[الكلام في العقل وماهيته]
فأما الكلام في العقل وماهيته:
فالكلام فيه يقع بيننا وبين قوم من الأوائل([1]) والمنجمين([2]) وأصحاب الطبائع([3]) في ثلاثة وجوه:
في محدثه، هل هو مختار أو موجب؟
وفي ذاته، ما هي؟ وفيه هل يحل أم لا يحل؟، وإن حل فأين محله؟
فأما تسميته، فالأمر فيها فيما يخص الإنسان أهون، ولكن يعظم في مدبر العالم؛ لأن من الأوائل من زعم أن المدبر جوهر بسيط يعلم ذاته ويعلم ما دونه جملة وتفصيلا، ولا يعلمه مفصلا إلا هو، فلإحاطته بالأشياء سمي عقلا، وربما عبروا عن النفس بالعقل الثاني، كما أن العلة في النفس هي العقل الأول، فإذا كان ذلك كذلك لم يمتنع ما قالوا، بل وجب أن نسمي ما به يعلم الإنسان نفسه، وما يشاهده، وما ينهيه إليه الدليل، وما يتسق به التدبير عقلا، ونحن لا نسلمه ؛ لأن الأسامي المعتمدة شرعية ولغوية، ولا دليل في الشرع على تسمية الباريء -سبحانه- عقلا، ولا في اللغة على ما يأتي بيانه، وكل ما لا دليل عليه يجب القضاء بفساده، ولا يترجح إثباته على نفيه، فسقط.
وفيهم من يقول: ما في الإنسان من العقل -مع الإختلاف في حلوله ومحله وما هيته- جزء منه -أعني من العقل-.
ومنهم من يقول: أثر منه.
পৃষ্ঠা ৪৮