عليه الصحابة وعامة السلف التحريم مُطلقًا، ونحن نذكر الأدلة على تحريم نكاح المحلِّل وبطلانه، سواء قَصَدَه فقط، أو قَصَدَه واتفقوا عليه قبل العقد، أو شرط مع ذلك في العقد، ونبين الدلائل على المسألة الأولى، فإن ذلك تنبيه على المسألتين الآخرتين. وهنا طريقان:
أحدهما: الإشارة إلى بطلان الحيل عمومًا.
والثاني: الكلام في خصوصية هذه المسألة.
(١٤٦/ أ) الطريق الأولى: أن نقول: إن الله - سبحانه - حرَّم أشياء إما تحريمًا مطلقًا، كتحريم الزنا، أو تحريمًا مقيَّدًا إلى أن يتغيَّر حالٌ من الأحوال، كتحريم نكاح المطلَّقة ثلاثًا، وكتحريم [وطء] (^١) المحلوف بطلاقها عند الحنث.
وأوجب أشياء إيجابًا معلَّقًا بأسباب، إما لله كالزكاة ونحوها، أو حقًّا للعباد كالشفعة.
ثم إنه شرع أسبابًا تُفْعل لتحصيل مقاصد، كما شرع العبادات لابتغاء فضله، وكما شرع عقد البيع لنقل الملك بالعِوَض، وعقد القرض لإرفاق المقترض، وعقد النكاح للازدواج والسَّكن والأُلفة بين الزوجين، والخُلْع لحصول البينونة المتضمِّنة لافتداء المرأة من رقِّ بَعْلها، وغير ذلك.
_________
(^١) زيادة من "الإبطال".
1 / 24