فالحيلةُ: أن يقصد سقوطَ الواجب أو حلَّ الحرام بفعلٍ لم يقصد به ما جُعِل ذلك الفعل له أو ما شُرِع له، فهو يريد تغيير الأحكام الشرعية بأسبابٍ لم يقصد بها ما جُعِلت تلك الأسباب لأجله، بل يفعل تلك الأسباب لأجل ما هو تابع لها، لا لأجل ما هو المتبوع المقصود بها، بل يفعل السببَ لما ينافي قصدَه = قَصْدَ حكم السبب، فيصير بمنزلة من طلب ثمرةَ الفعل الشرعيّ ونتيجته وهو لم يأت بقوامه وحقيقته. وهذا خداعٌ لله واستهزاءٌ بآيات الله، وتلاعُب بحدود الله.
وقد دلَّ على تحريم ذلك الكتابُ والسنةُ وإجماعُ السلف الصالح، وعامةُ دعائم الإيمان ومباني الإسلام، ودلائله لا تكاد تنضبط؛ لكن ننبِّه على بعضها، مع أن القول بإبطال الحِيَل في الجملة مأثور عن عمر، وعثمان، وعلي، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن سلام، وأُبي بن كعب، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وعائشة، وأنس بن مالك.
ومن التابعين: عن سعيد بن المسيب، والقاسم بن محمد، وسالم بن عبد الله بن عمر، وعبيد الله بن عبد الله (^١)، وعروة، وسليمان بن يسار، وخارجة بن زيد، وعطاء بن أبي رَبَاح، وغيره من فقهاء المكيين، وجابر بن زيد أبي الشعثاء، والحسن، ومحمد بن سيرين، وبكر بن عبد الله (^٢)، وقتادة، وأصحاب عبد الله بن مسعود، وإبراهيم
_________
(^١) ابن عتبة.
(^٢) المزني.
1 / 25