[الكلام على من نفى الصانع من الفلاسفة]
وإنما حمل من قدمنا ذكر خلافه على الخلاف فيه كلامهم في نفي الصانع المختار، فطلبوا لذلك العلل؛ لأن الأوائل زعموا أن الباريء -تعالى- بلسان الشريعة علة موجبة للعقل الأول، وأن العقل الأول أوجب النفس، وأن النفس أوجبت الهيولى والصورة، والهيولى والصورة أوجبت الأجسام كلها الفلك بما فيه وما تحته، فلما اختلفت الأجسام والموجب غير مختلف الإختلاف اللغوي، وهم لا يرجعون إلى فاعل مختار، فنظروا النبات ينمو ولا فاعل عندهم يختار نموه على الوجه الذي يريد من المصلحة، أثبتوا قوة وطبيعة، ونفسا وإحالة؛ على حسب إختلافهم في العبارة التي ترجع عند التحقيق والمطالبة إلى معنى واحد، فلما اختلف عليهم النامي إلى حيوان وجماد، وكان في الحيوان حس ودركة([16]) أثبتوا في الحي معنى حساسا سموه القوة الحساسة، وسموه النفس الحسية، وطلبوا لاختصاصه من بين الأجسام بهذه الحالة ونفي الحكيم المختار -سبحانه- على الحد الذي أثبتناه عليه، من أن الفرع والأصل في ثبوت الحاجة إليه على سواء، فقالوا: لا بد من اعتدال المزاج وهو المؤثر في ذلك.
পৃষ্ঠা ৫৭