واتفق المسلمون على إطلاق لفظ المتكلم على الله، واختلفوا في معناه، فعندنا كلامه تعالى صفة قائمة بذاته غير مخلوقة ليست من جنس الحروف والأصوات، غير متجز مناف للسكوت والخرس مكتوب في المصاحف مقروء بالألسن محفوظ في الصدور غير حال فيها لا هو ولا غيره كسائر صفاته المقدسة عن شائبة الحدوث والحلول والتغير، وهو به آمر ناه مخبر وليس ببدع حيث المرجع واحد، وهو الإخبار، إذ الأمر عبارة عن تعريف أنه لو فعله استحق المدح ولو تركه استحق الذم، والنهي بالعكس، وقد جاز في الشاهد كمن اصطلح مع غلمانه أنه إذا قال: «زيد»، كان أمرا بالصوم لبشر بالنهار، وأمرا بالفطر في الليل، ونهيا عن الخروج، وإخبارا بدخول الأمير البلد، واستخبارا من مبارك عن أولاده، ثم قال: «زيد»، فهم منه هذه الأشياء كلها، فكان أمرا ونهيا وخبرا واستخبارا بلا استحالة، فكذا في الغائب.
والحبر والكاغد (1) والعبارات مخلوقة لأنها أفعال العباد، وسيأتي كونها مخلوقة لله تعالى، وسميت العبارات كلام الله تعالى لأنها دلالة على كلام الله لحاجة العباد إليها، فإن معناه إنما يفهم بها، فإن عبر عنه بالعربية فهو قرآن لأنه علمه بالغلبة (2)، وإن عبر عنه بالعبرية فهو توراة، وإن عبر عنه بالسورية (3) فهو إنجيل، واختلاف العبارات لا يستلزم اختلاف الكلام، كما أن الله يسمى بعبارات مختلفة مع أن ذاته واحدة.
পৃষ্ঠা ৮২