عنه إلى أنه إذا استهل بعد الولادة ثم دفن فقد وُئِد، وقصد بذلك أن يدفع قول من توهم أن الحامل إذا أسقطت جنينها بالتداوي فقد وأدته. ومما يؤيد ما ذكرنا من معنى التواتر قوله تعالى، ﴿ثم أرسلنا رسلنا تترا﴾ ومعلوم ما بين كل
ــ
أخرى المتنقلة منها. وادعاء القلب فيه خلاف الظاهر والمنقول عن أهل اللغة. وإن قالوا في التارات- من قولهم: يا لتارات فلان - إنها مقلوبة من الوتر. أقول: إذا كانوا قالوا في تارات الدماء إنها مقلوبة فأي مانع من القول به في التارات جمع تارة بمعنى الحالة وهذا الذي جنح إليه المصنف. نعم ورد همزة تارة وهو يأباه ولذا ذهب صاحب "القاموس" تبعًا لغيره من أهل اللغة إلى أنه مهموز العين. قال في "المصباح": التارة المرة وأصلها الهمزة لكنه خفف لكثرة الاستعمال، وربما همزت على الأصل وجمعت بالهمزة فقيل: تأرة وتآر وتئر قال "ابن السراج": وكأنه مقصور من تأر، وأما المخفف فجمعه تارات اهـ. فما في "الحواشي" أيضًا غير متفق عليه فاختر لنفسك ما يحلو.
(وجاء في الأثر أن الصحابة ﵃ لما اختلفوا في الموؤودة قال لهم علي ﵁: إنها لا تكون موؤودة حتى يأتي عليها التارات السبع) أي الحالات السبع المذكورة في الآية الكريمة من ابتداء تكوينه إلى ولادته وخروجه من سجن الأصلاب والأرحام إلى فناء الفناء. يعني أن "عليًا" ﵁ قصد الرد على توهم أن الحامل إذا أسقطت جنينها بتداوٍ وغيره فقد وأدته. قيل وهو مخالف للمروي من أن الصحابة وقعت بينهم محاجةٌ في العزل عن النساء كما ذكره المحدثون وشراح "الهداية"
1 / 64