبين لك عن قريب أيضا، أن البحث عن وجوده لا يجوز ان يكون إلا في هذا العلم، إذ قد تبين لك من حال هذا العلم أنه بحث عن المفارقات للمادة أصلا. وقد لاح لك في الطبيعيات أن الإله غير جسم، ولا قوة جسم، بل هو واحد بريئ عن المادة، وعن مخالطة الحركة من كل جهة. فيجب أن يكون البحث عنه لهذا العلم. والذي لاح لك من ذلك في الطبيعيات كان غريبا عن الطبيعيات، ومستعملا فيها، منه ما ليس منها، إلا أنه أريد بذلك أن يعجل للإنسان وقوف على إنية المبدأ الأول فتتمكن منه الرغبة في اقتباس العلوم، والإنسياق إلى المقام الذي هناك ليتوصل إلى معرفته بالحقيقة. ولما لك يكن بد من أن يكون لهذا العلم موضوع وتبين لك أن الذي يظن أنه هو موضوعه ليس بموضوعه، فلننظر: هل موضوعه الأسباب القصوى للموجودات كلها أربعتها إلا واحدا منها الذي لم يكن القول به. فإن هذا أيضا قد يظنه قوم. لكن النظر في الأسباب كلها أيضا لا يخلو إما أن ينظر فيها بما هي موجودات أو بما هي أسباب مطلقة، أو بما هي كل واحد من الأربعة على النحو الذي نحصه. أعني أن يكون النظر فيها من جهة أن هذا فاعل، وذلك قابل، وذلك شيء آخر؛ أو من جهة ما هي الجملة التي تجمع منها. فنقول: لا يجوز أن يكون النظر فيها بما هي أسباب مطلقة، حتى يكون الغرض من هذا العلم هو النظر في الأمور التي تعرض للأسباب بما هي أسباب مطلقة. ويظهر هذا من وجوه: أحدهما، من جهة أن هذا العلم يبحث عن معان ليست هي من الأعراض الخاصة بالأسباب بما هي أسباب، مثل الكلي والجزئي، والقوة والفعل، والإمكان والوجوب وغير ذلك. ثم من البين الواضح أن هذه الأمور في أنفسها بحيث يجب أن يبحث عنها، ثم ليست من الأعراض الخاصة بالأمور الطبيعية والأمور التعليمية. ولا هي أيضا واقعة في الأعراض الخاصة بالعلوم العملية. فيبقى أن يكون البحث عنها للعلم الباقي من الأقسام وهو هذا العلم. وايضا فأن العلم بالأسباب المطلقة حاصل بعد العلم بإثبات الأسباب للأمور ذوات الأسباب. فإنا ما لم نثبت وجود الأسباب للمسببات من الأمور بإثبات أن لوجودها تعلقا بما يتقدمها في الوجود، لم يلزم عند العقل وجود السبب المطلق، وأن ههنا سببا ما. وأما الحس فلا يؤدي إلا إلى الموافاة. وليس إذا توافى

পৃষ্ঠা ৩

شيئان، وجب أن يكون أحدهما سببا للآخر. والإقناع الذي يقع للنفس لكثرة ما يورده الحس والتجربة فغير متأكد، على ما علمت، إلا بمعرفة أن الأمور التي هي موجودة في الأكثر هي طبيعية واختيارية. وهذا في الحقيقة مستند إلى إثبات العلل، والإقرار بوجود العلل والأسباب. وهذا ليس بينا أوليا بل هو مشهود، وقد علمت الفرق بينهما. وليس إذا كان قريبا من العقل، من البين بنفسه أن للحادثات مبدأ ما يجب أن يكون بينا بنفسه مثل كثير من الأمور الهندسية المبرهن عليها في كتاب أوقليدس. ثم البيان البرهاني لذلك ليس في العلوم الأخرى، فإذن يجب أن يكون في هذا العلم. فكيف يمكن أن يكون الموضوع للعلم المبحوث عن أحواله في المطالب مطلوب الوجود فيه؟ وإذا كان كذلك فبين أيضا أنه ليس البحث عنها من جهة الوجود الذي يخص كل واحد منها، لأن ذلك مطلوب في هذا العلم. ولا أيضا من جهة ما هي جملة ما وكل، لست أقول جملي وكلي. فإن النظر في أجزاء الجملة أقدم من النظر في الجملة، وإن لم يكن كذلك في الجزيئيات الكلي باعتبار قد علمته، فيجب أن يكون النظر في الأجزاء إما في هذا العلم فتكون هي أولى بأن تكون موضوعه، أو يكون في علم آخر، وليس علم آخر يتضمن الكلام في الأسباب القصوى غير هذا العلم. وأما إن كان النظر في الأسباب من جهة ما هي موجودة وما يلحقها من تلك الجهة فيجب إذن أن يكون الموضوع الأول هو الموجود بما هو موجود. فقد بان أيضا بطلان هذا النظر، وهو أن هذا العلم موضوعه الأسباب القصوى، بل يجب أن يعلم أن هذا كماله ومطلوبه.

الفصل الثاني: (ب) ( ) فصل في تحصيل موضوع هذا العلم

| الفصل الثاني: (ب) ( ) فصل في تحصيل موضوع هذا العلم

পৃষ্ঠা ৪