[الكلام على أصحاب الكواكب في نفي الصانع]
وقال أصحاب الكواكب([17]) منهم: المؤثر في ذلك الكواكب، وإعتدال المزاج شرط.
ومنهم من قال: المؤثر([18]) في ذلك النفس الكلي أو جزء منه، على حسب اختلافهم في فروعهم.
والكلام على الجميع على وجه الإختصار أنا نقول لهم: إذا كان الموجب الأول وهو لا يختص في الإيجاب إلا بأمر واحد، فما العلة في حصول أكثر من واحد في الثاني والثالث والرابع؟ وما العلة في إيجابه مختلف الإيجاب والموجب والأول غير مختلف، بل متضاد الموجب والإيجاب؟ والعلل الأولى عندهم غير متضادة، ولأن الضد لا يولد ضده بالدلالة والبديهة لأنه إلى نفيه أقرب منه إلى إيجابه، ولأن الموجب لا يختص بوقت دون وقت؛ لأن الأوقات معه على سواء ونحن نرى هذا الصنع المتقن يحصل شيئا بعد شيء وحالا بعد حال، والإستقصات([19]) موجودة، والعلل الأولى موجودة، وهي لا تفتقر في تأثيرها إلى أمر سوى الوجود، لأنها لو وجدت ولا أثر لها لم ينفصل وجودها عن عدمها وذلك محال، فما أدى إليه يجب أن يكون محالا، والفاعل المختار بخلاف ذلك، لأنه قد يوجد وهو غير مختار للفعل لضرب من الصلاح فلا يفعل مع صحة وقوع الفعل منه، ويفعل المختلف والمتماثل والمتضاد لما يعلم من المصلحة.
পৃষ্ঠা ৫৮