[بيان دلالة الرياح على الله تعالى]
وفي الرياح دلالة على الله -تعالى- لوجوه:
منها: أنها حركات متداركة([24]) توجد وتعدم في أجسام الهواء فلا بد لها من موجد وذلك لا يكون سوى الله تعالى.
ومنها: أن الهواء إنتقل لأجلها من جهة إلى أخرى، والإنتقال على القديم محال، فإذا صح إنتقاله وجب حدثه؛ لأن الموجود إذا استحال كونه قديما؛ وجب كونه محدثا، وإذا وجب حدثه كان لا بد له من محدث وهو جسم، ولا يصح حصوله من جسم لاستحالة وجود الأجسام من الأجسام لأن الأجسام قادرة بقدرة، والقادر بالقدرة لا يصح منه فعل الأجسام، لولا ذلك لصح من أحدنا أن يفعل لنفسه ما يشاء من الأموال والأولاد، ومعلوم خلاف ذلك، فلا فاعل له إلا الله -تعالى- لاستحالة وجود الفعل من غير فاعل كما نعلمه في أفعالنا، وعلة حاجة أفعالنا إلينا في([25]) حدوثها وقد شاركها في ذلك كل محدث وذلك مبسوط في كتب الكلام.
ومنها: أنها مختلفة، كما قدمنا، في جهاتها، وخواصها، وصفاتها، ولو كانت قديمة لما جاز عليها الإختلاف، وإذا لم تكن قديمة فهي محدثة لأن الموجودلا بد له من ذلك، ومحدثها هو محركها في الجهات.
و(الإنشاء): هو الإحداث.
و(الغمام): هو السحاب، وذلك ظاهر.
و(البرك) : جماعة الإبل في العطن والمأوى، ومن رآها في هاتين الحالتين علم أنها أشبه شيء بالسحاب.
و (السائمة): هي التي ترتعي بروؤسها من القفار ولا يحش لها العلف، والرعي: هو السوم.
و(الأنعام): هي الإبل وما خالطها من المواشي سمي بإسمها، والإبل الأصل في ذلك، وسميت أنعاما للين وطئها، ورطوبة أخفافها، مأخوذ من الناعم وهو اللين المس([26]).
و(الحنين): أصلها في الإبل، وهو معروف.
و(الأرزام): أصوات متقطعة متداركة أصلها الحنين، والحنين والأرزام أصلهما في الإبل تحن الناقة لولدها وترزم، والأرزام لولدها خاصة، والحنين يكون للولد والألف، وقد نقل الحنين والأرزام إلى الرعد فصار بالنقل حقيقة في الجميع مشتركة.
قوله: (فاعتبري يا أمة الضلال):
পৃষ্ঠা ৬২