قوله: "ولما عرف الفقه" المذكور في كتب الشافعية أن خطاب الله تعالى المتعلق بأفعال المكلفين تعريف للحكم الشرعي المتعارف بين الأصوليين لا للحكم المأخوذ في تعريف الفقه والمصنف ذهب إلى أنه تعريف له وأن الشرعي قيد زائد على خطاب الله تعالى وأن كونه تعريفا للحكم الشرعي إنما هو رأي بعض الأشاعرة كل ذلك لعدم تصفحه كتبهم فنقول عرف بعض الأشاعرة الحكم الشرعي بخطاب الله تعالى المتعلق بأفعال المكلفين والخطاب في اللغة توجيه الكلام نحو الغير للإفهام، ثم نقل إلى ما يقع به التخاطب، وهو هاهنا الكلام النفسي الأزلي ومن ذهب إلى أن الكلام لا يسمى في الأزل خطابا فسر الخطاب بالكلام الموجه للإفهام أو الكلام المقصود منه إفهام من هو متهيئ لفهمه، ومعنى تعلقه بأفعال المكلفين تعلقه بفعل من أفعالهم وإلا لم يوجد حكم أصلا، إذ لا خطاب يتعلق بجميع الأفعال فدخل في الحد خواص النبي عليه السلام كإباحة ما فوق الأربع من النساء وخرج خطاب الله المتعلق بأحوال ذاته وصفاته وأيضا يخرج منه ما يتعلق بفعل الصبي فينبغي أن يقال بأفعال العباد ويخرج منه ما ثبت بالقياس إلا أن يقال يدرك بالقياس أن الخطاب ورد بهذا لا أنه ثبت بالقياس وأيضا يخرج نحو آمنوا وفاعتبروا ويقع التكرار بين العملية وبين المتعلق بأفعال
طلب الترك جازما كالتحريم أو غير جازم كالكراهة "أو التخيير" أي الإباحة "وقد زاد البعض أو الوضع ليدخل الحكم بالسببية والشرطية ونحوهما" اعلم أن الخطاب نوعان، إما تكليفي، وهو المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو التخيير، وإما وضعي، وهو الخطاب بأن هذا سبب
...................................................................... ..........................
وتنزيهاته وغير ذلك مما ليس بفعل المكلف لا يقال إضافة الخطاب إلى الله تعالى تدل على أن لا حكم إلا خطابه تعالى وقد وجب طاعة النبي عليه السلام وأولي الأمر والسيد فخطابهم أيضا حكم؛ لأنا نقول إنما وجبت طاعتهم بإيجاب الله تعالى إياها فلا حكم إلا حكمه تعالى، ثم اعترض على هذا التعريف بأنه غير مانع؛ لأنه يدخل فيه القصص المبينة لأحوال المكلفين وأفعالهم والأخبار المتعلقة بأعمالهم كقوله تعالى: {والله خلقكم وما تعملون} [الصافات:96] مع أنها ليست أحكاما فزيد على التعريف قيد يخصصه ويخرج ما دخل فيه من غير أفراد المحدود، وهو قولهم بالاقتضاء أو التخيير، فإن تعلق الخطاب بالأفعال في القصص والإخبار عن الأعمال ليس تعلق الاقتضاء أو التخيير، إذ معنى التخيير إباحة الفعل والترك للمكلف، ومعنى الاقتضاء طلب الفعل منه مع المنع عن الترك، وهو الإيجاب أو بدونه، وهو الندب أو طلب الترك مع المنع عن الفعل، وهو التحريم أو بدونه، وهو الكراهة وقد يجاب بأنه لا حاجة إلى زيادة قولهم بالاقتضاء أو التخيير؛ لأن قيد الحيثية مراد والمعنى خطاب الله المتعلق بفعل المكلف من حيث هو فعل المكلف وليس تعلق الخطاب بالأفعال في صور النقض من حيث إنها أفعال المكلفين، وهو ظاهر.
পৃষ্ঠা ২৪