الوجود، لأنه لا تكون ولا واحد منها علة أولى مطلقا، لأن واجب الوجود واحد، وهو في طبقة المبدأ الفاعلي، فيكون الواحد الواجب الوجود هو أيضا مبدأ وعلة لتلك الأوائل. فقد بان من هذا ومما سلف لنا شرحه، أن واجب الوجود واحد بالعدد، وبان أن ما سواه إذا اعتبر ذاته كان ممكنا في وجوده، فكان معلولا، ولاح أنه ينتهي في المعلولية لا محالة إليه، فإذن كل شيء إلا الواحد الذي هو لذاته واحد، والموجود الذي هو لذاته موجود؛ فإنه مستفيد الوجود عن غيره، وهو أيس به، وليس في ذاته، وهذا معنى كون الشيء مبدعا أي نائل الوجود عن غيره، وله عدم يستحقه في ذاته مطلق، ليس إنما يستحق العدم بصورته دون مادته، أو بمادته دون صورته، بل بكليته، فكليته إذا لم تقترن بايجاب الموجد له، واحتسب أنه منقطع عنه وجب عدمه بكليته، فإذن إيجاده عن الموجد له بكليته، فليس جزء منه يسبق وجوده بالقياس إلى هذا المعنى، لا مادته ولا صورته، إن كان ذا مادة وصورة. فالكل إذن بالقياس إلى العلة الأولى مبدع، وليس إيجاده لما يوجد عنه إيجادا يمكن العدم ألبتة من جواهر الأشياء بل إيجادا يمنع العدم مطلقا فيما يحتمل السرمد، فذلك هو الإبداع المطلق، والتأييس المطلق ليس تأييسا ما، وكل شيء حادث عن ذلك الواحد، وذلك الواحد محدث له إذ المحدث هو الذي كان بعد ما لم يكن، وهذا البعد إن كان زمانيا سبقه القبل وعدم مع حدوثه، فكان شيء هو الموصوف بأنه قبله، وليس الآن، فلم يكن يتهيأ أن يحدث شيء إلا وقبله شيء آخر يعدم بوجوده، فيكون الإحداث عن الليس المطلق وهو الابداع باطلا لا معنى له بل البعد الذي ههنا هو البعد الذي بالذات، فإن الأمر الذي للشيء من تلقاء نفسه قبل الذي له من غيره، وإذا كان له من غيره الوجود والوجوب فله من نفسه العدم و الامكان، وكان عدمه قبل وجوده، ووجوه بعد عدمه قبلية وبعدية بالذات، فكل شيء غير الأول الواحد فوجوده بعد ما لم يكن باستحقاق نفسه.
الفصل الرابع (د)
পৃষ্ঠা ১৭৮