كما في الآية الكريمة، وحسب هؤلاء قول القرآن:
يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون * كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون .
والضرب الثاني لا يصفون أنفسهم بما ليس فيها ولا يدعون ما ليس لهم، ولكنهم يدعون إلى الخير وليسوا أخيارا، ويحمدون الفضيلة وليسوا متحلين بها، فالخلاف بين أقوالهم وأفعالهم لا رياء فيه ولا نفاق ولا خداع، ولكنه الفرق بين ما يأملون وما يعملون. الفرق بين ما يدركه العقل والوجدان وما تجترحه الجوارح؛ طموح إلى الفضيلة وبصر بها وقدر لها وعجز عنها، وقصور دونها. وهؤلاء محمودون يرجى لهم أن تطابق أفعالهم يوما أقوالهم، حريون أن تجتمع فيهم الآمال والأعمال، محمودون بما دعوا إلى الخير على كل حال.
الإثنين 11 رمضان/26 يونيو
الضلال الكبير من الضلال الصغير
لو أن رجلا قصد إلى غاية فسار على طريقها، ثم مال يمنة أو يسرة فحاد عن الجادة أذرعا قليلة وتمادى في مسيره؛ لبعد عن الطريق آلاف الأذرع بعد قليل.
وإذا ذرع ذارع طريقا بذراع يزيد قيراطا أو ينقص، صارت زيادته أو نقصه آلاف القراريط ثم آلاف الأذرع على قدر طول الطريق. وهكذا الكيل والوزن والعد يؤدي فيها الغلط اليسير إلى الغلط الكبير.
والعالم الباحث إذا أخطأ في قاعدة من قواعده قليلا، عظم هذا الخطأ في مذهبه وتضاعف في أقواله كثيرا.
وأكثر المذاهب الضالة تحيد عن القصد بشبهة في المبدأ، فتصير فسادا عظيما في النهاية، كالذين توهموا أن أخوة البشر تقتضي إزالة أسباب التنافس بينهم فأباحوا الأموال والنساء؛ ونشأ من وهمهم في أخلاق الناس وسيرهم البوار، كما ينشأ النار من الشرار.
وفي كتاب «الكلستان» للشيخ سعدي أن بعض الملوك نهى الجند عن نهب شيء ولو بيضة قائلا: إن أساس الظلم كان ضئيلا فما زال الناس يبنون عليه حتى بلغ ما بلغ.
অজানা পৃষ্ঠা