وغير ناظرة في الحسن والطيب؟!
الثلاثاء 10 شوال/25 يوليو
الوقت
طارت بنا طائرة من الرياض إلى الحوية على جبال الطائف في ساعتين ونصف، مسافة تكلفها السيارة في ثلاثة أيام، وتعمل فيها الإبل عشرين يوما! طويت المسافات وزويت الأرض وقرب البعيد، وكنا وعدنا أن يلقانا ناس في المطير
2
فلم نجد أحدا ينتظر، وسألنا فلم نظفر بخبر، وأعملنا الهاتف وألححنا حتى جاء من نرجوه بعد ساعتين من بلوغنا الطائف، وبعد ساعة ونصف من بلوغ الطائرة التي كانت تقلنا جدة.
قلت وا عجبا! طوى بعض الناس الأرض بعقولهم وعزائمهم وأيديهم فجمعوا مشرقها والمغرب، وسووا البعيد بالقريب، وكأنما وصفهم البارودي حينما قال:
بعيد مناط الهم فالغرب مشرق
إذا ما رمى عينيه والشرق مغرب
ولا زال بعض الناس عاجزين عن قطع المسافات قريبة على الأرض، قادرين على طي الوقت سدى. إنما البعد والقرب، والعجز والقدرة أصلها في نفس الإنسان، ومنشؤها في خلقه، فما المسافات على الأرض إلا صور للمسافات في الأنفس. يدرك الإنسان الأمر فلا يفكر في عمله، أو يفكر فيه فلا يهم به، أو يهم به فلا يعزم عليه، أو يعزم عليه فلا يدوم به العزم. وبين التفكير والهم، وبين الهم والعزم، وبين العزم والإنجاز، مسافات تطول وتقصر، وربما تمضي السنة في أمر يقضى في يوم، أو يمر يوم في أمر ينجز في ساعة. في طي هذه المسافات النفسية يختلف الناس، ويبدو هذا الاختلاف في المسافات الحسية يبصرها الناس ويغفلون عن أصولها في الأنفس.
অজানা পৃষ্ঠা