قوله: "وقد زاد البعض" اعترضت المعتزلة على هذا التعريف بثلاثة أوجه الأول أن الخطاب عندكم قديم والحكم حادث لكونه متصفا بالحصول بعد العدم كقولنا حلت المرأة بعد ما لم تكن حلالا ولكونه معللا بالحادث كقولنا حلت بالنكاح وحرمت بالطلاق الثاني أنه يشتمل على كلمة أو، وهو للتشكيك والترديد فينا في التعريف والتحديد. الثالث أنه غير جامع للأحكام الوضعية مثل سببية الدلوك لوجوب الصلاة وشرطية الطهارة لها ومانعية النجاسة عنها والمصنف أهمل في تفسير الخطاب الوضعي ذكر المانعية فأجابت الأشاعرة عن الأول بمنع اتصاف الحكم بالحصول بعد العدم، بل المتصف بذلك هو التعلق والمعنى تعلق الحل بها بعد ما لم يكن متعلقا وبمنع تعليل الحكم بالحادث بمعنى تأثير الحادث فيه، بل معناه كون الحادث أمارة عليه ومعرفا له، إذ العلل الشرعية أمارات ومعرفات لا موجبات ومؤثرات والحادث يصلح أمارة ومعرفا للقديم كالعالم للصانع وعن الثاني بأن أو هاهنا لتقسيم المحدود وتفصيله؛ لأنه نوعان نوع له تعلق الاقتضاء ونوع له تعلق التخيير فلا يمكن جمعهما في حد واحد بدون التفصيل. وأما الثالث فالتزمه بعضهم وزاد في التعريف قيدا يعمه ويجعله شاملا للحكم الوضعي فقال بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع أي وضع الشارع وجعله وأجاب بعضهم بأنا لا نسلم أن خطاب الوضع حكم ونحن لا نسميه حكما، وإن اصطلح غيرنا على تسميته حكما فلا مشاحة معه وعليه تغيير التعريف، ولو سلم المكلفين إلا أن يقال نعني بالأفعال ما يعم فعل الجوارح وفعل القلب وبالعملية ما يختص بالجوارح.
ذلك أو شرطه كالدلوك سبب للصلاة والطهارة شرط فلما ذكر أحد النوعين، وهو التكليفي وجب ذكر النوع الآخر، وهو الوضعي والبعض لم يذكر الوضعي؛ لأنه داخل في الاقتضاء أو التخيير؛ لأن المعنى من كون الدلوك سببا للصلاة أنه إذا وجد الدلوك وجبت الصلاة حينئذ والوجوب من باب الاقتضاء لكن الحق هو الأول؛ لأن المفهوم من الحكم الوضعي تعلق شيء بشيء آخر، والمفهوم من الحكم التكليفي ليس هذا ولزوم أحدهما للآخر في صورة لا يدل على اتحادهما نوعا "وبعضهم قد عرف الحكم الشرعي بهذا" أي بعض المتأخرين من متابعي الأشعري قالوا الحكم الشرعي خطاب الله تعالى "فالحكم على هذا إسناد أمر إلى آخر والفقهاء يطلقونه على ما ثبت بالخطاب كالوجوب والحرمة مجازا" بطريق إطلاق اسم المصدر على المفعول "كالخلق على المخلوق" لكن لما شاع فيه صار منقولا اصطلاحيا، وهو حقيقة اصطلاحية "يرد عليه" أي على تعريف الحكم، وهو خطاب الله تعالى إلخ "إن الحكم المصطلح بين" الفقهاء "ما ثبت بالخطاب لا هو" أي لا الخطاب فلا يكون ما ذكر تعريفا للحكم المصطلح بين الفقهاء، وهو المقصود بالتعريف هنا
...................................................................... ..........................
فلا نسلم خروجها عن الحد فإن مرادنا من الاقتضاء والتخيير أعم من التصريح والضمني وخطاب الوضع من قبيل الضمني، إذ معنى سببية الدلوك وجوب الصلاة عنده، ومعنى شرطية الطهارة وجوبها في الصلاة أو حرمة الصلاة بدونها، ومعنى مانعية النجاسة حرمة الصلاة معها أو وجوب إزالتها حالة الصلاة وكذا في جميع الأسباب والشروط والموانع وذهب المصنف أن الحق زيادة القيد؛ لأن الخطاب نوعان تكليفي ووضعي فلما ذكر أحدهما وجب ذكر الآخر ولا وجه لجعل الوضع داخلا في الاقتضاء أو التخيير أي في التكليفي؛ لأنهما مفهومان متغايران ولزوم أحدهما للآخر في بعض الصور لا يدل على اتحادهما وأنت خبير بأنه لا توجيه لهذا الكلام أصلا أما أولا فلأن الخصم يمنع كون الخطاب الوضعي حكما ويصطلح على تسمية بعض أقسام الخطاب حكما دون البعض فكيف يجب عليه ذكر الوضعي في تعريف الحكم، بل كيف يصح. وأما ثانيا فلأنه يمنع كونه خارجا عن التعريف ويجعل الخطاب التكليفي أعم منه شاملا له فأي ضرر له في تغاير مفهوميهما، بل كيف يتحد مفهوم العام والخاص على أن قوله المفهوم من الخطاب الوضعي تعلق شيء بشيء فيه تسامح؟ والمعنى أن المفهوم منه الخطاب بتعلق شيء بشيء لكونه شرطا له أو سببا أو مانعا.
قوله: "وبعضهم عرف" ذكر في بعض المختصرات أن الحكم خطاب الله تعالى إشارة إلى الحكم الشرعي المعهود وصرح في كثير من الكتب بأن الحكم الشرعي خطاب الله تعالى فتوهم المصنف أن هذا تعريف للحكم عند البعض وللحكم الشرعي عند البعض ولا خلاف لأحد من الأشاعرة في أن هذا التعريف للحكم الشرعي قال المصنف إذا كان تعريفا للحكم فمعنى الشرعي
পৃষ্ঠা ২৫