إن إدراك الإنسان مرآة لما يدرك. ولعل كثيرا مما يبدو في العالم الحسي والمعنوي من اختلاف وتفاوت وتناقض، مرده إلى اضطراب الإدراك، وتفاوته وتناقضه، والعالم نفسه عالم المادة وعالم الفكر مستقر متلائم لا عوج فيه ولا خلل، ولعل خللا يسيرا في آلات الإدراك يظهر خللا عظيما فيما ندرك.
فليعن الناس بالعقول المفكرة، والعواطف والحواس، ووسائل الإدراك، فيقوموها ويسددوها ويجنبوها مواطن الضلال والخداع، ويعدوها لأن تعي وتدرك دون زيغ أو ميل، ويحولوا جهد الطاقة بينها وبين الأهواء والمطامع التي تصور الحق باطلا والباطل حقا، والخير شرا والشر خيرا، وتخيل الجميل قبحا والقبيح جميلا.
إن يفعلوا هذا يصح إدراكهم وتفكيرهم، ويزل كثير مما يرون من الاضطراب في عالم الحس والمعنى، وكثير من الخلاف بينهم والنزاع.
ومن يك ذا فم مر مريض
يجد مرا به الماء الزلالا
الأحد 29 شوال/13 أغسطس
باكستان
اليوم نحتفل في القاهرة بعيد باكستان، نحتفل بذكرى قيام دولة للمسلمين في الهند.
وباكستان هذه كانت خيالا بعيدا، وحلما عجيبا، ثم صارت رأيا مفندا ودعوة مردودة، ثم انقلبت عقيدة وعزيمة، فإذا هي حقيقة تملأ العيون والأسماع.
حدثت أن أحد قادة باكستان العظام قال حينما دعا الشاعر محمد إقبال إلى دولة للمسلمين اسمها باكستان: هذا حلم مجنون! ثم صار حلم المجنون هذا عنده فكرة عاقل يقظان، وانقلب اعتقادا وجهادا؛ فإذا باكستان دولة قائمة.
অজানা পৃষ্ঠা